عدنان الفضلي
يوماً بعد يوم يوجه العراقيون الصفعات لساستهم عبر افعال عفوية تدلّ على رقيهم وانسانيتهم وطيبتهم ووطنيتهم وعشقهم لبعضهم وتعايشهم الاخوي السلمي المبني على روح المواطنة، ومرة اخرى يثبت العراقيون ان الخطاب الطائفي المسموم الذي يبثه كثير من ساستنا عبر منظومات خستهم ونذالتهم لم ولن يؤثر بدواخل الشرفاء من العراقيين مهما كان انتماؤهم الديني او القومي او العرقي، فمازال العراقيون يرسمون للعالم والتاريخ لوحات الشرف والانسانية عبر افعال واقوال تثبت النقاء الكبير المترسب باعماق العراقيين.
اليوم أروي لكم حكاية بطلها طفل من محافظة النجف اسمه عباس، وهو طفل صغير لا يتجاوز عمره عشر سنوات، ومن عائلة فقيرة ومعدمة، يقوم هو وفي عمره هذا باعالتهم، حيث يمتلك عباس ميزاناً صغيراً يجوب به شوارع مدينته، مترجياً المواطنين ان يزنوا انفسهم مقابل (500) دينار فقط، وقليلا ما يقبل المواطنون ان يزنوا أنفسهم فيشعر عباس بالخيبة ليس لانه يريد اموالاً كثيرة له ولنفسه، بل لان عباس اعتاد كل يوم ان يذهب الى جمعية خيرية متواجدة في مدينة النجف، ويتبرع بثلاثة آلاف دينار من وارده الذي لم يتجاوز يوما حاجز الثمانية الاف دينار، فعباس اقسم على نفسه ان يتبرع كل يوم للنازحين من مدن الانبار والموصل وصلاح الدين وباقي المدن المنكوبة باحتلال داعش لاراضيها، ومع ان ادارة الجمعية تعرف حالة الفقر الكبير التي تعيشها عائلة عباس، فانها تبلغ عباس بانه في حاجة اكثر للمبلغ الذي يتبرع به، وان عائلته اولى به، ويخبرونه ان الميسورين اولى بهذه المهمة، الا ان عباس يبكي وبحرقة حين لايقبلون منه تبرعه، ويصيح بهم (هذوله اهلنه وعيب علينه نخليهم محتاجين وهم خطارنه وخطار الامام علي)، فيضطرون لقبول تبرعه يومياً.
بعد هذه الحكاية الا تعتقدون ان عباس يصفع كل يوم وجوه اللصوص والقتلة والانتهازيين والخونة الذين باعوا العراق وسرقوا اموال النازحين؟ وهل لنا إلا أن نسمي عباس بالواجهة الحقيقية للعراقي الشريف الذي لم تستطع كل ظلامية وظلم الساسة للشعب العراقي ان تغير جوهرها المصقول والمرقش بحب الآخرين مهما كانت طائفتهم او قوميتهم؟ اذن تعالوا نحيي الطفل الشجاع والسخي (عباس) وننحني لوطنينته وانسانيته، ونقول لاشباه الساسة الا تباً لكم وانتم تتلقون الصفعات من أمثال عباس النجفي الصغير بعمره والكبير بانسانيته ووطنيته..!!.






