من الماضي

"الحقيقة " تستذكر رحيل فائق بطي بمزيد من الحزن والأسى رحيل عميد الصحافة العراقية خسارة كبيرة للوطن وللأسرة الإعلامية في العراق

صدرت له ثمانية مؤلفات حول تاريخ الصحافة العراقية وهي: الصحافة العراقية، ميلادها وتطورها. صحافة العراق، تاريخها وكفاح اجيالها. صحافة تموز وتطور العراق السياسي. صحافة الاحزاب. اعلام في صحافة العراق. الموسوعة الصحفية العراقية. الصحافة اليسارية في العراق. واخيرا قبل اشهر، كتاب الصحافة العراقية في المنفى. كما صدرت له الكتب الآتية:أبي، الخيانة الكبرى، قضايا صحفية، الوجدان الجزء الاول، رفائيل بطي ذاكرة عراقية (مجلدان) إعداد وتحقيق، الوجدان الجزء الثاني، كما انه وضع اللمسات الاخيرة للجزء الثالث من كتاب (الوجدان) وبعنوان (ذاكرة وطن). كما بدأ في تحرير كتاب جديد يحمل اسم (شخوص في ذاكرتي). وكتابة تاريخ الصحافة الكردية بالاعتماد على المصادر في كل من اربيل والسليمانية والموصل وكركوك، الى جانب ما صدر منها في بغداد، وبالتعاون مع الكتاب والصحفيين الكرد، والاستفادة من الجامعات والمكاتب ووزارة الثقافة في الاقليم.. وقد أصدرت له دار المدى معظم مؤلفاته وأشهرها موسوعة الصحافة العراقية، والصحافة الكردية وأخيراً الصحافة السريانية إضافة الى كتاب حول سيرة والده روفائيل بطي المهنية.

اسرة ” الحقيقة ” تشعر بالحزن الشديد لفقدانه..عميدا للصحافة العراقية ، واحد اعمدة بنائها ، ومن الذين ساهموا بوضع الحجر الاساس لنقابة الصحفيين العراقيين ، وهو لاشك علم بارز من اعلام قوى اليسار العراقي . وفي هذه اللحظة ونحن نستذكرالراحل ، نحس بالفجيعة ونواسي كل الاسرة الاعلامية في العراق ونواسي انفسنا ونلوذ بما كتبه احبته ورفاقه وتلاميذه علنا نخفف وطأة الحزن التي اثقلت صدورنا منذ يوم 25 كانون الثاني 2016 ونحن نتلقى خبر وفاته في احد مستشفيات لندن .

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي تنعى الرفيق د. فائق بطي (أبو رافد)

 

وقد نعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الفقيد الراحل يوم وفاته وهذا نص النعي :

ينعى الحزب الشيوعي العراقي ببالغ الألم والأسى الشخصية الوطنية والثقافية والصحافية البارزة الرفيق د. فائق بطي، الذي توفي صباح 25 كانون الثاني 2016 في مستشفى بلندن، عن عمر ناهز 82 سنة، وبعد معاناة وصراع مريرين مع مرض غادر.

انتمى الرفيق الراحل في عمر مبكر الى الحزب الشيوعي، وعانى الكثير من مضايقات وملاحقات الاجهزة الامنية للحكومات الدكتاتورية، وتعرض للاعتقال غداة انقلاب 8 شباط 1963. قطع دراسته الصحافة في القاهرة سنة 1957 إثر وفاة والده، وعاد الى بغداد ليتولى رئاسة تحرير جريدة “البلاد”، التي واصلت صدورها بعد ثورة 14 تموز 1958. وهو من مؤسسي نقابة الصحفيين العراقيين، وقد عمل لاحقا في جريدتي الحزب “الفكر الجديد” و”طريق الشعب . “في سنوات المنفى تولى اصدار عدة مطبوعات، منها “عراق الغد”في عام (86 – 87 ) و”رسالة العراق” التي ظهرت اول مرة في 1994 واستمر صدورها الى ما بعد سقوط نظام صدام سنة 2003.

في سنوات الثمانين انتخب الفقيد رئيسا لـ “رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين” في الخارج.

وانتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب في مؤتمره الخامس سنة 1993، وجدد انتخابه في المؤتمرين التاليين : السادس (1997) والسابع ( 2001( . كان من المعارضين البارزين لنظام صدام حسين الدكتاتوري، وقد شارك في اجتماعات “لجنة العمل المشترك للمعارضة العراقية” وفي نشاطات المعارضة عموما، وبضمنها مؤتمر المعارضة العراقية الذي عقد في بيروت شهر آذار 1991.

وكان خلال ذلك مساهما نشيطا في حملات التضامن مع شعبنا العراقي ضد نظام الطاغية المقبور وقمعه وارهابه. ألف واصدر العديد من الكتب والمطبوعات، بينها ثلاث موسوعات عن الصحافة العراقية، والصحافة الكردية، والصحافة السريانية (تحت الطبع)، كما اصدر ثلاثة اجزاء من مذكراته (الوجدان)، ولم يستطع إكمال الجزء الرابع بسبب المرض. كبيرة هي خسارتنا برحيل الرفيق فائق بطي.

ونحن اذ ننعاه اليوم نتوجه بالمواساة، في وجه خاص، الى زوجته الرفيقة العزيزة سعاد الجزائري، والى كريمته وأسرة آل بطي جميعا، والى جمهرة الصحفيين الشيوعيين العراقيين، والى عموم الاسرة الصحفية العراقية التي وهبها الكثير من اهتمامه وجهده.

ستبقى ذكرى الرفيق فائق بطي حية مضيئة في قلوب الشيوعيين العراقيين وعامة ابناء شعبنا الطيبين.

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

25كانون الثاني 2016

فائق بطي.. معلماً ومربياً ومناضلاً

*عواد ناصر قال : برحيل فائق بطي، المناضل والصحافي المرموق، خسرت الصحافة العراقية رمزاً بارزاً من صحفييها، ليس لأنه صحفي، بالمعنى المهني للكلمة فقط، بل كان أحد موثقيها وشهودها العدول، وما تركه من نتاج يتراوح بين المذكرات والتأريخية، يخرج بالفقيد العزيز من مدار الصحفي العادي إلى صنف المعلم والمربي وجدير بالأجيال الجديدة من الصحفيين دراسة آثاره وتفحص تجربته الغنية والاستفادة منها والتعلم منها، لأنه قرن بين العمل الصحفي والنضال السياسي على أنهما رافدان من روافد الناشط والمجتهد في مهنة البحث عن المتاعب. شخصياً، تعرفت على فائق بطي خارج العراق، وخصوصاً في دمشق ولندن، كصديق وزميل، حيث عملنا معاً في رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين التي تأسست ببيروت عام 1980، فكان أحد كوادر رابطتنا التي كرست منظمة ثقافية وصحافية لفضح سياسة وجرائم السلطة البعثية في العراق، فاكتشفت فيه شخصية نقدية جريئة وصريحة وكان يعمل بروحية الفريق الواحد رغم سبق تجربته المهنية على الكثير منا، نحن الذين أسهمنا في تأسيس الرابطة وإصدار مجلتها المهمة “البديل” في بيروت ودمشق. فائق بطي أحد أبرز وجوه النضال الوطني والديمقراطي في العراق وفي المنفى، وعاش حياة زاهدة ومارس شتى الأعمال، ولم يستنكف عن أن يعمل في أعمال شاقة لكسب قوت يومه، متمسكاً بكرامة المواطن/ الإنسان ولم يخضع لأي ابتزاز أو إغراء، وقد اختار “مهنة المنفى الشاقة” بدلاً من مهنة الارتزاق في وطنه تحت لواء سلطة (السرسرية) في بغداد، وظل على موقفه حتى بعد سقوط تلك السلطة عام 2003، محرضاً على إحياء روح النقد وحق المعارضة وضرورتها في فترة ما يسمى بـ “العراق الجديد” وحتى اليوم.. إذ قال في إجابته على سؤال في حوار معه: أنت محق بسؤالك المهم: هل عندنا الآن صحافة معارضة؟ فاجيبك، نعم، هناك صحافة معارضة ولكن تعارض بخجل أيضا ومن دون ان تمتلك الجرأة اللازمة لنقد وتقويم الاخطاء في مسيرة الحكم الحالي، وما أكثرها وتنوعها. فكل صحف المعارضة قبل سقوط النظام، لها وزراؤها ونوابها في المجلس وممثلوها في الحكومة والدولة الجديدة. ولكني على ثقة بأن صحافة المعارضة سوف تنبثق بشكلها الصحيح استجابة للحاجة والظروف الموضوعية التي توجب وجودها في الساحة السياسية.. ولا أعني هنا، ان نخلق صحافة معارضة لزاماً، وإنما أعني، ان تطور الأوضاع سوف تتحكم بمثل هذه الضرورة، للوقوف بوجه العنف ولغة العنف، وإدانة كل من يحاول ان يتطاول على حقوق وحرية الشعب الذي يتطلع الى دور الحكومة في توفير الأمن والاستقرار والخبز والعمل وكل ما يستحقه عن جدارة، بعد مسيرة طويلة وشاقة من العذاب والحرمان والإرهاب المزدوج، ومن أجل ان يحقق السيادة والسعادة له وللأجيال القادمة. وبكلمة أخرى: نعارض لا من أجل المعارضة، بل من أجل قول الحقيقة، كل الحقيقة لأبناء شعبنا الطيبين”.

تحية لك يا فائق، ومجداً أيها المناضل الأبدي، الذي بقيت حاملاً راية الديمقراطية حتى الموت .العزاء للصديقة العزيزة سعاد الجزائري، ولكل ذويه وأصدقائه وزملائه ومحبيه.

مهنة البحث عن الحقيقة

* عبد الجبار العتابي اكد ان ” الراحل احد ابرز رموز الصحافة العراقية”. ويضيف ” انه رحل عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاماً قضى معظمه في العمل الصحفي الذي ورثه عن والده مؤسس جريدة البلاد والنائب روفائيل بطي وفي البحث والكتابة عن تأريخ الصحافة العراقية التي كرس حياته لها. رحل عن الدنيا في العاصمة البريطانية لندن بعد صراع مع مرض السرطان ” . مؤكدا ان “الراحل احد ابرز رموز الصحافة العراقية ويقترن اسمه بدوره في توثيق الصحافة العراقية، منذ إصداراتها الاولى المتمثلة بجريدة الوزراء في ستينيات القرن التاسع عشر، ومن خلال عدد من الكتب والدراسات التي اصدرها عن تاريخ الصحافة العراقية، وصحافة الأحزاب، وصحافة تموز، والصحافة اليسارية في العراق، والصحافة الكردية” . وبين ان” كل هذا يأتي  لولعه وعشقه المبكر للصحافة، فقد نشأ في مطبعة والده الصحفي الاديب والشخصية الاجتماعية والسياسية روفائيل بطي، ودرس على يديه مبادئ العمل الصحفي، الذي تأطّر على الدوام بقدسية هذه المهنة وسمو مقاصدها. ويعترض فائق بطي على تسمية الصحافة (مهنة البحث عن المتاعب) ، فهو يجدها (مهنة البحث عن الحقيقة)، وهذا ما يعطي الصحفي، برأيه، دورا خطيرا في حياة الناس، مشيرا الى ان خطأ طبيب واحد قد يودي بحياة شخص او اكثر، لكن نشر تحريض او أكاذيب قد يتسبب بموت الآلاف” .

 

فائق بطي حياة كفاحية طويلة

 

* جاسم الحلفي/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي قال :

رحل اليوم الصحفي الموسوعي الكبيرفائق بطي بعد حياة كفاحية طويلة، لم يساوم بها الطغاة والمستبدين، ولم يرضخ للسلطات الجائرة، نشط في حركات التضامن مع الشعب العراقي ضد الحصار الاقتصادي الذي هدف تجويع العراقيين، ووقف ضد الحرب معتبا انها ليست الطريق الناجع لاحلال الديمقراطية. رحل اول من ذكر اسمي وهو يخط بعض صفحات تاريخنا.. في كتابه الوجدان.  نم قرير العين لك الذكر الطيب.. وستبقى في وجدان احبتك وضمائرهم.

فائق بطي .. وداعا

* اما سلام عطوف فقد ودعه بهذه العبارات القصيرة المعبرة : وداعا رفيقنا المناضل فائق بطي، الذي كان علما من اعلام الصحافة العراقية وقد شغل دهرا من الزمن عضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي كما وناضل لعقود من الزمن ضد الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة. كان رفيقا رائعا بسلوكه واخلاقه العالية . لن نقول لاسرته وزوجته الانسانة والمناضلة الرائعة سعاد الجزائري سوى أنه في القلب ولن يموت المكافحون من اجل الحرية بل هم خالدون في التاريخ !

وداعا ايها المعلم الكبير

 

* الشاعر والصحفي يوسف المحمداوي قال : خسارة تضاف الى خساراتنا الكبيرة والكثيرة برحيل رمز الصحافة العراقية وموسوعتها الدكتور فائق بطي، انه فائق بكل الاشياء الجميلة والابداعية،فائق بالحب،بالمعرفة ،بابتسامته التي لا تتكرر،بخطوات الزهو وهي تتنقل بين اروقة المدى،بصوته الهادئ كتواضعه،بطريقة النصح لنا،بالحافز الذي يعطيه لتلاميذه،انه ملاك بهيئة انسان هكذا رأيته وهكذا احببته وانا سعيد بهذا الحب،ولكني اليوم حزين جدا ولا ادري هل اعزي النفس ام اعزي العراق باجمعه برحيل هذه القامة الابداعية التي لم ولن تتكرر،وداعا سيدي وستظل ايها الفائق في ذاكرتنا وفي قلوبنا تنبض بجميع مفردات الابداع والسلام والمحبة.

 

من حوار معه اجراه مازن لطيف

مازن : بعد التغير الذي حصل في 9/4/2003 وسقوط النظام الدكتاتوري ظهر فضاء من الحرية وعليه ظهرت العديد من الصحف العراقية..لكنها لم يكن لها الدور المؤثر في العملية السياسية وبالتالي لم يكن لها تأثير في توجيه الجماهير وتوعيتهم.,.برأيك كمؤرخ للصحافة العراقية هل كان للصحافة العراقية مع بداية تأسيس الدولة العراقية وما تلاها دور مؤثر وفاعل في السياسة العراقية ؟

فائق بطي: لا نستطيع اجراء المقارنة بين دور الصحافة طيلة السنوات الطويلة الماضية، ودورها الان بعد سقوط النظام في 9 نيسان 2003. فلكل مرحلة ساسة ورجال واعلاميون، لعبوا ويلعبون دورا في تطور الاوضاع على الصعد كافة في البلاد، ويساهمون الى هذا الحد او ذاك في العملية السياسية، شريطة ان نعي المرحلة الراهنة، ونضع مهمة الصحافة والاعلام في مكانها الصحيح بكونها مهنة ورسالة مقدسة.ان الصحافة العراقية في العراق تعتبر من اغنى واهم صحافة عرفتها البلاد العربية، في كونها صحافة رأي، وفي تعدد امتيازات اصدارها وقد بلغت الى عام 1979 ما يقرب من الف وخمسمائة مطبوع يومي واسبوعي للكتل والاحزاب السياسية الكلاسيكية والوطنية الديمقراطية، او تلك الخاصة. ورغم وجود قوانين للصحافة منذ قانون المطبوعات في 16 تموز 1909 بعد الانقلاب الدستوري العثماني المعروف في 1908 واول قانون يشرعه القضاء العراقي برقم 82 لسنة 1931 وتعديلاته في اعوام 1954 و1963 وانتهاء بالقانون رقم 206 لعام 1964 والتي كانت تعتبر سيفا مسلطا على حرية الصحافة، فان الصحف العراقية في كل تلك العهود التي مرت على البلاد، لعبت دورا وطنيا في التوعية والتحريض وشد الناس الى القضايا الوطنية والقومية. وما كثرة الصحف التي طالها التعطيل الاداري والغاء الامتياز والبالغ عددها ما يقرب من خمسمائة جريدة ومجلة، الا الدليل على ما كان يؤديه الصحفيون والكتاب من دور وطني مرموق في ساحات معارك الشعب التي كللها في ثورة 14 تموز 1958.اما بعد سقوط النظام الشمولي صبيحة 9 نيسان 2003، فقد عرف العراق للمرة الاولى في تاريخه الحديث، صحافة حرة تعددية بدون رقابة او قيود،في نفس الوقت، عرف الفورة غير المنظمة لاصدار المطبوعات، وبدون دراية بدورها المهم في مرحلة التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي، فانكفأت في مطلع عهدها الحر، وابتعدت عن اداء دورها الرائد في الانطلاقة الجديدة لبناء العراق الجديد، الا ما ندر من الصحف الحزبية والملتزمة للخط الوطني الديمقراطي، والاسلامي العقائدي. ومع شديد الاسف، لم يكن لهذه الصحف وحتى يومنا هذا اي دور مؤثر في العملية السياسية الا القليل، وابتعد الكثير منها عن اداء دوره، بما كانت تثيره من الكراهية وتفرقة الصفوف واثارة الحزازات والنعرات الطائفية بين ابناء الشعب، بديلا للدعوة الصادقة في توحيد الصف الوطني واحترام حقوق الانسان والدفاع عن الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الاعلام لبناء الوطن. ولا اود هنا ان التي بامثلة، فالمواطن العراقي ادرى بما يدور وما يقرأ، فهو ومنذ اجيال قارئ فطن وذكي، ويقرأ الممحي كما يقال.

مازن : كان لمقالات الصحفيين العراقيين تأثير فاعل في اثارة الرأي العام ضد الحكومات او المؤسسات التابعة للحكومة ..كيف تنظر الى تأثير الشخصيات الصحفية العراقية الحالية ومدى تعاملها مع المعطى السياسي الراهن؟

فائق بطي : استكمالا للجواب على السؤال الاول، اقول، لم تبرز بعد سقوط النظام السابق حتى ايامنا هذه، اي شخصية صحفية، كاتبا او صاحب مطبوع، وحتى في الصحافة الحزبية والعقائدية،من ينطبق عليه توصيفة دوره وتأثيره على مجمل الوضع السياسي الجديد، وان وجدت القلة، فهي بعيدة عما نقصده بسؤالك. واذا قارنا تأثير صحفيي وكتاب الامس في العراق منذ تأسيس الحكم الاهلي في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، على الاوضاع السياسية في العهدين الملكي والجمهوري،نستطيع ان نذكر وبكل فخر، اسماء لامعة في هذا المضمار، دفعت ثمن جرأتها وتصديها للحكومات، السجن والحرمان والفاقة عن طيب خاطر. ومن هذه الاسماء، اذكر لك:

حسين الرحال، محمود احمد السيد، يوسف متي، لطفي بكر صدقي، فهمي المدرس، ابراهيم صالح شكر، رفائيل بطي، عبد الغفور البدري، الجواهري الكبير، شمران الياسري (ابو كاطع)، حميد رشيد، رشدي العامل وعشرات غيرهم. قبل مجيء البعث الى السلطة وتغييب دور الصحافة كان لصحف المعارضة دور فاعل في نقد وتقويم عمل واداء الحكومة ..الان يفتقد الشارع العراقي هكذا صحف وما موجود منها لاينطبق عليه تعريف صحف المعارضة كون معظم الصحف التي تعتبر نفسها معارضة لديها وزراء ونواب .

 

تأسيس نقابة الصحفيين العراقيين 1959

 

 قال روفائيل بطي في كتابه ( الموسوعة الصحفية) أن 45 صحفياً ، وكان هو أحدهم، اجتمعوا في نادي المحامين ببغداد، وتدارسوا مشروع تأسيس نقابة للصحفيين ، واتفقوا على اختيار لجنة تأسيسية ضمت 11 صحفياً لإعداد الترتيبات الأولية للمشروع، والحصول على موافقة الحكومة وفي تقديرها ، أن هؤلاء الصحفيين الخمسة والأربعين ، بصفتهم الجماعية، وليس واحداً منهم ، أو بعضاً منهم، هم مؤسسو أول نقابة للصحفيين في العراق . وضمت اللجنة التأسيسية التي انبثقت عن الاجتماع ، الأسماء التالية:     

محمد مهدي الجواهري (صاحب صحيفة الرأي العام ) ، يوسف إسماعيل البستاني ( ممثلا عن صحيفة اتحاد الشعب ) عبدالله عباس ( صاحب صحيفة الأهالي ) عبدالمجيد الونداوي ( رئيس تحرير صحيفة الأهالي ) صالح سليمان ( ممثلا عن صحيفة صوت الأحرار ) فائق بطي ( احد أصحاب صحيفة البلاد ) موسى جعفر أسد ( ممثلا عن صحيفة الثورة ) حمزة عبدالله ( ممثلا عن صحيفة خه بات الكردية ، وتعني النضال بالعربية ) صالح الحيدري ( من صحيفة خه بات أيضا ) حميد رشيد صحفي محترف ، عبدالكريم الصفار صحفي محترف أيضا ، وانقضى شهران، دون أن تمارس اللجنة التأسيسية نشاطاً ، سوى النشاطات السياسية، وفي 8 أيار/ مايو 1959، قابل أعضاؤها ، رئيس الحكومة الزعيم عبد الكريم قاسم، في مكتبه بوزارة الدفاع، وقدموا له مذكرة ، تطلب أجازة نقابة الصحفيين رسميا.

ووافق قاسم على تأسيس نقابة الصحفيين العراقيين، ومنحها مساعدة مالية قدرها عشرة آلاف دينار لصرفها على تهيئة مكاتبها في بغداد، وواصل رئيس اللجنة التأسيسية محمد مهدي الجواهري اتصالاته بالسلطـات الحكومية لتنفيذ مشروع تأسيس النقابـة، حتى نشرت ( الوقائع العراقية ) ، الجريدة الرسمية للحكومة العراقية يوم 23 حزيران/يونيو 1959 القانون رقم 98 الخاص بالنقابة ، ووقعه رئيس وأعضاء مجلس السيادة، ورئيس الحكومة والوزراء كافة، ومن بينهم الزعيم عبد الكريم قاسم ، والزعيم محيي الدين عبد الحميد وزير المعارف ، بصفته وزيراً للإرشاد بالوكالة، ومصطفى علي وزير العدل، وهو أول قانون في تاريخ العراق لنقابة الصحفيين . واحتوى هذا القانون على 31 مادة ، خولت الثامنة والعشرون منها، اللجنة التأسيسية بأعمال الهيئة الإدارية لحين عقد المؤتمر العام الأول وانتخاب هيئة إدارية، وشرحت مواده الأخرى أهداف النقابة، سياسياً ومهنياً ، وعرفّت كلمة ( الصحفي) بأنه ( صاحب الجريدة أو المجلة، والمحرر والمخبر والمراسل والمصحح والمبوب وملتقط الأخبار وغيرهم من العاملين في الحقل الصحفي) ، ونصت على العقوبات الانضباطية ، والقضايا المهنية الأخرى ، واشترطت المادتان الخامسة والسادسة منه ( انتساب كل من يمارس مهنة الصحافة الى النقابة) ، لكنها أخفقت في تحديد موعد انتسابه : قبل البدء بممارسة المهنة ، أم بعد ممارسته لها .

قد يهمك أيضاً