محمد الحنفي
فتمتيع المرأة بحقوقها الاقتصادية، يمكنها من التحرر من التبعية لأبويها، أو لأقاربها، أو لزوجها، أو لأولادها، في ممارستها للحياة العامة، والخاصة، حتى تتمكن من بلورة شخصية مستقلة عن الجميع، وحتى تفرض شخصيتها على الجميع، سواء كانوا من الأقارب، أو من غير الأقارب، ومن أجل أن تتمكن من ممارسة حريتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمعرفية، والإنسانية، التي ترفع مكانتها في المجتمع، وتجعل منها إنسانة مساهمة في بناء الاقتصاد الوطني، المتحرر من التبعية المباشرة، وغير المباشرة، للرأسمال العالمي، الذي يستغل قدرات الإنسان المختلفة، من أجل النفخ في فائض القيمة، التي ينميها الرأسمال، وتنميه في مجال الصناعة، وفي مجال التجارة، وفي مجال الزراعة، وفي مجال الخدمات الإنسانية، التي تتحول إلى وسيلة تستغلها الرأسمالية، للسيطرة على الثروة الاجتماعية، عن طريق بيع الخدمات الإنسانية، بمساهمة المرأة، والرجل معا؛ لأن القوانين الرأسمالية، تسعى، باستمرار، إلى إخضاع كل ما هو اجتماعي، وإنساني، إلى الاستغلال الرأسمالي، الذي لا يخرج عن كونه وسيلة لسيطرة الرأسمال على الثروة، التي تم الترويج لها في المجتمع، وتقف وراء الرواج الذي يعرفه المجتمع.
وتمتيع المرأة بحقوقها الاجتماعية، المتمثلة في التعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه، يمكنها من اعتبار الرؤيا الإنسانية، هي التي تتحكم في الواقع، وتوجهه، من أجل خدمة مصالح جميع أفراد المجتمع، مما يمكنها من التعليم اللا محدود بمستوى معين، فلا شيء يسمى، في الحقوق الإنسانية، التعليم الأساسي، وغير الأساسي، خاصة، وأن الشروط الإنسانية القائمة، أثبتت أن الإنسان يصير متعلما مدى الحياة، حتى وإن صار شيخا كهلا؛ لأن جهاز الدماغ، عند الإنسان، لا يستطيع أن يستوعب كل ما يجري في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو أمر، لا يمكن أن يتم إلا بالتعلم. والتعلم له دلالته المعرفية، والمنهجية، والعقلية، والفلسفية، ولا يمكن أن تكون له علاقة، بمستوى عمر الإنسان، بقدر ما له علاقة، بالإرادة، وبالعزيمة القوية، وبالاستمرار في تربية القدرات المختلفة، بما فيها القدرة المعرفية / المنهجية، التي يحضر معها الحضور المعرفي / المنهجي، الذي لا يتراجع إلى الوراء أبدا، كما لا يتراجع صاحب الفضول المعرفي / المنهجي إلى الوراء، ليصير اكتساب المعارف المختلفة، وبمنهجية متطورة، ومتقدمة، مسألة لها علاقة بالإنسان، وبوجوده في الحياة.
والمرأة بتعلمها، وبالاستمرار في تعلمها، ما استمرت في الحياة، فإنها تستطيع، بذلك، إثراء المعارف الإنسانية، التي لا تعرف إلا النمو المستمر، وخاصة، منها، المعارف الاجتماعية المتعلقة بالتعليم، وبالصحة، وبالسكن، وبالشغل، وبالتربية، وبالسياحة، وبالترفيه، التي تعتبر مصدرا مهما لإثراء المعارف الاجتماعية.
ومساهمة المرأة في إثراء المعارف، وفي مختلف الإبداعات المعرفية، صارت معروفة، ونكرانها من باب الجحود، ليس إلا. وهناك أسماء كثيرة، ومتنوعة، في الشرق، وفي الغرب، وفي الشمال، وفي الجنوب، تبين، إلى أي حد، تساهم المرأة في تقدم البشرية، وفي تطورها، وفي بناء الحضارة الإنسانية، التي تشهد على عظمة المرأة، وعلى عظمة إنجازاتها، التي يصبح من الصعب عدها.
وما احتلالها الرتب المتقدمة، في الدراسة الآن، وفي جميع الدول، إلا دليل على أن المرأة، تستطيع أن تكتسب الريادة، في جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لو تم تمكينها من التمتع بحقوقها الإنسانية العامة، وبحقوقها الواردة في اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وتمكينها، في الوقت نفسه، من التمتع بحريتها الإنسانية، وتم دعمها ماديا، ومعنويا، وتم دعم الجمعيات التي تتواجد فيها، بما فيها جمعيات حقوق الإنسان، وخاصة، منها، الجمعيات المهتمة بحقوق المرأة، وبمحاربة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وكون المرأة طبيبة، ومهندسة، وأستاذة جامعية، وأستاذة في التعليم الثانوي، وأستاذة في التعليم الإعدادي، وأستاذة في التعليم الابتدائي، ومحامية، وقاضية، وممرضة، وشرطية، ودركية، وامرأة سلطة، وإدارية جماعية، وإدارية في الإدارات العمومية، وفي القطاع الشبه العمومي، في كل المجالات، إلا دليل على أن المرأة تقاوم دونيتها بالعلم، وبالعمل، ما يمارس في حقها، ليصير من الواجب الاعتراف لها بالتفوق، وباختراق مختلف المجالات، التي كان يحتكرها الرجل، في العديد من القطاعات، لتعتبر بذلك دائسة دونيتها، ومقتحمة عرين الرجل، الذي ما زال، للأسف الشديد، يعتبر نفسه أسدا، ولكنه الأسد الذي صار عاجزا عن أن يبقى أسدا، ما دامت المرأة تقتحم عرينه، وتضيق عليه الخناق، وتجعله يزداد عجزا، عن إرهاب مختلف الحيوانات، التي تعودت على الخوف من الأسد، كما يتبين ذلك من خلال الأشرطة الوثائقية، التي يتم بثها عبر مختلف القنوات الخاصة بالأشرطة الوثائقية بالخصوص.
ويتبين، من خلال ما رأينا، أن رفع الحجر عن المرأة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، أصبح من أوجب الواجبات، التي يجب أن تعتمدها مختلف الدول، بما فيها دول البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، حيث يعتبر نصف المجتمع معطلا، ومكبلا، تارة بقيود أدلجة الدين الإسلامي، وتارة، أخرى، بالعادات، والتقاليد، والأعراف، وتارة ثالثة، بقرار من الحكام الرجعيين، والظلاميين، الذين يدعون أنهم يحكمون باسم الله، وباسم الدين الإسلامي، وقد آن الأوان، لأن يقف المجتمع برمته، إلى جانب المرأة، التي تعاني من الحيف، في جميع القطاعات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتم رفع الحيف عنها، ومن أجل أن تتمتع بكافة حقوقها الإنسانية، وحقوقها النوعية الخاصة بالمرأة.
وتمتيع المرأة بحقوقها الثقافية، لا يمكن أن يكون إلا بتمكينها من إبراز إبداعاتها الثقافية، باعتبارها حاملة للقيم الثقافية، التي تجعل المتحلي بها، يسعى إلى تقدم المجتمع، وإلى تطوره، في كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
فالمرأة، كالرجل، تصير مثله مثقفة، ومنتجة للوسائل التثقيفية، التي تجعل المتحلي بها، مقتحما مختلف المجالات، ومنتجا، في إطار ما يتناسب معها، وبكل اطمئنان، حتى يتأتى لتلك القيم، التي تبثها المرأة، عبر وسائلها التثقيفية، في القصة، وفي الرواية، وفي الشعر، وفي المسرح، وفي الموسيقى، وفي الغناء، وفي السينيما، وفي اللوحات الفنية، وغيرها من الوسائل، التي لم نذكر، لتنخرط المرأة في عملية إصلاح الواقع، وتغييره إلى الأحسن، من أجل التخلي، نهائيا، عن التحلي بالقيم الثقافية، التي ينتجها الرجل، والتي، غالبا، ما تكون قيما ثقافية رجعية؛ لأن الرجل، يسعى إلى الثبات، وإلى تأبيد الواقع، وإلى رجعيته.
ومن طبع القيم الثقافية، التي تنتجها المرأة، بالخصوص، السعي إما إلى إصلاح المجتمع، وإما إلى تغييره، حتى لا يمكن أن نعتبر القيم الثقافية إلا تقدمية، والمرأة التقدمية، تجنح إلى أن تصير يسارية، وجنوح المرأة في إبداعاتها الحاملة للقيم الثقافية، الإصلاحية، أو العاملة على تغيير الواقع، تنم عن حرص المرأة، على محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي السائد في المجتمع، والذي صار يحول دون إصلاح المجتمع، ودون تغيير ما يعرقل تقدمه، وتطوره.
فالفساد يبقى فسادا، وتغيير الفساد، ومحاربته، يصير من أوجب الواجبات، على جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الدور الذي تقوم به الجمعيات الحقوقية، التي تنخرط فيها المرأة، والتي من بينها: الجمعية المغربية لحماية المال العام، والتي تختص في محاربة نهب المال العام، الذي هو مال الشعب، سواء تعلق الأمر بالجماعات الترابية، أو بالوزارات، أو بالجمعيات التي تمولها الدولة، أو حتى بالأحزاب السياسية، منطلقة، في ذلك، من التقارير التي يعدها المجلس الأعلى للحسابات، على المستوى الوطني، وعلى المستوى الجهوي، والتي يتبين أنها أمينة، في إعداد المجلس الأعلى وطنيا، وجهويا، لتلك التقارير.
وتمتيع المرأة بالحقوق المدنية، لا يعني في نظرنا، إلا تمكين المرأة من التمتع بالمساواة الكاملة، بين الرجال، والنساء، في كل القطاعات الاجتماعية، وأمام القانون، وبموجب تمكن المرأة النسبي، من التمتع بالحقوق المدنية، صارت المرأة تشغل كل الوظائف، التي كانت محتكرة على جنس الرجال، كا لقضاء، ومهنة المحاماة، وأستاذة في مختلف أسلاك التعليم، وفي الإدارة الجماعية، وفي إدارات الدولة العمومية، وشبه العمومية، وفي الجيش، وفي الشرطة، والدرك، والقوات المساعدة، بالإضافة إلى الطب، والتمريض، وغير ذلك. الأمر الذي يقتضي منا، إعادة النظر في سلوكنا، وفي فكرنا، تجاه المرأة، وفي علاقاتنا بها، سواء تعلق الأمر بمساواتها للرجل، أو بأي أمر يتعلق بها، وأن نعمل على توسيع مجال حريتها، بتحرير علاقتها بالرجل من قيود الشريعة الإسلامية، المكلفة ماديا، ومعنويا، حتى يتم التسريع بتأسيس الأسر، على أساس الرضا بالعلاقة بين الرجل، والمرأة، بصيرورة الزواج مدنيا، بدل أن يبقى محتكرا بالشريعة الإسلامية، التي صارت موظفة أيديولوجيا، وسياسيا، لجعل المجتمع يعرف نموا متواصلا، ولجعل العلاقة بين الرجل، والمرأة، مبنية على أساس الاقتناع المتبادل، بالارتباط، وأن يتجاوز مجرد الزواج، إلى أشياء أخرى، لها علاقة بالاقتصاد، وبالاجتماع، وبالثقافة، وبالسياسة، وأن يكون الهدف من بناء الأسرة، يتجاوز مجرد الإنجاب، وتربية الأولاد، إلى المساهمة في تقديم الخدمات، وفي إنتاج ما له علاقة بهواية الرجل، أو بهواية المرأة، أو بالانخراط في الجمعيات المختلفة، ومنها الجمعيات الحقوقية، حتى يتأتى للمرأة أن تساهم، بالفعل، في بناء الكيان الإنساني، على مستوى الحياة، وعلى مستوى الأسرة، وعلى مستوى العلاقات الإنسانية في المجتمع، ومن خلال الجمعيات، ومن خلال الأحزاب، من أجل صيرورة الكيان الإنساني للمرأة أولا، وللرجل ثانيا، وسيلة فعالة، في إعداد أجيال الغد، على أساس إنساني صرف، في أفق أن يصير مجتمع الغد، مجتمعا إنسانيا، غير منشغل بطرح المطالب الحقوقية، وتأسيس الجمعيات الحقوقية، التي تقود النضال، من أجل فرض احترام حقوق الإنسان، وحقوق الشغل، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل؛ لأن حقوق الإنسان، وحقوق الشغل، صارت مكفولة بالقانون، وبالعمل على تطبيق القانون، وفي جميع قطاعات المجتمع، والشعب، لتصير الحقوق المدنية، هي الإطار الذي يفرض تجسيد المساواة بين النساء، والرجال، وهو الوسيلة لتأكيد تلك المساواة، أمام القضاء المستقل، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.
وإلى جانب تمتيع المرأة بالحقوق المدنية، فإن الواجب يفرض، كذلك، تمتيعها بالحقوق السياسية، التي تمكنها من:
أولا: حق الانخراط في مختلف التنظيمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والجمعوية، التي تقتنع بمبادئها، وببرامجها، وبأهدافها، حتى تساهم، ومن الباب الواسع، في تنشيط العمل الجماهيري، الذي، بدونه، لا تتم ممارسة العمل السياسي على أرض الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، خاصة، وأن العمل الجماهيري، الذي لا يرتبط بالسياسة، أبان عن فشله، في خلق مجتمع مضبب، ومضلل، ومضبع، وفي إيجاد قيادات جمعوية انتهازية، تشغل قيادتها للجمعيات، في أمور أخرى، لا علاقة لها إلا بالممارسة الانتهازية، الهادفة إلى تحقيق التطلعات الطبقية، ليصير اللعمل الجماهيري: النقابي، والحقوقي، والثقافي، والتربوي، والتنموي، مجرد وسيلة لتلقي التمويلات، التي تساهم، بشكل، أو بآخر، في تحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بينما نجد أن ربط العمل الجماهيري، مهما كان نوعه، بالعمل السياسي، يفرض احترام الإطار، واحترام المبادئ، واحترام البرامجـ والعمل على تحقيق الأهداف الجماهيرية، بمصدرها السياسي.
ثانيا: حق الانخراط في الأحزاب السياسية، التي تقتنع بها، والتي يمكن أن يكون انتماؤها إلى حزب معين، مختلف عن انتماء زوجها إلى حزب آخر مختلف، وأن الحزب الذي قد تنتمي إليه، قد يكون يمينيا، وقد يكون وسطيا، وقد يكون يساريا، وقد يكون يمينيا متطرفا، أو يساريا متطرفا، وأن الانتماء إلى اليمين، أو الوسط، أو اليسار، أو اليمين المتطرف، أو اليسار المتطرف، قد يجعلها تلتقي مع زوجها في نفس الحزب، أو في اليمين، أو في الوسط، أو في اليسار، أو في اليمين المتطرف، أو في اليسار المتطرف.
وكيفما كان الأمر، فإن الالتقاء، أو الاختلاف في الانتماء إلى الحزب نفسه، المنتمي إلى اليمين، أو إلى الوسط، أو إلى اليسار، أو إلى اليمين المتطرف، أو إلى اليسار المتطرف، لا يفسد العلاقة الزوجية، القائمة على أساس الاحترام المتبادل، بين الرجل والمرأة؛ لأن الاقتناع ببعضهما، حاصل من البداية، ولأن ذلك الاقتناع، مبني على اساس الاحترام المتبادل بين المرأة، والرجل. وهو ما يجعل النساء اللواتي يتمتعن بحقوقهن السياسية كاملة، غير منقوصة، يسعين إلى تحرير الإنسان، ودمقرطته، وتحقيق العدالة الاجتماعية، لإيجاد مجتمع مختلف، عن المجتمع الذي هضم حقوقهن، لقرون طويلة.
ثالثا: التمتع بحق الترشيح، والتصويت، بناء على اقتناع معين، بضرورة المساهمة في أجرأة البرنامج، الذي تقتنع به، على المستوى السياسي، حتى إذا فازت في الانتخابات الجماعية، أو البرلمان، فإنها تستطيع أن تقترح مشاريع قوانين وطنية، على مستوى البرلمان، كما تستطيع أن تقترح ما يفيد المجلس الجماعي، الالتزام بها، في إطار توفير شروط الارتباط بالنساء، من أجل تشجيعهن على الارتباط بمختلف الجمعيات القائمة، وخاصة منها: الجمعيات الحقوقية، أو العمل على إنشاء جمعيات جديدة، في أفق القيام بدور معين، لصالح النساء، على مستوى الجماعة الترابية، التي تحظى بتمثيلية مشرفة فيها.
ومعلوم: أن التمتع بحق الترشيح، والتصويت، ينم عن مستوى معين من الوعي السياسي، الذي يجعل المرأة في المجالس الجماعية الترابية، وفي البرلمان، يكون لها تأثير كبير، على جميع القطاعات، من منطلق أن طبيعة المرأة، أن تسعى إلى خطة العزلة عن النساء المقهورات، بحكم حرمانهن من التمتع بالحقوق الإنسانية، ومن المقهورين، من الرجال، انطلاقا من انتمائها إلى الأحزاب اليسارية المناضلة، أو إلى أحزاب الوسط، على خلاف الأحزاب البورجوازية، والإقطاعية التي تعودت على وضع المرأة كدمية في البيت، لا يتم التعامل معها، إلا عندما يقبل الرجل على التمتع بها، وما سوى ذلك، غير مطلوب منها. فهي تعد الأكل، والشرب، وتتزين للرجل، وتربي الأولاد، ليس إلا.
رابعا: الترشيح لتحمل المسؤوليات الحكومية، في مستوياتها المختلفة، من رئاسة الحكومة، إلى الوزارات، إلى المسؤولين، عن مختلف المديريات الإقليمية، والجهوية، إلى المسؤوليات الأولى في الإدارات، خاصة، وأنها أصبحت تمتلك مؤهلات علمية، ومعرفية، قد ترقى إلى أعلى الدرجات، مما يؤهلها لتحمل المسؤولية، أي مسؤولية إدارية صرفة، أو سياسية، وفي المجال الذي تختص فيه، وعلى مستوى أعلى، حتى تقع المزيد من البراهين، على أن المرأة، لا تقل كفاءة عن الرجل، إن لم تكن متقدمة، ومتطورة عليه، وتبرهن بذلك، على أنها أهل لتحمل المسؤولية، التي تجعل منها إنسانا، له مكانته في المجتمع، الذي تفرض التزامها به.
والمرأة عندما تتمتع بحقوقها الإنسانية، وبحقوق الشغل، وبالحقوق الخاصة بالنوع، تدرك أن حرمانها من تلك الحقوق، في العصور السابقة، هو الذي جعل منها كائنا متخلفا، ورجعيا. ووجود هذا الكائن، رهين بتبعيته للرجل، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وهو ما يجعلنا في هذا العصر الذي نعيش فيه، نشعر بضرورة العمل، على تمكن المرأة، من كافة الحقوق الإنسانية، حتى تشعر بكيانها، وتعتبر نفسها جزءا من هذا الواقع، الذي تعيش فيه، حتى يتأتى لها الشعور بالمسؤولية، تجاه الواقع، وبأن عليها أن تتحرك، من أجل النهوض به وعلى الأقل، العمل على إصلاحه، ويحارب كل أشكال الفساد الشائعة فيه، في أفق العمل على تغييره تغييرا جذريا، لتحقيق المجتمع الذي يحلم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما تحلم به المرأة، باعتبارها مقهورة بدونيتها، التي تحط من قيمتها في البيت، وفي الشارع، وصولا إلى بلورة شخصيتها الإنسانية.