العنوان زوجة طيبة
عنوان قد لا يبوح بالكثير عن مضمون الفلم ، الذي يبدأ بسيطا ببساطة العنوان، فبطلة الفلم زوجة وأم طيبة ، كحال العديد من الأمهات اللواتي يحرصن على ديمومة وتماسك عائلاتهن مهما كان الظرف ، وتعددت المشاكل ، لكن مع تصاعد الخط الدرامي للفلم ، نكتشف قوة هذه الأم وانتصارها للخير ومحاربة الشر وان كان ذلك سيسبب لها الكثير من المشاكل العائلية وربما تفقد ركنا مهما من اركان بيتها .
الحكاية
تعيش الأم ميلينا مع عائلتها المتكونة من زوجها الضابط السابق فالدا ، وابن وبنت ، فيما كانت ابنتها الكبرى قد غادرت المنزل بسبب خلافها الفكري مع والدها ، لتعيش في مدينة بلغراد بعيدة عنها ، وتعمل كناشطة مدنية في حقوق الانسان ، هذه العلاقة السيئة بين الاثنين ومعرفة عمل كل منهما، هي التي تشكل أول الاسئلة التي يمكن ان تتبادر الى ذهن المشاهد حول سبب ذلك الخلاف .
تحرص ميلينا على متابعة افراد اسرتها جميعا ، الابن المراهق الذي يحتاج حتى الى كوي قميصه ، البنت الثانية التي بدأت تواعد اصدقاءها ، وكذلك البنت التي تعيش مع صديقها ، حيث تحرص على زياراتها والاطمئنان عليها، الزوج الذي تحرص على ادامة معاشرته ، حتى ترضيه .
ألم في الصدر يستدعي ميلينا لعمل فحص طبي ، لثديها ، شكوك بإصابتها بسرطان الثدي ، حالة قلق ، تؤثر على سير حياتها التقليدي ، وهو بداية التصاعد الدرامي للفلم ، لا تخبر احدا بذلك ، تحاول الهاء نفسها بتنظيف البيت ، وترتيب اغراضه ، لتعثر بين حاجيات زوجها ، على شريط فديو كاسيت ، يدفعها الفضول لتشغيله ، فيظهر فيه زوجها مع صديق العائلة الشاب ، حيث كان يعمل عسكريا ايام الحرب بين الصرب والبوسنة والهرسك / وهما يحتجزان مجموعة من الشباب البوسنيين ، ويأمرا بتصفيتهم ، بعد تردد ومن خلال مشاهدتها لبرنامج تظهر فيه احدى الناشطات التي تدعو لمحاسبة مجرمي الحرب ، تقرر الذهاب اليها وتسليمها شريط الفيديو الذي يدين زوجها .
الاشتغال .. ثنائية السرطان والاجرام
ما تفرزه الحرب ، اي حرب يجب ان يحارب ، وان تتم محاسبة من تسبب بكل هذا ، فالسرطان كما يوصف ” مرض خبيث ” لا يعرف متى ينشط ، وان نشط فهو قاتل لا محالة ، والاشخاص الذين ارتكبوا جرائم حرب يجب ان يحاسبوا ، فقد جبلوا على القتل ، ومن الممكن العودة الى اجرامهم في اي طارئ يمكن ان يحدث في البلد ، لتراهم جاهزين لمعاودة الكرة .
الزوجة ابتليت بسرطان من النوعين ، السرطان البيولوجي الذي اصاب جسدها ، ويجب ان تتخلص منه ، والسرطان العائلي ” الزوج ” الذي من الممكن ان ينتشر وباؤه الى المجتمع كله .
بإخبارها للناشطة المدنية بحقيقة زوجها وتسليمها شريط الفيديو الذي يدينه ، واجرائها لعملية استئصال الثدي ، تكون قد تخلصت من الاثنين ، حتى تبقى جديرة بحمل لقب الزوجة الطيبة .
تأويل النص المرئي
لم يطرح الفلم حكايته بشكل مباشر ، بل اشتغلت المخرجة ” ميرجانا كارانوفيتش ” بطريقة ارسلت من خلالها العديد من الدلالات والشفرات للمتلقي ، الابنة الكبرى ، تدل على ان الحروب بقدر ما تفرزه من تأثير نفسي ، ومجتمعي ، يمكن ان يغير في الكثير من الصفات الاجتماعية ، خصوصا في الدول التي تخوض حروبا قومية وأثنية ومذهبية ، لكنها في المقابل ممكن ان تنتج جيلا رافضا للحرب ، مصرا على محاسبة من تسبب بها ومن ارتكب الجرائم فيها ، كذلك فإن الأم او الزوجة الطيبة ، لا يعني التغاضي عن الخطأ ، بدليل اعترافها على زوجها مجرم الحرب .
زوجة طيبة ، نموذج للأفلام الجيدة وتشتغل على وقائع ما مرت به البلدان التي عانت من الحروب ومن تبعاتها المستمرة الى الان ، وان تناولها سينمائيا ، هو وسيلة لتعريف اكبر قدر ممكن من الناس ، بالكثير من القضايا التي قد لا يعرفونها ، وضرورة تظافر الجهود لمعالجتها .
.الفيلم :بطولة وإخراج ميرجانا كارانوفيتش
وتمثيل :وبوريس ايزاكوفيت وبوجان نافوجك وياسنا دوريتشيك.