كتاب الحقيقة

كتاب وتحليل في رواية ما تساقط .. كل الكل تساقط والكسر عاهة مستديمة

الرواية هيمنت على التأريخ الفلسطيني لمدة طويلة وسعت الكاتبة إلى قرع جدران الخزان العفن وتقرير حقيقة فشل الثورة انهيارها وعجزها عن تحقيق الهدف الأوحد لها وعجزها عن الحفاظ على نفسها والدفاع عن رسالتها وكينونتها . في الرواية، الجميع مدانون بمستويات مختلفة، تجرنا الكاتبة عفاف خلف الى عالم يسود فيه البحث عن البقاء على قيد السلطة والثورة ( باعتبارها ) ، وكل مجالات الفساد، تندرج ضمن هذا العالم الذي يبتكر قوانينه بنفسه وقواعد اللعبة تختلف من لاعب للاعب. كان في الثورة طرفان الرابحون والخاسرون ، والرابحون هم جماعة الضغط ، مجموعة تألقت في اثر العودة واهدافهم واضحة تتحقق بممارسة الضغط على السلطة لتوسيع رقعة سلطتهم وسلطانهم كما أشارت الى تاريخ التصفيات في ثورتنا المجيدة فأنت اما مع او تحت التراب وقد تهرب وتحمل هموم وطنك / ثورتك في حقيبة وتلقيها في غياهب الجب .. والخيار صعب في الرواية، هتلر وستالين وهيمنـة مقيتة وتصاعد العنف ضد الاخر ومناطق شاسعة معتمة وعمياء وبؤر سرية لا تستطيع سبر غورها كل سلطة مفسدة. الكاتبة المثقفة تفرد مساحة واسعة من الحوار لهذه المقولة الشكسبيرية وابداع السلطة في الإبقاء على المسودين تحت الهيمنة. على المهيمنين وأدواتهم واجراءاتهم الحفاظ على السيادة ونقلها الى الخط الأول خلفهم. الرواية عمل قاسٍ وجميل. ذكرتني بالكاتب العظيم عبد الرحمن منيف الذي يشحذ سكينه قبل الإنقضاض علينا ، لا مهادنة ولا استلاب لحرية القلم الذي كان مبضع جراح في جرح اسن، كل شيء كان مهيئاً لسلاسل وقائع وقرارات مكنت “الزعيم الكاريزمي” من امتلاك (النفوذ، “التأليه”) الثورات الفرنسة والروسية أثبتت بلا مجال للشك بأن كل سلطة سياسية تحاول تنصيب نفسها كسلطة مطلقة قد تنجح بالبدء ولكنها لا تفلح في تنصيب نفسها كذلك على الدوام. فالجانب المأساوي للثورة التي لم تؤد الى دولة أدت إلى عملية التصنيم والهزيمة الكارثية للفكر بكل أطيافه . اللافت في الرواية هوية الأبطال التي شكلت فخاً متتالياً نصبته لنا الكاتبة، فأنت في قبضتها لانك تعجب بما يتنافى مع كثير من المفاهيم الإجتماعية والدينية ما قبل النهاية : المحاكمات الكافكاوية التي ينصبها الأبطال وعن ” علاقتهم مع “الأنا” من أجل تبرير سلوكهم اليومي والقيادي والتنفيس لتفجير المكبوت للاقتصاص من الحياة كلها وعلى مد البصر واستيعاب العقل كان الثوري في الروايه كائنٌ مفرغ من المضمون في وطن مُغيب وكان يسبح في متاهات الوعي بملابس مضادة للماء في النهاية الكاتبة نجحت في قرع الأبواب وكراقص حنا مينه في روايته الشمس في يوم غائم لا يسعنا الا ان نعزف بأقدامنا قد تصحو ابنة “ الستة والستين … “

قد يهمك أيضاً