الحقيقة – فهد الصكر
و( الجسر وساحة الساعة وعيون القار ومئذنة جامع الفاروق وآثار مدينة هيت القديمة و آثار دالية نواعير قرية ” التربة ” ) لم تعد مقيدة في سجنها المفتوح ، بل كانت بمتناول عيون وأحضان أهلها الهيتاويين .
هنا سجلت هيت لحظة ولادة مهرجانها الثقافي الثالث الذي انطلقت فعالياته يوم 28 و29 و30 آذار 2019 لتعلن عير المشاركين من كل جغرافية الوطن دون تمييز انها على قيد البناء والتحدي لكل ظلام حمله مرتزقة لا يحملون هوية الوطن .
بدأ الحفل بقراءة أي من القرآن الكريم ، ليعزف بعد ذلك السلام الجمهوري وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق .
ليطلق عريف الحفل سيف العبيدي عبارات الترحيب بلغة مهذبة وصوت عذب المعنى صدقا.
وافتتح النائب عادل خميس المحلاوي ممثلا عن السيد رئيس مجلس النواب، الحفل بكلمة أكد فيها على احتضان المشاريع الثقافية وأهمية دعمها .
تلتها كلمة قائمقام هيت مهند زبار قرأها نيابة عن محافظ الأنبار ، ثم كلمة رئيس المجلس المحلي محمد مهند ، وكلمة ممثل أهالي هيت أبراهيم مدني .
ليلقي الشاعر أبرهيم الخياط الأمين العام لاتحاد الادباء والكتاب في العراق ، كلمة الاتحادالني جاء فيها”باسمي وباسم الأدباء والمثقفين الآتين أحييكم.. وباعتزاز جمّ أنقل إليكم تحيات اتحاد الجواهري الكبير وتحيات أدبائه وكتّابه كافة وتمنياتهم لكم بالسؤدد وأنتم تفتحون صفحة زاهية من كتابكم الأبيض بعد شوط قاس من العذاب والمرّ والمرارة والظلم والظلام..ونشدُ على أيدي اللجنة التحضيرية المتفانية الباذلة التي تستحق بحقّ كلّ إشادة وكلّ ثناء.
ومن هذا المنبر الكريم.. ومن هذه البقعة المباركة ندعو وزارة الثقافة الى العمل الحثيث لوضع قلعة هيت التأريخية على قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو.. لأن هذه القلعة الشمّاء هي من أهم وأقدم المدن التأريخية في العراق بل في المنطقة برمتها..
ليلقي الدكتور قحطان محمد صالح الهيتي رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان كلمة استعرض فيها ما قامت به اللجنة من منجزات هائلة في سبيل ولادة المهرجان في ظرف قياسي ، وأمام تحديات واجهتهم وكادت ان تطيح بالمشروع ، لولا ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم الذاتية أولا ومن ثم مساعدة الجهات الداعمة لهم من شخصيات وروابط وفعاليات مجتمع مدني ، كذلك أشار الى الدعم الذي قدمته القوات الأمنية الفاعلة في الجزيرة الغربية والقضاء والمحافظة ، ولا ينسى الهيتي جميع المنظمات التي وقفت لتكون معهم في سير وتسيير الأمور كما مخطط لها ، وصولا الى اللحظة التي قررت فيها اللجنة ارسال الدعوات لكل المشاركين بتنوع الفعاليات الثقافية والمهنية والأجتماعية ، معلنة ولادة مهرجان هيت الثقافي الثالث .
ليقدم لنا بعد ذلك الدكتور مصطفى الهيتي رئيس مجلس صندوق إعادة اعمار المناطق المتضررة من العمليات الارهابية ، عرضا متكاملا عن منجزات صندوق الاعمار في مدينة هيت ،حيث وصل الأمر في بعضها المنجز الى أكثر من 70 بالمئة من المناطق المتضررة لسرعة الأداء ومتابعته لادق التفاصيل مع فريق من المهندسين الأكفاء ، كذلك أشار بالأرقام المصرفية لكل مشروع منجز أو قيد الانجاز .
وما تحدث به الدكتور مصطفى يعد علامة فارقة في المهرجان لأنه أحاطنا علما بما كنا نجهله بسبب غياب الوعي الاعلامي الذي لم ينقل للجمهور حقيقة هذا الصندوق والذي صوره البعض على انه مقيد لمستقبل العراق وتكبيل اقتصاده لقادم السنوات .
وقدم بعد ذلك نشيد هيت من تأليف الشاعر جمال داود الهيتي والحان أيهم محسن الغساني وأداء طالبات وطلاب جامعة الأنبار .
مع عرض فيلم (هذه هيت التي عنها تسألون) كتابة النص الدكتور قحطان محمد صالح وتعليق سيف صلاح ومونتاج كاظم البغدادي واخراج أيهم محسن الغساني .
لتقدم فرقة انشاد هيت بعضا من الموشحات .
ليعلن بعد ذلك سيف العبيدي البوح شعرا لهيت التي تحتفي بالقادمين اليها ، فرحين بعرسها الثالث ثقافيا .
تضمن اليوم الأول قراءات للشعراء ( خالد الهيتي ، موفق محمد ، محمود المحمود ، فائز جواد ، أسماعيل حقي) وكذلك هناك شعراء شعبيون شاركوا في القراءت بيوم الاحتفاء .
وتستمر فعاليات المهرجان التي شاركت فيه روابط ومنظمات رسمية ومجتمع مدني تمثلت بمعرض الاعمال اليدوية لمنتدى شباب هيت ، ومعرض الصور الفوتوغرافية لصندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة من العمليات الارهابية – فرع الأنبار ، ومعرض الفن التشكيلي لجامعة الأنبار – كلية العلوم التطبيقية – هيت ، ومعرض قطاع توزيع كهرباء هيت ، ومعرض المنتوجات لشعبة زراعة هيت ، فيما أقام الفنان التشكيلي معرضه الموسوم ” مرايا ” والذي ضم لوحات ماثية وزيتية عبر من خلاله عن الموروث الشعبي لمدينة هيت ومعالمها التاريخية وتفاصيليها اليومية .
ليصعد الشواعر والشعراء الى منصة الشعر بوحا لكرنفال هيت :
الشاعرة حذام يوسف طاهر جاء في قصيدتها”
يفر النبض يربكه التأني
قطعت العهد عمرا لا تلمني
كطفل لا يجيد سوى سؤال
أراني باحثا في التيه عني
كأني إذ ألاحق وحي ظلك
فلا ينأى ولا يدنيك مني
ترفق بالشذى يا خير خلٍ
ودع نبض الحياة لنا يغني
أرى فيك القصيدة وحي معنى
فلا تدحض معانيها بظنِ
بينما جاء في قصيدة الشاعرة فراقد السعد”
لأنكَ أنايَ..أختمُ الليلَ بالباقياتِ الصالحاتِ ستراً
ويفضحُ الشِعر فجراً جلّ أسراري,
أُبخِرُ في غيبكَ شعوذة أقداري
للآآآآآن أغيبُ في خاصرة الصلاة تسابيحاً
وأعوذني إلى ماوراء واقعي تية لبٍ ..
وأنت ..أنت المسرفُ في معاصي الفجر بحور شعرٍ..
يدٌ تقلّب موازين الظمأ ..
و شارك في القراءات الشعراء (حمد محمود دوخي ، علي الأمارة ، رافع بندر ،صادق الطريحي ، صلاح محيسن ، ثائر الحديثي ).
ليدير بعد ذلك الناقد بشير حاجم ندوة عن الشاعر والتشكيلي الراحل سبتي الهيتي ، متحدثا عن سيرته الثقافية في فضاءات الشعر والفن والتي مزج بينهما في أكثر من 12 معرضا شخصيا أقامها على مدار حياته ، وقدم الناقد علوان السلمان ورقة نقدية عن المحتفى به والموسومة ( الهيتي وأغنيات ديموز ( مزامير ديموزا ) : القيمة الفنية لقصائد الشاعر سبتي الهيتي تتجسد في الحكمة والرفض والثورة ، الذي اكسبها تفردا فنيا ، اضافة الى البساطة والقدرة على البناء الذي اعتمد الرواية بعيدا عن الزخرفة البيانية بحيث اصبح غناؤه عنصرا فاعلا في نسجه الزماني والمكاني ، والقصيدة عنده كذلك بذلت جهدها في استيعاب الموروث والعصر ، فهي تصممه لانه بطلها ، فرسم قصائده تحت وهج العذاب مما ادى الى نمو صوره واتساعها ، ورغم هذا بقي حبيس الحوار الذاتي ( المنولوجي) الذي انعكس على احداثه وصوره .
لحظات الاختتام تضمنت”
” لا تخافوا على هذه المدينة
هي والهمس أصدقاء جدا
لا تخافوا على أزقتها
فهي وفية جدا
لأقدام رسمي رحومي وسبتي الهيتي
لا تخافوا على فراتها
فهو صديق قديم
لقصائد خالد سلمان
هذه المدينة لا يجوع فيها الفقراء
وكف الطيف شنيدي تنثر الأرغفة على الأبواب
هذه المدينة وديعة جدا
فحتى سكاكينها تستجير بالصدأ
حتى لا تصلح للذبح
بهذه الابيات قرأ الشاعر السومري عدنان الفضلي قصيدته ” هيت والأسماء بعضها”
وقرأ كذلك الشعراء ( نامق عبد ذيب و عماد العبدلي ومحمود فرحان حمادي و محمد سلطان وعماد اليونس ) .
لتنتهي بالقاء الباحث حافظ ياسين الهيتي محاضرة عن الشائعات وأثرها في المجتمع .
ليقدم الفنان فاضل المياحي عزفا على الة العود مع وصلة من أغانية التي حاكت وجع العراق .
فيما أهدى الفنان والناقد التشكيلي فهد الصكر نسخا من كتابه الثاني ( مدونات الاثر الثقافي بعد التغيير ) تعبيرا لانتمائه الى مهرجان هيت الثقافي الثالث .
على هامش كل جلسة شعرية كانت هناك وصلات غنائية من التراث العراقي الأصيل ، قدمها المطرب محمد الشامي والمطرب عبد الحسين اللامي ، اذ تفاعل معها جمهور تواق للفرح والحياة.
وكان مسك الختام توزيع الواح الابداع على كل الفعاليات التي ساهمت بانجاح المهرجان وعملت على تقديم الدعم اللوجستي له ، وكذلك تكريم القوات الأمنية التي لم تبخل جهدا أستخباريا بالاحاطة الأمنية طيلة ايام المهرجان .
وزعت الواح الابداع والشهادات التقديرية على المشاركين من الادباء والفنانين جميعا .