الاخيرة

التشكيلي عاصم حافظ لم يتخل عن أشكاله الطبيعية حتى آخر حياته

كاظم السيد علي 

 

في الفن العراقي الحديث، برزت أعمال فنية لقلة من الرسامين، اشتهروا في تلك الحقبة، وذلك لتمتعهم بالقابليات الفنية وبقدرتهم على محاكاة العالم المرئي، ورسم ملامح الطبيعة والأشخاص، وكان من أبرزهم عبد القادر الرسام والحاج محمد سليم “والد جواد سليم “ومحمد صالح زكي وعاصم حافظ .. وكل هؤلاء في زعم الفنان الكبير شاكر حسن آل سعيد الذي عبر عنهم في إحدى كتاباته بأنهم (يعبرون عن موقف الفنان العراقي المهتم بممارسة العمل الفني كوسيلة للمتعة الذاتية..”.

 والفنان عاصم حافظ الذي نحن بصدد استذكاره اليوم، من الفنانين الذين ساروا على نهج عبد القادر الرسام الذي سبقهم في هذا المضمار .. وكان (حافظ) منخرطاً في صفوف الجيش العثماني قبل الحرب العالمية الأولى بعد تخرجه من المدرسة الرشدية العسكرية في بغداد. وكان متمتعاً بالقابلية الفنية منذ طفولته، وقد خلف لنا عدداً من الأعمال تنم عن حذق في المنظور واللون من خلال انصرافه في هذه التجربة الفنية الطويلة التي امتدت لما يقارب (90) عاماً وخاصة في المشاهد الطبيعية الصامتة (الجامدة) بعد أن كان مولعاً برسم الوجوه في بداية أعماله الفنية التي كانت هاجسه الأول منذ صغره في مدرسته الابتدائية في الموصل .. وفي العام 1928م سافر (عاصم) إلى باريس ليدرس الرسم على حسابه الخاص وعلى يد الأستاذ (انطوان رينولد) وتخرج وعاد إلى البلاد العام 1931م معلماً، فقد كان الرسم يدرس إجبارياً في المعاهد العثمانية، وبعد احتلال بريطانيا للعراق استقال الفنان حافظ من وظيفته والتي كان فيها برتبة ضابط في الجيش العثماني واتجه صوب التعليم حتى اختير لتدريس الرسم في المدارس الرسمية وبقي كذلك لمدة 19 عاماً.

وتجدر الإشارة إلى أنه استطاع في هذه الفترة أن يتخصص باللغة العربية التي تعلمها من خلال جهد مضن، وكذلك باللغة الفرنسية التي تعلمها خلال مكوثه في باريس. وتجربة (عاصم) تؤكد بأنه رسام ذو أسلوب كلاسيكي يرتكز على العناصر الطبيعية لإخراج مظاهره في الظل والضياء والبناء ودراسة مادتها وخصائصها في أشكاله المرسومة، تجد فيها (فواكه الرقي والعنب والسكين والأواني الفخارية والزجاجية وقطع القماش ذات الألوان الزاهية) . كان بعيداً كل البعد عن رسم أشخاصه البشرية ويتجنبها طيلة هذه التجربة الطويلة، مثل معاصريه في تجسيد الطبيعة والواقع للجو العراقي، فعبد القادر الرسام المتوفى العام 1952م كان يعكس في أعماله مواقف تسجيلية في الحياة اليومية العراقية في بغداد ولضفاف دجلة والمدن المجاورة إليها. وكذلك عند محمد صالح زكي 1886م – 1947م الذي جسد في أعماله واقع الفن التشكيلي التسجيلي في البلاد مثل نقله لبساتين النخيل والحقول والوديان وسفن الثوار في ثورة العشرين، فكانت رسوماته للأشخاص أكثر عناية من رسم المشاهد الطبيعية، ورغم كل هذا لم يتخل عاصم حافظ عن أشكاله الطبيعية التي رسمها حتى آخر حياته، وكان يقول لمن يسأله عن اتجاهه الفني: “دعني من التسميات، تأثري، تعبيري، متوحش، أنا واقعي فقط، أنا كلاسيكي وأحب الكلاسيك”.

ومن الجدير بالذكر ان الفنان عاصم حافظ من مواليد الموصل العام 1886م –  وتوفي العام 1978الموصل، ودرس الرسم في المدرسة الابتدائية في الموصل. دخل المدرسة الرشدية العسكرية في بغداد. اختير لتدريس الرسم في المدرسة الرسمية لمدة تسعة عشر عاماً. في العام 1928م سافر إلى باريس لدراسة الرسم على يد أستاذه أنطوان رينولد. بعدها عاد إلى البلاد العام 1931م. صدر له كتاب قواعد الرسم على الطبيعة العام 1935م. تعلم أوليات الكيمياء اللون في باريس وقوانين المنظور على أيدي أساتذة أكفياء في استانبول – تركيا.

 

قد يهمك أيضاً