عبد الكريم الصراف *
لقد احتشدت كل قوى البغي والضلالة بقيادة الولايات المتحدة والتحالف الشرير بين قومجية عبد الناصر والعفالقة في العراق لاسقاط حكومة 14 تموز الوطنية لان حكومة قاسم حررت البلاد من رجس التبعية الاجنبية وقضت على النظام الملكي الفاسد واقامت جمهورية وطنية وألغت جميع المعاهدات الاستعمارية الجائرة واعلنت انسحابها من التزامات حلف بغداد مثلما ألغت ارتباط الدينار العراقي بالكتلة الاسترلينية وشرعت القانون الشهير رقم 80 الذي انتزعت بموجبه 99.55% من الاراضي غير المستثمرة من براثن شركات النفط الاحتكارية، فوجهت بهذا القرار صفعة قوية للمصالح الغربية التي مافتئت تستهين بحقوق العراقيين وتسرق خيراتهم، لذلك قررت امريكا اسقاط حكومة قاسم الوطنية مهما كان الثمن وهكذا جاء القطار الامريكي يوم 8 شباط 1963 حاملا عصابات الحلف الشرير وهذا ما أكده امين حزب البعث علي صالح السعدي في حديثه الشهير في بيروت في كانون اول 1963 عندما قال عن انقلاب شباط ( لقد جئنا للسلطة بقطار امريكي ) وهذا ايضا ما أكده العميل السابق للمخابرات الامريكية( جون بيركنز ) خلال محاضرته امام جماعات السلام الامريكية المعارضة في مدينة سياتل وفي حديث مسجل على اليوتيوب بالصوت والصورة عام 2014 يقول فيه 🙁 ربما تتذكرون عبد الكريم قاسم رئيس العراق، فقد طرح قاسم مشروعا متميزا قال فيه ان النفط العراقي يجب ان يكون لفائدة الشعب العراقي .. كم كان نبيلا ولكننا لم نكن نرغب بذلك حيث بدأ قاسم بفرض الضرائب على الشركات النفطية وخاصة البريطانية والامريكية وهدد الشركات العالمية الآخرى لذلك قررنا الاطاحة به ) .
لقد ذهب قاسم ضحية لوطنيته الصادقة ولاخلاصه لشعبه واصراره على تحقيق الاستقلال الناجز للعراق حيث رفض رفضا قاطعا ان يكون العراق تبعا لاي معسكر حيث قال ( ان العراق لن يكون تبعا لاية دولة ولا لاي معسكر ولكننا سنكون اصدقاء مخلصين لمن يخلص بصداقته الينا ). لقد سكن الزعيم المغدور ومنذ استشهاده في عيون العراقيين وضمائرهم بعد ان حرمه الجلادون القتلة من قبر يكتنف جسده الطاهر عندما قطعوا جثته ورموها في نهر ديالى ، وظل العراقيون اوفياء لهذا الرجل الشريف الذي قدم انجازات اسطورية لبلاده وشعبه وخرج من الدنيا عفيفا صائما مظلوما لايملك منها سوى قميصه المضمخ بدم الشهادة، ومنذ استشهاده لم تهطل علينا سوى هبات الموت والقحط والبلاء وامست مدن الفقراء حزينة سوداء كدشاديش اهلها في عاشوراء . ان الشعب العراقي بأمس الحاجة اليوم لمنهج عبد الكريم ..للوطنية الصادقة ..للاستقلال الناجز .. للعفة والنزاهة ..لنكران الذات ..لتقديم مصالح العراق العليا فوق المصالح الحزبية والفئوية وفق شعار ( العراق اولا ) .. اننا بأمس الحاجة لمنهج الزعيم الشهيد في الارتقاء قولا وفعلا فوق كل اشكال الطائفية والعنصرية والتعصب .. في بناء عراق ديمقراطي موحد ترفرف عليه رايات الحرية والمودة والعدالة الاجتماعية .. وبناء دولة حرة كريمة ليس فيها ظالم ومظلوم ، متخوم ومحروم ، معذب ومعذب . تحية حب وتقدير واحترام للقافلة الاولى من شهداء العراق الابرار ضحايا جريمة البعث الفاشي في 8 شباط 1963 وفي مقدمتهم الرمز الشامخ شهيد الوطنية الصادقة ابن الشعب البار عبد الكريم قاسم .
* رئيس تحرير صحيفة 14 تموز








