ثقافة شعبية

الخطاب السردي في قصة ( مُعَمَّرة عِلي )  للاديب فهد الاسدي

د. حسن البصام

الذي يدفعك للكتابة ..وقد تدفعك للحياة هي الاسئلة.. وتعيش سنينا طوالا  من اجل الاجابة عليها لذلك فالانسان يطمح ان يعيش طويلا كي يجيب عليها ..وهنا تمتطي ظهر المستحيل.. لان الاسئلة تتوالد كطيور الحب  تفر من بين اصابع شغفك بها ..وهنا السؤال الذي سبقني للكتابة : لماذا هذا الاهتمام الكبير بالقاص والروائي والكاتب المسرحي والشخصية القانونية فهد الاسدي من الباحثين والادباء منذ باكورة اعماله والى الان؟

وعند قراءتي لبعض ابداعاته، امتدت امامي اسئلة اخرى : من الذي صنع المبدع فهد الاسدي، فكره الثوري وانحيازه للفقراء والمضطهدين ام وجوده وسط صفوة ادباء العراق والعرب فكان تحفيزا وتحديا، ام شخصيته المتمردة على الظلم والاستكانة، ام قراءاته لافضل كتاب العالم، ام بيئته، ام ثقافته المتنوعة ؟ الى اي مدرسة ينتمي فهد الاسدي ؟ علمنا انه ينتمي للواقعية ولكن الرمزية ام السحرية ام الغرائبية ام النقدية ام التاريخية؟ ولماذا السرد دون الشعر او التاريخ او الفنون ؟ ولماذا ابدع في القصة اكثر من غيرها؟

حين نقسم خطاب القران الكريم ، نجده مهتما بثلاثة محاور : التوحيد – التشريع والاحكام  – القصص.

هل وجد فهد الاسدي في القَصَصِ “عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ” فسلك هذا السبيل؟

هل نستنتج ان السرد القصصي يؤسس لحياة مستقرة ويسهم في خلق انسان سوي ومجتمع آمن ومستقبل زاهر وهو فاعل في بناء الانسان ؟

فهد الاسدي شغل المعنيين منذ بواكير منشوراته وحتى الان . توفي في العام 2013 فازاد بريقا وان بعض النقاد المعاصرين يشعر بتانيب الضمير لانه لم يكتب عنه لينصف تجربته السردية .

تداخل الاجناس الأدبية عتبة الارتقاء بالنص وتحريك طاقته وشحنه باتجاه سمو المعنى واختزال الشكل ومنحه طاقة ايحائية بتعدد مستويات التحليل وبناء علاقة بين المتلقي والنص بدافع التشويق والمتابعة والتفاعل مع النص كطرف منشئ له من خلال الترقب للاحداث وتوقع مايحدث وتعدد وجهات النظر فيها.. والشعرية هي من اقوى الاجناس المهيمنة على النصوص الحديثة خاصة الخطاب السردي.

عندما حلت الواقعية في القرن التاسع عشر بكل انواعها سواء كانت الرمزية او السحرية او النقدية او التاريخية لتحل محل الرومانسية المتجهة الى الذات والمبتعدة عن المجتمع، استبعدت الواقعية تداخل الشعرية والسردية على الرغم من وجود الشعرية في الملاحم القديمة والاساطير والخرافات والف ليلة وليلة وغيرها .

 الا ان العصر الحديث الغى الحدود الفاصلة فتعالق الشعر مع السرد في النص الواحد مع الالتزام بحدود متقاربة. القصة القصيرة هي الاقرب لاحتضان الشعرية،بل وجوب توظيفها تحقيقا للتكثيف والايجاز والتلميح بالدلالة بعيدا عن التفصيل . وتوظيف اللغة الادبية الرشيقة مبتعدا عن وصف الحياة اليومية توصيفا شاملا ،اذ ان القصة القصيرة يهمها تجانس اللغة ووحدتها وليس اعتماد التنوع الاسلوبي اللغوي للسرد لاشباع اساليب الاخرين في الخطاب كل حسب حياته اليومية.

تتبوأ القصة القصيرة مكانة سامية في عصرنا هذا ، وقد أرى ان مستقبل السرد هي القصة القصيرة قبل الرواية لما تمتلكه من عناصر وصفات هي الأكثر ملاءمة للإنسان المعاصر ، ولكونها تتمتع بأسلوب على قدر كبير من التجديد بتوظيف الاجناس الأدبية وخاصة الشعرية ..كما كانت ذات حظوة وتكريم في الوسط الادبي في الستينيات والسبعينيات، لانها تساهم في التثقيف والتوعية على المستويات كافة اجتماعيا واخلاقيا وسياسيا وغيرها .كما ان اهتمام الجهات المختصة في إقامة المهرجانات والملتقيات السنوية والاسبوعية ساهم ذلك في اعلاء مكانتها وتطورها .

فهد الاسدي(1939-2013م)  قاص وروائي وكاتب مسرحي وقانوني ، كتب رواية الصليب 2008(حلب بن غريبة) ورواية (دارة الإحسان)2018 طبعت بعد وفاته والمجموعة القصصية (عدن مضاع)1966والمجموعة القصصية (طيور السماء)1976والمجموعة القصصية (معمرة علي)1995.. والمجموعة القصصية (عقدة غوردوس)

ومسرحيتان (مافي الهيمان عن دنيا العميان ) و(صلوات الانتظار).

 ينتمي الى الجيل الستيني الذي اخذ على عاتقه التجديد الحقيقي ،ابدع في الكتابة الواقعية ووظف الحياة الاجتماعية التي طغت عليها عذابات الفقر والاذلال والقهر والمعاناة خاصة الأرياف والاهوار في جنوب العراق ، امتازت كتاباته بالبنية المتماسكة، والصور البلاغية المشحونة بالمجاز والاستعارة والتشبيه ساعيا للوصول الى دلالاته السردية .ومن أقواله :” ليست الواقعية جوادا هرما لكي نطلق عليه رصاصة الرحمة”.

اعدت قصته فلما سينمائيا (قصة طيور السماء) لكن منعت السلطات تنفيذها فتحولت الى مسرحية (مطر يمه) انتاج الفنانة عواطف نعيم واخراج عزيز خيون.عرضت في بغداد العام 1990 بطولة جواد الشكرجي ..وافتعل النظام حريقا لقطع المسرحية.

ان فهد الاسدي من اهم الادباء الذين جسدوا الواقعية في صورها المتعددة ،عرف باسلوبه السردي الفني الذي ابتعد عن المباشرة والانسياق خلف الصيحات المدوية في ساحات القهر والظلم ليحول هذا الى صور مرهفة مشحونة بالشعرية والرمزية واحيانا الغرائبية ..واعتقد انه جسد في كتاباته القصصية انواع الواقعية المتعددة حتى الساسية والتاريخية ، من خلال الثقافة الواسعة التي كان يمتلكها والتي اكتسبها معرفيا من وعيه القانوني وفهمه للدساتير وانظمة الحكم ووعيه الاجتماعي من خلال وجوده في المحيط المحبط تحت قسوة الانظمة وشغف العيش والاهوار بالاضافة الى انحطاط اسلوب الحياة في المناطق الجنوبية انذاك وكذلك انتماءاته وميوله العقائدية وانحيازه الى وجوب ان يكون الانسان ثائرا الى جانب ان يكون حكيما باستخدام الادوات الصحيحة في تحقيق الهدف ..وكذلك فقد عاش في مرحلة شهد العالم الادبي ثورات وتحولات جوهرية على مستوى الشكل والمحتوى والهدف سواء كان مجايلوه من الكتاب العراقيين او العالميين ..لذلك فقد اعتبر بعض الباحثين والنقاد واضم صوتي اليهم ان فهد الاسدي هو أبرز كتاب الواقعية في العراق خلال فترة ابداعه ويقف الى جانب الكتاب العالميين الذين جسدوا واقعية بلدانهم خاصة ماعانوه من اضطهاد او دمار الحروب مثل دوستو فيسكي وتولستوي وهمنغواي وغوركي . وعلى الرغم من تناول العديد من النقاد منجزه الابداعي السردي الا انها لم تغط كل مساحات تفرده ونبوغه السردي. فقد جسد المعاناة الجنوبية ببلاغة اللغة وشعريتها ، والصور الفنية البارعة التي اختزلت الاحداث والمواقف والرؤى حيث جسد معاناة الانسان وضغوطاته وانسحاقه تحت نير الحكومات والاقطاع والتخلف .

ان فهد الاسدي بمايمتلكه من لغة صافية واحساس عال بالانسان في زمن جلس الطغيان على صدور الفقراء الاحرار فقد وظف في كثير من نصوصه السردية الواقعية الرمزية، يستوحيها من ماديات الواقع مستخدما الرمز لمنح الصورة عمقا ومعنى ودلالة، ممكن ان تؤدي الى تعدد وجهات النظر ومنحها اكثر تفصيلا . فهو لايخرج عن تفاصيل الحياة اليومية لابن الهور وابن القرية او المدينة يقف عندها كما تقف الواقعية على تفاصيل المشهد لكنه يوظف الشخصيات والبيئة والاحداث باسلوبه الفني مجاراة للواقع باستخدام الرمز الذي يتبنى افكارا اوسع ومعاني أكثر عمقا  اي انه يجمع بين الواقعية والرمزية ولا يمنعه من استخدام الشخصيات الواقعية لان ذلك يمنح النص حيوية من خلال انعكاس حالاتهم النفسية وياسهم او اندفاعهم او توقعهم ضياعهم او استقرارهم وافكارهم وميولهم وتلك هي من عناصر السرد الواقعي ولكن من الذكاء اعطائها رموزا لتكون الحالة او المشهد اكثر تاثيرا، معتمدا في كثير من المشاهد على الايحاء والتعبير ..وقد استخدم عدد كبير من الادباء هذا النهج في انتقاد الهيمنة السياسية الدكتاتورية والتعبير عن معاناة ومواقف الناس. وهنا يحث الكاتب المتلقي على فهم اوسع للنص ومشاركته بما يؤول اليه الحال ..وان استخدام الواقعية الرمزية يسير بالاتجاه الذي تجسده الشعرية في التكثيف والايجاز والتركيز لان براعة الكاتب تجعله يتناول افكارا غريبة او صادمة او معقدة باسلوب موجز ..وان براعة القاص فهد الاسدي قد تجسدت في ان الرمز لديه هو جزء من واقع الشخصيات، فلا تجد فاصلة في تماسك النص ،اي لاترى الكاتب مهيمنا على اسلوب السرد انما هو انعكاس لواقع يومي، تكون انفاس الواقع فاعلة في فضاء النص وليس انفاس الكاتب .موظفا الرمزية الخبرية التي تهدف الى التعبير عن المشاعر والمعاني لتكون اكثر تاثيرا من استخدام الاسلوب المباشر، مثيرة فضولا وايحاء وتساؤلا عند القارئ اكثر من السردية المباشرة لبيان الحدث.

معمرة علي .. تتجلى براعة القاص فنيا ووضوح براعته وسمو موهبته في هذه المجموعة عامة والقصة التي تحمل اسم المجموعة خاصة، والتي اصدرها العام1995.

في قصة “معمرة عِلي” يتجلى هذا التميز والتفرد عن مجايليه في انه اعتمد  كثافة اللغة وبلاغتها وايجاز الحدث باقل مساحة للوصف وتحديد حركة مساحة السرد ، والتصرف بقصدية في سياقات تتابع الاحداث وحركة الزمن والاشخاص وتعدد الامكنة ، يتصرف بعناصر السرد تصرفا يرتقي بالنص الى الابهار والدهشة واللهفة في المتابعة والادماج في التفاصيل بين التاويل والتحليل والتوقع ..ولم يغب عن باله تقصده احيانا في تخلخل تتابع الاحداث ليترك للمتلقي فرصة التوقع وفك رموز النص وفتح مغاليق الغموض وسط متناقضات المجتمع وتعدد الشخوص والحركة المكتظة داخل النص الواحد والانتقال من الواقعي الى الرمزي الى السحري احيانا حيث لاتترك للقارئ فرصة للاستراحة يحثه على اللحاق بتتابع سطوره المكتظة بالاصوات الغريبة في مدينة غريبة يكسوها الملح وتتصبب عرقا تحت طائلة الحر ولكنها تتوالد جيلا بعد جيل مهتمة بتكاثر النسل.

روافد مختلفة  تتدفق في عروق القصة لتنشيط حركتها في مكان تتوالد فيه الازمنة بين الاباء والابناء ..وللخنازير ذلك البعد الذي اربك مكان وزمان السرد وهي تعبث بالحقول والمزارع ..تعبث بالارض التي انفق عليها الاجيال مساحات زمنية واسعة لتحويل مسطحات الماء الى ارض خصبة صالحة للزراعة جيلا يكمل جيلا وقد حملت عنوان المجموعة .هذه المجموعة المنحازة الى إنسانية الأدب وفاعليته لتاسيس العدالة في مجتمع محكوم بالاضطهاد والفقر والقلق والجوع .

وفي قصة طيور السماء التي حملت اسم المجموعة الثانية يحيلك الاهداء الى ذلك الوعي المفسر للاحداث والذي ساد فكر جيل الستينيات اليساري في النظر الى التحولات المجتمعية وتفسير ظواهرها واسبابها : “حلب والشهداء المجهولين، الذين لم يبق بينهم وبين البطولة سوى معبرٍ واحد هوالوعي”. والتي تجسد البطولات والتحديات التي اصطبغت بها ملامح الايديولوجيات انذاك فكان ” حلب” رمز البطولة الذي تحدى سطوة الاقطاع وجبروتهم وظلمهم ، ونفذ بحقه القتل شنقا ووسط انسحاب الناس يظل صوت امه المفجوعة التي ترسم على وجه العالم حزنا ابديا .

ونلاحظ ان اغلب قصص فهد الاسدي ذات بعد نضالي يتبناه الفقراء والمضطهدون والرافضين للخنوع والذل ، فنجد الثورية حاضرة مبثوثة في ثنايا القصص.

يقول فهد الاسدي: “عصرتني في شبيبتي التناقضات الحادة التي عاشها مجتمعي فكانت قدراً مسلطاً لوّن أيامي بالمرارة”
وفي قول أخر له :” أمس مر بي الضالعون فسخروا من إنساني المدمر، ولكن لم تثرني سخريتهم بمقدار ما اساءني جهلهم كوني لست بالمهزوم”.

ان هذا الوعي كون لديه طيلة مسيرته موقف التحدي وبلورة الموقف وصلابته وعزمه على الاستمرار .

يقول القاص احمد السعد عن فهد الاسدي ” كاتب دراما الحياة التي يتوجه فيها الفعل والهدف المحدد في سيطرة متوازنة بين المضمون والشكل وانه تناول جوهر المعظلة في مجتمعنا اكثر من الاهتمام بالشكليات والاطارات “.

يقول الاسدي في قصة مُعَمَّرة علي ” “في البدء كان علي ..(في البدء كان الانسان)..

ان الشعرية والرمزية تتسلل الى الكلمات لتشكيل صور تحتاج الى تامل ..يقول : (وهو الجد الأكبر لاسرة توارثت هذا الاسم عدة أجيال ..يصرون على خفض العين (لانهم اعتادوا طويلا خفض (عيون )الكثير من الناس ).

هذه المعمرة كما وصفها على لسان احدى الجدات ” هواء فتيق ، من تحته ماء دقيق”:قبل ان يملأ علي الأول شدق المياه باكداس البردي ” حيث شقيت اسرة علي على حملها على الاكتاف لسنين طوال حتى استوت الأرض ..بعد علي ماتت أشياء وولدت أشياء ، سوى ثلاث نخلات سامقات متعانقات كانهن وشم على جسد المعمرة”

البعض يقول عن هذه المعمرة من سكنها ما عرف طعم الراحة ..واختلفت الآراء حول السبب قال احدهم انها لعنة علي واخر انها لعنة التاريخ واخر لعنة مكان بمجرد مغادرتها يتوافر العيش الأفضل .لكن الجد علي الحالي أشار الى عدم تصديق ما يقال لان جذورنا ممتدة فيها .

كانت في المعمرة قطعان من الخنازير البرية تغزوها ليلا فتعبث بالمحاصيل وتعيد لعنة علي الأول .

لكن يجيء طارق ” يلف جسده بعباءة صوف في حمارة القيض اللعينة تلك ” وصفه البعض بانه مجنون ولكن رد اخرون ” مجنون لعل في مخه بقية ترشدنا الى الخلاص من الخنازير” لكن القليل شككوا بانه ” عُبيد السيد”.

يقول الاباء ” القاعدة ان تكون الأرض ثم يكون الانسان اما مع معمرتنا فكان الامر العكس”.

هتف علي : سنعمر هذه البطحاء .. لكن زوجته اعترضت قائلة : ” عدت الى الجنون كيف نعمر هذه الأرض ؟”.

فكر ان يتحولوا من الصيد الى الزراعة ومن بعد علي جاء العلويون فاكملوا مابدا به  كان علي يتزوج نساء ويخلف منهن الأولاد ، مهووسون بالانجاب ، وحين يمر شيخ ديني مستطرقا فاي وقت فانه ..حتى ان وسط تعدد الزوجات لايعرف ليلة اية زوجة منهن فاضطرت التي ليلتها وضع راية على كلتها ليتعرف عليها “ويشبعها من فحولته” الا انه التزم بالشريعة فاحتفظ بأربع نساء وحين كان يتفئ في قيلولة تحت سدرة النبق مرت امراة فتعلقت روحه بها وارسل من يخطبها لكن تبين انها احدى زوجاته المهجورات .

وحين حول علي ارضهم المائية الى مزرعة رز كبيرة واسعة ذهب يتفقدها فراى حصادها هشيما والزرع مقلوعا ومداسا في الاوحال .

رفع راسه الى السماء قائلا : ” لافضل حتى لكِ بصنع هذه المعمرة”.

كانت اشباح مذعورة فرت على صراخه وبشكل اسراب من الخنازير على شكل عجول .

هتف علي :” لقد حولتها الى خنازير لتخيفني ظننتني جبانا ؟”سترى كيف اقاتل شياطينك هؤلاء.”

اجتاح عليا غضب خرافي، تلك اللحظة “ارتمى عى اطراف حيوان وامسك بقدميه الخلفيتين وجره وراءه عائدا ثم رماه امام مجموعة من الرجال قائلا لهم هذا عدوي ليكن خنزيرا سماويا او ارضيا لافرق “.

وتوارث الأبناء عن الاباء المعمرة، ينقلون أكياس الاطيان ليزرع جيل اخر ..كذلك اللعنة ظلت الأجيال تتناقلها جيلا بعد جيل مرة تتمثل على شكل شياطين ومرة تتجسد خنازير برية تعبث بالزرع والشتل على الرغم من محاولة الأجيال إضافة أراضي زراعية جديدة …وتاكد لهم ان السماء تناصبهم العداء، قال بعضهم : ” انه اختبار الصبر ” الاخر قال ” هل نحيا لنصبر ام نصبر لنحيا ؟”.

لكن عُبيد السيد الذي يسكن عند حدود المعمرة؛ وهو منسي لا احد يتفقدهم كان مع زوجته يمتلكان عباءة واحدة فان خرج بها السيد تظل زوجته عارية في الكوخ ..صرح بان لديه الحل .

قال له احدهم : لقد عشت اخرس طول العمر فمن اين جاءتك النباهة ؟

وقال احد الحكماء منهم ” ان لم نقبل بفكرته فالحال سيء وان قبلنا ولم يفعل شيئا هو السوء نفسه لا يتغير فلنرى مايعمل “.

قال لهم : سوف تهاجم الخنازير الليلة، ماعليكم الا ان تمسكوا بمجموعة من خنانيص الخنازير الصغيرة “.

ظلوا لها بالمرصاد وامسكوا مجموعة منها ثم سلموها لعبيد السيد ..ثم طلب احضار مجموعة من جريد النخيل وطلب قطع قماش ابيض  حيث قام بتعصيب رؤوس الخنازير عصابة بيضاء فلا يظهر من وجهه الا عيناه وظلت الخنازير الصغيرة تركض خلف الكبيرة في هرج والكبارخائفة مذعورة  لاتعرف الصغار..

وفي الصباح وجدت قطعان الخنازير مرتمية بعد ان كانت ليلة كاملة تدور في دوامة من الفزع واللوعة ” ” لقد مات الكبار رعبا …ومات الصغار خيبة من سوء الفهم” .

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان