ألاخيرة

رئيس هيئة النزاهة: نحن والقضاء العراقي في خندق واحد.. نتصدى معاً للفساد والفاسدين ..

حوار: رئيس التحرير

لا يختلف اثنان على أهمية واستثنائية العمل الذي تقوم به هيئة النزاهة، ولا على الجهد الذي يبذله رجالها الشجعان، سواء في عمليات التصدي للفساد ومكافحته وايقاف عجلاته، او في العمليات المعقدة لاسترداد الأموال والمدانين المقيمين في العراق او في الدول العربية والأجنبية ..

ولأن -الوحدة بآمرها – كما

يقال في البيئة العسكرية، والمواقع المشابهة، فإن هيئة النزاهة مثل غيرها من الهيئات والدوائر والمؤسسات الأخرى، تسير على إيقاع التوجهات التي يحددها رئيس الهيئة، ووفق الرؤية التي يضعها هذا الرئيس استناداً الى طبيعة القوانين والضوابط الموضوعة في دستور تأسيسها، والتوجهات الخاصة بعملها وسياستها التي أنشئت من أجلها..

 لذلك تجد أن هيئة النزاهة تتطبع في بعض الأوقات بطبائع رئيسها، وتتأثر أحياناً  بأدائه وسياسته الإدارية دون الإخلال بشروط الهيئة الدستورية، والتزاماتها القانونية والمهنية الوطنية. وقد لاحظت – شخصياً – مثل هذا التطبع عند تولي العديد من رؤساء الهيئة هذا المنصب.. إذ يمكن أن ترى بوضوح بصمات رؤساء الهيئة واضحة على أداء منتسبيها. وبما ان البشر مختلفون في الشكل والبصمات والنوع والتصرف، فإن أداء هيئة النزاهة تنوع واختلف أيضاً بين رئيس ورئيس.. وأنا لا  أقصد الاختلاف بجوهر العمل ومضامينه، إنما في

شكل وأسلوب وطريقة الأداء فقط ..

لذلك تجد منتسبي الهيئة في نسختها الحالية يتميزون بالدقة التامة، والهدوء في العمل، والتواضع، واحترام المواطن مهما كان وضعه القانوني، كما يتميزون احياناً بالسرية، إذ كثيراً ما تخفي ادارة الهيئة منجزها – رغم أهميته – عن الأضواء وعن شاشات الفخر والتباهي .. وجميع هذه المواصفات مستمدة من طبيعة رئيسها الدكتور محمد علي اللامي. فهذا الرجل المثقف جداً، والهادئ جداً، وصاحب النبرة الوديعة، ستحتاج الى أن تقترب كثيراً منه لكي تسمعه.. وحين جالسته، وحاورته أمس، شعرت بأني أحاور رجلاً أكاديمياً مكتنزاً بالقيم والأخلاق والانسانية، وملماً الماماً فائقاً بكل ما يمت لوظيفته القانونية والادارية، عارفاً بأهداف وطبيعة ومهمات موقعه الإداري والوطني والانساني.

لقد طلبت اللقاء بسيادته، ومحاورته، رغم أني لم أقم

بمثل هذه المهمة الصحفية منذ عدة سنوات.

ولم يتأخر الرجل عن الموافقة، رغم أنه معروف بقلة الظهور في وسائل الإعلام، لاسيما الصحفية ..

وبعد تبادل التحية والسلام قلت له: كيف تنظر الى لوحة الرؤساء السابقين لهيئة النزاهة ؟

قال: نظرة الإحترام الكبير، والتقدير العالي لهم جميعاً سواء من الناحية الشخصية أو من الناحية الإدارية، فقد بذلوا جميعاً جهوداً كبيرة لتحقيق الهدف الذي تأسست من اجله الهيئة، وقد تحقق الكثير من الأهداف على أيديهم..  وإذا ما أخفق أحدنا في قضية ما، فعزاؤه أنه عمل واجتهد، والحديث النبوي الشريف يقول: “إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد”..

قلت له: كيف تنظر الى تركة من سبقك بالمنصب؟

قاطعني قبل أن أكمل قائلاً: سأختصر الجواب بسطر واحد: لقد اجتمعت بمنتسبي الهيئة في اليوم الأول لتسلمي المنصب، وقلت لهم: سنبقي على كل عمل حيد تم انجازه في الفترة الماضية بل سنكمله ونبني فوقه.. وسنصحح كل عمل لم يكن جيداً وغير صحيح، إن مهمتنا البناء وليس الهدم، ولو كانت الدولة تسعى للهدم لما جاءت بي، إنما لأتت بمن يستطيع الهدم بكفاءة !!

قلت للدكتور محمد علي اللامي رئيس هيئة النزاهة:

وكيف تنظرون للقضاء، هل ثمة حساسية او منافسة بينكما ؟!

ابتسم وقال بتعجب: حساسية.. لماذا الحساسية ، ونحن مقاتلان في خندق واحد.. خندق المواجهة مع الفساد والحيتان الفاسدة.. ثم التفت لي وقال مستدركاً : ثق يا أستاذ فالح إن هيئة النزاهة لن تستطيع تحقيق أي إنجاز بدون دعم رئيس مجلس القضاء واسناد رئيس الوزراء، ومظلة البرلمان.. أقول هذا الكلام وأنت تعرف إننا هيئة مستقلة غير تابعة لأية جهة حكومية أو قضائية، لكننا قطعاً لن نستطيع العمل بدون تعاون السادة القضاة معنا.

قلت لرئيس النزاهة: وما دوركم في حماية العملية الانتخابية القادمة؟

قال: في الحقيقة لا دور لنا في الحالات التي لايستخدم فيها المال الحرام، بمعنى إن دورنا يحضر عندما يتم شراء البطاقات الانتخابية، وقد قبضنا على عدد من الذين قاموا بهذا الفعل الممنوع والمحرم شرعاً وقانوناً وأخلاقاً .. وغير ذاك فإننا وبصراحة لن نتدخل في سير العملية الانتخابية.

قلت لرئيس الهيئة: أنت تقول إن الهيئة غير تابعة لأية جهة حكومية.. هل يمكن لنا معرفة هويتها ؟

أجاب الرئيس قائلاً: النزاهة

إحـدى الهيئات الدستوريـة

المستقلة الوارد ذكرها في المادة (102) من دستور جمهورية العراق للعام 2005 والتي نصت على انها ( تعد مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كهيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم أعمالها بقانون)).

وهيئـة النزاهة لها شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري، يمثلها رئيسها أو من يخوله حسب المادة (2) من قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011.

وما علاقتكم بالبرلمان؟!

قال : إن الدستور أعطى لهيئة النزاهة استقلالية وجعلها خاضعة لرقابة مجلس النواب وهذه الرقابة، هي رقابة برلمانية، إذ بموجبها يملك المجلس مراقبة الهيئة ومحاسبتها ومساءلتها والاستجواب، بل وسحب الثقة ومناقشة الموازنة كذلك، لكنها تظل في كل الأحوال هيئة مستقلة لا سلطان عليها لغير القانون.

وتتجلى العلاقة بمجلس النواب بالآتي:- كلتا الجهتين تمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وكلٌ حسب مهامها الرقابية.

كما تقوم الهيئة بإعداد مشروعات القوانين المعنية بمنع الفساد ومكافحته إلى مجلس النواب عن طريق رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء أو اللجنة البرلمانية المعنية بنوع التشريع ..

قلت له: وكيف تصف لنا علاقة هيئة النزاهة بالحكومة، لأني أشعر أن ثمة غموضاً والتباساً بذلك؟.

قال: إن علاقة هيئة النزاهة مع السلطة التنفيذية محكومة بالقوانين التي تسري على سائر المؤسسات الرسمية سواء بما يتعلق بالموازنة المالية والتمويل، أو بالخضوع للمساءلة وفق القوانين الانضباطية والخدمة والتقاعد، علماً أن هيئة النزاهة إزاء الامتثال للقوانين والخضوع للأحكام والقواعد العامة وسواها، لا تعني قطعاً تبعيتها للسلطة التنفيذية إنما هي هيئة مستقلة تدير نفسها بنفسها ولا سلطان عليها لغيـر الدستور والقانـون المؤسس لها .. فالهيئة لا ترتبط بالسلطة التنفيذية ولا حتى بالسلطة التشريعية، استنادا إلى المادة (102) من دستور جمهورية العراق للعام 2005، بدليـل أن الهيئات المستقلة وردت في نصوص المواد (102-109) من الدستور ويفهم منها أن بعضاً من تلك الهيئـات المستقلـة ما يرتبط بمجلس الوزراء وهي(دواوين الأوقاف ومؤسسة الشهداء) ومنها ما يرتبط بمجلس النواب وهي (ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات وهيئة دعاوى الملكية) ومنها مالا يرتبط بمرجعية، إنما يخضع لرقابة مجلس النواب ومنها هيئة النزاهة وسواها الواردة في المادة 102 من الدستور.. كما أود الاشارة الى أن مهام الهيئة رقابية وليست تنفيذية إذ أنها تراقب عمل وأداء المؤسسات التنفيذية من جهة المراقبة العامة على المشروعية لاعمال وإجراءات المؤسسات التنفيذية بما يمنع الفساد ويكافحه.. وما يقال بأن مهام هيئـة النزاهة مهام تنفيذية، فهو غير صحيح، بل يتنافى مع طبيعة عمل الهيئة والأهداف التي رسمت لها، ويجعلها هيئة تابعة إلى السلطة التنفيذية ويؤدي ذلك إلى نتائج غير مقبولة، إذ كيف بالهيئة أن تراقب أداء السلطة التنفيذيـة أو تلاحق أفرادها، في الوقت الذي تتبع تلك السلطة.

قلت للدكتور اللامي: كيف تعالجون مشكلة القضايا الكيدية وإبعاد خطورتها؟

قال: نحن نطالب ونحث دائماً على الانتباه والحذر من القضايا الكيديَّة التي تفتقر إلى الأدلة والوثائق اللازمة، ونؤكد على أنَّ القضاء لن يتمكَّن من اتخاذ قراراتٍ حاسمةٍ دون مستنداتٍ وأدلةٍ رصينة.

وقد كنا ولم نزل نشدّد على أهميَّة تنفيذ عمليات الضبط بالجرم المشهود، وضرورة حماية المواطنين من أية حالات مساومةٍ أو ابتزازٍ أو طلب رشوةٍ، أثناء مراجعتهم للدوائر الحكومية، مع متابعة دقيقة لسير الخدمات المُقدَّمة لهم.

في الختام قلت لرئيس هيئة النزاهة:

وماذا بشان أكاديمية النزاهة؟

فقال وهو يرافقني الى باب الهيئة: إنها صرح أكاديمي منير، ومفخرة من مفاخر الهيئة، فهي الأولى عربياً، والثالثة عالمياً من ناحية التأسيس ..

قلت له: هل لك أن تحدثتي قليلاً عنها؟

ابتسم وقال: أظن أن رؤيتها بأم عينك أنفع لك ولنا من الحديث عنها، لذا اوجه لك دعوة شخصية لزيارتها والتعرف على صفوفها ومديرها واساتذتها، وأنا واثق بانك ستشكرني على توفير هذه الفرصة ..!

ضحكت وقلت له: سأشكرك منذ الآن، أي قبل ان ازور الأكاديمية، لأن الفرصة التي منحتها لي بلقائك ومحاورتك رغم انشغالك ومشاغلك الكثيرة تستحق عليها الف شكر ..

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان