الإفتتاحية

ماذا قال سليم الجبوري في الجزائر؟!

فالح حسون الدراجي

   لا أخفي عليك عزيزي القارئ أمراً كان يشغلني منذ مدة ليست قصيرة. وكلما أردت عرضه على الجمهور، كنت أخشى أن أتَّهم بالطائفية والصفوية، والتبعية لفلان، او علان.. أو أن تجرجر قدماي الى المحاكم، لاسيما وإن المحاكم العراقية شغالة بدعاويها هذه الأيام على الصحفيين العراقيين تحت حجج لم تتغير منذ أيام بهجة العطية، فنحمد الله ونشكره، وهو الذي لايحمد على مكروه سواه!!

وحقيقة، فإن الذي ظل يشغلني حتى هذه اللحظة، هو موضوع جماعة الـ (رِجِل هنا.. ورِجِل هناك)! وأقصد بذلك وجود بعض السياسيين، خاصة النواب في كابينة العملية السياسية، وهم الذين يتقاضون من جيب هذه العملية (المسكينة والمغفلة) رواتبهم، ومخصصاتهم التي لا تعد ولاتحصى، ورواتب حماياتهم، ومدفوعات وقود سياراتهم، ووقود سيارات حماياتهم، ومدفوعات وقود سيارات نسوانهم، وحمايات نسوانهم أيضاً، فضلاً عن تكاليف وقود سيارات آبائهم، وسيارات حمايات آبائهم كذلك،  (وربما سيصل المسلسل الى أبناء وبنات الخالة، وأبناء وبنات العمة، ولحمايات أبناء وبنات الخالة والعمة أيضاً، وقد تصل المنافع النيابية الى السيد خباز المحلة التي يسكن فيها أبو النائب المحترم)! كل هذه الإمتيازات يضاف اليها أجور السفر والسياحة، والخدمات الفندقية، ناهيك عن تكاليف علاج السادة النواب التي يتحملها جيب العملية السياسية بكل (شفافية)، بدءاً من قوائم فحوصات وعمليات البواسير، وتجميل الأسنان القبيحة مروراً بفحوصات القولون والبروستات للرجال وفحوصات الرحم والثدي للنساء، مع تحمل كل(الحبشكلات) الطبية الأخرى- ولا أريد هنا أن أذكرها جميعاً، فبعضها مضحك جداً بينما طبيعة المقال لاتسمح بالضحك- فضلاً عن تحمل تكاليف عمليات القسطرة وتبديل الشرايين الباهظة- بالمناسبة فقد أظهرت دراسة أمريكية أن المسؤولين في الدول العربية بشكل عام والعراق بشكل خاص، هم أكثر المسؤولين في العالم إستبدالاً للشرايين والزوجات والأزواج أيضاً)!

ومع كل هذه الإمتيازات الخرافية التي يتقاضاها النائب العراقي اليوم -وأرجو أن لايتهمني السيد أسامة النجيفي بالحسد والحقد على السادة النواب- مع إني لم أعرض أياً من (الأشياء) التي تأتيهم من تحت الطاولة، او كما تسمى شعبياً (من جوه العباية) وأقصد بذلك الهبات، والمنح، والعطايا، والصفقات وعمليات البيع والشراء للمشاريع والعقود، وأثمان التعيينات الفخمة والدسمة، ولم أعرض قيم الرشى الهائلة التي يحصل عليها بعض النواب من رجال الأعمال، وبعض أصحاب المصارف مقابل التستر على أعمالهم وتجاوزاتهم البنكية أو مقابل الإطاحة بخصومهم – وعندي في هذا المجال تحديداً بلاوي وبلاوي قد تصل لأكبر الرؤوس النيابية والحكومية!! – فبهذه الهبرات (العظيمة) التي يهبرها بعض النواب والنائبات، والتي أصبحوا بفضلها من أصحاب الملايين والمليارت- الدولارات طبعا – وهم الذين كانوا قبلها (هب بياض)، بحيث كان أغلبهم ينادي على الدرهم، فيجيبه الدرهم معتذراً بالقول:(العفو عندي شغل)!!

 وبفضل هذا الموقع النيابي المحترم أيضاً، صاروا نجوماً ربما هم اليوم أشهر من فريد شوقي، وألمع من فيفي عبده، بينما لم يكن أغلبهم بالأمس سوى (نكرة) في سوق السياسة، او التجارة، او الإعلام، وقد لايعرفهم في كل قارات العالم أكثر من سبعة، أو ثمانية أشخاص !!

 زبدة الموضوع، ان هذه المكاسب التي حصل عليها بعض النواب فجأة، والتي تشبه الى حد ما حصول مواطن فقير على جائزة اليانصيب العظمى تتطلب منهم أن يحمدوا الله ويشكروه أولاً، وأن يشكروا العراق الذي جعلهم هكذا، فهم بدونه (ولا حاگة)، وأن يقبلوا يد العملية السياسية صباح كل يوم.. أما كيف ؟ فالجواب يكون: بالإخلاص للعراق أولاً، وعدم الإساءة للشعب العراقي الذي إنتخبهم ثانياً، وبالوفاء للعملية السياسية،(وتحليل الخبزة) كما يقول أهلنا الطيبون ثالثاً. لذا يتوجب عليهم أن لا يدعموا الإرهاب والإرهابيين على تدمير العراق، وذبح العراقيين.. ولا يشتموا العراق في وسائل الإعلام العربية والأجنبية المعادية كلما أتيحت لهم الفرصة، وأن لا يشوهوا صورة العملية السياسية في المحافل الدولية. إذ لايجوز لنائب (عراقي) يتمتع بكل خيرات العراق، ويهبر من لحمه الطيب،  (ويلغف) من جيب العملية السياسية، فيطعن بها علناً وجهراً .. اليس هذا حراماً وظلماً؟

وقبل أن يسألني البعض أقول: إسألوا النائب سليم الجبوري ليقول لكم ماذا تحدث أمس في الجزائر، وخصوصاً في فقرة أحكام الإعدام، وكيف عرض امام ممثلي أكثر من مائة وخمسين بلداً في العالم صورة العراق الجديد.. ألم يقل:( أن احكام الإعدام في العراق طائفية وغير قانونية.. وأنه – أي سليم الجبوري – يناشد العالم ويطالبه بالتدخل من أجل أيقاف مجازر الإعدام الطائفية الحكومية)؟! 

لن أكمل كل ما قاله (نائبنا المحترم).. إنما أدعوه شخصياً لأن يكملها بنفسه، او أن يبث كل ماقاله هناك عبر القناة العراقية، على الرغم من أن قناة (بغداد) بثت بعضاً منها مشكورة!!

قد يهمك أيضاً