ثقافية

قصة قصيرةالْمُوَاجَهَةُ

لطيف عبد سالم

تَكَفَّلَتهُ أُمّهُ، بَعْدَ أنْ وَضَعتَهُ فِي غِيَابِ وَالِدهِ، وَهِيَ تُوَاجِه آلَام المَخَاض وَحِيدَة فِي سَكنِها، لَمْ يَأبهَ فِي سِنّي طُفُولَتِه المُبَكِّرة بِمَا جُبلَ عَلَيْهِ مِنْ يُتمٍ مُبَكِّرٍ مَنَّعَ عَنْهُ اِكْتحَال عَيْنَيه بِمَرْأى وَالِدَهُ، وَلَا بِنَشْأْتِهِ فِي كَنَفِ امْرَأَةٍ تُسَاوِرهَا هُمُوم الْبُؤْس وَاليَأْس، وَهَوَاجِسُ الحَاجَة وَالفَاقَة، وَلَا حَتَّى بِإِطْلَالَتِهِ عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا وَهُوَ يَعِيْشُ فِي بَيْتٍ أقْرَب لِزَّريبَةِ حَيَوَانَاتٍ مِنْهُ إلَى الدَّار.
مَا اِكتَنَفَ إجَابَات وَالِدَته مِنْ غُمُوضٍ عَنِ الأسْئِلَةِ العَالِقَةَ فِي ذِّهْنِهِ، وتمسكها علَى مَا يَبْدُو بِمَا فَرَضَت الأيَام عَلَيْهَا مِن القُيُودِ، التِي أَلزمتهَا المَيْلَ لِلْرُّكون إلَى تقْنِيْنِ لِقَاءَاتهَا مَعَ المُحِيطِينِ بِهَا، وَالاْبْتِعَاد عَنِ الحَدِيْثِ مَعَ أَبْنَاءِ جِلْدَتِهَا، وَمَا اِرْتبطَ بِهَذَا الوَاقِعِ مِنْ حِرْصٍ علَى تَوَخّي دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ مِنِ الحَذَرِ إزَاءَ مَا يَتَدَاوَل مِن مَوْضُوعَاتٍ عِنْدَ الحَدِيْث مَعَهُ، أثَارَ حَفِيظَتَهُ، وَزَادَ مِنْ شُكُوكِهِ، وَعَزَّزَ فِي ذِهْنِهِ مَا يَدُور مِنْ هَمْسٍ فِي الخَفَاءِ.
كَانَ كُلَّما تَاقَتْ نَفْسُهُ لاِسْتِيضَاحِ مَا يَشْغَل باله، وَبَادَرَ أُمّهُ بِالسُّؤَّال، يتلمَّسُ وقوعهَا فِي حَيْرَةٍ مِنْ أمْرِهَا، وَيُلَاحِظ تَحَاشِيهَا النَّظر إلَيْهِ، وَقَدْ غَرْغَرَتْ عَيْنَاهَا بِالدُّمُوعِ، وَكَأَنَّهَا تُحَاوِلَ أنْ تَخْرُجَ عَنْ صَمْتِهَا، وَلَكِنْ هُنَاكَ مِنَ الْأُمُورِ مَا يَمنَعهَا عِنْ أنْ تَبُوحَ بِمَا يَصعُب قَولُهُ؛ فَتَتَرَسَّخ فِي نَفْسِهِ حَقِيقَة عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَحْقِيْقِ مَا يَصْبُو إِلَيْهِ؛ فَكَانَ أنْ اِشتدَّت بِهِ الهَوَاجِس لَيْلَ نَهَارَ، وَخَطُرْت علَى بَالِهِ كَثِير مِنِ الأَفْكَارِ وَالتَّصَوُّرَاتِ، حَتَّى تَيَقَّنَ أنَّهُ مَهمَا تَعَاقَبْت الأيَام وطال زَّمَان الاِنْتِظَار، فإنَّ وُصُولَه إلَى مُبْتَغَاهِ، وَحَسْمَ مَا يَجُولُ فِي نَفْسِهِ مِنْ مَشَاعِر مُتَدَفِّقَةٍ، هُوَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ إلَى اِلأَمَانِيِّ العَصيَّة عَلَى الْمَنَالِ، وَالتِي مِنْ شأنِهَا أنْ تُسْهِمَ فِي تَّشْوِيشِ مَا يَطُوف فِي ذِهْنِهِ مِنْ أَسْئِلَةٍ، وَرُبَّمَا تَقُودهُ إلَى التَزَعزُعِ تَحْتَ وَطْأَةِ الضِّعْفِ وَالاِنْكِسَارِ.
لَا يتذكَرُ أنَّ روحَه كَانَت يَوْمًا مُغمَّسةً فِي نَقيعِ الأمَانِي، فَالألَم يَتَلَوَّى بِدَاخِلِهِ، وَإِحْسَاسٌ يُرَاوِدهُ بَيْنَ الْحِينِ وَالآخَرِ بِأنَّ القَلَقَ وَالخَيْبَة وَالخَوفَ سَتَبَقَّى حِمْلًا يُثْقِل كَاهِلَهُ، بَعْدَ أنْ تَاهَ وسط لَيَالٍ حُبْلَى بِطَعْمِ تَراكُمِ خَيْبَات الأمَل النَاجِمَة عَن إخْفَاقهِ فِي الْوُصُولِ لِلْغَايَةِ التِي سَعَى إِلَى تَحْقِيقِهَا، وَالتَي فِي وُسْعِهِا أن تُسْهِمَ فِي كَبْحِ مَا تسبّبَ فِي حَيْرَتِهِ مِنْ فَيْضِ الأَسْئِلَةِ، وَمَا تَزَامَنَ مَعَهَا مِمَا أَجُبِّرَ عَلَى خَوْضِهِ مِن صِّرَاعَاتٍ نَفْسِيَّةٍ دَّاخِلِيَّةٍ.
حَمَلَ فِي ذَاتِهِ مَا لَا يُحْصَى مِنْ الاِعْتِبَارَاتِ التِي جَعَلَتهُ يَعِيْش فِي دَوَامَةِ الوَسَاوِسِ وَتَبِعَاتهَا مِنْ خَشْيَةٍ دَائِمَةٍ مِمَا هُوَ قَادِمٌ مِن الأيَام، فلَمْ يَعُدْ يَقوَى وَهُوَ فِي عُنْفُوَانِ الصِّبَا عَلَى مُوَاجَهَةِ آثَار رِيَاح البَسِيْط مِنْ عَوَاصِفِ الحَيَاة، بَعْدَما خَالَجَهُ شُعُورٌ مُبكِر بِالمَيْلِ إلَى العُزلَةِ وَالْاِنْطِوَاء مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ، فعاشَ وَحِيدًا لَا يَجِدُ مُسَاعِدًا، وَلَا يَجِد مَنْ يُحَادِثهُ أو يَسْتَمِع إِلَيْهِ، حَتَّى تَرَسَّخَت لديه القَنَاعَة بأنَّهُ كُلَّمَا حَاوَلَ الخروج مِنْ شَرْنَقَةِ العُزلَةِ، سُرْعان مَا كَانَ يَعُودُ لينكفِئ علِى نَفْسِه؛ فَيُصْبِحُ مُنْعَزِلًا.
وَجدَ نَفْسهُ عبرَ مخَاض الزَّمَن وسط مَشْهَدٍ ضَبَابِيٍّ مَلِيءٍ بِطَعْمِ الحُزْن بَعْدَ أنْ تملّكهُ شُعُورٌ بِغُرْبَةٍ شَدِيْدَةٍ، وَأدْرَكَ جَلِيَّا أنَّهُ كَمَنْ يَمْشِي علَى حَافَةِ الهَاوِيَةِ، فَخَـاضَ غُمـار حَيَاته مُبْتَعِدًا عَن أقْرَانِهِ مِنْ أبْنَاءِ قَرْيَتِه، وَعَاشَ مُفْتَقِرًا لِمَنْ يؤنسَ وَحدته، بِفعْلِ النَظْرَة الدُّونيّة إلَيْهِ مِن المُحِيطَيْن بِهِ، وَالتِي أدَّت إلَى تَخَلَّي رِفْقَتَهُ وَنُظَرَائه عَنْهُ، وَاِقْتِران طُفولَته وَيَفَاعَته بِآهَاتٍ وَمُعَانَاةٍ مُشْبَعةٍ بِجُرْحِ الكَرَامَة، إذْ تفتحَ وَعْيَهُ علَى الحَيَاةِ فِي غَمْزٍ مَنْ أهَالِي القَريّةَ، وَمَعَ تَقادُمِ الأيَام تَنَاسَلَت الحِكَايَاتِ مِنْ رَحمِ أَزْمته، فخَيَّمَ الإحْبَاط وَالتَهْمِيْش علَى حَيَاتِهِ.
مُحَاوَلَتهُ الإمساكَ بِخَيْطٍ أبْيَضَ فِي ظَّلاَمٍ حَالِكٍ، جَعَلتهُ لَا يَتَوَقَّف عَنْ طَرْحِ الكَثِير مِنَ الْأَسْئِلَةِ علَى وَالِدَتهِ، التِي كان جِلُّ هَمِّها تَجْنِيبَهُ كُلّ مَا مِنْ شَأنِهِ أنْ يُسْهِمَ فِي الكَشْفِ عن حِكَايَةٍ طوتها الأيَام وَاللَّيالي، فعَمَدَت إلى التكتُّمِ الشَدِيدِ علَى حَيَاتِها الخَاصَّة ومَوْرُوث عَائِلتهَا، ورَكنْت إلَى وُجُوبِ تَنَاسِي كُلّ أَوْجَاعهَا؛ لِأجْلِ الْمُحَافَظَة عَلَى سَلاَمةِ اِبْنهَا، وَإبْعَاده عَنْ شَبَحِ النِّزَاعَاتِ، أو عَمَا يُمْكِنُ أنْ يُؤَدِّيَ إلَى التَّسَبُّبِ فِي إثَارَةِ المُشَكَّلَات مَعَ الآخَرِيْن.
أَجَبَّرهُ شُعُوره بِالاِسْتِيَاءِ مِمَا حَوْلَهُ أنْ يَتَوَسَّلَ أمه، وَيَسْتَعْطِف قَلْبهَا؛ ظَنًا مِنْهُ أنَّ إثَارَةَ عَاطِفَة الأُمومَة بِمَقْدُورِهَا أنْ تُسْهِمَ فِي تَحْقِيقِ مُبْتَغَاه، فَارْتَمَى فِي ظَهِيرَةِ أحد الأيَام شَدِيد البُرودَة علَى قَدَمي أُمَّه المُتَوَرْمَتَيْن؛ سَعْيًا مِنْهُ لِحَمْلِهَا علَى أنْ تُشفِقَ عَلَيه بِمَا يجعلهُ يَسْتَبِين جَليّة مَا اِسْتَبَدَّ بِهِ مِنْ هَاجِسٍ مُرْعِب، وَمُلْهمٍ لإثْرَاءِ مهِمَّتهِ بِالْإِصْرَارِ علَى الْوُصُولِ إِلَى غَايَتِهِ وَقَصْدِهِ، وَإنْ كَانَ يَظُنّ أنّ الاسْتِمْرَارَ فِي سَعْيِهِ لِتَحْقِيقِ حُلْمِهِ بَاتَ أَقْرَب إلَى المُسْتَحِيلِ.
اِشْتَدَّ هِيَاجهُ، تَزَايدَ اِنْفِعَالهُ، تَعَالَى صَوْتُهُ بِالصِيَاحِ:

  • أُمِّي.. أُمِّي..
  • كَيْفَ تُوُفِّيَ أَبِي؟!
    كَعَادَتهَا، تَمَهَّلْت قَلِيْلًا قَبِلَ أَنْ تُجَيِّبَ وَحِيدَها باِرْتِبَاكٍ وَرَائِحَة الخُوَّف، التِي زَكُمتْ أَنفَها حَدَّ الغَثَيَانِ تموُّج علَى وَجْهِهَا:
  • يَا وَلَدِي، أبوكَ مَاتَ مُنْذُ زَمَنٍ بَعيدٍ كَمَا يحصل لبَقِيَّةِ النَّاسِ.
    زَفَرَ بِضِيْقٍ، وَبِلَهَجَةٍ لَيْسَت أَقَلَّ حِدَّةً مِمَا بَدَأَ بِهِ حَدِيْثه، قَالَ لِوَالِدَتهِ:
  • بَلَى، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ غَيْرِ ذَلِكَ مِن أهْلِ قَرْيَتي.
    وَأملًا فِي اِسْتِعادَةِ رِبَاطة جأشه، فإنَّ المَرْأَةَ التِي عَرَكْتهَا الحَيَاة، وَتَجَرَّعَت مَرَارَة المَوَاقِف، وَبِكُلِّ مَا أُوتِيت مِنْ قُوَّةِ، وَبِمَا خبرته بِهَا قَسَاوَة الأيَام وَبَشَاعَتهَا مِنْ تَجَارِب، سَلَّطَت نَظَرَاتهَا عَلَيْهْ، وَقَلْبها يلهج بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى؛ لأَجْلِ أَنْ يُفَرِّجَ كَرْبهَا فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ، قَبِلَ أَنْ تُخَاطِبهُ بَصَوْتٍ هَادِئٍ غَلَبَتْ عَلَيْهْ سَطْوَة الأُمومَةٌ وَهِيَ تَقُوْل:
  • دَعْ عَنْكَ هَذَا الهُرَاء يَا وَلَدِي، اِنْتَبَه لِنَفَّسكَ، مَا طَرَقَ سَمْعَكَ مِنْ أَخْبَارٍ لَيْسَ سِوَى مَكِيدَةٍ اِبْتَكَرهَا مَنْ يُضْمِر لَكَ الكَرَاهِيَّة سِرًّا، فَإنْ أدْمَنتَ علَى الْإِصْغَاءِ لِمَا يُقَولُونهُ، فَلَا فكاكَ مِنْ خُيُوطِ هَذِه الضَغِينِة.
    تَكْرَارُ حَدِيْث وَالِدَته، أعَانَهُ فِي النَّأْيِ بِنَفْسِهِ مِنَ الضَيَاعِ فِي مَتَاهَاتِ الحُزْن، وَسَاعَدهُ علَى الهَرَبِ مِنْ وَحْشَةِ حَيَاةِ الوَحْدَةِ، وَالاِنْفِرَاد بِالنَفْسِ، فَقَطَعَ عَهْدًا عَلَى نَفْسِهِ، أَلاَّ يَعُودَ إِلَى عُزْلَتِهِ، وَأنْ لَا يَنْحَنِي أمَامَ عَوَاصِف الأيَام فِي زَحْمَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا، مَهْمَا بَلَغَتْ تَقَلُّبَاتهَا مِنْ شِدَّةٍ؛ إكْرَامًا وَاحْتِرَامًا وَتقْدِيرًا لَهَا.
    وَإِدْرَاكًا مِنْهُ لِخُطُورَةِ الاِنْزِوَاءِ فِي مَرمَى الشُعُور عَنْ كونِهِ مُجردَ بَقَايَا إنْسَانٍ، تَحَتَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْشُدَ كُلَّ مَا يَتَهَيَّأُ لَهُ مِنْ إِمْكَانَياتٍ، وَمَا يُسَهِّل عَلَيْهِ الْأَمْرَ؛ لِأجْلِ أنْ يَنْتَشِلَ نَفْسه مِنْ بَيْنِ ثَنَايَا المَأْزِق الخانق الذِي فُرِضَ عَلَيْهِ، فَبَدَأ سَعْيَهُ فِي تَجَاوُزِ مَا ألمَ بِهِ مِن إحْبَاطٍ، مُحَاوِلًا دَفْنَ وَحدَتهِ وَمَرَارَتِهَا اليَوْمِيَّة، فَعَمدَ جَاهِدًا للتَّصَالُحِ مَعَ نَفْسِهِ مُتَنَاسِيًا بَعْضَ هُمُومه؛ لِاِنْتِزَاعِ ذاتهِ مِن مُستنقَعِ الهَزِيمَة، فَلَجَأَ إلَى عَرْضِ مَهَارَاتٍ مُبْتَكرةٍ؛ لإيْهَامِ مَنْ حَولَهُ بِمَا تحمله مِنْ مَعَانٍ وَدَّلَالَاتٍ رَّمْزِيَّةٍ؛ تُوحِي بأنَّهُ عَلَى قَدْرِ كَافٍّ مِنَ قُوَّةِ الشَّخْصِيَّةِ.
    ذَاتَ يَوْمٍ أسَرَّهُ أحدَهم عَنْ بَعْضِ جَوَانِب فَجِيعَته قَائِلًا:
  • كُلّ ترْكةِ وَالدكَ، هي الصَّرِيْفَةُ التِي وَجَدَت نَفْسَك فِيهَا، أبوكَ شَيَّدهَا بِالتَّرَجِّي والاِسْتِعْطاف، وَلَا تَمْلِكُ مِنْهَا أنْتَ سِوَى الطِيْن.
    لَمْ يَكْتَرِثْ لِمَا طَرَقَ سَمْعَهُ، وَلَمْ يَحِدْ عمَا عَزَمَ عَلَيه، حَدَّثَ نَفْسَهُ قَائِلًا:
  • قَدْ يَكُونُ مُخادِعًا كَمَا قَالَت وَالِدَتي، ضَمَان وُجُودِي الإنْسَانِي؛ يُمْلِي عليَّ تجاوز مَا تَسَرَّبَ إلى نَفْسِي مِنْ مَخَاوِف، غَيْرَ أَنَّهُ شعرَ بخَواءٍ مِن شِدَّةِ ألَمه لَحْظَة مُوَاجَهَة المَوْت مأزومًا، حِيْنَ أبْلَغهُ بِمَا وَرِثَهُ مِنْ عَارٍ مَا اِنْفَكَّ عَنْ ملاحقتِه بحسبِ المَوْرُوث مِن التَّقَالِيدِ، إذ شعرَ بِهَزِيمَةٍ نَّكْرَاء وَهُوَ يَتَجَرَّعُ رِيَاح الخَيْبة، حين أقر بِوَهْنِه أمامَ سَّطْوَة قاتل أبيه عمدًا، فَالنكَّد الذِي أَحْرَقَ رُوحه فِي المَاضِي، فَلَسَوفَ يُحرِقُهَا بِلَا رَيْب فِي المُستَقبَلِ!.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان