كتاب الحقيقة

أُسطوانة الأنظمة السابقة

عدنان الفضلي

من الطرائف التي يتبادلها الشعب السوفيتي آنذاك، حكاية مفادها أن الرئيس الأسبق للاتحاد السوفيتي (ستالين) عندما قرر التخلي عن الرئاسة لصالح خلفه (خروتشوف) كتب ثلاث وصايا ووضعها داخل مغلفات ووضع عليها أرقاماً وأعطاها له، ثم نصحه بأن يفتح أحد المغلفات في كل مرة تحدث له أزمة سياسية أو إقتصادية، ونبهه بضرورة فتحها بحسب تسلسل المغلفات.

بعد أشهر من تسلم خروتشوف الحكم، حدثت أزمة سياسية بينه وبين بعض قادة البلاد، فتذكر المغلفات الستالينية وفتح المغلف رقم (1) فوجد في داخله عبارة قصيرة مفادها (إلقها عليّ) بمعني حملني مسؤولية الأزمة وقل النظام السابق.

بعد أكثر من عام، حدثت أزمة أخرى، وهذه المرة كانت إقتصادية، ففتح خروتشوف المغلف رقم (2) ووجد العبارة ذاتها (إلقها عليّ).

فيما بعد كثرت الأزمات وصار خروتشوف في صراع مع زملائه من قادة الاتحاد السوفيتي، فقرر فتح المغلف رقم (3) فوجد هذه المرة عبارة مفادها (جهّز ثلاثة مغلفات للذي سيخلفك) بمعنى تنحْ ودعْ مكانك لشخص آخر.

هذه الحكاية أو المقدمة أسوقها اليوم وأنا أرى كثيراً من المسؤولين سواء على المستوى الحكومي أو المؤسسات غير الحكومية مثل النقابات والجمعيات والاتحادات، يشتغلون وفق ما جاء في مغلفات ستالين، حيث تراهم ومع كل أزمة تصيب الكيان الذي يشرفون عليه يلقون بالمسؤولية على أسلافهم ممن كانوا يديرون ذلك الكيان أو المؤسسة، على الرغم من تواجدهم في المنصب لسنوات عديدة، فيما أرى الأجدر بهم أن يعملوا على حلحلة الأزمات وتجاوز أخطاء السلف حتى لو كان طالحاً، وتقديم أنفسهم على أنهم الخلف الصالح القادر على تفعيل الديناميكية ووضع الحلول المناسبة من أجل عدم حدوث أزمات جديدة في المؤسسات التي يديرونها، وأظن أن هذا الفعل هو ما يجب الإشتغال عليه، حتى تتحقق الفائدة المرجوة، ونصير قبالة منجز يحق للمسؤول والمتلقي الفخر بحصوله.

أعتقد أن الذين يسايرون ستالين في مغلفاته، ليسوا قادرين على إحداث تغيير إيجابي يجعل منهم قادة على قدر المسؤولية، فلا يجدون حلولاً ولا يأخذون بالمقترحات التي يقدمها لهم المخلصون والناصحون، وحتى لو صار فشلهم واضحاً للعيان لكنهم يبقون متمسكين برؤاهم الخاطئة، فتكون النتيجة زيادة الضرر في المجتمعات التي ينتمون لها، والتي من المفترض، أنهم جاؤوا ليخدمون تلك المجتمعات والكيانات والمؤسسات من أجل الصالح العام.

قد يهمك أيضاً