الإفتتاحية

عندما يسقط الفنان يصبح وهابياً

فالح حسون الدراجي

  ليس صحيحاً ما نقل عن المؤلف الأيرلندي الشهير جورج برنادشو، وما رددناه في ثقافتنا الشعبية، والفصحى كالببغاوات منذ صبانا قوله: (إذا سقطت المرأة أصبحت عاهر، وإذا سقط الرجل أصبح شرطياً)!  فلقد بحثت كثيراً عن ما يسند هذا القول، ويثبته لبرنادشو فلم أجد سوى منقولات منشورة  لا أكثر مثل: قال برنادشو، أو يقول برنادشو، ولم أجد له نصاً صريحاً بهذا القول ..!!

ولو إفترضنا أن برنادشو قد قال مثل هذا الكلام فعلاً، فهل يتوجب علينا أن نأخذ به كحقيقة مسلم بها، وكبديهة لا تحتاج للبرهان والتأكيد، وهل أن برنادشو معصوم، وقوله مقدس لاسمح الله؟ الجواب قطعاً سيكون لا .. فالرجل ليس معصوماً، وكلامه ليس مقدساً.. فهو بشر مثلنا، يخطئ، ويزل، ويقول كلاماً قابلاً للدحض، والتأويل أيضا.. ومادام الرجل ليس معصوماً، وكلامه غير مقدس، فدعوني أعلن رأيي الذي أخالف به قوله المشهور – إن كان هذا القول له -!!  وإختلافي معه حول المرأة التي تسقط، والرجل الذي يسقط أيضاً.. فأنا أرى المرأة التي تسقط تصبح عاهر فعلاً، ولكن ماذا نسمي المرأة التي تتطوع فتصبح (وكيلة أمن)،  وتتسبب بكسر أعناق عشرات الشباب الأبرياء، وماذا سنسمي المرأة ( النائبة) التي تحض الناس تحت قبة البرلمان على الفتنة الطائفية، وتساند الإرهاب، وتشجع القتلة على قتل المخالفين لها مذهبياً، أو قومياً، أو سياسياً.. وماذا نسمي المرأة المديرة، أو المؤتمنة على المال العام، فتسرق حقوق الأيتام، وتختلس أموال الفقراء، وتلطش إستحقاقات الثكالى، وتخلع بملايينها الى عمان، أو بيروت؟  والسؤال  هنا عن الأكثر سقوطاً: أهي المرأة التي تبيع جسدها – مع أن هذا العمل حرام شرعاً ومعيب إجتماعياً – أم المرأة التي تتسبب بمقتل عشرات الشباب عبر تجسسها على بيوت المناوئين للسلطات الغاشمة؟

    هذا على ذكر سقوط المرأة.. فماذا عن سقوط الرجل؟ وهل من الصحيح أن نتداول مقولة برنادشو، فنتهم (الشرطي) بآخر مراحل سقوط الرجل.؟

ولا أعرف كيف نستطيع أن نلفظ  مثل هذا القول القاسي على الشرطة، وهناك الكثير من أبنائنا، وأخوتنا الذين ينتمون لهذا السلك الوطني.. فنعرفهم ونعرف أخلاقهم الرفيعة.. ولا أعرف كيف نقبل بهذا القول الفاحش ونردده، بينما نرى اليوم مئات الشهداء الأبطال من أبناء الشرطة يسقطون  دفاعاً عن العراق الغالي، ونرى أكثر من نصف مليون شرطي عراقي يقدمون صدورهم دروعاً لحماية الشعب، ويعلنون بالفعل الصريح وليس بالقول فقط عن أنفسهم كمشاريع وطنية للشهادة؟

وللحق فإن سجل البطولة والشهادة لايحصل في شرطة العراق فحسب، إنما نجد مثله اليوم في شرطة مصر، وسوريا المواجهة أيضاً.. وفي الكثير من البلدان الأخرى..

ربما يقول البعض: وماذا عن الشرطة الفاسدين والمرتشين والقتلة الذين يملأون المراكز ودوائر الشرطة في العراق؟

والجواب يأتي على شكل سؤال أضعه امام الجميع، وأقول فيه: بربكم هل ان الفساد، والرشى، والقتل في العراق متوقف على الشرطة فقط.. أم أنه وصل الى أغلب الميادين والمواقع والوظائف العراقية؟

 إن رأيي الصريح يتلخص في إن الرجل الذي يسقط يصبح طائفياً، وداعياً للفتنة، ومحرضاً على القتل.. وداعماً للإرهاب.. وليس شرطياً. وعلى سبيل المثال فإن حكام السعودية القتلة هم ساقطون بإمتياز، وشيوخ الإعتصام في الأنبار ساقطون بلا نقاش، وطارق الهاشمي الذي يحرض الأعداء على بلده ساقط مليون مرة، وهناك الكثير من الساقطين المنتشرين في كل مكان. أما في المجال الفني، فإن السقوط ليس في فن الغناء أو الرقص أو التمثيل كما يتوهم البعض، إنما هو في تحول الفنان من كائن جميل، داع للخير، والحب والسلام، الى وهابي خبيث يحث على قتل زملائه، ويسهم بيده في قتل الناس الآخرين.. وأمامكم الفنان اللبناني السابق والوهابي اللاحق (فضل شاكر) المحكوم غيابياً بالإعدام من قبل إحدى المحاكم اللبنانية لقتله جنديين لبنانيين، حيث إعترف بجريمته عبر إحدى الفيديوهات التي ظهر بها متفاخراً بقتل الجنديين!!

لقد تحول فضل شاكر من غريد للحب والجمال، الى غراب ينعق بإسم الوهابية. لاسيما بعد ما أطلق هذا المجرم بتصريحه اللئيم المنشور على التويتر أحقاداً طائفية شنيعة، كإتهامه الفنانين راغب علامة وعاصي الحلاني بدعم – حزب الله – ومطالبته في نفس التصريح حكومة الكويت بطرد الفنان (الرافضي) داود حسين، وسحب الجنسية الكويتية منه لنفس السبب، وتصريحه الأكثر خبثاً وسفالة، والذي قال فيه  نصاً: ( أنا والشيخ أحمد الأسير ليس لدينا مشكلة مع الأديان، إنما مشكلتنا مع الشيعة)!!

    فمن هو الساقط بربكم هذا الزنيم، أم الشرطي الذي يرمي بنفسه على الإنتحاري ليموت ويحيا الآخرون؟

قد يهمك أيضاً