حوارات وتحقيقات

الناقدة المسرحية الدكتورة سافرة ناجي لـ «الحقيقة»: المسرح حلمي الكبير الذي ما زلت ابحث عنه وهو بالنسبة لي فضاء الحرية الامثل

* في كل المدن الاثارية العراقية هناك مسرح اي ان المسرح والانسان العراقي القديم صنوان، كيف تفسرين القطيعة بين الانسان العراقي الحالي والمسرح الحالي؟   

– هذا التساؤل فيه اشتباك معرفي حاد بين حضور المسرح في الحياة العراقية القديمة وبين نفيها، ومازال الجدل محتدما حول بدايات المسرح العربي بشكل عام والمسرح العراقي بشكل خاص. على الرغم من وجود الشواخص المعمارية التي تدل على وجود المسرح العراقي بشكل قطعي على اعتبار ان الحضارة المعمارية نشأت من فضاء الحاجة الانسانية، وما زال هذا المنطق المعماري حاضرا في يوميات الحضارة اليوم.  وهناك دراسات في هذا الشأن حاولت ان تقرأ الطقوس الدينية والدنيوية قراءة مسرحية على وفق طروحات ما انجز التنظير المسرحي الحديث، وهذا به نوع من الالتباس ازاء هذه الطقوس. ولهذا نقول ان الشواهد المعمارية ليست دليلا على ان المسرح كان فعلا جماليا ممثلا لارادة العراقي انذاك لان الشواهد المعمارية هي في الاصل انشئت لغاية غير الغاية المسرحية، فضلا عن انها كانت مكانا لممارسة الطقوس حصرا، اذ لم تشهد الاحتفالات العراقية القديمة موسما مسرحيا له تاريخ محدد ضمن ايام الاحتفالات السنوية. على العكس من الاغريق اذ كان الموسم المسرحي حاضرا وبقوة في حياة الفرد الاغريقي وافرد له ايام في مواسم الاحتفالات فكانت هناك مسابقات مسرحية تكشف عن مدى تغلغل المسرح في حياة الفرد الاغريقي. هذا من جانب، ومن جانب اخر لما عدت الثقافة المسرحية هي احد اهم المعارف التنويرية التي شهدتها خارطة المشهد الثقافي والفني العربية والعراقية. والملفت ما زالت هذه الثقافة غير فاعلة بقوة في التدوال المعرفي للفرد العراقي فهي في تذبذب بين الهبوط والارتفاع، ومن المهم الاشارة الى ان الجينات الثقافية للفرد العراقي هي جينات طقسية دينية لذلك فالعراقي صنوه الطقس وليس المسرح.

* هناك من يحيل هذه القطيعة الى السياسة؟ ماذا تقولين؟   

– السياسة جزء من هذه القطيعة، وفي اعتقادي السبب الرئيسي هو البنية الاجتماعية بشكل عام لا تحتفي بالفنون ولا سيما الفنون التي تكون وسيلة بث رسالتها الفنية الجسد، لانها ثقافة لا ترى في الجسد الا من خلال منظور الغريزة.  

* ثمة قطيعة اخرى بين المسرح والشعر، لماذا غاب المسرح الشعري؟ 

– هي ليست قطعية بين المسرح والشعر، وانما موضوع المحاكاة هو الذي يفرض طبيعة اللغة الدرامية، وكما هو معلوم بعد ظهور الواقعية تغيرت لغة النص المسرحي، وتحولت لغة النص من الشعر الى النثر، لان موضوع المحاكاة اصبح من الواقع اليومي المعاش. لذلك تكون اللغة الاقرب هي لغة النثر.  يبقى الاسلوب وفعل الحاجة لشكل المحاكاة هو منْ يحدد جنس النص المسرحي شعريا او نثريا.

*هل اصبحت السياسة حاجزا صلدا ضد المعرفة؟ 

– تنمط الفكر العربي على ان تكون ادارة الدولة على وفق مفهوم (الخليفة) اذ ربطت كل مسارات الدولة بشخصية الواحد، مما انتج تعارضات جمة، لان المعرفة تقلب هذا المفهوم وتعريه، لهذا سعت كل السلطات الى العمل على ترسيخ مفاهيم التجهيل والاعلاء من سقف الخرافة فاصبحت الخرافة هي التي تقود، واي صوت معرفي مغاير يوأد من حواضن السلطة الاجتماعية ذات التدرج الاجتماعي التي تمثل واقع السلطة. مما انتج صراع الوصول الى السلطة واللهاث في فلك كرسيها، وأدى ذلك الى تحول السلوك عن المعرفة. و مكن السلطة من ان تكون مركز القوة، فتعطل فعل المعرفة.

*ماذا عن ثنائية (المسرح والخبز)؟ هل صارت ثنائية تاريخية منقرضة؟ ام ماذا؟   

– من اهم الاشكاليات التي تواجه المسرح هي ثنائية المسرح والخبز اذ ربطت بين مصيره والقوة الاقتصادية ولا سيما ونحن نعيش في عصر سياسي تقوده القوة الاقتصادية التي تحرك مسارات هذا الواقع، فمن يمتلك قوة المال يمتلك قوة الفعل. ولان المسرح نسق ثقافي في مرجعيات واقع الثقافة العربية ثقافة تابعة للسلطة. وهذا الارتباط شكل فعل ضعف لحراكه الجمالي. وبالذات عندما ادركت هذه السلطات قوة المسرح في تعرية كل ما هو قبيح. فبقي المسرح تحت سطوة الخبز مما حيدت من فعله في الارتقاء والتغيير. وهذا الصراع سر ارتداد الفعل المسرحي نوعا ما. وليس غيابا بالمطلق وانما ضعف في الاداء. لان القائمين على المسرح لم يدركوا اهمية الانفصال عن السلطة وبناء ستراتيجية اقتصادية تمكنهم من التواصل في حراكهم التنويري للمسرح.

* المسرح مرسل ورسالة ومتلقي، اي هذه العناصر غائب وايهما حاضر؟  

– ينفرد المسرح بانه ذو تركيب ثلاثي لا يمكن ان يحقق حضوره الجمالي اذا غاب احد اقطاب هذا التركيب. على العكس من الفنون المجاورة له التي تحقق حضورها في عنصري المرسل والرسالة. وهذا التركيب الثلاثي للمسرح شكل اشكالية ضعف في حضوره الثقافي. ولهذا نقول لا يمكن تغيب احد الاقطاب، وانما نقول ان الحراك المسرحي يمر بحالة من السكون. لان المسرحي بعد هذا الشوط الذي قطعه الفكر الانساني وفي خضم تكنولوجيا الاتصال المتسارعة، لا يمكن للمسرحي ان يقدم عرضا عابرا لاجل ان يكون حضوره حضورا كميا. لذلك ترى المسرحيين يقلبون الفكر كثيرا لكي يكون للعرض المسرحي منطق متعال في الادهاش والاستفزاز.

 * سوق المسرح العراقي من اية شحة تعاني، من بضاعة المؤلف ام بضاعة المخرج ام بضاعة الممثل؟ 

– هذا المنطق الاقتصادي في توصيف حركة المسرح في المجتمع يكشف عن عمق التحدي الذي يواجهه الفعل المسرحي في العراق، نحن نعرف ان منطق السوق يعتمد قانون العرض والطلب، وفي تقديرنا ان هناك طلبا على المنتج المسرحي لكن هناك شحة في العرض، وعندما تكون شحة بالعرض فيعني ذلك شحة في بضاعة المؤلف والمخرج والممثل معا لان العملية المسرحية لا تتم الا بتوفر هذه العناصر الثلاثة. واسباب هذه الشحة عدم توفر البنى التحتية وغياب الاستراتيجية الاقتصادية مما نتج عنه غياب المعروض المسرحي.  

* الا ترين ان اهمال الحكومة لاعمار مسرح الرشيد يتوفر على عدائية مبطنة من الفن عموم والمسرح خاصة؟ 

– كل السلطات الشمولية تخشى الفن، ولاسيما الفن المسرحي، قد يقول قائل قد تغيرت ادارة البلد من السلطة الشمولية الى الديمقراطية، المظهر العام يقول ذلك لكن الواقع ان الانظمة الشمولية هي ليست فقط السلطة وانما ترسيخ الافكار الشمولية الطاردة لاي فعل انساني وفكري، وهذا مارسخته سياسة السلطة الجديدة التي تغلف شوفينيتها الفكرية بغلاف الديمقراطية، وهذا هو احد اسباب اهمال اعمار مسرح الرشيد، وهو سلوك واضح النوايا في ضرب الفعل الثقافي المسرحي من خلال محاصرته مكانيا وعزله عن الجماهير. 

* لو اعطيناك فرصة لصرخة من عبارة واحدة امام مسرح الرشيد فماذا ستقولين؟  

– ( يمضون ويبقى المسرح).

* احببت المسرح، واخترت دراسته في كلية الفنون الجميلة، لكنك اخترت النقد دون الإخراج او التمثيل، هل كان هدفك هذا فعلا منذ البداية؟

 -المسرح حلمي الكبير الذي ما زلت ابحث عنه، المسرح لي فضاء الحرية الامثل، وهو بالنسبة لي قضية وليس دراسة عابرة لتحقيق برغماتية وظيفية كما درجت العادة بنسبة 100% بالمئة من اكمال الدراسة الجامعية. اختياري للنقد لان الموقف الجمالي للنقد يتجلى في تأشير النضج الابداعي للتمثيل والاخراج، فهو حوار بحث في الوجود، من وجهة نظرنا يعد هو الاهم لانه هو منْ يقعد للاشتغال المسرحي بوصفه الحلقة التي يتم وينضج بها الخطاب المسرحي، اذ لا ينضج هذا الخطاب بدون النقد. ولو ان مفهوم النقد في ثقافتنا ملتبس الاشتغال به وتغيب عنه المهنية، وفي اغلبه يدور في الوصف وليس التلقي. 

* انت من عائلة يسارية، او لنقل من عائلة متنورة، هل كان لذلك اثر على مسار حياتك واختياراتك؟

– عائلتي تؤمن بالمرأة فكان لها الدور الداعم، لاكمال دراستي، لكن الاختلاف حاضر في الاتجاه والتفكير، لذلك اعتقد ان الارادة وايمان الانسان بذاته هي التي تكون وراء تشكل موقف الانسان في هذه الحياة. وانا اؤمن ان الانسان هو منْ يكتب تاريخه، ويرسم لوحته مثل ما يريد، بلا ارادة لا يمكن ان يكون هناك موقف. وفلسفتي في الحياة كن كما انت، كن كما تريد.

* في واحدة من صرخاته قال الراحل يوسف العاني ممثلا (السمجة خايسة من راسها). هل مازالت هذه الصرخة صالحة للاستعمال؟

– يقول افلاطون المقدمات الصحيحة تعطي نتائج صحيحة. والمقدمات الخاطئة تعطي نتائج خاطئة. فما دام كل مقدمات الواقع السياسي والاجتماعي، والديني والثقافي مقدمات خاطئة فتبقى صرخة يوسف العاني صالحة الاستعمال. وفي الوقت الحاضر صالحة جدا. لان كل شيء مبني على خطأ في زمن الخراب نحتاج الى صرخة اقوى من صرخة يوسف العاني.  

* لو وضعنا امامك خيار التمثيل، فاية شخصية مسرحية ستمثلينها، ولماذا؟

– خياري سيكون بين شخصيتين وليس شخصية واحدة. الاولى شخصية (نورا) في مسرحية بيت الدمية. والشخصية الثانية زنوبيا ملكة تدمر.  اذ كلا الشخصيتين تظهران قدرات المرأة الحقيقية، اذ الشخصيتان يناقشان قضية الانسان الاولى في صورة البيت والوطن. اذ تؤدان ان الحقوق تؤخذ لا تمنح. 

* يقال ان الناقد الادبي والفني، اديب عاطل وفنان عاطل، ما رأيك؟

– هذه المقولة بسب التباس المفهوم المعرفي ازاء فعل النقد، يقول الجاحظ الادب عقل ناقص يكمله عقل القارئ، والقارئ هنا ليس القارئ العابر بل هو القارئ الذي يمتلك ملكة تفكير مختلفة ووعي متقدم على الفعل الادبي.  فهو ليس اديبا عاطلا، والنقد هو الشوط الاهم في العملية الابداعية اصلا. فهو يكتب النص الادبي بلغة جديدة. فكيف يكون عاطل. فاذا كان كذلك ماذا تسمي كتاب فن الشعر لارسطو، اوالتراجيديا الشكسبيرية، او لذة النص، الكتابة والاختلاف، مالذي يحدث في هاملت، وغيرها من الاصدارات النقدية التي تكشف فيها الموقف الجمالي للنقد. ونقول لولا النقد لما كان هناك شعر او رواية او قصة او مسرحية، او موسيقى.  

* مهمة النقد هي محاولة توطيد العلاقة بين الكاتب (المرسل) والجمهور (المتلقي) من خلال الفعل الإبداعي (الرسالة)، هل استطاع الناقد العراقي أداء هذه المهمة؟

– مهمة النقد اعمق من توطيد العلاقة بين المرسل والمتلقي، لان منْ يوطد العلاقة هو موضوع الرسالة. لكون مهمة النقد هي فتح لاسئلة النص الابداعي وتأطيرها في فعل معرفي يؤشر لماهية المنجز الابداعي ويفرز اسلوبه ويكشف عن مساراته الجمالية وما تكنز من معنى التي تنفتح على فضاء التأويل، ولان مهمة النقد والناقد لا تدور في تمظهرات البنية السطحية، بل الحفر في مستويات البنية العميقة، وكان للناقد العراقي الدور الاهم، اذ اشر لاهم مسارات المنجز المسرحي كما في تجربة صلاح القصب وفاضل خليل وعوني كرومي وقاسم محمد، وغيرها من التجارب المسرحية العراقية.

* هل النقد حرفة، ام موهبة وحنكة وتجربة، ام الاثنان معا؟ وهل لدينا نقاد بالمعنى الاكاديمي الصحيح؟

– النقد نتاج فكري بالدرجة الاولى الذي يكشف عن موهبة متفردة لا يفصح عنها الا من له عقل، له قدرة القراءة والتحليل والتركيب لذا هي موهبة متأملة، ولان النقد فعل عقل وحس يفصح عنه فعل وعي منفلت من سياقات الواقع في قراءة المنجز فهو فعل بحث في تجليات معنى الوجود عبر قراءات المنجز الفني لهذا الوجود، والعقل النقدي عقل متأمل لظواهر الوجود. وقطعا الممارسة النقدية تنتج خبرة، وكما الفلسفة معنية بإنتاج الاسئلة فالنقد معني بإنتاج المصطلحات والمفاهيم وهذا الانتاج لابد من موهبة فكرية والا لكان كل البشر نقاد وانا ارى من السهل ان تكون ممثلا او حتى مخرجا الا النقد فهو قدرة عقلية من نوع منفرد، لذلك ترى النقاد قليلون. فالنقد موهبة وخبرة. لان الحرفة في النقد تعني موت السؤال والانغلاق على احادية التفكير. وهذا يتعارض مع مهمة النقد التي تعني بالأبداع واكتشافاته، فالنص النقدي نص ابتكاري منفلت عن المعيار. 

* ترأست لجنة التحكيم لمهرجان أيام المسرح المغاربية الدولية المقامة تحت شعار (من اجل ارث أصيل) حدثينا عن هذا النشاط والجهد المميز لك بوصفك ممثلا لجامعة بغداد في هذا المهرجان؟ 

– وصلتني الدعوة للمشاركة في لجنة تحكيم الأعمال المشاركة في هذا المهرجان وبعد وصولي كان قرار الهيئة المنظمة للمهرجان وأعضاء لجنة التحكيم ان أكون على رأس اللجنة مستندين في ذلك إلى أنهم وجدوا في سيرتي العلمية ونشاطي النقدي ما يؤهلني لرئاسة اللجنة وباشرنا العمل بعد ان وضعنا معايير للتحكيم وبحسب الجوائز المقرة من قبل اللجنة العليا واللجنة التحضيرية للمهرجان ،وهي المرة الأولى التي ازور فيها الجزائر، والثقافة الجزائرية ثقافة متلهفة للتواصل مع الفكر العراقي وهي متيقنة ليس هناك فكر أو ثقافة اقرب لها من الثقافة العراقية سيما وهي تجد ان هناك مشتركات بين الثقافتين وبين الشخصية العراقية والشخصية الجزائرية التي نضجت فكريا وثقافيا على يد المعلم العراقي الذي كان له الدور الأكبر في صياغة الكثير الكثير من مرتكزات الثقافة الجزائرية، وضعت اللجان المنظمة للمهرجان ست جوائز للتنافس عليها بين الدول العربية المشاركة عبر فرقها المسرحية وهي جائزة أفضل عمل مسرحي متكامل ،وجائزة أفضل نص مسرحي، وجائزة أفضل إخراج، وجائزة أفضل تمثيل نسائي، وجائزة أفضل تمثيل رجالي، وجائزة لجنة التحكيم، كانت لجان المهرجان المنظمة له لجان مهنية تركت القرار الحسم إلى ما ترى لجنة التحكيم مناسبا ويحقق معطيات التنافس الجمالي ،ولكي لا تكون القرارات ذاتية احتكمنا إلى حسم التنافس على أساس مجموع الدرجات التي حصل عليها العرض المسرحي في هذا الحقل عن ذاك وبحسب الجوائز المحددة قبلا للتنافس عليها. وهنا بودي ان أشير إلى ان لجان المهرجان أرادت له ان يكون مهرجانا عربياً فدعت كلا من العراق والسعودية ولبنان وجمهورية مصر العربية وجمهورية ليبيا وتونس الخضراء والمغرب والبلد المضيف الجزائر، لكن تعذر حضور لبنان لأسباب فنية طارئة. حصل العراق على الجائزة الأولى في النص المسرحي وهي للكاتب المسرحي حيدر الشطري، وقد تنافس العراق على هذه الجائزة مع اثني عشر نصا مسرحيا مشاركا في هذا المهرجان وقدم العرض المسرحي من قبل جماعة العمارة للتمثيل، وكنا نتمنى ان تكون هناك جائزة لأصغر مشارك في المهرجان، إذ ابهر كل من علي صبيح وحيدر إحسان جمهور وصحافة وفنانين المهرجان وهم يبصمون بصمتهم العراقية بأدائهم المتميز، إذ تصدروا الإعلام المرئي والمقروءة.

* انتجت الثقافة العراقية منتصف القرن الماضي مبدعين كبارا في كل مجالات الابداع، في الشعر والقصة والرواية والمسرح، لماذا لم تنتج الثقافة العراقية والمسرح منها، مبدعا كبيرا خلال ربع القرن الأخير؟

– هذا السؤال فيه تجن وحيف كبير على الفعل المسرحي العراقي. وعليه اسأل ماذا تسمي تجارب علي عبد النبي الزيدي، وكاظم النصار، واحمد حسن موسى، ومهند هادي، ومنعم سعيد، وفلاح ابراهيم، وابراهيم حنون، وكريم عبود المبارك، وصبري العطية، وحازم عبد المجيد، وماهر الكتيباني، وعباس رهك، وياسر البراك، وجبار جودي، وصميم حسب الله، وسنان العزاوي، وعلى مستوى النقد محمد ابو خضير، ورياض موسى سكران، وعقيل مهدي، ويوسف رشيد، وسعد عزيز، وباسم الاعسم، ومحمد علي الربيعي، وعواد علي، وعبد الخالق كيطان، وجبار صبري، والكثير من التجارب المسرحية. المسرح لم يتخلى عن مسؤوليته الفكرية والاجتماعية في تحدي القبح بكل اشكاله هو فعل ابداع. كما اود ان اشير الى قضية في غاية الخطورة عندما يحدد النضج الابداعي على وفق ما سبقه، وهذا المعيار به اجحاف حقيقي لمنجز الان، لان الابداع في جوهره قائم على المغايرة والمغايرة مرتبطة بشروط الان والهنا. ولذا لكل مدة زمنية حدود ثابتة يزيحها الفعل الابداعي على كل المستويات، فما دامت عملية الازاحة مستمرة اذا الابداع حاضر.

* في العراق ظهرت اسماء كبيرة، على سبيل المثال، في الشعر، الجواهري، السياب، نازك، البياتي، سعدي، وفي المسرح، حقي الشبلي وابراهيم جلال ويوسف العاني وسامي عبد الحميد وقاسم محمد وعوني كرومي والكصب وزينب وناهدة الرماح .. وفي التشكيل جواد سليم وفايق حسن ومحمد عارف وشاكر حسن آل سعيد وخالد الرحال واسماعيل الترك .. وفي الموسيقى فاروق هلال ورضا علي وطالب القرغولي، وغيرهم الكثير. انا لااقول بتكرار او استنساخ هذه الاسماء. فالابداع في المغايرة. ولكن لم تنتج الثقافة العراقية اسماءا بمستوى هذه الاسماء. ويبقى السؤال لماذا؟؟!!

– يبقى الاختلاف والمغايرة اكسير الابداع. اشتغالات المسرح هو التجديد والخلخلة وهذا ما عمل عليه الجيل المسرحي ابان عقد التسعينيات. وكل الاسماء التي ذكرت هي نتاج هذ العقد وما تلاه. وهذه الاسماء نضجت مسرحيا في مهرجان منتدى المسرح التجريبي اذ كانت اشتغالات هذه الاسماء تجريبية ومثل ما فعل القصب وكرومي وقاسم محمد على خلخلة بنى النص المسرحي وانتجوا فضاءات مسرحية. وهذا ما شهدت به الفضاءات المسرحية العربية قبل العراقية. واعتقد السبب بعدم الايمان بمغايرة تجديدهم هو العقد نفسه. كان عقد حصار وانغلاق الثقافة العراقية. وفي عقد ما بعد 2003 انتج المسرح العراقي الكباريه السياسية والسجادة الحمراء. وكتابة علي الزيدي كلها تؤشر لفعل المغايرة على سبيل المثال لا الحصر. والفعل النقدي الذي انجز مسرحة المسرح لرياض موسى والمناهج النقدية لمحمد ابو خضير على سبيل المثال ايضا. ومن اهم اسباب تراجع الثقافة العراقية هو فقدانها سمة التراكم الذي لا يفسح مجال بان تكون هناك اسماء لها حضور مهيمن، انا اسميها ثقافة الومضة او الصرعات الفردية التي تظهر في محيط سرعان ما يساهم بؤدها.

* الان نضع امامك سافرة ناجي، فانظري اليها وقولي لنا من هي؟

– انام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم.

قد يهمك أيضاً