الإفتتاحية

هاليوم الرمادي.. وباحر الفلوجة!!

فالح حسون الدراجي

  وأخيراً، وبعد صبر طويل هو أطول من (عوج بن عنق) قرر القائد العام للقوات المسلحة تحرير مدينة الرمادي من عبودية  داعش بعد انتظار الجيش على حدود المدينة، أو  في الثكنات العسكرية القريبة منها، وبعد أن أبدت القيادة العراقية  في هذه النقطة تحديداً صبراً حقيقياً لا تحسد عليه، كانت قد بدأته مع الحكومة المحلية،  ثم مع أبناء العشائر، ثم مع المتورطين من أبناء المدينة، لكن دون جدوى، ودون أن يثمر هذا الصبر عن أية نتيجة تمنع تدخل الجيش، وتلغي فكرة اقتحامه مدن الأنبار الموبوءة بفايروسات القاعدة.. وأظن أن المالكي قد فعل هذا من أجل منح العقلاء فرصة للتفكير الهادئ، واتخاذ القرار الصحيح، بعيداً عن ضغوطات الجيش، وعن مدافعه التي تسقط صواريخها على رؤوسهم.. كما أراد المالكي ايضاً أن يمنح بهذا الانتظار شيوخ العشائر فرصة كافية لإقناع الآخرين بالخروج من المدينة دون قتال، وتسليم القتلة للقضاء العادل من أجل تجنب المزيد من الدم والخراب..

   ويقيناً أن داعش، والأهالي، وحكومة الأنبار، وغيرهم يعرفون جيداً ماذا يعني اقتحام الجيش للمدينة، وماذا يعني فشل الحوار، وماذا سيكون حال المدينة بعد نزول الجيش الى شوارعها، وأزقتها، وتشغيل مدافعه، وأسلحته الفتاكة، رغم أن تأخر قوات الجيش عن الحراك، وبقاءها على تل الانتظار طويلاً قد يتسبب بخسائر ربما تكون أثقل من حجم الخسائر التي يتركها لو تحرك نحو هدفه دون انتظار.. لا سيما حين يستمر هذا الانتظار لأسابيع وليس لأيام، حيث يسأم الجيش من الوقوف على قدم واحدة، ويسأم كذلك أهالي هذه المدينة من تحكم المجرمين الإرهابيين بمصائرهم، فيكرهون كل وجودهم، ويحتقرون نجاساتهم، وإرهابهم الذي لم يميز أحداً منهم..  لقد دنسَّ أوغاد داعش تراب مدينة الرمادي العراقية، ذات التقاليد والعادات العربية العريقة، فأجبروا المالكي على أن يعطي أوامره للجيش العراقي الصبور بالتحرك نحو الرمادي اولاً، وسحق جميع الجرابيع الداعشية..  ومن ثم التوجه الى مدينة الفلوجة لكنس الأوساخ الإرهابية منها أيضاً.. لكن الملفت للنظر أن أهالي الرمادي، وقبل ذلك قادة داعش قد علموا بأوامر تحرك الجيش نحو الرمادي، ما دفع الارهابيين الى القيام ببعض الفعاليات والأعمال الحربية في مناطق أخرى، وتكثيفها  من أجل اشغال الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وتشتيت تفكيرها كي لا تقوم بتحركها المفترض.. ولعل التفجيرات الواسعة التي قام بها العدو في مناطق بغداد، وبعض المحافظات القريبة من الأنبار خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، فضلاً عن التحرك الشرس نحو سجن الأحداث في الطوبچي أمس الأول، هي علامات واضحة تشير وتؤكد  ما ذهبنا اليه. وأقصد بذلك تحرك داعش النشيط والواسع لإشغال الجيش.

   المحصلة التي خرجت بها من كل هذا أن أوغاد داعش خائفون، بل ومرعوبون جداً من تقدم الجيش العراقي نحوهم.. ولعمري فإن  خوف العدو منك قبل المعركة هو نصف هزيمته أمامك، أما النصف الثاني فهو تعاون الأهالي معك، ولعلمي أن أهالي الرمادي الذين (لعبت نفسهم) من داعش ومكسرات داعش، وبعد أن كرهوا الطائفية والطائفيين الذين باعوهم قبل أن تطلق أول اطلاقة صوب ساحات اعتصامهم، وبعد أن أذلهم تنظيم داعش مذلة لم يذلوا مثلها من قبل، حتى وصل بهم الأمر أن يودعوا الجيش العراقي البطل  أربعين فتاة من بناتهم في القسم الداخلي، بعد أن أرعبتهم فواحش الوهابيين، وبعد أن طلب شيوخ عشائرهم بألسنتهم  من رئيس الحكومة التدخل لإنقاذهم من داعش، ويقيناً فإن كل هذا يؤكد أنهم سيتعاونون مع الجيش العراقي.. ما يجعل النصر مضموناً للجيش العراقي الباسل، ليس في الرمادي فحسب، إنما في الفلوجة أيضاً، حيث سيتحقق النصر بأقل الخسائر بإذن الله. 

بعدها ستكون الفلوجة بلا داعش ولا ماعش.. ولا عدنان  الراعش! 

قد يهمك أيضاً