دمى المفاجآت
تجذب جزيرة شوتشيميلكو الواقعة في مدينة مكسيكو سيتي، السياح من جميع أنحاء العالم إليها لما تمتاز به من طقوس فريدة من نوعها تتمثل في تعليق الدمى المشوهة على الأشجار لطرد الأرواح الشريرة.
ويعتقد زوارها أن هذه الدمى تحدّق إليهم بغرابة أثناء مرورهم بالزوارق بمحاذاة الجزيرة، كما ويزعم آخرون أو يتوهمون أن هذه الدمى تتهامس فيما بينها وتومئ إليهم برأسها ليقدموا إلى الجزيرة.
وتعني كلمة شوتشيميلكو “حقل الزهور” في لغة ناهواتل، وهي لغة قبائل الآزتيك، ولا يزال هذا الاسم ينطبق على المنطقة على الرغم من ابتلاع المولوخ منذ فترة طويلة للقنوات والحدائق، وقد تم إدراج هذه المنطقة مع وسط المدينة ذات الطابع الاستعماري ومعابد الآزتيك ضمن قائمة التراث العالمي للحفاظ عليها، وتعتبر هذه القنوات بقايا البحيرات الخمس، والتي شكلت فيما بينها بحرا داخليا، وتظهر المناطق الريفية خلف هذه القنوات، وينتشر الورد والزنابق المائية فوق سطح الماء، وتعد هذه المنطقة بمثابة واحة لسكان مدينة مكسيكو سيتي البالغ عددهم 23 مليون نسمة.
وخلال القرن الماضي كان يمكن للسياح السفر من هنا إلى وسط المدينة بواسطة البواخر، ولكن مع مرور الوقت لم يتبق من القنوات، التي كان يبلغ طولها حوالي 1000 كيلومتر، سوى 188 كيلومترا، ولا يزيد عمقها عن بضعة أمتار، بالإضافة إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية، ولذلك فإنّ منظمة اليونسكو قد صنفت هذه المنطقة بأنها “معرضة لخطر كبير”، ويتم تطهير القنوات وتجريفها باستمرار للحفاظ عليها.
وبعد إبحار السياح بالقارب لمدة ساعة انعطف مرافقهم سيرانو إلى أكبر قناة، والتي تعرف باسم أباتلاكو، وبعد ذلك تمت مواصلة المسير حتى ظهرت جزيرة صغيرة أمام السياح والمحاطة بسياج، وظهرت بعض الدمى الرثة المعلقة على البوابة وعلى الأغصان وفروع الأشجار، وبعض هذه الدمى مشوّه أو بأطراف ملتوية، وأشار سيرانو قائلا “إنها جزيرة لاس مونيكاس”.
وقد كانت هذه الجزيرة تخص دون جوليان وكان هذا الرجل متزوجا ولديه أطفال بالمدينة قبل أن يهجرهم دون أسباب معروفة ليذهب ويعيش في هذه الجزيرة لوحده. وهو الذي استغل الجزيرة وزرع فيها الخضروات وصاد الأسماك وطارد الحيوانات، ويغادر الجزيرة مرة أو مرتين في السنة، وفي أحد أيام عام 1950 انقلب قارب تراجينيرا وبه حوالي 20 فتاة، وتعرضت فتاتان للغرق، وبعد أسبوع ظهرت جثة إحداهما على جزيرة دون جوليان.
ومنذ ذلك اليوم وجد دون جوليان دمى متحركة وقال إنه بدأ يشعر أنه مراقب من قبل روح الفتاة الميتة، وخاصة أثناء الليل، وهنا بدأ دون جوليان بجمع الدمى من صناديق القمامة أو كان يستبدل الدمى القديمة بالخضار والفاكهة التي يزرعها ويبيعها وأحياناً كان ينفق كل ما يملكه لشراء الدمى فقط ولم يكن يهتم كثيراً لحالها فقد كان يأخذها ولو كانت مشوهة أو مبتورة الأطراف لطرد الأرواح ولجلب المزيد من الزوار الذين يأتون بالدمى الخاصة بهم، ثم يقوم دون جوليان بتعليقها إلى أن وافته المنية في 2001، وبعد ذلك واصل ابن أخيه أناستاسيو سانتانا هذا التقليد.
الغريب في الأمر أن جثته قد وجدت غارقة في نفس البحيرة التي ماتت فيها الفتاة ولم يدر أحد سبب موته، وتحولت الجزيرة بعدها إلى مكان سياحي يقصده السيّاح والمستكشفون والمهتمون بالظواهر الغريبة من مختلف أنحاء العالم.