وسط حشد من العائلات واطفالهم، وجمع من الناشطين المدنيين والمثقفين والفنانين والاعلاميين، أقيمت عصر أمس الاول السبت، على حدائق ابي نؤاس قرب نصبي شهريار وشهرزاد، الدورة الثانية من فعالية “أنا عراقي .. أنا أقرأ”. وهي مبادرة ساهم فيها ناشطون مدنيون، تدعو إلى القراءة واقتناء الكتاب. المبادرة بدأت في العام الماضي من قبل بعض الشباب الواعي المثقف المحب للقراءة ، ثم تحولت فيما بعد الى تظاهرة كبيرة شارك فيها المئات من ابناء الشعب وبمختلف المستويات الفكرية والثقافية ، واصبحت موضوعا مهما على صفحات التواصل الاجتماعي . حيث تجاوب المئات من الشباب مع المبادرة وحضروا الفعالية في نفس المكان . اليوم وبعد مرورعشرة أعوام على سقوط النظام السابق يسعى الشباب لتغيير الواقع من خلال إعادة الهيبة للكتاب. وعلى هامش فعالية القراءة كانت هناك نشاطات فنية وثقافية مختلفة، فيما قدم بعض الشباب معزوفات موسيقية شرقية بآلات غربية…
…وكان منظمو المبادرة قد جمعوا مئات الكتب من مصادر مختلفة ومن متبرعين ومن بعض تجار الكتب في شارع المتنبي، ليقدموها للقراء في هذه الفعالية المميزة . وكانت لثقافة الطفل حصة في هذه الفعالية ، حيث قدمت مجاميع من الاطفال تقودهم الناشطة النسوية سهيلة الاعسم اغان واناشيد جميلة تفاعل معها الحضور ، كماعُرضت كتبا متنوعة للاطفال واطلقت البالونات الملونة لتغطي سماء مكان الاحتفال . نجح منظمو الفعالية في إقامة مبادرتهم من دون اي دعم حكومي أو حزبي، بعيدا عن الطائفية. في هذه الفعالية المميزة استطلعنا آراء بعض المشاركين لصحيفتنا (الحقيقة) التي حضرت هذه الفعالية:
أراء وأنطباعات
* الفنان والكاتب عبد الله عبد الكريم “ان هذا المشروع المعرفي يسعى إلى رتق الصلة بين العراقي والكتاب.. ذاك الكائن (العراقي) الذي عرفته الحضارات مؤلفا وقارئا بارعا، استطاع بابتكاراته المعرفية والمادية منذ القدم أن يشق السبل دارئا الظلام بحثا عن شعاع فكري سام، مثيرا السكون ليخلق من حركته ذهنية واعية تؤسس لعالم فكري قائم بذاته”. وأضاف “المبادرة التي ساهمت فيها مجموعة من الشباب الواعي، تتميز بفرادتها ومغايرتها للسائد من الفعاليات، في ظل الخراب الذي يسعى إليه أرباب الجهل. فقد عزم هؤلاء الشباب منذ العام الماضي على البحث عن فسحة ضوء في ظلام الواقع، لينيروا بها طريقا سالكا نحو الارتقاء، ويردموا هوة الجهل والامية المتفشية بين الكثير. كما انهم بعثوا رسالة إلى أرباب الجهل مفادها “إننا هنا.. قادمون.. سنجلي صخور اليأس ليتجلى بريق أمل معرفي ثقافي بعيدا عن الجهل والذهنية الضيقة””.
* التشكيلي والاعلامي فهد الصكر: “ان هذا المشروع يهدف إلى إعادة الصلة بين الانسان والكتاب.. تلك الصلة التي انقطعت اثر الظروف القاسية التي أنتجتها الدكتاتوريات بمشاريع التجهيل الجماعي. إذ بدأت بهدم عوالم المكتبات وإزالتها من الحياة العامة، لتلحقها بتضييق ظروف المواطن المبتلى بالبحث عن ملاذ العيش، حتى خلت غالبية البيوتات من جمالية المكتبات الخاصة”. وأضاف “بالنسبة لي أرى ان هذه المبادرة الفريدة ستنير الطريق نحو غد معرفي أفضل من خلال دعوتها إلى احتضان الكتاب من جديد، الذي عرف عنه صديقا مقربا للعراقي”. واضاف الصكر ” ان بلادنا ذاقت اقسى الاوجاع في عقودها الاخيرة ، وصارت مشاريع انهاء وقتل ملامح بلاد النهرين واضحة من خلال اشاعة التخلف ، وفرض حظر على الكتاب بكل تصنيفاته ، واننا الان ومن خلال هذه الفعالية نعيد هويتنا الوطنية ، بالكتاب وبالقراءة وبالفكر المتنور ، هوية لا تمزقها التفرقة والهويات الفرعية الخاصة”.
* الناشط المدني كرار خلف “ان هذه المبادرة القيمة التي أقبل عليها الشباب المثقف، بعثت في نفوسنا أملا جديدا لحياة خالية من الجهل، بعد ان انحسر الكتاب في الكثير من مكاناتنا التي كانت معروفة بزهو المعرفة والثقافة. وبرأيي أن مشروع “انا عراقي.. أنا أقرأ” صرخة في وجوه الظلاميين والذين يؤسسون للجهل والامية.. وأتمنى أن تتكرر هذه الفعالية في جميع مدننا ومحافظاتنا لتحفز الجميع على الاقبال نحو زاد القراءة الشهي”.
* الشاعر محمد جبار حسن : فعالية رائعة ، أن دلت على شيء أنما تدل على ذائقة عالية لشعب واعي ، شعب يعشق الثقافة عشقا بلا حدود ، لأنه من صناعها الاوائل ، وهو شعب عاشق للحياة . محب للنور .يمتلك اصرارا نادرا قل نظيره في الوجود ، فهو يواجه الظلاميين بإيقاده شموع العلم والمعرفة ليثبت للعالم أن الضوء لا يمكن أن يموت مهما تشتد رياح الحقد والدمار .
*الشاعر أحمد عبد الحسين الناطق بأسم المجموعة المشرفة على المشروع : تظل أهدافنا وللسنة الثانية ، هي حث الناس على القراءة وحب الكتاب واعادة العلاقة لروح الكتاب العراقي . وأضاف : ولدينا فكرة أن نطرحها على مجلس النواب بأن يكون السبت الاخير من كل آيلول ” اليوم الوطني للكتاب ” كونه يتزامن مع أنطلاق الفكرة في هذا الشهر ، وأشار الى أن هناك فعاليات اخرى بالاضافة الى الكتاب تكون أمسية شعرية لعدد من الشعراء وعزف موسيقي ومعرض للصور الفوتوغرافية ومرسما حرا للاطفال والفنانين.
* الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم : أعتقد أنها محاولة يمتد تأثيرها الى شرائح واسعة من المجتمع وكنت أتمنى أن تكون هناك مشاركات ودعم من بعض الوزارات ومنظمات المجتمع المدني لرفت هذا المشروع المعرفي بالكتب . وأضاف : أعتبر هذا المشروع دعوة لتحفيز ممن فقدوا الصلة بالكتاب ، وهي تظاهرة جميلة أتمنى أن تتسع في وقتاً نشهدوا فيه أمية كبيرة تتسع وسط الشباب.
* الاعلامي الرياضي عبد الرحمن فليفل: “تعد هذه الفعالية من الفعاليات المعرفية الرائعة والمتفردة كونها تدعو إلى اقتناء أعز صديق للانسان وهو الكتاب. وبرأيي ان اختيار المكان كان سليما، لسعته وجماليته التي تجذب الناس للاقبال عليه”. وأضاف “ادعو جميع المنظمات الاجتماعية والمدنية إلى المساهمة في هذا المشروع السامي، وأرجو ان تتكرر هذه الفعالية في جميع مدن البلاد”. مشيرا إلى ان “من بين المبادرات المهمة التي تخللتها الفعالية هي صندوق “صرخة فقير” الذي أقبل الناس عليه للتبرع بما تيسر لهم من المال لسد رمق الفقراء الذين يملأون العاصمة، في ظل الاهمال الكبير من قبل الجهات المسؤولة. كذلك كان للنشاطات الفنية كالموسيقى والمعارض الفوتوغرافية وقع كبير على الفعالية. والذي أفرحني كثيرا هو الحضور الواسع للعنصر النسوي والاطفال”.
* المترجمة دعاء علي : هذا التجمع خطوة أيجابية خصوصاً أننا نمتلك حضارةً ولدينا تأريخاً بالحرف وبالتالي علينا أن نتواصل مع هذا التأريخ والحرف ، الفعالية تهدف الى تقريب الصلة مع الكتاب والتركيز على المعرفة ، ومن خلال جريدتكم أدعو جميع المنظمات المجتمع المدني بالمساهمة ولو بجزء يسير في هذا المشروع المعرفي ودعمه بماهو مستجد في الثقافة والادب والمعرفة.
* الشاعرة غرام الربيعي : من يحضر المكان سيجد عالما يختلف عن كل الأمكنة ، ربما في هذه اللحظة ،وفي شوارع بغداد الدامعة والاشجار النازفة وصراخ الامهات ، هنا تكون فقط المشاعر طبيعية . هنا يبحث الجمال عن رؤيا تتلمسها الشوارع ، والاشجار ،ولتسكت الصراخ ، عراقيون بكل الاعمار بكل الفئات قد لانكذب حين نخفي الوضع الراهن لكننا صادقون في حبنا للحياة ، هنا الجميع أقرباء تربطهم قرابة الكتاب ، والقراءة . والاكثر هو التحليق بعيداً عن كل الجراح .
* الشاعر والناقد سهيل نجم : حضور منوع وبأعمار مختلفة أجده في هذا المشهد المعرفي يبحث عن ضالته بين مفترشات الكتب ، وهذا الجيل تحفز من خلال الفعالية الاولى من العام الماضي ، وشجعته للتواصل مع الكتاب والمعرفة ، من وجهة نظري أن تتكرر هذه الفعالية كل شهر لتظل قريبة من الكائن العراقي ، ونحن نشهد أحباطه اليومي ، وهذا ما يجعله بعيدأ عن هذا الهاجس ليشده الى أفق المستقبل . وأشار نجم : هناك غياب للكتاب العلمي البعيد عن الدرس الاكاديمي أتمنى أن يد حضوره بين كتب المعرفة , والثقافة ، والادب ،و أيضا اتمنى أن يكون دعم مؤسساتي من أجل توفير الكتب المطبوعة حديثاً .