اراء وأفكار

ذكريات مع الشيوعي المخضرم فاروق مصطفى رسول

عاصف حميد رجب

 

اولا . كيف بدأت الصداقة ؟

كي استرجع ذكريات من عقر دارها القديم وفي الزمن الذي هو الان رمادي كما هي رمادية السنين ، لا احتاج الى شرح الماضي  كأنه مأساة ،بل العكس اشرح الماضي كذكريات تطعم نمط حياتي ورفاقي ومنهم الاعز الرفيق فاروق مصطفى رسول ، كانت كلماته وصوته تشيران الى ما يخفي قلبه من شجاعة وجرأة معهودة منه وجرأته الادبية هي من صفاته وطبعه، كلما اتذكره ينتابني ما انا فيه من رفقة طيبة، وكلما اتذكره كانسان اجده يحسن توظيف علاقاته مع الناس باخلاص وخاصة رفاقه ، له مواقف ودية مبدئية معي ومع الرفاق من حوله.

فيه من السمو الاخلاقي والجرأة والصلابة ما يترك عنه انطباعا كونه يعشق عقيدته ومبدأه، كما انه يحب النكتة ويتلاطف مع جميع الرفاق وكأنهم اخوة له، ويعتصر حبه لهم ما دام كان هناك من ذكرى.

عندما اقلب ذكرياتي مع هذه الرفيق، اجده جلدا صلبا فكرا ومبدأ وصلابته كصلابة صخور كردستان ، فهو يعشق كردستان وله منها احلى وادق صورة عن تفاصيل وداده لارضه كردستان ، صورة يتغلب فيها وبها، عاش حياته محبا لمسقط رأسه والجبل الشامخ عنده لا يسري ولا يغير مكانه، بل هو قائم عنده وراسخ ازلي .

هنا تأتي حركة كردية ناشطة لها وزنها السياسي انذاك، والان ايضا ، فيبرز جندي مجهول الى السمو ،ولكنه بنيان متراص في الحركة الشيوعية العراقية ، مرت اوقات صعبة بل مستحيلة على نشاط الحركة، أي كانت حقيقة الحركة الشيوعية مع الحركة الكردية ، الرفاق الاكراد هم زهو وخيرة شباب الكرد واكثرهم شجاعة وتضحية .

اجد دائما فاروق ، الرجل الثاني بعد ابراهيم علاوي، فهو تاريخ لا ينسى، لان فاروق ربط بين الجهدين وبواجهة حزبية يسارية واحدة كان ذلك في نهاية الستينيات ومنتصف السبعينيات . فاروق كان يوفق بين الجبل والسهل عن دراية واصرار ومنطق وكم كبير من الحماس للكفاح المسلح في العراق والذي كان شعارا مطروحا يرافق سنين عديدة من التعب والتضحية. 

الارض جبل وسهل، وهنا فاروق جبل شامخ يعطي العطاء ويذر الحصاد والصخور بوجه اعداء الشعب العراقي والشعب الكردي بصورة خاصة .

كنت معه في اماكن اللقاء، حيث قرية ( ناوجليكان ) وكان ذلك سنة 1968 هنا بدأ بيننا تعارف اولي وعفوي وبروح رفاقية وكلام له صفة الندى ، كان تعارفنا لنفس القضية ، هو الرجل الكردي الثائر وانا من الرجال العرب الثائرين ، انه شمل غير مقطوع ولم أسرة من الجبال العاصية حيث يمكن القتال بقوة وحزم، يقيدنا الجبل بوضوح طريقتنا المنسجمة معه ، جبال عاصية على الاعداء صديقة للرفاق كنا من يسار الشعب العراقي ككل ويسار الحركة الكردية بصورة خاصة ، رجل تملؤه الشفقة على رفاقه وهو مسؤول فرع كردستان للشيوعيين. واذكر للتاريخ ان الرفيق فاروق هو الرأس الشرعي للشيوعيين في تلك الفترة . ان الشرعية له لان ابراهيم علاوي كان سكرتيرا ، فاذا تواجد في كردستان، كان الرجل الاول ، اصلا هو من يدير الامور في اغلب نشاطات الحزب، وكان فرع كردستان هو الهاجس الفاعل لكل نشاطات الحركة الشيوعية انذاك، وبضمنها القتال مع جبهة الحزب الديمقراطي الكردستاني ، كنا غير مقيدين بحواجز بيننا وبينهم ، حاربنا مع البات وهذا شرف لنا وشرف كبير لكل الرفاق العرب منهم والاكراد.

اني ارغب ان اتحدث عن فترة ما قبل 1974 واتفاقية الجزائر المشؤومة ، كنا من اكثر الناشطين العراقيين وتلك المرحلة كانت مؤثرة وشبابية، وكانت معتركا صاخبا لنا، بذلنا فيها كل الجهود ، جهود الحركة الشيوعية وربطنا مصيرنا انذاك بمصير الحركة الكردية ، كنا حليفين نحن والحزب الديمقراطي الكردستاني وكانت حلقة الوصل بيننا وبين البارتي هو الرفيق فاروق مصطفى رسول، جهود مرحبة تبعث على الامل والفخر بالنفس وبالقضية العادلة وبمعاني رفع السلاح من اجل القضية ، هذا هو العراق .

كل الجهود انذاك كانت ملامح دعم فرع كردستان لها واضحة ، من نقل السلاح الى جنوب العراق المعارضين لحزب البعث وصدام ، كانت كردستان ملجا لنا وتحركنا كثيرا بما يسمح له وضعنا مع حليفنا الحزب الديمقراطي الكردستاني. 

الحقيقة ان الشرعية هي للرفيق فاروق كونه الرجل الثاني ، هكذا سارت معطيات الكونغرس الثالث انذاك سنة 1973 في قاعدتنا ( كاني سيدار )كان فرع كردستان تقريبا هو الحزب كله، خسرنا كثيرا من الرفاق في القمع الصدامي ولكن تجاوزنا الازمات، وكان الفرع يأخذ على عاتقه مايحدث ضد النظام ، بما في ذلك توريد السلاح وايصاله بصورة سرية الى جنوب العراق، كما كان للرفيق فاروق دور في توضيح موقفنا العالمي والاممي مع الحزب الشيوعي الالباني .

وفي قاعدة ( جوزان ) سنة 1972 عقد الكونغرس فرع كردستان وكان عدد الكواد ر الكردية يبعث على الدهشة والافتخار ، كونهم في عمر له قابلية وخبرة في العمل السياسي ، ترأس الكونغرس الرفيق فاروق والرفيق علي البرزنجي. 

احس البرزنجي ان استمرار الحركة الشيوعية اليسارية وقتها ودفعها الى الامام وعلى نفس النهج كان على عاتق الرفيق فاروق حيث هو الانشط والاكثر ثقافة والانظف تاريخا ومسيرة حزبية ، كانت الثقة بالنفس تفور فينا ، حيث كان فاروق الاول انجازا لمهامه بصورة كافية وعالية كما كان الظهير لوضعنا في بغداد او جنوب العراق ، حيث القمع الوحشي على يد البعث الاجرامي .

في شتاء 1973 جرت محاولة لاغتيال ابراهيم علاوي والرفيق فاروق ، حيث وضعت عبوتان ناسفتان خلف جدار الغرفة التي ينام ابو ليلى وفاروق فيها ، احدى العبوات كانت رمانة يدوية والعبوة الاخرى خلف راس الرفيق فاروق وذلك من خارج الغرفة 

انفجرت الرمانة اليدوية اما العبوة الكبيرة فلم تنفجر حيث كان هناك خطأ في الربط من قبل الفاعل المجهول ، ولو قدر لها الانفجار لكانت نهاية الرفيق فاروق واستشهاده ولكن كتبت لكليهما النجاة كان ذلك في سنة 1972 في قاعدتنا ( كاني سيندار )

قد يهمك أيضاً