الأولى

دفانو مقبرة وادي السلام: كثر الموتى وضاقت الأرض

   لكل مهنة أسرارها وشؤونها وشجونها، ولا تشذ عملية دفن الموتى عن ذلك، لاسيما إذا ما كانت تتعلق بواحدة من كبريات المقابر في العالم، إذ ان لها مواسم، ينطبق عليها المثل القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد”، ومشاكل ناجمة عن “ضيق المساحة” ودخول “الطارئين” على الخط ومنافستهم العاملين “الشرعيين”.ففي مدينة النجف، (160 كم جنوب العاصمة بغداد)، تقع مقبرة “وادي السلام” رابع أكبر مقبرة في العالم من حيث المساحة، التي تكتسب أهمية تاريخية خاصة لما تضمه من أضرحة أنبياء وأولياء وشخصيات من وجوه المجتمع، مثلما تكتسب أهمية خاصة لأنها مصدر رزق الكثير من العوائل المحلية، إذ يوجد فيها أكثر من 500 مكتب للدفن، معظم العاملين فيها توارثوا المهنة أباً عن جد، ولا يعرفون غيرها.ويقول جواد ابو صيبع، (55 سنة)، وهو صاحب أحد مكاتب الدفن في المقبرة، “أعمل في مهنة الدفن مع والدي وجدي رحمهما الله، منذ نعومة أظفاري، حتى أصبحت صاحب مكتب للدفن مع اخوتي وأولادي، وصار يعمل معي أربعة دفانين متمرسين”.

ويضيف أبو صيبع، أن “المقبرة تنقسم إلى قسمين القديم والجديد”، مشير إلى أن “العوائل كانت تدفن موتاها سابقاً في المقبرة المجاورة لمرقد الإمام علي (ع) وتسمى المقبرة القديمة، إلا أن الجديدة تم استحداثها في ثمانينيات القرن الماضي، خلال أيام الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988)، حين سقط آلاف القتلى وكان يطلق عليهم اسم شهداء القادسية، فبدأ الدفن حينها ينتقل إلى المقبرة الجديدة”.ومن المفارقات، أن العاملين في الدفن، شأنهم كغيرهم من الذين يمارسون أي مهنة، يشكون من “المنافسين والطارئين”، كما يقول الدفان علاء إبراهيم، الذي يعمل في مكتب الحديدي للدفن.ويؤكد إبراهيم،(42 سنة)، أن “مهنة الدفن شهدت مؤخراً الكثير من الطارئين الذي لا ينتسبون لأي مكتب رسمي إنما يقومون بإيهام أهل المتوفى ويستغفلونهم أملاً بالحصول على مكاسب مادية ما أثر على العمل”، ويتهم “البعض من أولئك الطارئين بالنصب على أهل المتوفين مما يسيء للعاملين بالمهنة”.

قد يهمك أيضاً