يتساءل كثير من المتابعين للوضع العراقي في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق العام 2003 عن الفوائد التي حصل عليها الشعب العراقي من هذا التغيير الذي أتت به أمريكا وحلفاؤها ، فتلاقفه ساستنا ليوظفوه الى صالحهم ، ومحور سؤالهم هو لماذا لم يفرح العراقيون بهذا التغيير بعد مرور كل هذه الأعوام الطويلة على حدوثه؟ ، وكيف يمكن أن تزرع الفرحة في نفوسهم بعد هذه السنين العجاف ؟ ، كما أن السؤال قابل لأن نغيّر صيغته بحيث يصبح : لماذا فشل السياسيون العراقيون في الإستفادة من الهبة الأمريكية التي منحتها لهم قوات التحالف وبناء نظام جديد قاعدته الشعب وفضاء تطاوله المنجز الحقيقي ؟ .
وبما أن السياسيين منشغلون بتقسيم المناصب المغانم، فانا استأذنهم للإجابة بالنيابة عنهم وأقول : علينا التوقف عن لوم ساستنا الجدد، فهم مازالوا تلاميذ صغارا، منعهم النظام السابق من التصدي للعملية السياسية فانشغلوا بالتجوال في أصقاع الله بحثاً عن منظمات داعمة لكياناتهم ومؤسساتهم الحزبية ذات النظرة المحصورة بين الكرسي والكرسي، كونها عملت في زمن النظام السابق وكأنها منظمات مجتمع مدني تجمع الهبات وتوزعها على اعضاء مؤسساتهم نيابة عن الشعب ويتركون ما يفيض منهم للأقربين وفقاً لقول الله (الأقربون أولى بالمعروف) وأنا على يقين أن جميع سياسيينا يحفظون تلك الآية عن ظهر قلب، وينسون جميعاً الآيات التي ذكرت اليتامى والمساكين .
وعندما جاء التغيير لم يستطع ساستنا استيعاب حقيقة أن النظام سقط، ولم ينتبهوا لغير الثروات تصرخ بهم (هيت لكم) ، فكانوا سباقين لتلبية النداء واغتصبوا كل ما وقعت عليه أيديهم وعيونهم ، وراحوا يتدافعون ويتقاتلون على الكراسي وما اكثرها .
وعليه يجب عدم إلقاء اللوم عليهم ، بل نحن من نتحمل ذلك الوزر لأننا لم نعقد مؤتمراً للمساكين في ذلك الوقت، وننبههم بأن القادمين الجدد ليسوا بافضل حالاً من اسلافهم، لأن السياسة عاهرة والعهر لا يختلف في أي زمان أو مكان، وأن عليهم أن يتعلموا كيف يستفيدون من أخطائهم بعد ان شاهدوا بأم أعينهم كيف تزوّر الحقائق والنتائج ، وعلى ماذا يتكالب السياسيون ؟ واستثني منهم البعض ممن حاول أن يذهب بالعراق الى حيث يليق به، لكنهم فشلوا بسبب إن الأغلبية لا يهمها العراق ولا شعب العراق بقدر ما يهمهم الكسب لصالحهم وصالح أحزابهم والجهات التي تدعمهم سواء كانت بالداخل او الخارج ..!!