الإفتتاحية

الإرهاب والحقد الأردني

فالح حسون الدراجي

منذ فترة ليست بالقصيرة وقلمي مبتعد عن الأردن حكومة وشعباً وملكاً لأسباب عديدة، أولها خشية اتهامي من قبل المتابعين بالكره الشخصي للأردن، وثانيها انشغالي بموضوع الدم العراقي الذي هو عندي أهم وأغلى من الأردن. بل وحتى من نبي لوط.. وآخرها رغبتي في أن لا أتهم من قبل بعض المتأردنين، بالعمالة والتجسس لصالح المالكي والصومال وساحل العاج، ما يجعلني أكتب عوضاً عن (المالكي والصومال وساحل العاج)!! لذلك تجاوزت موضوع المرور بالأردن، رغم أني واحد من أشد المدمنين على (عشق) الأردن حكومة وشعباً وملكاً وملكة..!!

وأظن أن الجميع بات اليوم يعرف أن الأردن يمقت العراق، وأن الأردنيين يغارون، ويحسدون العراقيين، بل ويحقدون عليهم أيضاً، ليس بسبب الخير الذي أنعم به الباري عز وجل على العراق، ومنعه على الأردن فحسب، ولا لأن العراق بلد مكتنز بالحضارة والتاريخ والجمال والكفاءات والمواهب الشعرية والفنية والإبداعية، بينما الأردن (چول) وصحراء قاحلة، تأريخاً وجغرافية ووطنية، إنما لأن الأردنيين يرون في العراق شبح عدوهم اللدود الذي هدم وحطم حلمهم في نهب الخيرات والنعم العراقية تحت ظل مايسمى بالمملكة الهاشمية المتحدة الساقطة في الرابع عشر من تموز عام 1958.. ومنذ تلك الثورة المباركة والأردنيون يزدادون كرهاً للعراق كل يوم، لكن بؤسهم المعيشي وضعفهم العسكري وجبنهم المعروف، دفعهم للصمت والعمل ضد العراق بسرية تامة.. ولم يظهر هذا الحقد للعلن إلاَّ في حالات قليلة، مثل رفع شعار (الهلال الشيعي) سيئ الصيت، الذي رفعه الملك عبد الله الثاني للتحريض ضد العراق، ناهيك عن فورات الحقد التي تتضح بجلاء في نقاط الحدود بين العراق والاردن والتي تفضح احقاد الاردنيين وهم يتعرضون للاغلبية العراقية الشيعية باسئلة خبيثة واستفزازات سخيفة تصل حد الاهانة احياناً، ولا يواجه العراقي مثل هذه الاستفزازات الطائفية الا في نقاط الحدود الاردنية.. وإزاء هذا الحقد الاردني البغيض فاني لم أعد أتحمل الصمت فاسمحوا لي ان اكتب بهذه اللغة التي تليق بالاردنيين وحكومتهم ناكرة الجميل وملكهم (القزم)، رغم أن الأردن يعيش على (فضلات صينية) العراق، ومن أموال العراق، ونفط العراق!!

لقد تعرض العراق الى عمليات إرهابية دموية هائلة دفعت جميع الشعوب والحكومات الأجنبية والعربية لاستنكارها، وإعلان التأييد للعراق حكومة وشعباً، إلا دولة الأقزام، فهي الوحيدة –طبعاً إضافة الى قطر موزة، ومملكة نايف عبد العزيز السعودية– لم تستنكر، أو تعلن موقفاً مؤيداً للعراق ضد الإرهاب.. لكننا فوجئنا أمس بالملك عبد الله الثاني يعزي الرئيس مسعود بارزاني على ما وقع في أربيل من عمل إرهابي أدى الى استشهاد ستة أشخاص من الأخوة الكرد.. ونحن إذ نحيي هذا الموقف الأردني الملكي، ونشكره عليه، فإننا نتساءل هنا: إذا كان ستة شهداء عراقيين كرد قد (كسروا) قلب الملك الأردني -وهذا أمر حسن- لماذا لم يكسر هذا القلب الحنون أكثر من مليون شهيد عراقي (بس مو كردي) سقطوا ضحايا نفس الإرهاب.. فلم يرسل تعزية، أو استنكاراً، أو مواساة.. حتى وجدت نفسي أمام هذا السؤال: جلالة الملك شنو الدم الكردي العراقي أحمر، والدم العراقي (المو كردي) ليموني، لو برتقالي؟!

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان