الفريد سمعان
هذا المثل يتداوله الذين ضاعت أمالهم.. او تحطمت على صخرة النسيان وبعد فوات الاوان.. ويمضغ الالم احلامهم او يدخلون عالم الضياع. واليأس. تذكرت هذا المثل.. وانا اقرأ خبرا عن مظفر النواب حيث اصدرت لجنة التحقيق من المفصولين السياسيين في الامانة العامة لمجلس الوزراء (باحتساب مدة الفصل السياسي منذ عام 1969 لغاية بلوغه سن الثامنة والستين..) وقبل هذا.. وانا اقدم لهذه اللجنة. اجمل الكلمات واشيد بأعمالها. واقرار حقوق المضطهدين الذين قادوا النضال الوطني واسهموا عبر سنوات القهر والاغتراب والجوع والمحن. الذين شاكستهم الظروف وكانوا على سفوح الموت نتيجة الملاحقة والاضطهاد.. الذي وصل حد الحكم بالإعدام على الشاعر المناضل.. صوت الرعد الهابط على رؤوس الدكتاتورية. الحامل راية الكفاح من اجل مستقبل افضل.. وهو يعيش على تراب الاحزان.. ويعاني من تساقط جمرات الغضب ومحن الايام. اذا كانت تمر بعض الايام.. دون ان تتوفر اللقمة.. ولا يجد المناضلون وسادة تستقبل احلامهم واحزانهم ولا ادري لماذا تأتي هذه (الالتفاتة الكريمة مزهوة بعد اكثر من عشر سنوات من سقوط النظام.. والشاعر المغترب يلوذ بدمشق التي احتضنته.. وفتحت ذراعيها لاستقبال صفعات غضبه على الحكام.. الظالمين.. الذي أشهر سيف كلماته على رقاب الطغاة.. ووزع رغيف احزانه على الفقراء والكادحين.. وهو يرسم مع كل كلمة تغادر حنجرته العذبة المتخمة بالوجع خارطة التحدي، ويؤطر المستقبل بهالات الانتصار للكادحين والمناضلين.. ولا ادري كيف.. التفتت المراجع المسؤولة بعد هذه السنوات الى ان هنالك شاعراً مناضلاً في اجواء الغربة.. يحترق.. ويقاتل.. ويشهق مع كل نبرة حزينة او طفل جائع.. وأسيرا القته ايادي القذارة في المنافي او السجون.. ويمسو بكلماته حين يؤمن الشهداء شهداء الوطن.. والحقيقة .. والانسانية لا ادري بأي المقاييس يمكن ان تتناول مثل هذه القرارات الباهتة التي تأخرت كثيراً عن الوفاء لرموزها الوطنية وابنائها الذين قاتلوا الارهاب بكل ما يمتلك من سطوة .. واسلحة.. ودفقات ثرة من التزوير والاتهامات الباطلة.. حيث تتحول الجراح الى انتصارات . ويصبح النواح زغاريد. يتسلل الى الفرق الدنيئة . والتطلعات البعيدة كل البعد عن المنطق والعدالة .. ووضع النقاط المضيئة على ابدان الحروف الجاحدة.
حبيبي مظفر.. ايها الشاعر الكبير.. بحجم الاقمار.. ومروج السموات.. ايها الرفيق.. الرفيق.. الرفيق.. اللاهث طوال ايام حياتك وراء شجون الانسانية وانين الفقراء.. ورياض العدالة.. وعواصف الغربة .. والجوع.. والالم.. ها هم (يكرمونك) براتب تقاعدي بالتفاتة (كريمة) (سامية)بدل من وضع اسمك المهيب الرائع.. على شارع أو قاعة.. أو مدرسة.. او دور للموسيقى والفن اتمنى ان يستفيق اصحاب الشأن.. وان يعرفوا مكانة المبدعين.. الشرفاء.. الذين غطت على مواقفهم الباسلة الشجاعة.. اسماء لم تعرف سوى الصراخ المخادع .. والاشادة بمن (يدفع) رغم كل ما يحيط به من شوائب . هؤلاء الذين .. لن يغفل التاريخ عنهم عيونه .. وسوف تظل ايها الشاعر الحزين.. راية تصفق لها الرياح.. ويستمد الكادحون الفقراء منها القوة. والاصرار على كبح جماح الاستغلال والانتهاك.. والاعتداء.. وكل ما تهفو اليه قناديل الانتصار ونواقيس الامل.