علي علي
قطعا هي ليست من باب المصادفة، ان يتزامن التصعيد الأمني وأحداث العنف وإثارة مشاكل وقلاقل اقتصادية اوخدمية مع اقتراب العرس الانتخابي، إذ كما يقولون (أفراح عرس على جوانب مأتم) فعرس بعض الجهات من داخل العراق وخارجه، لايتم إلا بإسالة دماء عراقية بريئة، ودماء العراقيين على مايبدو باتت مهرا معلوما لمن يريد الفوز بعروس رسمها في خياله وعلى مقاسات خاصة، بمعايير حددها له أسياده، تشترك جميعها بهدف واحد هو القضاء على كل ما من شأنه النهوض بالعراق الى حيث المكانة التي يستحقها بين الأمم، باحتسابه سليل أولى الحضارات، وصاحب أول حرف خط في التاريخ.
من هذه القلاقل التي أثارتها مؤخرا شرذمة لاتنتمي الى أي صنف من أصناف المخلوقات، ولاتتمتع بأقل حد من حدود العقل والإنسانية، بل ولاحتى الحيوانية، وتبعد كل البعد عن المنطق والدين والأعراف البشرية. تلك هي (داعش).. إذ رأى الضباع المنضمون تحت لوائها أن قطع الماء عن محافظات عراقية، تنعم بفرات عذب هو الطريق الأمثل لإتمام عرسهم وفرحهم، وقطعا لم تأتِ هذه الفكرة برؤوسهم الخاوية، إلا بعد أن فشل شراذمهم بتحقيق ماكلفوا به في مدننا العراقية وسط أهلنا العراقيين في الانبار والفلوجة. ومن المؤكد أنهم نسوا (لاتناسوا) ماالصلة الحميمية التي تربط أهالي محافظات الوسط والجنوب مع أهليهم في الأنبار، وأنكروا كيف فُتحت قلوب أهالي كربلاء والنجف وبابل قبل الأبواب، لاستقبال النازحين من الفلوجة والانبار، لائذين بحماية أهلهم وفي أحضان أبناء بلدهم.
ومن الغريب في الأمر أن صمتا مطبقا أبداه بعض من يمثلون محافظة الأنبار في مجلس النواب، حيث لم يكن ردهم على ماقام به أفراد داعش بالمستوى الوطني المطلوب، بل لم يحركوا ساكنا للضغط على شيوخ العشائر ووجهاء الأنبار لردع الضالين عن القيام بعمل كهذا.
ان عملية قطع الماء وتضييق نهر الفرات عن عطائه الذي وهبه الله للانسان والحيوان والنبات، ليس غريبا ان يصدر من ضباع داعش، التي مافتئ ضباحها يعلو في جحورها، حين صالت عليهم القوات المسلحة العراقية من قوات الجيش، فهي نتيجة حتمية ان يتبع الضباع طريق الغدر ماداموا غير قادرين على المواجهة، وقد مارسوا الجبن من قبل في هروبهم الى داخل المدن الآمنة، وهو درب لايتبعه إلا الجبناء والعاجزون عن المنازلة الشريفة.. وأنى لهم الشرف في المنازلة، وهم العابثون بأرواح الأبرياء من المواطنين.
ان قطع مياه الفرات عن المحافظات الجنوبية له أبعاده الخطيرة، التي لو لم يأخذها المسؤولون بعين الحسبان، كان لها وقع مضر وكارثي على الزرع والضرع والإنسان، ومن المؤكد بعدها ستمتد أذرع الأخطبوط الشيطاني -إن لم تقطع- الى ماأبعد من الماء، في أراض غير أراضي المحافظات الجنوبية، وستطال حينها الماء والخضراء وكل شيء حسن…
المطلوب في هذه المرحلة من شيوخ العشائر في الأنبار، أن يستجيبوا تماما لنداء الوطن قبل كل النداءات، والأرض في النجف والديوانية والحلة، هي ذاتها أرض الفلوجة والخالدية والحبانية، وجميعها كانت وما زالت حضنا للفرات.. يستلقي وسطها منذ بدء الخليقة، ومن غير المعقول ان ينسى الانسان السوي، ماضيه العريق من أجل حاضر مشوش مغشوش مدسوس بنماذج غريبة لتنفيذ أجندات بغايات دنيئة.