المرأة والمجتمع

خيانة زوجية عبر الهاتف

المحامية علياء عبود الحسني

 

لا تعرف الروابط الاجتماعية اقدس من الرابطة الزوجية وهي مسؤولية تقع على عاتق كلا الزوجين وما يتفرع عن ذلك من حقوق وواجبات متقابلة ضمن شروط العقد في تسلسله القانوني والتشريعي ،إلا أن هذا العقد وهو الزواج يبتني لنفسه منظومة مسبقة قبل الدخول إلى إبرام العقد ألا وهي الأثرة النفسية المتعلقة بالانسجام مع الآخر والاكتمال به ،بحيث تكون الخصوصيات الجسدية والنفسية ملكاً مشتركاً للطرفين ،والتفريط بهذه الخصوصيات وأهمها الجسدية هو هدّ لركن المنظومة المعرفية المعنوية قبل المنظومة العقدية وانهيار للأمانة المودعة في جسد الشريك تجاه الشريك الآخر التي تبلورت التزاما عقدياً واياً تكن النظرة إلى طبيعة العقد في مجال التكييف القانوني للرابطة الزوجية .

وبالرغم من كثرة المبررات التي تقف خلف الخيانات الزوجية المتفشية في مجتمعنا الا ان هذا لايبرر اطلاقا اقدام احد الزوجين على خيانه هذه الرابطة المقدسة ولو عبر الهاتف، وحتى لو كانت تلك الخيانة من الزوج الذي لاتجرم سلوكيته هذه لان المشرع قيدهها بمنزل الزوجية لكي تدرج ضمن الخيانة الزوجية المهم في الموضوع هو الاشارة بشيء من الدقة للخيانة الزوجية عبر الهاتف ولانتشار هذه التكنولوجيا من الفضائل التي لاتحصى فعلى الجانب الاخر من فضائله يكمن الجانب المخزي من استعمال هذه التكنولوجيا كاداه لتدمير الرباط الاسري، فاغلب الزوجات اللاتي يشتكين من الفراغ الكبير الذي يتركه غياب ازواجهم بسبب العمل وكثرة انشغال الزوج على حساب الاهتمام بها، تجعل من كل ذلك مبررا لما تقوم به من عمل شنيع نهت عنه كل الديانات السماوية والقوانين الوضعية ولو ان الاغلبية يهونون امر الخيانة عبر الهاتف كونها لاتشتمل على لقاءات مباشرة ولاتؤدي بالتالي الى تواصل تام وكلي مع العشيق، الا انها برأيي مقدمة لخيانة كبيرة تكسر كل حواجز القيم الاسرية وكل مايمكن ان يصان في المرأة. قرأت يوما ما مقالا للدكتور قاسم حسين صالح كان يتحدث فيه عن الكبت وعن علاقته بالرسائل التي نرسلها عبر الجوال كان يشير الى ان كل شخص ممكن ان تكون رسائله تعبر عن الجانب المخفي والصريح والصادق من شخصيته، كنت اود ان اقول ان الرسول عليه افضل الصلاة والسلام قال في حديث له “إن الله كتب على ابن ادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس والرجل تزني وزناها الخطى واللسان يزني وزناه المنطق والفم يزني وزناه القبل والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه”، فليس اكثر وضوحا من نص حديث رسولنا الكريم هذا ، اتصور ان المشترك الاهم في الخيانة عبر الهاتف وهو العشيق الذي يقيم علاقة غرامية قد تصاحبها لقاءات لاحقا ماذا سيجني من ان يرتبط بعلاقة غرامية مع سيدة متزوجة ، وهل سيبقى هذا العاشق على موقفه وثباته بعد ان تتكشف علاقته ام انه سيتملص منها وسيكيل الاتهامات لحبيبة الامس؟! ، لقد نظر المشرع العراقي نظرة علمية لهذه الظاهرة التي تتكتم عليها المحاكم لكثرة الحالات بشكل هائل ممن يشكون من خيانة زوجاتهم عبر الهاتف، وحسنا فعل المشرع الذي ترك مسالة تقييم جسامة الخيانة للقاضي ، فلدى حصول الخرق الوفائي المسمى بالخيانة الزوجية فان القانون الجنائي وأمام تحريك الدعوى من الزوج وهو ما اشترطه القانون في المادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي في باب الشكاوى التي تتعلق بحقوق شخصية يتوقف إقامتها على تحريك الشكوى من المتضرر.

يلجأ احد الازواج شاكيا من خيانة زوجته الا ان شكوى الزوج تخضع لشروط نص عليها قانون العقوبات العراقي في المادة :3781.لا يجوز تحريك دعوى الزنا ضد أي من الزوجين او اتخاذ أي اجراء فيها الا بناء على شكوى الزوج الآخر. ولا تقبل الشكوى في الاحوال الاتية: أ – اذا قدمت الشكوى بعد انقضاء ثلاثة اشهر على اليوم الذي اتصل فيه علم الشاكي بالجريمة. ب – اذا رضي الشاكي باستئناف الحياة الزوجية بالرغم من اتصال علمه بالجريمة. ج – اذا ثبت ان الزنا تم برضى الشاكي. 2.يقصد بالزوج في حكم هذه المادة من تتوافر فيه هذه الصفة وقت وقوع الجريمة ولو زالت عنه بعد ذلك. ويبقى حق الزوج في تحريك دعوى الزنا الذي ترتكبه زوجته الى انتهاء اربعة اشهر بعد طلاقها.

وبعد طلب منه تتقدم المحكمة بطلب تخاطب فيه شركات الاتصالات الهاتفية بتزويد المحكمة ببيانات شريحة الهاتف للمتهمة بالخيانة عبر الهاتف ويرفق بالطلب تزويد المحكمة بجميع المكالمات الصوتية التي دارت بين الزوجة وعشيقها وبعد ان يتم جلب جميع الاتصالات على شكل تسجيلات صوتية بواسطة اقراص ليزرية تنتخب المحكمة خبيرا صوتيا لكتابة المحضر الخاص بالمكالمات الهاتفية و الخبير هنا لا يترك شاردة او وارادة الا ويذكرها، فاذا تبين للمحكمة ان الزوجة قد تكلمت عبر الهاتف بكلمات كالتي تدور بين زوجين او تلفظت بعبارات توحي بممارسة جنسية عبر الهاتف او اتفاق على شكل معين يحمل اثار الخيانة، تكيف الواقعة على انها زنا زوجية ومن الاثار التي تترتب على زنا الزوجية في قانون العقوبات العراقي التي وردت في نص المادة :377

1.تعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية ما لم يثبت من جانبه انه لم يكن في مقدوره بحال العلم بها.

2.ويعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج اذا زنا في منزل الزوجية .

اما من جانب قانون الاحوال الشخصية، فالاثر الذي يترتب على فعل الخيانة الزوجية بعد ثبوتها هو نص المادة الاربعون من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 في الفقرة(2) على اعتبار الخيانة الزوجية سببا من اسباب التفريق القضائي، اذا ارتكب الزوج الاخر الخيانة الزوجية. ومن اثاره ايضا اذا ثبتت الخيانة فستسقط  حضانة الاطفال عنها لانها خانت الامانة الأهم. 

قد يهمك أيضاً