تلقينا بسرور بالغ تبليغَين محترمين من معالي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية الأستاذ عدنان الأسدي. وقبل أن أكشف عن فحوى هذين التبلغين أود أن أشير الى قضية مهمة تؤرقني كثيراً تتعلق بموقع مسؤولية الأسدي.. فالرجل يحمل إدارياً صفة (الوكيل الأقدم) بينما هو يتحمل فعلياً خطورة مسؤولية ومهام والتزامات وزير الداخلية.. ولعل الأمر الذي دفعني لكتابة هذه الفقرة ضمن محتوى هذا المقال أن عدنان الأسدي يعمل في اليوم الواحد خمسا وعشرين ساعة في ظل ظروف أمنية إستثنائية لا يمكن لأحد ان ينكر خطورتها، أو يقلل من جسامة مسؤولياتها.. في ذات الوقت الذي(ينعم) فيه عشرات (الوكلاء) في وزارات الحكومة العراقية بكل ما يوفره لهم منصب الوكيل من إمتيازات ومنح، ونواعم، وإيفادات، وصفقات، وسفرات، ووساطات، وتلميع إعلامي، (ودهن سير) متواصل..
لذا – وبناء على هذا الحال – فإن تسمية الأسدي بـ (الوكيل الأقدم) فيه ظلم فاحش، وهضم حقوق، وسرقة لجهود هذا الرجل، وفيه تجاوز على مبدأ العدل الشائع: (اعطِ كل ذي حق حقه).. فأين هذا الحق الذي أعطي لصاحب الحق عدنان الأسدي؟
أنا لا أعرف لماذا يحشرون الرجل في زاوية الوكيل الأقدم، وهو الذي يمارس دور الوزير بثقة كبيرة، ومهنية عالية، وإقتدار ناصع، ولماذا يقدِّمون على إسمه حرف (الواو)، وهو الذي لا يستحق أن نظلمه بهذا (الواو) قط!!
ولعل الظلم الأكبر الذي وقع ويقع على هذا الرجل، أننا نحمِّله وزر كل سيارة تُفخَّخ، وحزام ينسِف، وعبوة تنفجر، فنعامله معاملة الوزير المسؤول.. متناسين الوزراء والمسؤولين الآخرين في الجيش والشرطة والأمن الوطني.. كما نحمِّله مسؤولية كل عصابة تسرق في بغداد، وكل عملية سطو في البصرة، وكل شرطي يخرق القانون في الحلة، وكل ضابط يرتشي في عگرگوف، كما نحمله مسؤولية كل كاتم صوت (يشتغل) على طريق ( اسعيده – معسكر)!! بينما نعامله معاملة (الوكيل) وليس الوزير، عندما يتحقق النصر، ويتم توزيع الغنائم والبركات (والمديح العالي)، وعندما يأتي دوره الرسمي في نيل الاستحقاق، بدءاً من استحقاق الراتب والمخصصات والامتيازات، وانتهاء (بمنحة) حرف الواو التي تتقدم إسمه..
بربكم أليس في هذا ظلم فادح!.. ألا يتطلب منا أن نرفس المحاصصة الخبيثة ونمنح الرجل كامل هويته الوزارية – وهو جديرٌ بها – بل هو يمارسها فعلا وعلناً! فلماذا ندفن رؤوسنا تحت رمال المحاصصة، وننكر حقوق الباذلين الوطنيين الشرفاء؟.. وأول هذه الحقوق تسمية الأشياء بأسمائها.. وإعطاء الإستحقاقات لأصحابها الحقيقيين، لقد ظلمنا كثيراً في عقود الظلام الماضية ولا نريد ظلماً ثانياً وثالثاً يقع علينا وعلى قياداتنا.
كنا نكدح وننتج، فتسجل المنتوجات بأسماء غيرنا، وكنا نكتب ونبدع فتذيل بأسماء الآخرين وليس بأسمائنا، وقد آن الأوان لنقف اليوم في مكاننا الحقيقي، ونحصد سنابل الحقول التي زرعتها أيادينا الشريفة.. فردوا الأمانات – كل الأمانات – الى أهلها، فهي ذمم في أعناقنا.. وأجزم أن جميع العراقيين يعلمون اليوم أن عدنان الأسدي يتصدر بشرف مسؤولية وزارة الداخلية من الموقع الأول..
نحن لا نريد للرجال الذين يخدمون العراق بكامل قيافتهم الوطنية، أن ينالهم الحيف كما نالهم ونالنا من قبل.. ولنا في قصة العراقية الجنوبية (شمهودة) خير دليل.. وأظن أن ملايين العراقيين سمعوا بقصة ظلم شمهودة..
وعودة للرسالتين اللتين أشرت لهما في أول المقال واللتين وصلتا لجريدتنا من وزارة الداخلية أمس، إذ تضمنت الرسالة الأولى تبيلغاً رسمياً يشير الى إهتمام معالي (الوزير) ولا أقول الوكيل عدنان الاسدي بقضية المواطنة (فاتن) التي حبست قبل فترة في مركز شرطة العلوية دون وجه حق.. والتي نشرتها جريدة الحقيقة في صفحتها الأولى.. بينما تضمنت الرسالة الثانية كتاب شكر وتقدير وجهه معاليه لجريدتنا، لدفاعها عن حقوق الشعب العراقي.. وأمنه.. ومستقبله.. فشكرا لمعالي (الوزير) عدنان الأسدي غصباً على خشم اليرضه والمايرضه.