محمد الكحط -لوند-
بدأت الفعالية بالترحيب من قبل عريفي الحفل الاستاذ صلاح الصكر والسيدة زهور بابل، بجميع الحضور وبعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الاستاذ جاسم اللبان، و تمت دعوة الجميع للوقوف حداداً على أرواح جميع شهداء الحزب والوطن، ومن ثم تم عزف النشيدين الوطني والأممي، وبكلمات مفعمة بروح النضال، قدم الاستاذ صلاح الصكر للفعالية.
بعدها بدأت الفقرات تتوالى وكانت أولى الكلمات لعائلة الشهيد ستار خضير والتي ألقتها ابنته منى ستار خضير ومما جاء فيها: (( …. قبل خمسين عاما فقد الشعب العراقي والحركة الوطنية وعائلة آل الحيـدر احد ابنائها الابرار، الذي نذر نفسه للدفاع عن حقوق طبقات الشعب المهضومة والشغيلة منهم خاصة على خطى من سبقوه من ابناء العائلة. ولد الشهيد ستار خضير عام 1929 في ناحية الكحلاء الغافية على ضفاف الاهـوار.. في اول شبابه ولنشاطه وشخصيته المتميزة وصفه احد السياسيين وقتها بـ ” رجـولـة مبكرة وعـقـل نيــر”. كان طالبا نشيطا ومجتهدا، انهى دراسته الابتدائية في الكحلاء، والثانوية في مركز العمارة حيث كان مسؤول الطلبة والمدافع الامين عنهم، تشرف بقيادة احدى التظاهرات الكبيرة في مدينة العمارة في وثبة كانون الثاني عام 1948 ، في عام 1950 تخرج من الاعدادية وعمل معلما في قرى ناحية الكحلاء ، نقـل الى بغداد وعمل معلما في ابو غريب، التحق بالمعهد العالي للمعلمين في 1952، سجن لمدة سنة ونصف في الكوت لاشتراكه في انتفاضة تشرين عام 1952 . بعد اطلاق سراحه عاد للكحلاء وعمل مع صاحب محل للقرطاسية والمواد الغذائية . ولنشاطه في تنظيمات الشباب والعمال والفلاحين والمرأة وانصار السلام اعتقل عام 1954 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وسفر الى سجن بعقوبة، ثم ابعد منفيا الى قضاء بدرة لمدة سنة قبل ان يطلق سراحه.. وبعد ثورة 14 تموز المجيدة عمل في تنظيمات الحزب في بغداد، وفي عام 1959 تزوج من ابنة عمه ورزق منها بأربع بنات .. وفي عام 1960 كلف بمهام حزبية في الموصل على إثر فشل حركة الشواف وحملة الاغتيالات التي رافقتها، بعد نجاحه بالموصل اسند اليه الحزب قيادة كركوك حيث بقي هناك لغاية انقلاب 1963 وقد ابلى بلاءً حسنا ..، في عام 1965 كلف بمهام حزبية في الاشراف على انصـار الحزب في جبال كردستان، ولصلابته وشجاعته ونجاحه في مهماته الحزبية في كردستان تشرف بمهام مسؤولية الخط العسكري للحزب.. وفي عام 1966 عاد الى بغداد للعمل في تنظيمات الحزب وانتخب عضوا في اللجنة المركزية ليكرس ما تبقى من حياته لخدمة الحزب ومبادئه السامية حتى لحظة استشهاده في حزيران 1969 ، ليلتحق بكوكبة شهداء الحزب والوطن. كان البطل ستار خضير ابنا بارا لعائلته الكبيرة ال الحيدر وعائلته الصغيرة / زوجتـه وبناتـه، كما كان بـارا لحزبه وشعبه.. ولـم تكن عائلته بمنأى عن المضايقات والقلق بسبب خصوصية العمل الحزبي السري، ثم ذاقـت الامريـن بعـد استشهـاده، مما دفعها للهجرة الى خارج العراق.
الحضور الكريم: بطـل شجـاع، هذه هي سيرته الذاتية، الا يستحق ان نحتفـل بيـوم ميلاده ويوم استشهاده، لقـد كان الشهيد سـتار شـيوعـيا صلبـا ، فارسا شجاعـا مهابا ، فيه كل مواصفات القائد الشيوعي المتمرس والمتميز .. ترجل عن صهوته مكرها لا خائفـا ائـر الجراح العميقة التي اصابته من رصاصات الغـدر والخيانة على ايدى عصابات البعـثـفاشية واعتلى مع النجوم يضيء درب الحريـة مع رفـاقه من الشهداء .. واليوم نحتفل معكم ايها الحضور الكرام بالذكرى الـ 50 لاستشهاد ابن الوطن ستار وبنفس الوقت نضيء له الشموع بذكرى ميلاده الـ 90 التسعين وكلنـا فخر واعتزاز.
تحيـة تملؤها المحبة والافتخار بكل شهيد قدم روحه وسالت دماؤه على تراب الوطن نـذرا لقضايا الشعب العادلة، اليوم الوطن ينحني اجلالا لارواح ابطاله من الشهداء .. ان الامة التي تنسى شهداءها في ايام ولادتهم واستشهادهم لا تستحق الحياة ، ان التضحية لحـد الشهادة في سبيل المبادئ السامية للانسانية وتوفير العيش الكريم لابناء الوطن هي خلـود لارواح هؤلاء الشهداء .. من يجعـل من جسده جسرا ليعبر الاخرون الى درب الحرية، وينيـر الدرب لرفاقـه ان حـل ظـلام الجـور والاضطهـاد يستحق منا ان ننحني له احترامـا واجـلالا، نعـيـد سـيرتـه ونعـيش ذكـراه ..سـلاما لروحك الطاهرة ابن العائلة البـار عزيزنـا ستار .. وسلاما لارواح الطاهـرة لشهداء العائلـة الذين ساروا على خطى سـتار وحزبـه المقـدام / نـافـع عبدالرزاق، هيثـم ناصـر وسـمير جبـار، سـلاما لارواح شهداد الحزب والوطن اجمعين)).
وكانت لقيادة الحزب، كلمتها لهذا الشهيد البطل ستار خضير، ألقاها عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الاستاذ محمد جاسم اللبان، نقتطف منها ما يلي: ((نحتفي اليوم برمزٍ متألق دائماً من رموز حزبنا الشيوعي العراقي، وعلم من أعلامه الخفاقة في ربوع عراقنا الحبيب، وفي ضمائر وقلوب كل الوطنيين والتقدميين العراقيين، انه المناضل الجسور المعروف بصلابته المبدئية والشيوعي الذي لا يلين مهما كانت الصعوبات والتحديات، ومهما ادلهمت الخطوب وعوت الذئاب في صحاري العراق، الباسل حد الشهادة ستار خضير…إنه أحد أبطال حزبنا الأفذاذ الذي يصح أن نطلق عليه بفخر واعتزاز “أيقونة الحزب” التي سيظل إشعاعها الفكري والنضالي والسلوكي ملهماً، لكل الذين يغذون الخطى لملاقاة الشمس وسط ظلام القرون .وتواصل الكلمة: لقد انفرد البعث وأجهزته القمعية، باتباع أساليب لم تكن في متناول الأنظمة الرجعية والدكتاتورية التي سبقته، فابتكروا نظرية تأطير المجتمع، وتعني في التطبيق العملي تحويل الناس جميعاً وحتى الأطفال الى وشاة بحق عوائلهم وأصدقائهم ومعارفهم، فكانت البداية لانهيار المنظومة الاجتماعية والأخلاقية الرصينة التي عرف بها المجتمع العراقي، وصارت مدخلاً لكلِ أساليبهم الجهنمية التي باتت معروفة للقاصي والداني. ومن بين تلك الأساليب الدنيئة، وأشدها خطورة في محاربة حزبنا الشيوعي العراقي هو العمل الدؤوب لإفراغه من كوادره المجربة، وذات التاريح النضالي المشرف والخبرة التنظيمية والسياسية المتميزة، القادرين على إعادة بناء منظمات الحزب عندما ينجح العدو في تحطيمها أو أضعافها، باستهدافهم هذه الكوادر قبل غيرها، لأنهم يعتبرونها الخطر الحقيقي على حزبهم وتجربتهم المريضة. ولذلك اغتالوا مبكراً الشهداء ستار خضير ومحمد الخضري وشاكر محمود والشيخين حسين ومعروف البرزنجي وعزيز حميد والعشرات من خيرة الكوادر الحزبية، أملاً منهم في تحجيم دور الحزب الشيوعي والقضاء عليه لاحقاً، لكن فألهم السيء خاب، كما خاب فأل من عادى الحزب الشيوعي وفكره النير…..)).
وفي فقرة خاصة تم عرض فلم، عبارة عن شهادات من ذلك الزمان تحدث فيه العديد من المناضلات والمناضلين الذين عايشوا حياة الشهيد النضالية.
بعدها قدم القاضي زهير كاظم عبود مطالعة قانونية عن استشهاد البطل ستار خضير بعنوان.. استشهاد ستار خضير من وجهة قانونية: هذا نصها ((في خضم الأحداث التي تزامنت مع مجيء سلطة انقلاب 17-30تموز 1968 واتخاذ رؤوس السلطة منهج يليق بأبناء الشوارع والشقاوات وسقط الناس من الذين يفتقدون للخلق والاخلاق والقيم في تصفية الخصوم السياسيين، وبالنظر للحذر الذي اتخذته القوى السياسية من سلطة الانقلاب ولمعرفتها بالانحطاط السياسي والأجتماعي للأسماء التي نجحت في الاستيلاء على السلطة، فقد عمد صدام الذي كان يرأس منظمة حنين الإرهابية ومكتب العلاقات العامة، الجهاز الذي يتخذ من هذا الاسم ستارا في تصفية واغتيال عدد من السياسيين العراقيين المناوئين للبعث بطريقة تمثيلية وغادرة، ومحاولة إضفاء نوع من القصص الملفقة والرخيصة التي لم تستطع السلطة أن تمررها على عقول العراقيين لابعاد الشك عنها.
عصر يوم 23/6/1969 وبعد خروج (الشهيد ستار خضير) من بيت في حي المعلمين المتفرع من شارع فلسطين، توجه الشهيد عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الى موقف سيارات مصلحة نقل الركاب للعودة الى أهله، وأثناء انتظاره باص المصلحة تقدم باتجاهه شخصان أحدهما يحمل رشاشة والآخر مسدسا وقبل الوصول الى مكان الشهيد بعدة أمتار، أطلق الاثنان من سلاحيهما سويا فأصيب بعدة اطلاقات متنوعة في بطنه غير أنه استطاع أن يركض باتجاههما ويمسك بأحدهما وأسقطه أرضا بعد أن سقط معه ثم استطاع الوقوف رغم جراحاته لكن القاتل الآخر عاجله باطلاقة أخرى من مسدسه أصابته في رجله أعاقته عن التقدم، وبالنظر للنزف الشديد وألم الإصابات، تنادى أحدهم للثاني بقوله (اتركه م !!)وكان هذا الشخص يرتدي بنطلون سرج رصاصي وقميصا أبيض وقد بقيت آثار أظافر الشهيد مطبوعة فوق وجهه وعلى رقبته قبل أن يسقط أرضا ، وهو ينادي الناس الواقفين في موقف باص المصلحة بأنه ستار خضير وهو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وطلب إسعافه ثم غاب عن الوعي. نقل المصاب الى المستشفى حيث عالجه الدكتور محمد صالح سميسم الذي كان طبيبا مقيما وشارك في إسعافه الدكتور نوري فتاح باشا، اللذان قاما سويا باجراء العملية بعد أن تم إيقاف النزيف واستئصال قسم من الأمعاء المصابة بطلق ناري، واستخراج الطلق الاخر من رجله ثم أخرج ليلا من غرفة العمليات.
قام جهاز الأمن باعتقال عم الشهيد ياسر صكر وشقيقيه جبار خضير الصكر وقيس خضير الصكر حيث باتوا ليلتهم موقوفين في مركز شرطة القناة ومن ثم تم اخلاء سبيلهم صباحا. أفاق الشهيد من تأثير المخدر والعملية واستطاع أن يتحدث لأهله واخوته وسرد لهم بشكل تفصيلي ما حدث له بدقة وتفصيل يفيد التحقيق، وحضر الى غرفة الشهيد شخصان ادعوا أنهما حكام تحقيق وسألاه تفصيليا عن القضية وبعد أن شرح لهما ذلك سألاه عما إذا لم يزل يعمل في الحزب فأكد لهما أنه كادر من كوادر الحزب.
غادر الاثنان دون اتخاذ أي إجراء معين. وفي اليوم التالي تدهورت صحة الشهيد وبدأت أعراض التسمم تطغي، فراجعه الطبيبان مهدي مرتضى وفاضل الطائي، وفي اليوم الثالث تدهورت صحته أكثر اثر التسمم الذي بدأ يسري في جسمه، ولما أصبحت حالته ميئوسا منها وأنه ميت لامحال حاول الطبيب محمد صالح سميسم أن يقدم له ما يستطيع من عوامل الإنقاذ والمساعدة بالتنفس الاصطناعي والضغط على القلب لكن دون جدوى، فرحل الشهيد في اليوم الخامس 28/6/1969 متأثرا بإصاباته القاتلة، ولم تستطع المعالجة الطبية إنقاذ حياته. وبعد أن قام حاكم التحقيق المختص تدوين أقوال المدعين بالحق الشخصي والذين طلبوا الشكوى ومعرفة الجناة، وبعد فترة من ورود التقرير التشريحي لجثة الشهيد ستار خضير قرر قاضي التحقيق غلق التحقيق لمجهولية الفاعل.
كان يقتضي على حاكم التحقيق أن يستثمر اسم أحد المتهمين في البحث والتقصي بالاضافة الى استدعاء الشخص الذي كان الشهيد ستار خضير قد غادره وتم التصدي له بعد ذلك من قبل القتلة بأسلحتهم النارية، وكأنهم كانوا يعرفون بموعد اللقاء، بالأضافة انه يتوجب على حاكم التحقيق أن يستفسر من مركز الشرطة من معرفة أسماء المواطنين الذين كانوا بانتظار باص المصلحة ومن بين أهل المنطقة، ليقوموا بتشخيص القتلة والادلاء بأية معلومات تفيد التحقيق، إذ ليس من المعقول أن أحدا لم يكن قد لمح أو شاهد الجناة وكيفية انسحابهم من ساحة الجريمة، بالاضافة الى ضرورة استجواب ضابط الشرطة (المحقق حينها في مركز شرطة القناة) عن تفاصيل القضية وعن الأمور التي تم التستر عليها، وعن أصل الأوراق التحقيقية وما تم تدوينه في السجلات اليومية لمركز الشرطة أو في السجلات ألإحصائية التي تقوم بها مديرية الشرطة العامة ووزارة الداخلية. وكان على حاكم التحقيق أن يتمعن في الدافع الأساسي لارتكاب الجريمة، فالرجل كان عضو لجنة مركزية في الحزب الشيوعي العراقي وكادرا من كوادر العمل السياسي مما يقتضي أن يكون القتل بدوافع سياسية، حيث لم تكن للشهيد عداوات عشائرية أو شخصية، وقد كانت المعلومات تشير الى المدعو أبو جلال الصحفي البعثي المرتبط بجهاز أمن صدام.
إن غلق التحقيق من قبل حاكم التحقيق (قاضي التحقيق لاحقا) لمجهولية الفاعل لا يعني غلق التحقيق بشكل دائم، إنما يتم الغلق بشكل مؤقت وفقا للفقرة ج من المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإذا ما ظهرت أدلة جديدة وظروف تستدعي فتح التحقيقات يقرر قاضي التحقيق البدء بفتح التحقيق مجددا.هذا من جانب ومن جانب آخر، فان عائقا سياسيا قويا كان مانعا من الاستمرار في التقاط الأدلة ومتابعة القرائن من قبل المدعين بالحق الشخصي أو من قبل الحزب الشيوعي نفسه الذي تعرض للمطاردة والتصفية والارهاب طيلة السنوات الطويلة الماضية. وطيلة الفترة التي أعقبت استشهاد ستار خضير سيطرت نفس الجهة (سلطة صدام) المتهمة بقتله على السلطة فأصبحت في منأى عن المساءلة القانونية، كما لم يكن بامكان المدعين بالحق الشخصي أن يطلبوا فتح التحقيق مجددا لأي سبب كان بالنظر لكون القضية حفظت في ملفات الأمن العامة ولا يوجد لها أساس في أضابير وملفات التحقيق الخاص بالشرطة، كما كان على قاضي التحقيق أن يستوضح من الجهات ألأمنية والجهة المشرفة على ملفات ألأمن أن تميط اللثام عن تفاصيل قضية استشهاد الشهيد ستار خضير والشهيد محمد الخضري والشهيد شاكر محمود وجميعهم من أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وتمت تصفيتهم بنفس الفترة وبطرق مختلفة لكنها صادرة من جهة متهمة واحدة. إن على الجهة التحقيقية المشرفة على ملفات ألأمن أن تفيد التحقيق بمن كان يدعى (م) ومن ضباط أو مفوضي أو مرتبات أمن بغداد أو ألأجهزة ألأمنية والمخابراتية الأخرى واستجواب من ترى ضرورة استجوابه وصولا الى الحقيقة وكشف تفاصيل هذه الجرائم التي تسترت عليها السلطة الصدامية. على الادعاء العام كممثل للحق العام أن يبادر بتحريك الشكوى ومتابعة التحقيق لإزالة الملابسات والغموض الذي تخلله بالنظر للظروف السياسية والأمنية التي كانت تبسطها السلطة على جميع الأجهزة الأمنية، كما ينبغي على قيادة الحزب الشيوعي وعائلة الشهيد المطالبة بتحريك هذه الشكوى والكشف عن الجناة الأداة الطيعة والرخيصة التي يوظفها الجلاد في اغتيال الرموز العراقية وكوادر الحركات السياسية، كما تطالب عائلة الشهيد بالتعويض المادي والأدبي لفقدانها رب أسرتها ومعيلها طيلة هذه الفترة.
اليوم، نحن مطالبون جميعا أن نتوصل الى حقائق تلك الجرائم وأن نعيد البحث عن الأدلة والقرائن، الجريمة في القانون العراقي لا تتقادم ولا تسقط، وأن انتهى رأس السلطة فثمة أدوات وجلادون صغار مارسوا القتل والتعذيب لم تزل طليقة ولم يطالها القانون، أرواح الشهداء تطالبكم بالكشف عن القتلة، وليس هناك أخس وأحقر من قاتل مكلف باسكات رأي أو معتقد أو فكر. نقف اجلالا للشهيد الخالد ستار خضير ولكل شهداء الحزب الشيوعي العراقي وشهداء الحركة الوطنية في العراق)).
وكان للشعر الثوري مكانه في هكذا فعالية، وقد حضر العديد من الشعراء ليقدموا قصائد خصيصاً للفعالية، وأولهم الشاعر رياض النعماني بمصاحبة الفنان عدنان سبتي بالعزف على العود، ومن القصائد التي قدمها: ((قصيدة عن بغداد تأثر لها الجمهور: «بغداد متموت/ مثل النخل والنجم والعشك متموت/ مثل الله متموت
مثل الفرات/ بكل مسامه يفوت/ بغداد عزنه/ شلون عزنه يموت».
أما الشاعر الدكتور صلاح السام فقد ألهب الحضور بقصائد حماسية تفاعل معها الجمهور منها القصيدة الاتية: ((يا شدة الورد…. يا شدة الورد ياغرساً نحنُ لهُ…يافخر أهلي وياعطر الرياحينِ/ أبا بسيمٍ أيا نجماً ويا ألقا…وعالي الشأن في كل الميادينِ/ يا ابن العراقِ وأنتَ الفخرُ أجمعهُ…وأنَّ حبكَ يجري في الشرايينِ/ اقتادوكَ للموتِ بئساً للذي صنعوا…يخسى الطغاةُ من سفلٍ ومن دونِ/ يا آل حيدرَ قد جاء العطاءُ بكم…تقدموا النذرَ من حينٍ الى حينٍ/ قد جئتكَ اليوم يا ستار منتحباً…ما عادَ في موطني بيتٌ ليأويني/ فالقتلُ والموتُ قد أضحى يطاردنا…بكاتمِ الصوتِ أو في نصلِ سكينِ/…….))، أما قصيدته الثانية فقد تغنت بالحزب ونضالاته ((قلبتُ أوراقاً قد اصفرَ لونها…فالدهرُ ولى والزمانُ تعدا/ فأعوامٌ خلت سودٌ عجافٌ…وكنت أريدها زهواً ووردا/ وأبدأ من عراقٍ يشكو جرحاً…متى يلتامُ بل والآن ندّى/ ألا تباً لكلِ يدٍ وفردٍ…أهانَ كيانه وله تصدى/ في بعث الحروب وبعث شؤمٍ…جعلت بلادنا للغربِ عبدا/ لقد أوحى الأباة الى كريمٍ…بتضييقِ الخناقِ وأن يشدا/ فوا أسفاً فقد أرخاهُ حبلاً…فلم ينج من الإرهابِ فردا/ ففي رمضان قد قادوا انقلاباً…فكانَ الدمُ طوفاناً ومدا/ لو أنَّ المبتغى منهم يزيداً…بديلاً يصطلى بالنارِ زيدا/ سلامٌ قادَ حزبهُ في تحدٍ…ليكون درسا ويكون سدا/ لقد كان الشيوعيون دوماً…على التخلفِ زمجرةً ورعدا/ وكان المجرمون بلا ضميرِ…فلم يجنِ كريم القومِ لحدا/ قد اقتيد النساءُ بلا رداءٍ…وما فعلوا جبين المرء يندى/ ومرَّ الحزب في ظرفٍ عصيبٍ…ونحسبُ كل شيءٍ قد تردى/ فهل تُجدي الملامة بعد لأيِ…وما نفع الأدام اذا تبدى/ وكان علينا أن نرضى بحيفٍ…ونقبل منهم ماكان بدا/ وجاءت جبهةُ فيها خنوعٍ…وخان البعث ما كتبوه عهدا/ وكنا كلما نزداد قرباً…وجدنا نفسنا نزداد بعدا/ أذلونا ونحنُ أباة شعبٍ…ثعالب حزبهم تصطادُ أسدا/ فقتلٌ واغتيال في تمادٍ…ولم يوقفهم في العنفِ حدا/ وفي التعذيب قد قتلوا فهوداً…وقد ذعروا ليبصروا ألف فهدا/ فهم جُبلوا على الإرهابِ دوماً…وزادوا حقدهم قيحاً وحقدا/ لقد كان الشيوعيون سيفاً…على الإرهابِ لا يحويه غمدا/ وان الحزب للأجيالِ نورٌ…استنار بفكرهِ عرباً وكردا/ يقضُّ مضاجع الأوغاد دوماً…ويحسب في الحساب إذا تحدى/ وفي سوحِ النضال لهُ سجلٌ…وفي الوثبات عقداً اثر عقدا/ مشينا للصعاب وفي سباقٍ…ومازلنا لأجلِ الشعب جندا/ وفي العمل المرير لنا دروسٌ…لنشمخ عالياً فكراً ومجدا/ لقد كنت المهيب وسوف تبقى…تخوض غمارها حراً وبردا/ ليهنأ شعبنا حراً سعيداً…وينبذ للورى سجناً وقيداً/ فدمتم للعراق دعاة حقٍ…ويبقى الحزب مدرسة ومهدا/ وللشهداء منا انحناءٌ…وباقاتٌ من الأزهارِ تُهدى)).
وكان للشاعر والاعلامي فالح حسون الدراجي حضوره أيضاً، فقدم قصيدة جديدة عن الشهيد والشهداء، تأثر الحضور بكلماتها المفعمة بروح العطاء للشهداء. ((إذا مات النهر ).
المقدمة.. كانت السلطات البعثية تعرف تماماً من هو ستار خضير(أبو مي).. فهو ليس مجرد قائد شيوعي ومسؤول الخط العسكري في الحزب فحسب، إنما كان مشروع ثورة وقائدا ثوريا، لذلك سعت الزمر البعثية بكل طاقتها لتصفيته والتخلص منه !!
عثر جدم الزمان وطاح والد مَي ..
عمت عين الزمان اشعثر من عثره
إنكسر ضلع التحدي بموت والد مَي
خمس عقود محَّد جبَّر الكسره
خمس عقود نآكل من لحمنه الحي
وحدر جلودنا مورثة ألف جمرة
عثر جدم الزمان وضاع أجمل شَي
لَهذا اليوم محَّد ناقش العثرة :
لماذا وليش وشلون الحصل والصار
أنه بگلبي بلاوي وأسئلة خطرة
سؤال يجِّر سؤال ونار تحرگ نار
وأمَّر من المنايا الأجوبة المُرّة
إذا طاح الجبل معناها صاير شَي
لو ثمة خلل .. لو بالجبل ثغرة
وإذا مات النهر، موش العتب ع المُي
العتب كل العتب ع الما حمه نهره
چذب عين الشمس يكسر رمحها الفي
إذا عين الشمس متنمرَّة وحمره
دحط كل الظلام اگبال برگة ضَي
وشوف شلون يشِّرد من تجي الگمره
إذا تقصير حاصل لازم إنقر بيه
والمقصِّر وجوباً لازم انقصرَّه
ما أشك بالحزب هذا حزب خيون
أخوي الماتت أمي وما لگت گبره
ما أشك بالحزب هذا حزب هندال
لَهذا اليوم باسمه اتفاخر البصرة
ما أشك بالحزب هذا حزب وضاح
ميِّت، والأعادي تخاف تتذكره
ما أشك بالحزب هذا حزب بشار
واتحدَّه النخل لو يوصل لصدره
ما أشك بالحزب هذا حزب شمران
إمام الصراحة وسيَّد الفكرة
ما أشك بالحزب هذا حزب طوفان
أبو ليلى الصبُر يتنومس بصبره
ما أشك بالحزب هذا حزب جاويد
حزب تلو وسلام وخالد وذكرى
ما أشك بالگمر هذا گمر فريال
وأنسام وعميدة وعايدة وبشرى
ما أشك بالشمس هذي شمس إكرام
وجواد العطية ومتي أبو سمره
ما أشك بالحزب هذا حزب توماس
أطهر من حليب الزاچية الحرّة
أشكن؟
أشكن بيَّه آني وما أشكن بيه
ورد آذار ياهو ايشكك ابعطره ؟
مطر تشرين ما يحتاج أي برهان
مثل ريحة العنبر ريحة المطره
هم هيچ الحزب وأكثر بعد تلگاه
مواسم للفرح واعياد للخضرة
ما أشك بالحزب هذا حزب الانصار
من دم النصير اتشع الف زهرة
لا تسأل بشر خاف البشر تنحاز
روح لهندرين واسأل الصخرة
مو بس الجبل يحچيلك إعله الصار
بأهوار الغموگة تشوف الف ذكرى
تفگ خالد وأمين لهسَّه محتَّرات
وابو محيسن علم خفاك بالشطرة
ما أچذب عليك وداعتك مشتاگ
مثل شوگ البنات لفرحة الزهره
وما أچذب عليك وداعتك عطشان
يرويني ودادك واشبع بنظره
وما أضُمَّن عليك وداعتك تعبان
أريد ابفيك أغفه وانته فَي شجرة
يا أمي وأبوي واهلي والخلان
ياگمرة حياتي وأحلى كل گمرة
مرات الكسر يثگل على المكسور
والمكسور ما يتحمل الكسرة
ومرات الظنون تلوج وسط الروح
لچن گلبي عفيف ويسِّتر العشرة
ثلثين العمر خلصته شوگ وياك
وما أريد بتوالي اسنينه اندمرَّه
ما أغير هواك ولا أغير الشوگ
ألف موته أموت وشوگي ما اغيره
يا طعم الثمالة وأحلى ما بالكاس
نخب حبك أشربه وأختم السهرة
جنت بأول ربيعي .. وأزغر من الطير
گلت هذا الكلام ولسَّه أنه أتذكرَّه
لو ستار ما طايح هذاك اليوم
چا فوگ الشمس راياتنا الحمره
ولو ستار ما طايح هذا اليوم
چان الليل ناصي وعالية الگمرة
ولو ستار ماطايح هذاك اليوم
جان أحله المدن بالعالم الثورة
ولو ستار ما طايح هذاك اليوم
چا روما العمارة ولندن البصرة
ولو ستار ما طايح هذاك اليوم
چا نخل السماوة اتطرَّه ألف سمره
ولو ستار ما طايح هذاك اليوم
چا هسَّه الرمادي أورود مو صحره
وجان الموصل اجمل من صباح الخير
وأجنحة الفرح بديالى منتشرة
ولو ستار ما طايح هذاك اليوم
ما شفنه حروب ونار مستعرة
ولا شفنه منافي وليل الولايات
وعلى ابواب اللجوء آلاف منتظرة
ولو ستار ما طايح هذاك اليوم
چا ماكو فقير ولا بقت فقره
وچا اربيل ترگص چوبي وي ميسان
وبدهوك العزيزة تصِّيف البصرة
وچا بغداد كعبة وقبلة للأحرار
وكلمن زارها تنوله الف عُمرة
وچا بابل أنيقة وأحلى من العيد
وسامرَّه لمجدها تعود سامره
وچا واسط قصيدة بشفة الأنبار
وأبو الطيب عليها يبث عبق شعره
وچا وادي السلام اگبوره مو مليون
بل مليون نخلة وزنبقة وشجرة
وچا هور الچبايش أحلى ما بالكون
لوحة من الخيال الفاتن بسحره
لكن للأسف طاح الگمر مغدور
والتاريخ حافظ ملحمة غدره
طفه غفلة النهار وضاع سِّر الليل
وهاي اسنين محَّد گادر يدوره
إنكسر ضلع التحدي بموت والد مَي
ولهذا السبب ما صارت الثورة))
وكان للفن التشكيلي، حضور في مدخل قاعة الحفل، حيث ساهم فيه الفنانون التشكيليون، عماد الطائي، كاظم الداخل، سلام غريب، يوسف عكار، نوري عواد أبو رشا، قاسم الساعدي، أمين عبد الله، ستار عناد، اضافة الى معرض لصور الشهداء.
وللغناء مكانته فكانت الأغاني الثورية التي تتغنى بالشهداء ((مرلي مرلي مرلي بشمع زفتك مرلي…))، حيث ساهم العديد من الفنانات والفنانين في الغناء وكذلك تمت مساهمة الفنان طالب غالي بتلحين أغنية من كلمات الشاعر فالح حسون الدراجي بعنوان “خمسين عاماً” نالت اعجاب الحضور.
أما فرقة ينابيع المسرحية فكانت لها مساهمة جادة ومهمة وهي مسرحية من تأليف آشتي، – تمثيل واخراج سلام الصكر، الادارة المسرحية صلاح الصكر وتنفيذ الموسيقى روزا سلام، وكتقديم للمسرحية قرئت كلمات الاستاذ سعيد غازي الأميري الاتية: ((((يدٌ متمرِّسة بالرذيلة، تتقن التقاط الأوامر والفتات معاً، ضغطٌ على الزناد رصاصةٌ وحشيَّةٌ، تلتها الثانية والثالثة، استقرَّتْ بغدر مسبق بجسد ستار خضير، الحالم بوطن حرّ وشعبٍ سعيد، أُوصِلَ النبأ…، رئيس جهاز حنين، تملكته قهقهة صاخبة، أنعشت روحه الملتهبة، المُضاف لسِفر الحالمين طريح في مشفى عام…، يوصي بتكملة المسار ذووه، وبصمت المؤمنين، ألبسوه كفناً أبيضَ، معقوداً بهميان جسده يلامس الثرى، عند عقدة تشابك عروق النخيل المتشربة من شهد دجلة وعذب الفرات.
حبلُ الظلم، معقود، بعد أربعة وثلاثين عاماً…رئيس جهاز حنين (مسحولا) من جحور الضواري، مرتعداً، فاغراً فاه، يتوسل طبيباً أمريكيّاً الرأفة والغفران، دفق الضياء ممدود
خمسون عاماً مَرَّت، يوبيلا ذهبياً لستار خضير يُحيي أهله وأنصاره، والأحرار الحالمون بوطن حرٍّ وشعبٍ سعيد،…))، صفق الجمهور للمسرحية وللممثل والمخرج والمؤلف، فقد جسدت عظمة العطاء للشهيد.
وعودة للشعر حيث قدم الشاعر الشاب أحمد الثرواني قصائد وطنية جميلة، تبعته الشاعرة زهور بابل بقصيدة عن الشهيد البطل ستار خضير. ومن ثم قدم الأستاذ صلاح جبار عوفي أيضا قصائد نالت استحسان الحضور، منها مهداة لأم الشهيد الثانية أم صباح، كما وصلت مساهمة شعرية من الشاعر حمزة الحلفي مسجلة بصوته بعنوان “شبل الصكر ستار القضية”.
أعقب هذه الفعاليات تقديم فلم عن الشهيد من اخراج عصام حسين وهو محطات نضالية عن الشهيد.
وفي فقرة خاصة تم تكريم كل المساهمين في الفعالية، وكل من ساهم بانجازها بدرع الذكرى الخمسين لاستشهاد المناضل ستار خضير.
في الختام، أحيت فرقة ينابيع للأغنية باكورة عملها، حيث قدمت عدة أغان جميلة.
هذا وقد وصلت العديد من البرقيات الواردة لاحتفالية الذكرى الخمسين لاستشهاد المناضل ستار خضير منها برقيات من:
1 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النروج
2 – الرابطة المندائية للثقافة والفنون.
3 – البرلمان الكردي الفيلي.
4 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا.
5 – تجمع الكرد الفيليين الديمقراطيين في كوبنهاكن – الدنمارك.
6 – فرقة مسرح الصداقة .
7 – حقوق الأقليات .
8 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد .
9 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك.
10 – التيار الديمقراطي الاجتماعي في النروج.
11 – الأستاذ باقر ابراهيم.
12 – اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار الشيوعيين.
13 – المجلس الصابئي المندائي في جنوب السويد وأوربا.
14 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في كندا.
15 – رابطة المراة العراقية جنوب السويد مع باقة ورد.
16 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا.
17 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بلجيكا.
18 – منظمة الحزب الشيوعي العراقي ي بريطانيا