فالح حسون الدراجي
وأنا في اربيل الآن ،حيث اشارك في الورشة التي تقيمها الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات الأمريكية،لرعاية وتنمية قدرات الاعلاميين العراقيين المقامة في مدينة عنكاوا، والتي شرفتني فيها ادارة الجمعية بألقاء محاضرة كان مقرراً لها ان تستغرق ساعتين، الا انها امتدت لأربع ساعات متواصلة، بعد ان وجدت لدى الاعلاميين والاعلاميات الشباب الرغبة في مواصلة المحاضرة مهما كان وقتها.
وبعد يومين من التواجد في اربيل، حيث الجمال المضيء في الوجوه والعيون والشوارع والبنايات والبيوت، والطمأنينة التي تشع في كل مفاصل الحياة، وبعد تجوال امتد ساعات في الاسواق والمكتبات والفنادق الكردية، فوجئت بأن الصحف العربية مفقودة تماما في المكتبات الكردية، اذ لم نعثر الا على جريدتين عراقيتين تصدران من بغداد، احداهما مملوكة لرجل كردي والثانية يقيم صاحبها في كردستان. علما بأني لست ضد توزيع هاتين الجريدتين في الاقليم، انما ضد عدم توزيع الصحف الاخرى التي تصدر في بغداد.
ربما يقول البعض بأن غالبية سكان الاقليم هم من الاخوة الكرد، وقد لا يستطيعون قراءة الصحف العربية، فأقول: كيف يقرأون هاتين الجريدتين وهما تصدران بالعربية ..ولا يقرأون غيرها؟! ، هذه نقطة والنقطة الثانية التي يجب ان يتنبه لها الاخوة في الاقليم، هي ضرورة اصدار صحف عربية، موجهة وممولة او مدعومة من قبل حكومة الاقليم توزع في بغداد وجميع محافظات العراق، وذلك من اجل نشر ثقافة الاخوة والتواصل الوطني بين جميع مكونات الشعب العراقي، خصوصاً بين الكرد والعرب، وايضاح الصورة الحقيقية غير المشوهة بين الشعبين الاخوين.
إلا أنني للأسف الشديد وبعد أن شاهدت الصورة واضحة وجلية في اربيل وجدت ثمة سوء فهم حاصل لدى الكثير من العراقيين في بغداد ومحافظات العراق، بخاصة وان هناك نفساً حاقداً يبثه بعض المتضررين من العلاقة بين الكرد والعرب، وكلاماً مسموماً تطرحه بعض الاصوات (القومجية) وأيتام صدام، وعملاء قطر والسعودية وتركيا واسرائيل وغيرهم. لذلك بات من الضروري ان تتوفر الصحف العربية الوطنية ذات النهج والوعي المنحاز للوطن في عموم الاقليم، وكذلك توفر الصحف العربية التي تعرف وتقدّر قيمة العلاقة التأريخية بين الشعبين الكردي والعربي في عموم الشارع العربي والمحافظات العراقية ايضاً.
وهنا أتوجه بهذا النداء الى السيد نيجرفان بارزاني رئيس حكومة الاقليم ، لتفعيل هذا المطلب الوطني الذي نسعى من خلاله الى سد الابواب والنوافذ بوجه الاصوات الحاقدة والنوايا المغرضة التي تسعى الى شق الوحدة الوطنية، وتشويه صورة الكرد الجميلة، ونسكت الافواه التي تريد النيل من اخوّة الكرد والعرب، اذ لا يمكن بعدها لأحد ان يفكر بأطلاق اكذوبة اخرى او بث شائعة جديدة ضد العلاقة الاخوية بين الشعبين، لاسيما وانه يعرف بأن ثمة صحفا عربية وكردية سترصده مجتمعه وترد عليه بجميع صفحاتها.
انني حين اتوجه الى السيد نيجرفان، فلأنني أعرف عقله الواسع وأفقه الشاسع ووطنيته العالية، فهذا الشاب الذي كسر حاجز الجفاء، وبادر بنفسه لزيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد، ولم يكن جواب المالكي بأقل مما يستحقه بارزاني، فحضر بنفسه الى اربيل لرد الزيارة. وهكذا ـ وبفضل هذا الشاب الشجاع ـ عادت العلاقة (الرسمية) بين المركز والاقليم الى وضعها الطبيعي.
ختاماً اتمنى على حكومة الاقليم وخصوصاً (الرجل المبادر) نيجرفان بارزاني القيام بمبادرة اخرى ، تتلخص بدعم الصحف الوطنية العربية المستقلة المحبة للكرد والمساندة لحقوقهم القومية، والمدافعة عن وحدة العراق، لتقوم بواجباتها الوطنية والمهنية دون ان تضطر لطلب المساعدة من هذا الطرف او ذاك، خصوصاً (اجلاف العرب) الذين لا يعطون ريالاً واحداً دون شروط وطلبات اولها التبعية وآخرها الوقوف ضد المصالح القومية للشعب الكردي، ولا تريد هذه الصحف المستقلة من حكومة الاقليم سوى الدعم المادي المتمثل بنشر اعلانات الاقليم الحكومية وكذلك الشركات والمصانع التابعة للاقليم على صفحاتها، لتكون سنداً قوياً للعراق الديمقراطي بشكل عام، وللتجربة الحضارية في اقليم كردستان بشكل خاص.
فهل سيقوم (ابو المبادرات) بمبادرة اخرى ليجمع صحف الأخوة الأحبة من الكرد والعرب والتركمان والكلدان والاشوريين والسريان في مكتبة واحدة.