زينا سالم
بعفوية طفل واحترافية فنان، هكذا كان التعامل مع سطوح الفضاء في معرض الفنان حامد سعيد ..على الرغم من وجود الالوان الزاهية في هذا المعرض ..الا ان معظم اللوحات تبدو حزينة وتحمل مشهدا مأساويا.. فما بين طائر يتيم وطائر نافق (البلبل العراقي ) يصارع مطرا من نار, وبين ارواح الاطفال تحلق بين غمائم الحرب بمطرها (army color)..وبين تكدسات البواخر ومراكب البصرة المحطمة.. لا تجد لها مرسى سوى اطراف البساتين او قعر الخليج ..اجد ان هذا المعرض الغني بالألوان هو ذاته غني بالذكريات المؤلمة لبستان القرية التي اغتالتها الحرب واغتالت معها ذكريات الطفولة..
البصرة التي عانت كثيرا من حرب ١٩٨٠ الى حرب ١٩٩١ الى حرب ٢٠٠٣ وما تبعها من احداث كما هو حال العراق عامة.. ما يزال نخيلها باسقا ولكنه حزين .. هكذا يطل علينا في اعمال حامد سعيد ..جذوع النخيل شامخة حتى بعد موتها ..هو رمز لبقاء كينونة المدينة واستمراريتها.. تحثنا على قبول الحياة كما هي وانشاء عوالم مغايرة بالوان الفرح .لعنة الحرب ماتزال في ذاكرتنا (ذاكرة الطفولة المغتالة ). حتى وان لونت بالوان زاهية لكنها مازالت تترك ندبها وتغتال سطح البياض.. ويتعثر بها لعبنا ونحن كبار على بياض اللوحة ، كما هو لعبنا ونحن صغار في ساحة مليئة بالألغام دون ادراك منا بخطورة التجربة. هي الحياة بكل ما فيها ..نحاول ان نجعلها ملونة ..نحاول ان نغتال حزنها وجراحاتها باللون اينما كانت .سعيدة بكل ما موجود من الوان ، وسعيدة بكل ما موجود من شروحات وذكريات قد تأخذنا بعيدا في زوايا مدن الذكريات المنسية ، وان كنا اهل المدينة لم تطأ اقدامنا بساتين البصرة ، ولكن لنا بساتين الذكريات .