فالح حسون الدراجي
(في أغنية شعبية كتبها الشاعر الراحل كاظم الرويعي قبل أربعة عقود، يردُ بيت في آخر مقطعها الأول، يقول فيه: الورد للغير.. وآني الشوك اليَّه .. ولأن هذا البيت يحمل معانيَ لا تحتاج لشرح، ولا لتوضيح، فضلاً عما يكتنزه من شجن ولوعة وإحساس عالٍ، ومفرط بالخسارة والفقد والأسى الذي يصل حد الندم، فقد اشتهر هذا البيت الشعري كثيراً، حتى ترسخ في ذاكرة القلب قبل أن يترسخ في ذاكرة الناس.. بدليل انه يحضر الآن في مقالتي السياسية كعنوان رئيسي، وثيمة اساسية في بناء هذا المقال..
(الورد للغير، وآني الشوك اليَّه)!!
ياسلام عليك ياكاظم الرويعي، وأنت تعاتب حبيبك بهذه الشفافية، وهذا الوضوح..!! فيا لوعتك، وأساك، وحزنك الذي فجّر يقينك بكل هذا العتب المُر.. وأي ظلم ذاك الذي تلقيته من الحبيب، الذي تنكر لتضحيتك وعذاباتك وجهدك وشوقك وإخلاصك؟
أيعقل أن تعطي وردك لغيري، وأنا الذي زرعت هذا الورد بيدي، وسقيته بماء عيني، وحرسته بنبضات قلبي.. بينما تمنحني الشوك و (العاگول والصريم) جزاءً لإحساني؟! هكذا يقول الشاعر الرويعي قبل أربعة عقود.. وهكذا تقول البصرة اليوم أيضاً لمن يمنح خيرها لغيرها، أو لنقل يمنح وردها لغيرها، بينما لا يهبها سوى الشوك والعاگول!!
فكيف يمكن لها أن تصدقك وتصدقنا بعد اليوم، وأنت ونحن نتنكر لها، ولتضحياتها ولعطاياها التي ينهل منها الجميع.. بل كيف سيصدق غيرها بك وبنواياك، وهو يرى أنك لم تفِ لمن أعطاك ورده؟
هذا الذي ذكرته لك عزيزي القارئ الكريم هو جزء من رسالة بعثها لي أحد كبار المثقفين العراقيين (البصريين) أمس، حيث عرض فيها ألمه ووجعه، وهو يتلقى نبأ مبادرة السيد عمار الحكيم بمنح الأنبار أربعة مليارات دولار. فهو يرى أن منح الأنبار هذا المبلغ الكبير أمر غير مبرر .. فالأنباريون وليس غيرهم من طالب القائد العام للقوات المسلحة بإرسال الجيش العراقي الباسل الى محافظتهم، من أجل طرد الإرهابيين الذين كانت (ساحات أعتصامهم) مأوى وملاذاً آمناً لهم.. فجاءهم هذا الجيش منقذاً وناقذاً، علماً بأن أغلب جنود هذا الجيش هم من البصرة (وأخوات البصرة). وإن أسلحة ورواتب الجيش تدفع من مردودات نفط البصرة فلماذا -والقول لم يزل لصديقي- تعوَّض محافظة الأنبار بأربعة مليارات دولار، ولا تعوَّض محافظة البصرة؟ ويكمل صديقي المثقف البصري قوله متسائلاً في رسالته: بربك يا صديقي من الأحق (بالتكريم).. البصرة أم الأنبار..!
فلماذا تأتي المبادرة لصالح الأنبار، ولاتأتي لصالح البصرة؟ إنه سؤال يقول صديقي البصري وإن كان فيه بعض العتب لسماحة السيد عمار الحكيم.. لكنه قول صادر من قلب محب للعراق بكل محافظاته، وللسيد الحكيم بكل ثقل عائلته الكريمة، وبكل حزن البصريين ووجعهم.
ولم يكن جوابي على رسالة صاحبي سوى توضيح فكرة:- أن السيد عمار الحكيم قد عرض هذه المبادرة لتجنب المزيد من اراقة الدماء، ولأن سماحته يرى أن الأنبار تستحق هذه المبادرة، وهذا الدعم، لكي تقف بقوة بوجه الأرهاب، ولكي تصمد امامه..او ربما (لأمور اخرى) والله اعلم!!