الإفتتاحية

تحية كبيرة للفنان الكبير داود حسين

فالح حسون الدراجي

   أكتب هذه المقالة – وإن جاءت متأخرة – تحية للفنان الكويتي الكبير داود حسين، وتقديراً وإعجاباً بموقفه الشجاع، ليس لأنه شارك الملايين الحسينية قبل أيام مشياً على الأقدام نحو كعبة الحرية في كربلاء فقط، إنما أحيِّيه دون غيره من الزوار الكويتيين، والعرب الآخرين، الذين تجاوز عددهم في زيارة الأربعين لهذا العام رقم المليون ونصف زائر، كما مثبت لدى الدوائر الرسمية في وزارة الداخلية العراقية.. وأشد على يديه الكريمتين إستثناءً من عشرات، بل ومئات الأدباء والفنانين والصحفيين العراقيين الذين مضوا الى مقام أبي عبد الله مشياً على الأقدام أيضاً.. أما لماذا التحية  لداود حسين دون غيره، ولماذا هذا الإستثناء؟

فالجواب يأتي لكون الفنان القدير داود حسين قد جاء هذا العام لزيارة ابي عبد الله تنفيذاً للعشق الكربلائي الذي يسري في جينات دمه أولاً، واستجابة لشوقه العارم لقباب الإمام الحسين عليه السلام ثانياً.. وثالثاً، لأن الرجل جاء هذا العام للزيارة متحدياً، ليعلن فيها من ارض كربلاء، عن صموده الشجاع بوجه كل الأصوات المعادية للشعلة الحسينية السامية، سواءٌ أفي الكويت كانت هذه الأصوات أم في منطقة الخليج العربي!.. ويعلن بصراحة وفصاحة عن انتمائه الحر للخط الحسيني الشريف. ويقيناً إن  داود حسين لم يكن بحاجة لإعلان هذا التحدي الجريء، لو لم يكن هناك أمرٌ إستدعى إعلان هذا التحدي الباسل. بخاصة وأن حملة عداء مسعورة تشن اليوم في مختلف المواقع، والميادين الفنية والإعلامية  ضد داود حسين، وضد زملائه الفنانين الشيعة العرب، نظمتها وتنظمها بعض القوى الظلامية والوهابية. وما تصريح الفنان السابق، والوهابي اللاحق فضل شاكر قبل أيام ضد داود حسين  وضد الفنان اللبناني الشيعي راغب علامة، والفنان العلوي عاصي الحلاني، ومطالبته الحكومة الكويتية بسحب الجنسية الكويتية من (الرافضي) داود حسين إلاَّ أحد وجوه هذه الحملة المسعورة.. وهنا أود أن اشير الى ان الفنان داود حسين يتعرض منذ فترة الى حملة إبعاد فني منظمة، ليس عن الواجهة الإعلامية فحسب، بل شملت أيضاً كل المفاصل الفنية التي كان الرجل قد أبدع فيها إبداعاً مرموقاً.. وبما أن المال السعودي يسيطر اليوم على أغلب القنوات الفضائية العربية، وعلى شركات الإنتاج الفني كشركة روتانا، ومؤسسة الأي آر تي، ومؤسسة الخيول وغيرها، وبما أن الفنان داود حسين شيعي (رافضي)، فقد كان من الطبيعي أن ينال الرجل نصيبه من أحقاد الوهابية، فتشمله (بمكارمها)، وتحرمه من المشاركة في الكثير من الأعمال الفنية، والبرامج التلفزيونية ..

لقد أعجبني موقف الفنان داود حسين، وهو يصمد بقوة بوجه هذه الحملة الطائفية القذرة التي لم تتوقف عند الحرمان من الأعمال الفنية فحسب، إنما شملت مضايقات وتلفيقات، وحملات صحفية كريهة شاركت فيها صحف كويتية وعربية معروفة بإنحيازها الطائفي. والذي أعجبني في هذا الفنان الكبير قوته، وإيمانه، وصلابته، لاسيما وهو يختار طوعاً طريق المواجهة مع قوى الظلام المتمكنة. إذ أن الرجل وبدلاً من أن يهادن هذه القوى الظلامية، ويماشي رغباتها الطائفية مثل غيره، إختار طريق الحسين المواجه للظلم والخنوع والذل.. فحمل كفنه على كتفه وجاء مشياً على الأقدام لكربلاء متحدياً أوغاد الوهابية أينما كانوا وحلوا.

ولأنه قبل التحدي، وجاء زائراً دون غيره من الفنانين الكويتيين والعرب الشيعة لأرض كربلاء. بينما هناك أكثر من مائة فنان شيعي كويتي، وخليجي، ولبناني، ويمني، وسوري اختاروا طريق الأمان والسلامة.. فقد استحق هذا الرجل التحية والتقدير والإعجاب.

قد يهمك أيضاً