الاخيرة

الفنان التشكيلي احمد الماجد .. الابداع بين فنَّي الكاريكاتير والبورتريه في الرسم

رحيم يوسف

كان تبني خيار اليسار ارثا جيليا وعائليا بالنسبة له ، وهو  الخيار الذي ادى الى تعرض الجيل الى الكثير من المضايقات والانتهاكات الجسدية والنفسية المعروفة في العراق وخصوصا في فترة البعث الصدامي ، وعلى الرغم مما تعرض له الجميع الا انهم بقوا صامدين في وجه تلك الهجمات المستمرة والتي ادت الى تعرض الكثير الى حملات الاغتيال والاعدامات،  والتي لم تثن صاحب الخيار الحقيقي منهم الى ترك متبنياته الفكرية ، وبإمكاني القول بان الفنان أحمد الماجد هو من عائلة ينطبق عليها ما تقدم قولا وفعلا بعد ان تعرض افرادها الى السجون والمعتقلات والمطاردات المستمرة ، وعلى الرغم من اضطراره الى الصمت بعد ارتباطه الوظيفي،  الا انه بقي محافظا على خياراته ومتبنياته الفكرية التي عاد اليها وهو يمارس حريته بعد زوال نظام القمع وانحسار شمس الدكتاتورية ، وقد مال الماجد الى الفن مبكرا ، شأنه شأن العديد من أفراد تلك العائلة الكريمة ، واقول ذلك عن معرفة شخصية تربطني بالعديد من أفراد العائلة ، وقد مارس الماجد الخط والرسم منذ اواخر سبعينيات القرن الماضي في مدينة الثورة بالذات ، غير انه تفرغ كليا بعد العام ٢٠٠٣ للفن والسياسية بعد عودة الحزب الشيوعي العراقي لممارسة نشاطه السياسي ، وعمل في اكثر من صحيفة محلية عبر نشر رسومه الكاريكاتورية وبكل شجاعة ، وهي التي تتناول الأوضاع التي تتعلق بحياة الناس والظواهر الشاذة التي تطرح في المجتمع العراقي .

منذ نشوء الفن الحديث ، كان ظهور فن الكاريكاتير وما يزال متعلقا بإبراز القبح الذي يستشري في المجتمعات ،  من خلال انتقاد الظواهر الشاذة التي تتعلق بالمحظورات ( الدين ، الجنس ، السياسة ) وعلى الرغم من التطورات الحياتية المتسارعة التي طرأت على الحياة منذ نشوئه وحتى يومنا هذا بقي محافظا على وجوده متبنيا ذات الأغراض ووفقا للأسباب الموهبة له ، وقد تعرضت اعداد لا حصر لها من الفنانين الى الكثير من المضايقات التي وصلت القتل بسبب خيارهم الشخصي للعمل فيه والنضال من خلاله فكانت اشارته الى مكامن القبح سعيا للتغيير نحو الافضل ، بينما نشأ فن البورتريه لأسباب جمالية صرفة ، وثمة خيط يربط بين فن الكاريكاتير ورسم البورتريه في الرسم باعتبارهما يهتمان برسم الوجوه بالدرجة الاساس ، ولدينا الكثير من الأسماء المهمة التي ابدعت في كلا الاتجاهين ، ولعل التخصص فيهما ليس من المهمات السهلة على الاطلاق لأسباب كثيرة ومعروفة ، غير ان الفنان المشتغل فيهما معا يحتاج إلى قدر كبير من قوة الملاحظة وفهم عميق للشخصيات المرسومة لأنها تبدأ انطلاقا من رسم الوجوه ، ولان الوجه هو بوابة الجسد كما يقال فان الفنان يبدا بالتجسيد انطلاقا من هذا القول ، وحينما يقوم رسام الكاريكاتير على التركيز على ملمح معين من وجه الشخصية المرسومة وتضخيمه الى درجة مبالغ فيها ، يعمد رسام البورتريه الى النفاذ الى روحية الجسد من خلال الوجه المرسوم من اجل تجسيد تلك الملامح على أكمل وجه لأغراض جمالية صرفة ، وهذا ما كان سائدا في رسم البورتريه قبل ظهور المدارس الحديثة في الرسم كما أشرت مسبقا  .

الماجد الذي لم يقترب من مدارس الحداثة وبقي مخلصا للمدرسة الواقعية ، أنجز الكثير من الاعمال الفنية ضمن نطاقها ، إضافة لإبداعه المتميز في فن البورتريه  ومشاركته  في العديد من المعارض الجماعية التي تقيمها الجهات الفنية في العراق ، وخصوصا المعارض التي تقام في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، الا ان ابداعه المتميز ينصب في رسوماته الكاريكاتورية / بحسب رأيي الشخصي / تلك الرسومات التي تناولت الكثير من الظواهر التي حدثت وتحدث في جميع مناحي الحياة العراقية بعد العام ٢٠٠٣ ، سواء اكانت سياسية أو اجتماعية … الخ ، وقد أقام فيما سبق معرضين شخصيين في فن الكاريكاتير حازا على الاستبيان والاهتمام إعلاميا وجماهيريا ، ومازال يمارس عمله في مشروعه الفني الجمالي.

قد يهمك أيضاً