يذهب معي كل الاصدقاء الى الرأي القائل باننا لم نصل حد الخسارة النهائية حتى هذه اللحظة ، وان ما تحقق بعد انهيار الدكتاتورية لا يمكن اعتباره مجرد خراب ، بل ان فيه ما يسمح لنا بالفخر رغم كونه تحقق بمعونة اولاد العم سام ، لكن ندى الصوت الذي مازلنا نحتفظ به يعدّ هو الفوز الكبير الذي خرجنا به ، بعد ان كان مصادراً من قبل العفالقة.
اقول ذلك رداً على رسالة ( مظلمة ومتشائمة ) وردتني من قارئ نهم ومحب لصحيفتنا ، يدعوني فيها الى الاقرار باني كنت خاسراً عندما عدت الى العراق ، ويطالبني بالحذر من (الظلاميين) ، ومع احترامي وتقديري وتقبيلي لجبينه، اقول له اننا حين نحمل الوطن بقلوبنا ونتوضأ بفراتينا ، ونبتهل للرب ان يبعد عنا اهل الظلام ، ومن ثم نهتف باسم العراق ونعطر افواهنا بالصلاة عليه وعلى اله ، فاننا حتماً لن نكون الخاسرين ، فالعراق لم يخل بعد من الشرفاء ، ومازالت ارضه تنجب الانقياء من الذين ينزفون دمهم وعرقهم ويرفعون اصواتهم من اجل عراق جديد، واقول له ان هناك رجالا في بعض المساجد يكبرون لله والوطن، وان كنائس العراق تقرع للرب والوطن، وان جنوب العراق يزور كردستان كل يوم عبر اتصال الارواح النقية المفعمة بحب العراق.
نعم ايها الصديق، اوافقك ان بعض ساستنا خانوا انفسهم وضميرهم ووطنهم، ولم يبق لهم شيء يخونونه، بعد ان باعوا كل ما يستحق الفخر، وان حجم الفساد يتسع يوماً بعد يوم، وان حاويات بدلاتهم لن تقتنع بما تحمله من سرقات، لكن حتماً ان في الافق متغيرات، وان الجيل الحالي بدأ يعي الكثير وصار على اهبة الاستعداد لاقامة طقوس التغيير السلمي الذي من شأنه اعادة البسمة لشفاه من نسي شكل الابتسامة، ويعيد للمضطهدين طعم الحرية الحقيقي.
ربما يجد بعض من يقرأ مقالي اليوم بعضاً من التفاؤل المفتوح، لكن هذا التفاؤل لم يأت من فراغ، بل جاء من خلال حديث اناس رايتهم وسمعتهم وقرأت لهم وحاورتهم، كانوا ومازالوا يؤمنون بالعراق وطناً يستحق الدفاع عنه، ولديهم قناعة بان زمان القهر الذي نعيشه اليوم سيذهب مثلما ذهب قهر الحقبة الصدامية ، فنحن لن ننتظر اربعة عقود اخرى ونستعين بالغرب ليقتلعوا الظلم، بل سنفعل نحن ذلك وسنركل باقدامنا كل من يتجبر على العراقيين، مادمنا نمتلك العزيمة والصدق والوفاء، ونحمل على اكتافنا العراق وشعبه حتى نصل بهما الى ضفة الفرح