الإفتتاحية

الحسين.. وهذا العشق الفريد!!

فالح حسون الدراجي

العلاقة بين الناس، والامام الحسين عليه السلام هي علاقة فريدة.. واستثنائية.. ولا أقول علاقة عجيبة وغريبة كي لا يفهم التوصيفان الأخيران بشكل مختلف عن ما أبغي اليه، ويقيناً أن الاجابة على سؤال يبحث عن سر هذه العلاقة أمرٌ صعبٌ جداً.. بل ومستحيل.. ولعل استحالته تكمن في توسع دوائر العاشقين.. واتساع رقعة المحبين.. واختلاف ألوانهم ومذاهبهم ومناطقهم، وأشكالهم، وأعراقهم.. اذ لو كان حب الناس للحسين يعود لأسباب دينية ومذهبية، وهذا أقوى وأهم الأسباب كما أعتقد، لوجدنا إجابة أخرى تدحض هذا التبرير.. فالشيعة مثلاً ـوهم المقصودون بهذه النقطةـ يعشقون الحسين بلا شك.. ولكن لماذا نجد أن أكثر من نصف محبي الحسين هم من أبناء السنة، والمسيحيين، والصابئة، بل وحتى من البوذيين، وغيرهم.. كما أعرف الكثير من الاشخاص (اللا دينيين) أي الذين يؤمنون بالله الخالق لهذا الكون، لكنهم لا يؤمنون بأي دين، فيزورون مرقد الامام الحسين باستمرار، ويتخذون من اسمه راية يدافعون بها عن الحرية، والعدالة الانسانية.. وطبعاً فإن كل هؤلاء ليسوا شيعة.. بل وليسوا مسلمين كذلك!!

أما لماذا كان الجواب بأن أغلب محبي الحسين هم باعتبار أن الحسين (عراقي الهوى).. وكوفي القلب (وراثياً) فإن وجوه ملايين الزوار لمرقده الطاهر سنوياً يردَ هذا الجواب ويصفعه بقوة.. صحيح أن الحسين معشوق العراقيين، وصحيح أن أبا عبدالله محل رجاء كل العراقيين، فهو رايتهم الجهادية الحرة، ولكن ماذا يقول أصحاب هذا الرأي عن ملايين الايرانيين والباكستانيين والهنود، والعرب، والافغان، والبلوش، والاتراك، والبهرة، وشعوب الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي طيب الذكر، وهم يرتدون السواد في ذكرى مصيبة سيد الشهداء، ويلطمون على الصدور والرؤوس حزناً على فجيعته؟

أما اذا قال البعض بأن محبة الناس للحسين تعود لحبهم للرسول، فهذا حفيد النبي الكريم ومحبته واجبة.. فإني أقول لأهل هذا الرأي نعم وصحيح، ولكن هل ينعم أهل بيت الرسول جميعاً بهذا الحب الفريد ـوكلهم من نفس دم النبي محمد صلى الله عليه وسلمـ ؟!

أعتقد ان الجواب لا يكمن في هذا السبب ولا في ذاك، إنما هناك سبب اكبر من كل هذه الأسباب.. وأجزم أن محبة الحسين شيء فوق الشرح والتعليل والمنطق والمعقول واللا معقول.. بل وأكبر من كل الاجابات، وسأضرب لكم مثلاً شخصياً وقيسوا عليه.. أمس الاول ـالجمعةـ كنت مع زوجتي في زيارة لكربلاء وعند مرقد الحسين عليه السلام لم أستطع مسك شباكه غير مرة واحدة، بعد أن استخدمت كل ما تبقى لي من قوة.. أما زوجتي فقد خرجت باكية لأنها لم تستطع تقبيل، أو مسك شباك مرقد الامام الحسين.. علماً بأن زيارتنا لم تكن في يوم مناسبة دينية معينة.. كما إننا إخترنا الزيارة في وقت المغرب حيث يعتبر هذا الوقت (ميتاً) لدى العارفين بهذه الامور، ورغم كل ذلك فقد كانت أعداد الزوار تقدر لحظة زيارتنا بعشرات الألوف من الناس.. وخلاصة القول أعرضها بشكل سؤال على كل الشعراء والكتاب والعلماء والمفكرين والفلاسفة والعباقرة والعقلاء والمجانين، أطلب فيه شرحاً موجزاً لأسباب هذا الحب الفريد.. لقد توصلت الى قناعة بأن حب الحسين اليوم بات يفوق كل حب في الكون، والتاريخ.. والأديان.. فما هو السبب؟!

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان