عدنان الفضلي
من جديد يفتح مضمار السباق الإنتخابي أبوابه أمام من يريد المشاركة، وعلى ذات السياق والمنهج سيبدأ المشاركون عملهم المتضمن التعبئة والترويج عبر شعارات لا أظنها ستختلف عن سياقات ومناهج سابقة، خصوصاً وقد لمحنا بوادر شعارات خرجت من بعض الكتل تتضمن ذات الخطاب الطائفي والمذهبي والمناطقي، إضافة الى الوعود الزائفة التي تبنتها ذات الكتل المعشعشة في العملية السياسية منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا.
قانون الإنتخابات حتى الآن ليس فيه ما يشفع للمغامرين المدنيين بالتفاؤل الكبير، فمقاسات هذا القانون اعتمدت لتكون رداء خاصاً بالحيتان وليس فيه سوى بعض قطع صغيرة يمكن للمدنيين الحقيقيين ارتداؤها، مما يعني أن المهمة لن تكون سهلة للحصول على القطع الكبيرة من القياسات التي يمكنهم الحصول عليها.
المدنيون في الإنتخابات المقبلة مطالبون بأشياء عديدة أبرزها عدم الوقوع والتعثّر بذات المطبّات التي خلخلت نتائج مشاركتهم بمضمار السباق الإنتخابي، فهم اليوم بحاجة ماسة لرصّ الصفوف وعدم التشرذم بسبب أطماع مادية أو سلطوية، فهذا التشرذم هو السلاح الذي تراهن عليه الكتل الكبيرة التي لن تقبل بصعود خط مدني قوي يزاحمهم على السلطة.
المدنيون بحاجة لخيمة كبيرة تجمعهم وتوحدهم وتحميهم من غدر من يتربصون بهم، وأظن أن تحالفهم داخل تلك الخيمة، والتوافق على مجموعة أسماء حكيمة ونزيهة ووطنية تدير هذه التحالفات، هو المطلب الأول، فالجماهير تنتظر من القوى المدنية الكثير، فلا الشعارات ولا التعكّز على ثورة تشرين تكفي لاستفزاز القواعد المدنية، بل إن رؤية تحالف غير متشرذم أو تسوده خلافات كبيرة هو المطلب الأول لاستعادة الثقة والمضي في طريق الحلم الكبير، وهو خلق دولة مدنية كبيرة وحقيقية تعيد للعراق هيبته وصورته التي اعتدناها، ومن ثم المضي في صناعة مستقبل كبير يليق بالعراقيين.
أعتقد أن مهمة المدنيين صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة بوجود هذا الوعي المتصاعد لدى الشباب، فالشارع العراقي صار اليوم مختلفاً جداً من حيث رؤى وتطلعات الشبيبة والفتيان الذين يؤمنون بوطن خال من الطائفية والمناطقية، ومن يتابع مواقع التواصل الإجتماعي يمكنه رصد التغييرات الكبيرة التي حدثت داخل المجتمع العراقي منذ ثورة تشرين العام 2019 وحتى يومنا هذا، وعليه لا بد من المراهنة على هؤلاء الشباب واستقطابهم ودفعهم للمشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة، لتنطلق الرحلة الطويلة.