نحبهم.. فيكرهوننا.. رغم أن الدنيا كلها تحبنا، وتعشق شهامتنا وغيرتنا ونبلنا، وجمال أرواحنا، وأمانتنا، وطهرنا وإبداعنا وأخلاقنا، والتزامنا العالي، وصدقنا، وصداقتنا. نحبهم بصدق، فنشاركهم أفراحهم وأحزانهم، بل نحن أول من يواسيهم بمصائبهم، ويصبِّرهم على جراحهم، ويدعو لهم بالخير والبركة والسرور.. لكنهم للأسف يفجرون مجالس(عزائنا)، وينتهكون حرمات موتانا.. والأدهى من ذلك أنهم يقسون في غدرهم وحقدهم، فيسعون لقتل أكبر عدد ممكن منا، وكأنهم يريدون إبادتنا عن بكرة أبينا..!!
نحبهم جداً، فنسمِّيهم (الأخوة) والأهل والأشقاء.. لكنهم للأسف يسمُّوننا (الروافض).. وأقسم برأس العراق الغالي أني الى هذا اليوم لا أعرف أي شيء رفضنا لهم، ولماذا رفضنا، ومن هذا الذي رفضناه، لكي يسمُّونا الروافض!! ثم ما علاقتنا نحن العراقيين الطيبين، المُحبين بمن رفض، ومن (نصب)، وما ذنبنا لندفع كل هذا الثمن الباهظ؟
نحبهم، حتى إننا لم نفكر يوماً بحقوقنا التي يتمتعون، ويتنعمون بها كل هذه القرون، لأننا نعتقد أن حقوقنا وحقوقهم واحدة.. وأن مابيننا من أواصر ومشتركات لهي أكبر من كرسي السلطة، ومن لمعان المال.. فمن يصدق مثلاً أن قوماً مثل قومنا لايغضبون -مجرد غضب- على من سرق حقهم وحق أبنائهم، بدليل إننا لم نثُر عليهم، ولم نسقطهم عن كرسي السلطة.. وهم يعلمون علم اليقين أننا قوم لايصبرون على حيف أو ظلم، فكيف يصبر على حيف وظلم، من كان أبو عبد الله الحسين قدوته، ومثله الأعلى؟
وأقسم أيضاً بأنني لا أعرف سبباً واحداً لحقدهم علينا.. وسبباً واحداً لكل هذه الكراهية.. فإذا كانت هند بنت عتبة وحمارها (الوحشي) قد قتلا الحمزة عم النبي، وأكلا كبده، فإن أهلنا السابقين واللاحقين لم يأكلوا من (لحم) أم معاوية (وذرة) واحدة.. فعلام هذا البغض.. ولماذا يتسابقون على قتلنا في كل مكان وزمان؟!!
ختاماً أرجو مخلصاً وقبل فوات الأوان أن يتفهم (الأخوة) أن صبر الحليم الطويل لن يدوم الى الأبد.. فليحذروا منه لأني والله أرى بعيني كل يوم، وأسمع بأذني بعد كل عمل جبان غادر يقوم به (الأخوة الأعداء) ضدنا وضد أطفالنا، فأشعر بحواسي كلها أن هذا الحليم الصبور بدأ يتململ، بل ويفقد صبره .. وأن المارد الفتاك تحمَّل واستحمل الكثير من تجاوزات وانتهاكات أخيه، فإذا ما تحرَّك هذا المارد -وقد بدأ يتحرك فعلاً- فلن يقدر أحد على إيقافه مهما كان، وأجزم أن الجريمة البشعة، اللاأخلاقية التي ارتكبتها أيادي (السفلة) بحق أهلنا الطيبين في مجلس عزاء قطاع خمسة في مدينة الصدر أمس الأول لن تمر مثل سابقاتها قطعاً، وسأذكركم يوماً بها، بعد أن يدفع (الأخوة) ثمنها باهظاً. لقد أيقظوا الفتنة .. لعن الله من أيقظها.. على الرغم من أنها لم تكن نائمة تماماً..