وجوه

الاحساس الخنثوي في نساء ماهر الخيالي (1)

عبد الغفار العطوي

 

عرف معجم دراسات الجسد الخنثوية بانها اجتماع خصائص الذكر و الانثى و هي كلمة يونانية الاصل مشتقة من لفظي andro اي  ذكر ، و   gyn  اي انثى و تشير الى ميوعة تحديد الخصائص  المرتبطة بالتذكير و التأنيث، و تذهب نسويات دائما الى القول بأن  الخنثوية مفهوم يمكن ان يكون مصدرا للتحرر(2)  و هو الاحساس الذي طرحه الروائي ياسين شامل في روايته هذه في شخصية ( ماهر ) و لعل المشاعر المتناقضة التي تحكمها بين الانضباط الابوي  الذي تمثله شخصية النائب ( الدكتور حسون بدر ) و بين الشخصية الغلامية ( خالته شذا) قد اوقعها في هذا الاحساس ، في التفكير بأن كل النساء ملكه لكن فقط في الخيال ، مع إن النتيجة التي  انتهت إليها هي المراوحة في ذلك الاحساس ، و الخنثوية | الخنثوي صورة مخصية للرجل فيما تسمى ( خصاء او عقدة الخصاء ) إذ وصف فرويد عقدة الخصاء للمرة الاولى عام 1908بانها هي افتراض ان عضو الانثى قد تم بتره في نظر الطفل لحظة اكتشافه  الفارق التشريحي بين الجنسين ( وجود القضيب من عدمه ) (3) السلوك الطبيعي ان يعتقد  الخنثوي بسريان ذلك الاحساس دون وعي منه ان الاخصاء كان فرضا ، لهذا لم يدرك ( ماهر) التباعد  بين الواقع المنضبط  بهيمنة البطريركية السياسية ( القوات البريطانية و مجيء النظام الجديد في العراق  بعد عام 2003 و بروز الميلشيات الدينية التي تؤمن بالعنف و التصفية الجسدية و تحكم النائب بمصيره ) و بين اكتساحه لخبايا   النساء بفعله المعطل  ( الخنثوي) و اعتقد ان ذلك السلوك طبيعي نتيجة لعزلته و تربيته من قبل خالته ( شذا) التي حرصت ( بعد اغتيال والديه في الفوضى التي ضربت اطنابها بعد 2003 في البصرة)على خلقه شخصية ذات ميوعة شهوانية غامضة لا تتخذ قرارا  صائبا و لا تميل نحو الحزم المستقل  ، كان ألعوبة  بيد النائب الانتهازي و الخالة الغلامية ، من هنا كانت فكرة ( التنسون) التي جاء بها الكاتب من باب المساعدة و التعاطف  لدعم ( مثلية ) ماهر و ازدواجيته الجنسية  التي بانت في علاقته بين (شذا) الاوديبية و بين ( منار )الهرمسية ،  و ( سماح) البراجماتية، و يبدو ان كاتب الرواية  قد وضع قاعدتين للحكم  على تلك الاسترجاعات  ، العتبات النصية و الاشارية ، و الخيال الانثوي ) الذي مادته الانثى. 

1- أما العتبات  النصية التي ساعدت الكاتب و القارئ على حد سواء في تنظيم العلائق السيميوطيقية التي تكونها  اتخييلات السردية التي أنشأها  الفعل الروائي  في هذه الرواية ، فهي التي توازي جسد الرواية(4) و تعمل في الاسهام في إيصال  الاحساس الخنثوي للقارئ، إذا ما علمنا إن قارئ الرواية عنصر مشارك في إنشائها ، و لكنه عنصر لاحق ، فالكاتب يأتي اولا و القارئ يأتي ثانيا (5) من خلال اولا عتبة الغلاف  التي تفرض إرسالا  مشتركا بينهما بطغيان اللونين الاحمر و الاسود اللذين يوحيان بمخملية و رفاهية (نساء ماهر الخيالي )و الجو الرومانسي المشحون بالرغبة اللاكانية ل( ماهر)و العتبات الداخلية التي تلمح الى ان الاستغراق الجندري ( الى كل النساء ) و ( ماهر في الخيال ) و ( ما قالت النساء ) ثم ( ملف الخيال ) و أخيرا ( آخر ما تبقى )  هي  مقصودة في  إيقاع ( ماهر) في وهم الخيال ، و ليس في خيال الوهم ، لذا يمكننا  التكهن بالاعتماد على هذه العتبات  بالميل الخنثوي ، لأنها تفضح  العطالة  في شخصية ماهر و التنسون  في خياله الجنساني ،  الاحساس الجنسي المزدوج  بين الممارسة الجنسية الشاذة او التلذذ  الخنثوي. 

2- الثانية التي تحكم الاحساس الخنثوي هي ميل ( ماهر ) الى الاوديبية مع خالته ( زنا المحارم ) التي حاول الكاتب |الروائي ياسين شامل الاتكاء  بها على الفعل المحرم بطريقة مغايرة لكنها تقع ضمن كسر التوقعات بالمقارنة مع رواية (القارئ) للالماني برنارد شيلنيك لكن بالفصل بين الفعل الموضوعي و الفعل الفني  مقابل الهرمسة عند التعامل مع شخصية ( منار ) إلا أن الاحساس الخنثوي و تدليس العلائق المتناقضة بينهما يواجه بأبوية النائب وو شيطنة ( شهاب احمد)لفعل  الرغبوي ( بتعريف جاك لاكان)مما يؤدي الى فعل التشتت الذي تستغله ( سماح) و قبلها عواطف و الكثيرات  من  نساء ماهر الخيالي من دخول الجامعة لحد هروبه من العراق       دون جدوى ، بسبب ان ( ماهر)لا يمتلك فعل ( الطاووس ) بل ينزلق الى فعل ( النرسيس) و هذا الفعل هو قكرة التنسون التي يحاول الروائي  مدها لانقاذ( ماهر) في عدم وقوعه في وصف القارئ له بـ(العنينية) ياجتراح ما اطلق عليه بـ(الخيال السردي) الذي يقوم على وقائع السرد الصرفة دون تدجل الروائي بخياله    الكتابي.    

إحالات 

1- نساء ماهر الخيالي  رواية ياسين شامل  الطبعة الاولى 2018 دار شهريار العراق – البصرة 

2- الجسد بين الحداثة  و ما بعد الحداثة  د – سامية قدري  القاهرة الهيئة المصرية العامة للكتاب 2016 ص 260ة

3-  معجم تمهيدي لنظرية التحليل النفسي اللاكاني ديلان ايفانس ترجمة د – هشام روحانا  دار نينوى الطبعة الاولى 2016 ص166

4- السرد النسوي العربي من حبكة الحدث الى حبكة الشخصية  د – عبد الرحيم وهابي الطبعة الاولى 2016 داركنوز المعرفة عمان ص 50 

5- قراءة على هوامش السرد  مساهمة  في إنشاء المعرفة  الروائية د – منذر عياشي الطبعة الاولى 2016 دار نينوى  سوريا ص104

قد يهمك أيضاً