كتب / علاء الماجد
* الإعلامي عبد الرحمن فليفل ، أدار الجلسة وافتتحها قائلا: جلسة هذا اليوم هي جلسة احتفاء واستذكار لقامة عراقية رياضية ووطنية كبيرة، طالبا من الحضور الوقوف لقراءة سورة الفاتحة على روح الفقيد كاظم عبود وارواح شهداء العراق جميعا، ثم تناول سيرة الراحل قائلا: عائلة الفقيد كاظم عبود وملتقى عبد كاظم الرياضي يرحب بكم في هذه الجلسة الاستذكارية لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل المناضل كاظم عبود لاعب المنتخبات العراقية المختلفة، وصاحب الهدف الشهير في مرمى المنتخب البولندي في ملعب الشعب الدولي، رحل بعيدًا عن دياره وعن المستطيل الاخضر في بودابيست عاصمة هنغاريا التي اختارها لينهي حلماً كروياً عراقياً لم تسمح له الايام ليكتمل. قصة هذا اللاعب تحكي قصة جيل عراقي كامل، كانت مرحلة الستينيات والسبعينيات اوج عطائه وانطلاقته في وقت كان العراق يتهيأ لدخول نادي الامم المتحضرة، لو لا ان قفزت عصابة التكارتة البربرية، فحولت الاحلام الى كوابيس، ودفعت اجيال متعددة، اعمارها ثمنًا لازالة هذا الكابوس الذي جثم على الصدور. نعم، انه كاظم عبود القادم بقوة وبمهارات حباه الله بها، قل نظيرها، وبثقافة موسوعية وادراك ووعي قل ان تجد له نظيراً في وسطه الرياضي، كاظم (أبو جواد) الذي كانت تحيطه اعين الحاسدين والغابطين، وبينهما عيون الخائفين عليه، والذي كان ثمرة ناضجة من ثمار اليسار العراقي المزدحم بكل ما هو اصيل ومفيد. كان قد بدأ مشواره الكروي في الفرق الشعبية البغدادية، ثم مضى متنقلاً بين الاندية وصولاً الى نادي البريد الذي قفز به هو ورعيل اول من اللاعبين الى صفوف الدوري الممتاز ليتشرف فيما بعد ان يحمل شارة منتخب العراق، ويمثل تطلعات جماهيره الرياضية ذات الامتدادات الكبيرة. انه كوكب مر مسرعًا، لكن ضوءه بقي، وسيبقى ماثلاً على الدوام، فمثل هذه الكواكب لن تنطفئ مهما مر زمن على مرورها. وحين انتهت الدكاتورية لم تنته معاناة كاظم عبود الذي قوبل بجفاء ونكران لنضاله وتضحياته العظيمة تجاه وطنه حتى وهو في أشد حالات مرضه العضال، ليرحل مرةً اخرى بصمت النخيل الشامخة، والتي رغم كل الفؤوس الصديقة والعدوة ظلت تواجه الالم بسقوطها واقفة.تحية لروح كاظم عبود، المناضل الوطني، والرياضي المبدع، والانسان الحر قبل كل شيء وقبل كل عنوان.
* بعد ذلك القى الحاج سمير أبو احمد كلمة عائلة الفقيد، التي شكر فيها الحضور وجميع القائمين على هذا الحفل التأبيني للراحل كاظم عبود لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيله. ابتعد كاظم بعدما حاصرته السلطة الدكاتورية، وأجبرته على ترك الاندية والمنتخب، بسب نشاطه السياسي المعلن والمكثف، لاسيما في اتحاد الشبيبة الديمقراطي، ليرحل من هناك نحو كردستان ملتحقاً بحركة الانصار المسلحة التي واجهت الدكاتورية، واضطر وهو اللاعب المرهف على ان يصبر على وجع اعدام ثلاثة من اشقائه، اضافة الى اعدام ولده الذي لم يكمل عامه الخامس عشر، في سبيل هذه الرسالة السامية. اكرر شكري وتقديري لهذا الوفاء الذي يليق بكم.
*وتحدث الكابتن والإعلامي الرياضي منعم جابر قائلا: عشق الرياضة ومارسها بشغف وحب منذ نعومة اظفاره، حيث كانت منطقة الشاكرية هي مرتعه الاول وبها ومن خلالها عرف الفقر والحاجة. ومع شغفه بكرة القدم لكنه ظل حريصا على اهله وابناء محلته وكان لثورة 14 تموز 1958 اثر كبير على توجهاته وميوله السياسية واختار الانحياز للشيوعيين لانه وجد فيهم التعبير عن مصالح طبقته الكادحة. وتقدم كاظم نحو عالم كرة القدم ليصبح احد نجومها، لكنه في الوقت ذاته حمل فكرا ثوريا. ومع منتصف الستينيات صار توجهه واضحا وصريحا، ونشط داخل صفوف الرياضيين والفرق الشعبية والاندية الرياضية، وهنا تحقق الابداع الجميل بين الهواية الرياضية والوسط الرياضي ودعم الشيوعيين للإبداع والمبدعين. وكان لعبود دور في اول تنظيم رياضي- سياسي بإشراف الرفيق كمال شاكر وبتواجد الشهيد بشار رشيد وكاتب هذه السطور. وكان لهذه النخبة الخيرة ان شكلت نواة القوة المؤثرة والفاعلة في الرياضة العراقية مطلع سبعينيات القرن الماضي، وكان لكاظم دور واضح ومؤثر في الوسط الرياضي حيث تمت اقامة الفعاليات والنشاطات الرياضية التي اثارت ازلام النظام البعثي المقبور. وكانت بداية السبعينات وتزايد النشاطات السياسية والفعاليات الاجتماعية وتطور فعاليات الشيوعيين وحالة الانتعاش السياسي بعد قيام (الجبهة الوطنية) فرصة لإثبات الذات مما اثار حفيظة ازلام النظام وسعيهم المتواصل للحد من النشاطات المشتركة مع محاربة الوجوه البارزة في الساحة الرياضية والفنية والادبية وكان كاظم ورفاقه وجوها وشخصيات تحظى بحب وصداقة الآخرين. وفعلا بدأ الهجوم السلطوي على الابداع والمبدعين وفي مقدمتهم اهل الرياضة وبدأت حملات الاعتقال التعسفي بحجج شتى وفي مقدمتها علاقات بعض العسكريين من الرياضيين مع بعض الوجوه المحسوبة على الشيوعيين في بغداد والمحافظات، وكذلك الضغط على ابناء الرياضة ولاعبيها لغرض الانتماء الى حزب السلطة، وكان لبعض الاسماء البارزة والمعروفة الخيار بين الانتماء للحزب الحاكم او ابعادهم عن فرقهم الرياضية وكان في مقدمتهم الراحل كاظم عبود الذي قاوم الاغراء ووقف امام التهديد والتخويف وتعرض المئات من الرياضيين الى هذه السياسة التعسفية حيث غادروا الملاعب الرياضية مكرهين بعد ان تركوا بصمات واضحة وسمعة طيبة. وقد تميز الراحل كاظم باندفاعه العالي وجهوده المتواصلة مع رفاقه بالتحرك في القطاع الرياضي، فوطد علاقته مع ابرز الرياضيين واستطاع ان يحتضن العشرات من ألمع نجوم الرياضة وتشربهم بفكر الحزب ومنهجه، وعلى هذا الاساس تمت تسميته ممثلا للرياضيين ضمن وفد الشباب العراقي المشارك في مهرجان الشبيبة العالمي في برلين عام 1973، اضافة الى اللاعب السلوي الراحل داود سلمان (داوي) وكانت المشاركة العراقية متميزة بفعالياتها ونشاطاتها، علما ان الوفد العراقي كان مشتركا بين حزب السلطة آنذاك والشبيبة الديمقراطية. وكان للفعاليات الرياضية والندوات والنقاشات اثر في تعرف ازلام النظام على الابرز والانشط من الشيوعيين فوضعوهم تحت الرقابة وكان منهم الراحل كاظم عبود. وما ان عاد الوفد الى بغداد حتى بدأ التركيز (السلطوي) على الفن والفنانين والرياضيين والشعراء لارتباط هذه الفئات والجماعات المبدعة مع الشيوعيين والديمقراطيين. وشهدت سنوات ما بعد مهرجان برلين حملات تصفوية اذ تم إلقاء القبض على العشرات من الرياضيين وغيرهم من المبدعين بحجة اقامة تنظيمات ممنوعة داخل القوات المسلحة وخاصة الرياضيين من العسكريين، وشنت سلطات الامن حملاتها على العشرات من الرياضيين ومنهم الشهيد بشار رشيد نجم المنتخب الوطني لكرة القدم ولاعب الشرطة جبار قاسم والراحل حسين شواي والشهداء صبري كاظم وسعدي لايج وعمار جابر. وتعرض البعض من الرياضيين للاستجوابات والاستدعاءات الامنية ومنهم الراحل عبد كاظم ولاعب الشرطة مظفر نوري واللاعب رسن بنيان والعشرات من اصدقاء الحزب وانصاره. وقد شملت حملات الاعتقال مجموعة من الرياضيين الشباب منهم اللاعبون كاظم خلف وعبد الجبار خزعل وموسى محسن وعادل كاطع وكاتب هذه السطور، واحيل الكثير منا الى مسلخ الثورة ونالوا احكاما ثقيلة وصل بعضها الى السجن المؤبد. *ونتيجة لحساسية العلاقات السياسية وبوادر انهيارها وجد كاظم عبود ان لا خلاص من الدكتاتورية وبطش النظام الا بمغادرة الوطن والمنفى فاختار الراحل لبنان اولا ثم الالتحاق بقوات الانصار الشيوعية في كردستان العراق، وبعد اصابته غادر الى العلاج، ثم استقر به المطاف في هنغاريا ليبقى منفياً حتى وافته المنية. لقد حاول نظام البعث الضغط على عائلة كاظم عبود وبطرق مختلفة وحاربها وسعى الى فصل زوجته الراحلة اميرة ام وصال عنه، لكنها رفضت واكدت حرصها على حياتها الزوجية. وتعرض ولده البكر جواد ذو الـ 14 عاماً اضافة الى اشقائه الثلاثة د. عبد الزهرة والكابتن محمد والرياضي عادل عبود للاعتقال والاعدام اعوام 1981 و 1982 و1983، واستمر الضغط السلطوي على عائلته حتى توفي والداه حزناً وأسفاً على اولادهم. تحية حب وتقدير لهذه العائلة المناضلة ولابنها البار المناضل كاظم عبود جبر.
*الشاعر فالح حسون الدراجي رئيس تحرير جريدة الحقيقة ارسل رسالة صوتية لجلسة الاحتفاء والاستذكار هذا نصها:
ما أن تُذكر الرياضة العراقية إلاَّ ويُذكر فارسها كاظم عبود .. وما أن تمرَّ الذاكرة التسجيلية على تاريخ كرة القدم في العراق، إلا وتمر على نجمها اللامع كاظم عبود. أما إذا أردت أن تستعرض أسماء العراقيين الشجعان الذين وقفوا طوداً شامخاً بوجه الطغاة.. فهنا يتحتم عليك أن تفسح المجال لهذا البيرق الوطني العالي .. فكاظم عبود لم يكن لاعب كرة قدم فحسب.. ولا مناضلاً وطنياً مثل بقية المناضلين الشجعان فحسب أيضاً.. إنما كان كاظم عبود لاعباً كبيراً، ومناضلاً بارزاً، ومضحياً كريماً أيضاً. فهذا اللاعب المبدع كان هداف فريق البريد، ونجم منتخب الشباب الذي هزم منتخب ألمانيا الدولي في مطلع العقد السبعيني ..وكان واحداً من أبرز هدافي منتخب العراق .. فهدفه الرائع على منتخب بولندا في ملعب الشعب قبل أربعين عاماً تقريباً لم يزل في ذاكرة الجيل الكروي، عندما قذف كاظم الكرة من فوق منطقة الجزاء بعشرين متراً تقريباً ليهز الشباك البولندية هزاً عنيفاً .. وليخرج منتخب العراق بهدفه متعادلاً مع منتخب بولندا الدولي.. وكاظم عبود الملتزم بالخط الوطني لم يرضخ لقتلة الشعب يوماً ما، ولم يتنازل لنظام الطاغية المجرم قط، فخرج رافضاً، ومعارضاً.. ليقاتل ببندقيته مع صفوف الأنصار في جبال كردستان سنوات طويلة.. نازفاً في المنفى بعد ذلك أكثر من ربع قرن.. فلم يمد يده لأحد في مساعدته .. ولم يتقرب لجهة تعيله، فعاش بكده وشغله في المنفى عيشة صعبة مضنكة.. فكان من الطبيعي أن يدفع كاظم ثمناً لهذا العناد الوطني الشريف، فكان منه اعدام ثلاثة من أخوته بتهمة الإنتماء لحزب الدعوة .. وهم : محمد وعادل وزهير.. وعلى يد النظام الفاشي أيضاً تم إعدام ولده جواد، الذي لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره، نكاية بمواقف أبيه، ومعارضته الطويلة لهذه السلطة الجائرة .. وكم كان كاظم عبود رائعاً حين عاد للوطن بعد رحيل النظام الدكتاتوري قبل الجميع .. ليساهم بخبرته، ووطنيته، وقدراته العالية، ونظافة يده .. وطهارة قلبه في بناء العراق الجديد، رغم سد الأبواب بوجهه .. بعد انتكاس الوضع الصحي لكاظم.. بسبب بطء موضوع معالجته.. وفي مثل هذا اليوم من العام الماضي غادَرنا الى عليين متوجا باكاليل الغار والعزة والشرف.
*الإعلامي الرياضي يوسف فعل قال: من الصعب ان اتحدث عن هذه القامة الرياضية الاجتماعية البطلة التي حاربت اقوى الطغاة واكثرهم جبروتا، هذه القامات التي قدمت الكثير ولم تحصد الا القليل. سأتحدث عن قضية عدم الانصاف مع شخصية رياضية وطنية مناضلة، من عائلة قدمت الكثير من الشهداء، ولكن بعد سقوط النظام المقبور لم تحصل هذه العائلة على أي شيء، كان لابد من الانصاف وتسليط الأضواء على حياة كاظم عبود الوطنية والرياضية والاجتماعية أيضا. لقد امتاز كاظم عبود عن اقرانه بقدرة فائقة في الاداء، واستثمار حقيقي لمواهبه، لكن الظروف لم تسمح لأن تكتمل مسيرته الكروية، بعد أن امسك البعث الفاشي بزمام الامور في العراق. وهكذا انتهت رحلة حياة كاظم عبود، الاسطورة الكروية والنضالية التي دفعتها سنوات الجور والظلم والطغيان من المستطيل الاخضر الى سفوح جبال كردستان العراق القاسية التضاريس، حاملاً بندقيته، مسدداً ضرباته القاصمة لمرمى الدكتاتورية الصدامية.
*الكابتن كاظم صدام تحدث قائلا: تعرفت على الراحل كاظم عبود منتصف الستينيات من القرن الماضي، ولم اكن سياسيا. كان كاظم عبود ضعيف البنية لكنه قوي الإرادة، كان واحدا من افضل اللاعبين في المجموعة، زاملته في مدينة الثورة ثم العوينة، ولعبنا أيضا في فريق الشهيد بشار رشيد، وكان ضمن المجموعة الكابتن رسن بنيان. في زيارته الى بغداد بعد سقوط النظام التقيته ودعوت كل الاخوة في اتحاد فيوري وحققنا لقاء اخويا تراجيديا حيث بكى الجميع وهم يحتضنون بعضهم. كاظم عبود ذلك الرجل الصامد المناضل الذي الهبته سنوات الجور، فجعلته كتلة نشاط سياسي وثقافي ورياضي في مجابهة عسف الدكاتورية.
*وعن رابطة مبدعي مدينة الثورة تحدث الإعلامي جمعة عليوي: كاظم عبود جبر الفريجي .. مواليد العمارة 1948 .. بعد ولادته بسنتين انتقلوا الى بغداد الكرخ مدينة الوشاش وكانت تسمى ( المنكوبين ) وفي العام 1962 الى مدينة الثورة قطاع /32 . حاصل على دبلوم ادارة بعد الثانوية .. بعد ممارسته الكرة في الملاعب الشعبية تم استدعاؤه الى فريق البريد التابع الى وزارة المواصلات والذي كان احد مؤسسيه اخوه الاكبر المرحوم الكابتن جلوب ابو سمير ..كان ذلك سنة 1963 .. تزوج سنة 1967 ورزق بولده الشهيد الشاب جواد ..سنة 1968 اختير لتمثيل منتخب بغداد بعدها لمنتخب الشباب وثم المنتخب الوطني ..لغاية سنة 1973 حيث أبعدته الاصابة وذهب الى بلغاريا للعلاج ومنذ ذلك الوقت بدأت محاربته من قبل الاجهزة الامنية فابعد عن المنتخب قسراً واعيد الى الوظيفة مجبراً .. خلال حياته الكروية مثل فرق الطليعة والعاصفة وفريق الفتح في المدينة قطاع 33 الذي كان مؤسسه المرحوم حسن ضمد والد الاعلامي حسام حسن .. في العام 1979 سافر الى لبنان وبدأ عمله النضالي بالانضمام الى منظمة التحرير الفلسطينية ..توجه بعد سنين قليلة الى شمال العراق حاملاً السلاح ومرتدياً الزي الكردي ضد نظام البعث مع منظمة الأنصار .. بداية الثمانينيات تعرضت عائلته الى شبه الابادة الجماعية حيث تمت محاربة أخيه الاكبر المرحوم ابو سمير واستدعاؤه الى التحقيق والاحتجاز لعدة مرات ..لكن الظلم والسجن والاعدام نال باقي اخوته وولده الشاب رحمهم الله تعالى وكانت تواريخ استشهادهم كما يلي:
1/ الدكتور عبد الزهره عبود اعتقل سنة 1980 واستشهد 1981 ..
2/ محمد عبود كان نائب ضابط في القوات البحرية اعتقل 1982 واستشهد 1983 ..
3/ اخوه الاصغر عادل عبود الذي كان لاعباً بفريق كلية الشرطة اعتقل سنة 1980 واستشهد بنفس العام.
4/ ابنه جواد كاظم عبود اعتقل سنة 1983 واستشهد 1984وكان عمره /16 عاماً وفي الصف الرابع الاعدادي.
سنة 1986 بدأت تظهر عليه اثار المرض مثل تليف الرئة مع التهاب القصبات المزمن لما تعرض له في شمال العراق من اوضاع مناخيه ونفسيه حزينة وقاسية …غادر بعدها الى سوريا عن طريق العبارة وهنا حدث موقف يظهر فيه شهامته وغيرته على ابناء وطنه ..حيث ترك مكانه في العبارة لامرأة عراقية لم تجد مكانا للعبور للجهة الاخرى من النهر، وحاول العبور سباحة ولكونه لا يجيد السباحة تعرض للغرق وتم انقاذه ….عند وصوله سوريا تم تسفيره مباشرةً الى هنگاريا وكان باستقباله هناك رئيس واعضاء الحزب الشيوعي الهنگاري واصبح وقتها رئيس منظمة الطلبة والشباب العرب. تزوج من سيدة هنگارية ورزق منها بثلاثة أبناء بنتان هما (ديانيا وياسمين) وولد اسمه أميل. خلال السنوات اللاحقة عانى كثيراً من امراضه المزمنة وإضافةً لما ذكرناه كان مرض الكليتين، مما تطلب منه ذلك توفير العلاج اللازم، اضطر الى بيع داره في العاصمة بودابست والسكن بريفها … صدرت بحقه غيابياً ثلاثة أحكام بالاعدام كان ذلك سنة 1988 . وبعد التغيير والقضاء على البعث زار العراق سنة 2004 وحرص وقتها على تفقد اغلب أقربائه ورفاقه وأصدقائه وانا احدهم .. لم يحصل على اي حقوق عن فترة جهاده، ورفضها جميعاً حيث قال (انا ناضلت من اجل انقاذ بلدي وشعبي وليس من اجل ثروة او منصب) حتى وصل به الامر الى رفض المنحة الشهرية التي تمنح الى اللاعبين الدوليين مدعياً ان الكثير غيره يستحقها ..حصل على راتب تقاعدي فقط بدون منحة جهادية او مميزات اخرى!! كنت على تواصل دائم معه خصوصاً في سنواته الاخيرة عن طريق مواقع التواصل (صوتا وصورة) حيث كان حبيس السرير وجهاز اعطاء الاوكسجين منذ العام 2016 لغاية تاريخ رحيله المحزن الى رحمة الله في غربته، فدفن هناك بناءً على رغبة زوجته وابنائه بتاريخ 13/7/2018 كان ابو جواد مناضلا صلباً وعنيداً ترك حياة اللهو والشهرة والنجومية منذ شبابه واتجه للنضال والجهاد وحمل السلاح وقاتل قتال الاوفياء لمبادئهم. رفض الكثير من المغريات وكان ابياً وغني نفس ..تعلمنا منه في اول ايام شبابنا حيث السكن معاً بقطاع / 32 بالمدينة كيفية صون المبادئ واحترام الانتماء والوقوف بصلابة بوجه الطغاة …كان لنا موقف لن ينسى حين ذهبنا معاه انا واخي حسن ابو نغم الى احدى مسرحيات المسرح الفني الحديث اواسط السبعينيات وعند خروجنا بعد انتهاء العرض تمت ملاحقتنا من رجال الامن بسيارة (فوكس واگن) لغاية ساحة 55 وعند معرفته وفراسته بانه المطلوب نزل من سيارة الاجرة الى احد الفروع القريبة التي لا تستطيع السيارات الدخول فيها قائلا لنا ..هم يريدوني واخاف عليكم ..وصلنا الى حيث مكان السكن وانتظرنا لحين قدومه .وكان ذلك موقفاً نبيلاً وشجاعاً كما هي مواقفه التي عرفناها ..الحديث والكلام هو فخر بحق امثاله لانه عاش ورحل نزيهاً بطلا لم يهادن او يرضخ في سبيل القيم التي تربى عليها وتعرض جراءها الى هذه المعاناة وهذا السِفر الخالد من حياته المثالية والعنيدة ..رحمه الله بواسع رحمته وغفرانه واسكنه فسيح جنانه ..والحديث قاصر بحقه وبحق أمثاله من الأفذاذ . لروحه السلام ..
*ثم تحدث الدكتور سعدون ناصر: مرة أخرى يحالفني الحظ ، فقبل عام من الان تشرفت بالجلوس على هذه المنصة النجيبة للمساهمة في تأبين ورثاء قامة وطنية وإنسانية احبها قلبي ووطني وسكنت قلوب الشرفاء. الشهيد كاظم عبود، نعم أقول الشهيد، لقد رحل عنا وترك وصمة عار في جبين المؤسسات بعد ان تخلينا عن تقييم نتاجه الثر السياسي، الوطني، الإنساني. قلت له ذات مرة: يكفيك فخرا وعزا باننا كنا جميعا نخاف الوقوف جوارك خشية من عيون السلطة الغاشمة.
ثم تحدث الإعلامي قاسم حسون الدراجي مستذكرا علاقة الفقيد باخيه الشهيد خيون حسون الدراجي وعلاقته باخيه الشاعر فالح حسون الدراجي في قطاعي 43 و 32 في منتصف السبعينيات. وأضاف” كنت أرى اجتماعاتهم الحزبية، وكان يكلفني اخي الشهيد خيون والراحل كاظم بتوزيع مجموعة من اعداد طريق الشعب بعد ان ساءت العلاقة مع البعثيين. لقد كان كاظم عبود لاعبا وطنيا كبيرا وإنسانا حمل هموم شعبه حتى الرمق الاخير ،وكان منحازا إلى قضايا المعدمين الكادحين، لقد أعطى فلذة كبده ابنه واخوته قربانا على طريق الحرية. كاظم عبود الوطني الرياضي الناصع المثقف لاتشغله الحياة عن تأليف كتاب مهم أسماه بقصدية طبعاً: (المفاهيم العلمية واهمية استخدامها في الرياضة العراقية.. عرض تاريخي ومواضيع مختارة).
*الفقرة الأخيرة في الحفل هي توزيع الواح الراحل كاظم عبود على عدد من الرياضيين والإعلاميين، والتقاط الصور التذكارية.