فالح حسون الدراجي
حميد مراد (كلداني مسيحي) لكني أتحدى كل من يستطيع معرفة (مسيحية) حميد مراد قبل أن يكمل معه خمس سنوات من العلاقة الحميمة!! وهذا لا يعني أن الرجل يتنكر لديانته.. إنما لأنه عراقي من رأسه حتى أخمص قدميه، فهو لا ينطق بغير اللسان (العراقي).. ولا يحمل في قلبه غير هوية الحب العراقية، ولا يمارس في حياته الخاصة غير الطقوس العراقية.. فهو ينتمي لكل الاديان التي ينتمي لها العراقيون.. ويتحدث بكل اللغات التي يتحدث بها العراقيون.. يتحدث الكلدانية والاشورية والعربية والكثير من الكردية ـ ولست متأكداً بعد إن كان يتحدث التركمانية ايضاً أم لا-
حميد مراد نموذج خاص في خارطة العشق العراقي.. وليس غريباً أن يسميه العراقيون في سوريا حين كان معارضاً لنظام صدام، بـ (سيد حميد).. فقد جاءت هذه التسمية بسبب أخلاقه العالية، وأدبه الجم، والتزامه بالقيم والفضائل.. وعندما انتقل مضطراً الى الولايات المتحدة قبل اكثر من خمسة عشرعاماً، تعجَب الناس من رؤيته ـوهو المسيحي- بالقميص الاسود طيلة ايام محرم.. وحين يسأله الناس عن اللون الأسود، يقول لهم: ارتديه حداداً على مأساة أبي عبد الله الحسين.. والملفت أن حميد يبقى مرتدياً (الأسود) حتى وهو يؤدي طقوس الصلاة في الكنيسة كل يوم أحد.. ولعل الأمر الاهم أن الكثير من العراقيين في ديترويت كانوا ومازالوا يظنون أن حميد مراد (كردي). وذلك بسبب محبته الواسعة للكرد، ودفاعه المستميت عنهم، وعن حقوقهم قبل ان ينالوا حريتهم في كردستان العراق، وبعدها ايضاً..
لقد إنتمى حميد مراد للجمعية العراقية لحقوق الانسان في سوريا منذ أن غادر العراق بعد الانتفاضة الشعبية المباركة عام 1991، فكان عنصراً فاعلاً ونشيطاً فيها. ثم أسس الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة قبل خمسة عشر عاماً، حيث كان لي شرف الإنتماء لها قبل ثلاثة عشرعاماً، فكان حميد مراد المؤسس، والراعي، والممول، رغم ظروفه المالية الصعبة.. وللحق فقد كان الرجل يعمل في شركة فورد لصناعة السيارات الامريكية لساعات إضافية من أجل أن يسَد تكاليف الجمعية.. وظل حميد مراد مواظباً على نشاطه في فضح النظام البوليسي الصدامي.. فتراه في جميع الفعاليات والمناسبات الوطنية والقومية، وحتى الشخصية، لأبناء الجالية العراقية في الولايات الامريكية.. ولم يتوقف عن إستغلال هذه المناسبات -بما فيها مناسبات الأعراس والميلاد والتأبين- للدفاع عن مظلومية الشعب العراقي.. وهنا أود أن أذكر بأن هناك عدداً من العراقيين المناضلين الاحرار الذين وقفوا معه، وساندوه، وما زال بعضهم يعمل معه حتى هذه اللحظة، ما جعل من اسم الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة ماركة مسجلة ضد القمع والإضطهاد والحروب والتمييز العرقي والطائفي والقومي ،وبات اسم حميد مراد واسم جمعية حقوق الانسان متلازمين ومتلاصقين لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر بتاتاً. وللأمانة التأريخية فإني أذكر هنا أسماء المنظمات والقوى السياسية والديمقراطية التي كان لها حضور واسع في مقارعة سلطة البعث ورموزها، وعملائها في امريكا.. فكانت هذه المنظمات والقوى الوطنية الشريفة تشكل مع الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة جبهة قوية وشجاعة لمواجهة سلطة وأموال السفارة العراقية في واشنطن. ومن هذه المنظمات والقوى: الاتحاد الديمقراطي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب الدعوة الاسلامية، والمجلس الاعلى الاسلامي وغيرها. واليوم إذ يقيم حميد حفلاً بمناسبة تأسيس جمعيته في مدينة اربيل، وليس في أمريكا. ويبادر مستغلاً هذه المناسبة لانشاء ورشة عمل تضم مختلف الفعاليات الإعلامية والحقوقية.. وبما إني أحد أعضاء هذه الجمعية الباسلة منذ ثلاثة عشر عاماً أو أكثر، فإني أشعر بالفخر والسرور لعضويتي فيها أولاً، ولصداقتي وزمالتي لهذا المناضل الشجاع، لاسيما في تلك السنوات التي وقفنا فيها سوية ضد الدكتاتورية وعملائها هناك، فأقول لأخي حميد مراد، ولجميع أعضاء وكادر الجمعية: مرحباً بكم في (هه ولير) كردستان، وأهلاً وسهلاً بكم في اربيل المحبة.. اربيل العراق الكبير..