من الماضي

" الحقيقة " حضرت تشييعه رحيل الفنان الكبير فاضل خليل أحد رموز المسرح العراقي

الحقيقة : علاء الماجد

 

وأعلنت دائرة السينما والمسرح عن وفاة خليل عن عمر ناهز 71 عاما، بعد تعرضه لوعكة صحية في مسقط رأسه بمحافظة ميسان جنوبي البلاد. وقالت مديرة إعلام الدائرة زينب القصاب ، إن “دائرة السينما والمسرح تلقت، قبل قليل، اتصالا من أسرة الفنان العراقي الكبير فاضل خليل، أبلغتنا فيه بوفاته”. وأضافت القصاب أن “الفنان الراحل عانى قبل مدة من المرض وأجرى على إثر ذلك عملية جراحية كبرى”، مشيرة إلى أن “وفدا من الدائرة زاره في منزله بعد إجراء العملية للاطمئنان على صحته”.

وكتب المخرج معمر فاضل خليل -نجل الراحل- على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك نبأ وفاة والده بعد ساعات من تعرضه لوعكة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، إذ توفي في وقت لاحق من صباح الاحد.

ونعت لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب، رحيل الفنان الدكتور فاضل خليل بعد صراع طويل مع المرض.وقالت رئيسة اللجنة ميسون الدملوجي في بيان ، “لقد تلقينا ببالغ الحزن والاسى رحيل الفنان الدكتور فاضل خليل احد قامات الفن العراقي الذي كانت بصماته ملموسة في تاريخ الفن العراقي المعاصر”.واشار البيان الى ان “الفقيد كان من الشخصيات البارزة على الساحة الفنية العراقية والذي ترك اثرا مميزا في مجالي التمثيل والإخراج المسرحي، ونشر الكثير من البحوث والدراسات التي ابدع فيها وباتت تدرس في الجامعات المتخصصة”.وقدمت اللجنة تعازيها “الحارة الى الشعب العراقي والى جميع الفنانين والمثقفين وذوي الفقيد ومحبيه بهذه الفاجعة الاليمة”.

وحضر وزير الداخلية الاستاذ قاسم الاعرجي مجلس العزاء المقام لروح المغفور له الفنان الدكتور فاضل خليل مقدما التعازي والمواساة لذوي الفقيد وللاسرتين الفنية والاكاديمية بفقدان هذا الفنان الكبير مشيدا بالسفر الكبير الذي قدمه الراحل سائلا الباري عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته وان يدخله فسيح جناته ويلهم اهله وذويه ورفاقه الصبر والسلوان.

مسيرة حافلة بالابداع والعطاء

 

ولد الفنان فاضل خليل واسمه الكامل فاضل خليل رشيد إسماعيل البياتي عام 1946 في محافظة ميسان، محلة “السرية” 1946، لأب كان يمتهن الحلاقة وكان يعتبر من مثقفي المدينة آنذاك، وهناك فك خليل خطوط الأبجدية لينطلق بعدها في مشوار الحياة والفن، حيث تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة – جامعة بغداد في اختصاص الفنون المسرحية عام 1970، لذلك عُين مُعيداً للفنون عام 1971م. وحصل خليل على الدبلوم العالي في الإخراج المسرحي من كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد عام 1979 قدم بحثاً موسوماً بـ”المسرح العربي والتراث” كجزء من متطلبات الدبلوم العالي. وحصل على شهادة (الدكتوراه فلسفة) في (الإخراج المسرحي والعلوم المسرحية) أَثناء دراستهِ في (المعهد العالي للعلوم المسرحية V. T. E. S) في بلغاريا – صوفيا عام 1985، عن الرسالة الموسومة (المشاكل المعاصرة في الإخراج المسرحي). وعمل الراحل عميدا لكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد للفترة 1993-2001، ثم مديرا عاما لدائرة السينما والمسرح العراقية، ثم مديرا عاما لديوان وزارة الثقافة، وشارك في العديد من المهرجانات الثقافية والأدبية العراقية والعربية والعالمية، وأخرج أكثر من عشرين عملا مسرحيا.

يعتبر فاضل خليل من الشخصيات البارزة على الساحة الفنية العراقية، والتي لها أثر ملموس وبصمة مميزة في مجالي التمثيل والإخراج المسرحي، ونشر الكثير من البحوث والدراسات، منها ” المسرح والتراث”، “المخرج في المسرح العربي المعاصر”، “مصادر المسرح الشعبي”، “نشأة وتطور المسرح العربي”.. وله مجموعة من الكتب المنهجية تدرس في كلية الفنون الجميلة، كما وكتب للإذاعة العديد من التمثيليات والبرامج، وأخرج للمسرح عروضا لكتاب عراقيين وعرب وأجانب، بالإضافة إلى أنه لعب أدوارا تمثيلية في المسرح والتلفزيون والسينما. كان فاضل خليل كأقرانه من المخرجين، يعمل، يبدع، يجرب، وقد اتسمت تجاربه بالمغايرة والتعددية وفق أنساق تتناغم مع ما يحمله من خبرة حياتية وفنية، ووفق ما تفرضه اللحظة المعاشة، ليكون بعيدا عن التقليدية، بل لكي يحاكي منجزه الواقع الذي يعيشه، كما وأنه يعتز بإرث من سبقوه، بل هو امتداد لهم – كما يقول – حيث يعتبر التجربة المسرحية امتدادا لعرض واحد يتواصل مع عطاء أجياله، ويرى أن بيئة العرض المسرحي تضم الأمكنة واللحظات المتراكمة في مخزونه المعرفي والتي تلتقطها المخيلة لتكوّن شكلا مسرحيا جميلا ينال رضا المتفرجين. اتسمت منهجية فاضل خليل في الإخراج المسرحي بالتنوع من خلال توظيف الموروث الشعبي المحلي كما في مسرحيات [الباب القديم، الشريعة، خيط البريسم، مواويل باب الأغا]، والأسطوري كما في مسرحية]سيدرا[ والعربي كما في [ الملك هو الملك، حلاق بغداد ] ، والعالمي كما في مسرحيات منها [عطيل ، أوديب ، الرهان ، في انتظار كودو، اللعبة، وغيرها]، وكان له حضورا فاعلا في الأوساط المسرحية العربية والعالمية، ونال العديد من الجوائز عن عروضه. في حين أن الأسلوب الذي اعتمده فاضل خليل هو، الواقعية السحرية، أو الواقعية الخيالية في إخراج عروضه المسرحية، وقد انطلق- كما يقول- من تأثيرات التعددية المنهجية لوحدات الإبداع التي تتكامل بذاتها حين تنهل معطياتها من ذاته هو لتبدأ تفاعلها في تشكيل الصورة المسرحية. يعمل فاضل خليل على صياغة خطاب مسرحي متحرك يعتمد التجريب وينطلق من ثنائية ( النص والواقع ) كمقاربة للالتقاء مع البنية الكلاسيكية والسعي إلى ” التطهير” الدرامي الأرسطي، لكنه يقول إنها لعبة ربما تكون خاسرة وغير مضمونة النتائج مع تدني مستوى الوعي الثقافي والجمالي. ووفق هذه الرؤية يشير فاضل خليل إلى أن مسرحه يقع ضمن منطقة الثقافة والكتاب التي لا يمكن للمتفرج العادي قبوله أو استساغته، في وقت يؤكد فيه أن لا مسرح بلا جمهور. فاضل خليل لا يميل إلى التعليمية والوعظية في القراءة ولا في الخطاب الإبداعي، بل ولا حتى في التصورات المألوفة، لأنها – حسب رأيه – محكومة بالمباشرة، لكنه يرى في الغناء سمة مقبولة لدى المتفرج الشرقي على الرغم من أنها إحدى سمات المسرح التعليمي للمخرج الألماني ” برتولد بريشت”، وكان يعمل على صياغة خطاب مسرحي متحرك يعتمد التجريب وينطلق من ثنائية ( النص والواقع ) كمقاربة للالتقاء مع البنية الكلاسيكية والسعي إلى ” التطهير” الدرامي الأرسطي، لكنه يقول إنها لعبة ربما تكون خاسرة وغير مضمونة النتائج مع تدني مستوى الوعي الثقافي والجمالي.  كان فاضل خليل كأقرانه من المخرجين يحدوه أمل الحضور العالمي، وهو يؤمن دائما [ أنه لا يمكن أن تكون عالميا ما لم تكن محليا أولا[، لذلك يرى في أدائه دور (حسين بن سليمة الخبازة) في مسرحية (النخلة والجيران) للكاتب غائب طعمة فرمان وإخراج ( قاسم محمد) هي المحطة الحقيقية التي تبرر لماذا امتهن فاضل خليل الفن؟. برز فاضل خليل ممثلا في الاعمال السينمائية والتلفزيونية وكذلك المسرحية ، انضم بفرقة المسرح الفني الحديث عام 1966م ، والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة في السنة نفسها والتحق بقسم الفنون المسرحية ، وتخرج منها وكان ترتيبه (الأَول) على دفعته

حصل على الدبلوم العالي في الإخراج المسرحي من كلية الفنون الجميلة /جامعة بغداد عام 1979م قدم بحثاً موسوماً بـ(المسرح العربي والتراث) كجزء من متطلبات الدبلوم العالي المعادلة بالماجستير . ومن ثم سافر الى بلغاريا ودرس خمس سنوات في المعهد العالي للعلوم المسرحية.

قدم ابرز اعماله المسرحية : النخلة والجيران – الخان – القربان – بغداد الازل بين الجد والهزل – بير وشناشيل – العادلون – اين تقف – في انتظار كودو – الخرابة – اضواء على حياة يومية – عدو الشعب – تموز يقرع الناقوس وغيرها من الاعمال المسرحية . مثل في احد عشر فيلما.

ابرز الاعمال المسرحية التي اخرجها : – مسرحية (الملك هو الملك) للكاتب المسرحي سعد الله ونوس – مسرحية (خيط البريسم) لمؤلفها الفنان الكبير يوسف العاني – مسرحية (اللعبة) لكاتبها العالمي بيير رودي – مسرحية (الشريعة) لمؤلفها الفنان الكبير يوسف العاني.

حاز على العديد من الجوائز و الشهادات التقديرية أبرزها • جائِزة الإخراج المسرحي عن مسرحية (الملك هو الملك)عام1979، تأليف: سعد الله ونوس – وإخراج: فاضل خليل ، في مهرجان المسرح العراقي/ بغداد . • جائِزة الإِخراج المسرحي عن مسرحية (فُرجة مسرحية) عام 1987م.

نبذة عن اعماله

أخرج ما يقارب العشرين عملاً مسرحياً منها:

تألق جواكان موريتا ومصرعه – للشاعر الأسباني بابلو نيرودا.

الملك هو الملك – لكاتبها سعد الله ونوس .

مائة عام من المحبة التي حازت على ثلاث جوائز في مهرجان قرطاج المسرحي الدولي في تونس عام 1996.

مسرحية .. في اعالي الحب .. التي تعد من ابرز مسرحياته .

سدرا.. التي فازت بجائزة (التانيت الذهبي) في مهرجان قرطاج المسرحي الدولي في تونس عام 2001.

مسرحيات اخرى مثل الرهان وفرجة مسرحية وعطيل كما اراه والشياح وفويسك وسالومي وخيط البريسم والشريعة وقمر من دم وحلاق بغداد.

مثل حوالي ثلاثين عملا مسرحيا منها:

مسرحية النخلة والجيران عام 1969 والتي كانت العامل الاكبر لشهرته في العراق حيث اعتبرت المسرحية من الأعمال الفنية الكبيرة في حينها لمشاركة عدد كبير من الفنانين الكبار في العراق فيها وكانت المسرحية معدة من رواية الكاتب العراقي الراحل غائب طعمة فرمان.

بغداد الازل بين الجد والهزل: نص مسرحي مأخوذ عن مجموعة كتب التراث يتناول فيه بخلاء بغداد والعيارين والشعراء والفقراء والشحاذين

مسرحيات اخرى مثل المفتاح واوديب ملكا وأوديب انت الذي قتلت الوحش وفي انتظار كودو وتموز يقرع الناقوس وعرس الدم وأضواء على حياة يومية واين تقف؟ والقربان والخرابة وعدو الشعب والطريق والخان وغيرها من المسرحيات .

مثل ادوار تتراوح بين الثانوية إلى الرئيسية في الأفلام العراقية الاتية:

الحارس عام 1967 والذي اخرجه خليل شوقي وكتب قصته المخرج السينمائي قاسم حول.

دور البطولة في فيلم الرأس عام 1976 للمخرج فيصل الياسري.

فيلم التجربة عام 1977 للمخرج المصري فؤاد التهامي .

فيلم الاسوار عام 1979 للمخرج محمد شكري جميل والذي يعد من ابرز افلامه.

فيلم البيت عام 1988 للمخرج عبد الهادي الراوي والذي يعد من ابرز افلامه .

افلام اخرى مثل تحت سماء واحدة و التجربة و الفارس والجبل و سحابة صيف و زمن الحب و فيلم الملك غازي.

 

دوره في المسرح العراقي

يعتبر فاضل خليل مما يسمى في العراق الجيل الثالث أو كما شاعت تسميته بالرعيل الثالث الذي تلى الجيلين الرياديين الهامين في المسرح العراقي هذا الجيل المسرحي عاصر الكثير من التقلبات السياسية في العراق مثل حرب الخليج الأولى و حرب الخليج الثانية و غزو العراق 2003 ، هذا الجيل والذي كان فاضل خليل من ابرز الأسماء فيه ترك بصماته على التجربة المسرحية في العراق بقوة ، لانها صبت جام غضبها من الواقع الدامي في التجربة. وحاول هذا الجيل الموازنة بين النهوض بالتجربة المسرحية التي بدأها الرواد وبين الظروف السياسية في العراق التي كانت تضع رقابة على حرية الرأي والتعبير فلجأ فاضل خليل إلى التكثيف من استعمال الرموز واخذ المسرح العراقي يتجه نحو الواقعية الرمزية وبالاضافة إلى هذا واجه هذا الجيل ماسمي بالعراق موجة المسرح الهابط التي بدأت بعد الحصار الأقتصادي الذي اعقب حرب الخليج الثانية واعتمد فاضل خليل في هذه الفترة على استعمال اساليب المسرح التجريبي و الواقعية السحرية أو الواقعية الخيالية وتوظيف الموروث الشعبي المحلي الذي استعمله في مسرحيات الباب القديم ، الشريعة ، خيط البريسم ، مواويل باب الاغا.

 

الجوائز والشهادات التقديرية

حاز على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية ، أبرزها:

جائِزة الإخراج المسرحي عن مسرحية (الملك هو الملك)عام1979، تأليف: سعد الله ونوس – وإخراج: فاضل خليل ، في مهرجان المسرح العراقي/ بغداد .

جائِزة الإِخراج المسرحي عن مسرحية (فُرجة مسرحية) عام 1987م ، تأليف: كريم جمعة – وإخراج: د.فاضل خليل ، في مهرجان الشباب العربي الذي أُقيم في السودان .

جائِزة الإِخراج المسرحي عن مسرحية (اللُّعبة) عام 1989م ، تأليف: بيير رودي – وإخراج: د.فاضل خليل

جائِزة الإِبداع الكبرى للصحافة عن مسرحية (مائَة عام من المحبة) تأليف: فلاح شاكر – وإخراج: د.فاضل خليل ، في مهرجان قرطاج المسرحي الدولي / تونس عام 1995م .

جائِزة الإِبداع عن مسرحية (في أَعالي الحب) تأليف: فلاح شاكر – وإخراج: د.فاضل خليل عام 1998م .

شهادة تقديرية من المجلس العربي لتدريب طلاب الجامعات العربية /القاهرة سبتمبر 16/12/1999

شهادة (رائد مسرح) من جامعة الدول العربية القاهرة تشرين الثاني /1999م

جائِزة(التانيت الذهبي) لمهرجان قرطاج المسرحي الدولي/تونس عن مسرحية (سِدرا) عام 2001م

كُّرِمَ بـ(درع المهرجان) في مهرجان المسرح العربي الثالث / القاهرة المُقام من 19حتى 29/2/2004م تثمينا  لأَعمالهِ الفنية.

 

نقابة الفنانين العراقيين تنعى الفقيد

فقدت الأسرة الفنية عامة والمسرحية خاصة، مربيا واستاذا وفنانا مسرحيا، الفنان فاضل خليل، الذي ترك بصمة واضحة في المسرح العراقي، وغصة في قلوب كل الفنانين. كانت حياة الراحل مليئة بالإبداع والمحبة والصداقات، ولم تغره المناصب والأموال، فبقي مخلصا لفنه ولزملائه وصداقاته المتعددة المتشابكة!،بقي فاضل خليل حتى ايامه الأخيرة وهو يحلم بإعادة الهيبة للمسرح العراقي الذي كان أحد فرسانه منذ نهايات ستينيات القرن الماضي. نعزي أنفسنا ونعزي كل زملائه ومحبيه وأهله بهذا المصاب الكبير، ونتمنى لهم الصبر. لك الذكر الطيب لك الذكر الخالد وستبقى معنا في كل خطوة نخطوها نحو فن هادف يليق باسم العراق وبتاريخه الحضاري.

قد يهمك أيضاً