في ظل النمو المتسارع للمجتمعات ازدادت اهمية دور المرأة العاملة في المساهمة التنموية في كافة مجالات الحياة وعلى مختلف الاصعدة والمستويات وانطلاقا من مبدأ المساواة بين المرأة والرجل فان المجتمع يجب ان يقوم بدوره بشكل يتناسب مع تطور خروج المرأة العاملة إلى العمل ودخولها في الدورة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومساهمتها في زيادة التنمية وذلك من خلال بعض المؤسسات التي تستطيع التخفيف من الاعباء الملقاة على عاتقها لاننا نحتاج إلى وقت طويل ليتمكن الرجل من تحمل جزء من المسؤولية الملقاة على عاتق زوجته العاملة ،حيث اظهرت دراسات حديثة بأن الحياة المزدوجة التي تعيشها المرأة العاملة بين عملها وبيتها جعلتها ذات طبيعة مختلفة فهي تعيش حالة ثقة تجعلها تتحمل جميع مسؤوليات المنزل والزوج والاطفال ولا تتذمر او تشكو بل تحاول تأدية عملها على افضل وجه كما انها تعمل على ترتيب مطالبها حسب الاولوية لانها بحكم عملها تعرف قيمة النقود جيدا وهي افضل بكثير من المرأة التي تجلس في منزلها وتعاني من الفراغ…اذ أصبح عمل المرأة حزام الأمان الذي يشترط الرجل أحياناً وجوده في زوجة المستقبل، لتكون له سنداً في الإنفاق على البيت. ولكن قد ترى الكثير من السيدات أن إجبارهن على نفقة المنزل هو استغلال غير مقبول. فالمرأة تريد العمل دون التزامات كون الدين والتقاليد تحتم على الزوج النفقة، بينما يجد الرجل أن موافقته على خروجها من البيت يجب أن يكون عليه ضريبة تدفع ثمنها الزوجة العاملة دون نقاش! «الحقيقة» تسأل في هذا التحقيق: لماذا تعمل المرأة هل هو دافع لاثبات الذات أم تفرضه حاجة الزوج للمساعدة ؟ وهل هي بذلك مستغلَّة أم ضحية …؟
تحقيق/ سناء الحافي
علم النفس : المرأة العاملة أكثر سعادة من زوجها !!!
على خلاف الشائع، أثبتت دراسة أمريكية نشرت في مجلة علم النفس، أن المرأة العاملة تكون أكثر سعادة مع زوجها حتى وإن كانت أعباء العمل ثقيلة، مقارنة بالنساء غير العاملات ،ولاحظت الدراسة التي شملت 169 من الأزواج والزوجات واستمرت على مدار أربع سنوات، والتي تم فيها قياس مدى الرضا الزوجي للمرأة العاملة ولزوجها، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة عمل كل زوجة وإذا كان لديها أطفال أم لا، حيث أكدت النتائج أن حجم العمل وثقل مهام الزوجة كانت سبباً من أسباب سعادتها الزوجية، وفسر الباحثون القائمون على الدراسة هذه النتائج بأن المرأة الأكثر انشغالاً في عملها تشعر إلى حد ما بالرضا والنجاح في عملها، مما يجعلها أفضل في حياتها الزوجية أيضاً، فبرغم كثرة المسؤوليات العملية وتزاحم الحياة العملية فإن احترام الذات يجعل الزوجة أكثر رضاء عن نفسها وبالتالي تستطيع أن تعطي لبيتها وزوجها الكثير نتيجة لهذا الرضا النفسي
هذا، وقد أشارت الدراسة إلى تعاون الأزواج محل الدراسة مع زوجاتهم في أداء الأعمال المنزلية الأمر الذي يؤكد نجاح الزوجة في اخضاع الرجل إلى التعاون داخل البيت، فتشعر الزوجة بمزيد من الديناميكية في حياتها الزوجية كما يشعرها الأمر ذاته بالمساواة مع زوجها الأمر الذي يزيد معدلات السعادة الزوجية بين الطرفين
ويؤكد الباحثون أن غياب الزوجة مزيداً من الوقت خارج المنزل يزيد الود بينها وبين زوجها استناداً للحكمة الشهيرة «الغياب يزيد القلب اشتعالاً وبالتالي فغياب الزوجة يؤجج الشوق في قلب الزوج أكثر من الأزواج الذين يرون زوجاتهم أمامهم باستمرار….
تقول الدكتورة منى الصواف، استشارية طب نفسي ورئيسة قسم الأمراض النفسية وخبيرة دولية في علاج الإدمان عند النساء: «لا تقتصر مشكلة الخلافات على نفقات البيت ومشاكل المصاريف على المجتمع السعودي، بل تشمل كل بيت لم يتم فيه الاتفاق على الأدوار والمسؤوليات من بداية الزواج. والمشكلة الأساسية هي عدم وجود رؤية واضحة للرجل السعودي عن دور الزوجة، فهو يظن أنه يملكها ويَملك ما تملك، وأنه بمجرد سماحه لها بالعمل تصبح مجبرة على دفع ثمن مقابل ذلك. وهذا الشيء لا يقبله عقل ولا شرع، ولكن للأسف بعض عادات الأهل الخاطئة ربت جيلاً يرفض المشاركة ونمّت لديه حب التملك. فنجد أن لكلا الطرفين مفاهيم خاطئة، فالمرأة لديها مشكلة في فهمها لمعنى الاستقلالية، والرجل لديه مفهوم خاطئ في فهم معنى التملك والقوامة، وكلا الطرفين متشبث بمفهومه الخاطئ دون محاولة فهم الطرف الآخر».
وأضافت الصواف: « رغبة المرأة في العمل لا تنبع من كونها تحب تقليد سواها بل من إثبات ذاتها أولاً، ولإعالة أسرتها ثانياً. ففي المجتمعات الأجنبية نجد مبدأ المشاركة في كل شيء وهذا شيء ممتاز كونه يضمن للطرفين حقوقهما. فعند حصول الطلاق في المجتمعات الغربية يمكن للزوجة أخذ نصف ما يملك الرجل، بينما في مجتمعاتنا العربية قد تكون للرجل زوجة لأكثر من 30 عاما، ويطلقها دون أن تحصل حتى على حقها في المؤخر، لذا تلجأ المرأة العربية إلى أخذ حقها الشرعي بالنفقة ولو كانت تعمل. فكونها تريد حقها الشرعي في النفقة والاحتفاظ براتبها يدل على كون المرأة العربية لا تشعر بأمان مع الرجل».
عمل المرأة..استغلال و تملّك لها و لكل ما تملك…. !!!
هذا ما أكدته حصة سعيد (45 عاماً) التي تعمل مدرّسة حكومية للمرحلة الابتدائية. تقول: «المشاركة ومساعدة الزوج مادياً ليسا خطأً، ولكن للأسف تتحول هذه المساعدة والمبادرة مع الوقت إلى فرض وواجب، لأن الزوج يعتاد ويعتمد على وجود معيل آخر للأسرة. من تجربة شخصية أنصح السيدات العاملات بوضع حدود لمسألة المشاركة المادية في المنزل. ففي بداية زواجي ولوجود ديون متراكمة على زوجي تشاركت معه مصروف المنزل بالتساوي، ورغم مرور سنوات عديدة ما أزال الآن متكفلة بمصاريفي الشخصية، ومصاريف الأولاد، والسائقين، والفواتير، والمناسبات. في حين يبقى زوجي مهملاً لواجباته تجاه المنزل والأسرة».
وتقول نسرين حمام (27 عاماً) التي تعمل في مجال التسويق: «المرأة بطبيعتها معطاءة ولا تستطيع أن ترى أولادها في حاجة وتُهمل متطلباتهم عند كل السيدات مبدأ المشاركة والعطاء موجود، ولكن ما يحصل أن المرأة تشارك في واجبات الرجل بكل ما أوتيت من قوة بينما هو لا يفكر في مشاركة المرأة في واجب من واجباتها، مما يعني أن الكفتين غير متساويتين أبداً مما يجعل كل سيدة تشعر بأنها مستغلة ومستهلكة من زوجها، فهي تعمل داخل البيت وخارجه، بينما ترى الزوج يمضي معظم وقته بعد العمل مع الأصدقاء، وفي المقاهي، والاستراحات في سبيل الترفيه عن نفسه، وأخذ قسط من الراحة من أعباء العمل».
وفي رأي مخالف تقول مها فواز (48 عاماً) التي تعمل في صالون تجميل: «أنا من أشد المؤيدين لعمل المرأة في سبيل تكوين حياة كريمة لأسرتها، فالمرأة عليها أن تتفانى في تلبية احتياجات أسرتها. فأنا والحمد لله وبعد سنين طويلة في العمل، ورغم الدخل البسيط الذي أتقاضاه في مهنتي، استطعت بجهدي بناء منزل لي ولأولادي لتأمين المستقبل، فالمرأة الساذجة هي التي تفكر بأنانية وتضيع عملها في سبيل كماليات ومظاهر لا تشبع ولا تغني من جوع».
وترى إيمان علي (35 عاماً) الموظفة في القطاع الخاص أن «وظيفة المرأة الأساسية أن تربي أطفالها، لكن ظروف الحياة ومتطلباتها اليوم تغيرت كثيراً وأصبحت المرأة تضطر للخروج للعمل لتضمن لنفسها دخلاً مستقلاً كبداية، ولتساهم في نفقات منزلها ومتطلبات أسرتها من جهة أخرى». وتقول: «الاستقلال المادي يمنح المرأة قوة تحرر قراراتها في الزواج والطلاق. فلا تضطر أن تبقى في الزواج لأنها لا تعرف كيف تعيل نفسها. فالعمل يوفر لها نوعاً من الأمان ويمنحها استقلالية وقوة، لذا لا بد أن تتأكد وتضمن لنفسها دخلاً كافياً يغنيها عن الحاجة والاعتماد الدائم على رجل ينفق عليها، ومن ثم يمكن أن تشارك في مسؤوليات المنزل. فليس من العدل أن تعمل المرأة، وتهتم بالمنزل، وتقوم على رعاية أبنائها، وأيضاً تشارك مادياً في نفقات المنزل. عليها أن تعمل لتوفر لنفسها دخلاً».
الرأي الآخر 🙁 فوبيا) التساوي مع الرجل ….عند النساء العاملات !!
وفي حالة أخرى يعد عمل المرأة خارج بيتها ومشاركتها في مصروف البيت مصدر خلاف مستمر وفق ما يؤكده محمود العراوي (49 عاماً) الموظف في القطاع الخاص، فيقول: «سبب خلافي المستمر مع زوجتي هو عملها وتمسكها المفرط به. ففي بداية حياتنا كنا نعاني أزمة مالية استوجبت عملها خارج البيت، ولكن وبفضل الله تحسنت أوضاعنا المالية، ولم يعد هناك ضرورة لأن تهمل بيتها وأسرتها من أجل العمل. ورغم ذلك ما زالت متمسكة بالعمل. فهي تريد أن تكون متساوية معي في كل الأمور، ولا تريد أن تساعد في مصروف البيت، وهذه أنانية، وبالذات حين تكون المشكلة الحقيقية في كون عملها ينعكس على البيت وجوّه العام. فهي متعبة بعد دوام العمل، ومعتمدة على الخادمة في كل أمور المنزل، وعلى الدوام تذكرني بتضحياتها ومشاركتها لي في مصروف البيت، وراتب الخادمة. أنا أرى أن بقاء المرأة في بيتها وممارسة مهنتها الطبيعية في التربية وتدبير أمور المنزل أولى من عملها خارج المنزل».
و يقول أحمد صالح (39 عاماً) الموظف في القطاع الخاص: «الزواج مبني على مبدأ المشاركة والمعاونة والتنازل، فإذا لم يتوافر ذلك في أحد الطرفين يُعد ذلك ظلماً للطرف الآخر. ليس عيباً أن يعاون الرجل زوجته في أمور البيت والأولاد، وكذلك ليس هناك مانع من أن تعمل المرأة في سبيل توفير حياة كريمة لأسرتها. على الطرفين أن يقدما تنازلات، وعدم الوقوف عند نقطة الانفصال في الواجبات لأن ذلك سينعكس على العلاقة بين الزوجين».
عمل المرأة …في الرؤية الشرعية : أصول و ثوابت !!
الأصل في المرأة هو القرار في البيت، وعملها خارج بيتها خروج عن هذا الأصل، فمهمتها الأساس أن تكون راعية لأسرتها مربية لأطفالها ، والشرع قد تكفل لها بضمانات تجعل بقاءها في بيتها عزا لها وكرامة ، ومن ذلك إيجاب النفقة على الرجل، وإسقاط بعض الواجبات التي تسلتزم الخروج كصلاة الجماعة، والجهاد، والحج إذا لم يتيسر لها محرم.
حيث إن الإسلام يحث المسلم، ذكراً كان أو أنثى، على العمل، بالمفهوم الشرعي للعمل لا بالمفهوم المغلوط أو المستورد. كما أنه يعتبر العمل قيمة أساسية من قيمه، فالرجل عامل في طلب الرزق وبناء المجتمع، كما أن المرأة عاملة وراعية في بيتها وفي بناء أساس مجتمعها، وهو الأسرة.
و أن العفة وحفظ العرض، مبدأ شرعي كلي متضمن في المقاصد الشرعية لحفظ ورعاية الضرورات الخمس المجمع على اعتبارها، التي ترجع إليها جميع الأحكام الشرعية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وأي انتقاص لمبدأ العفة هو عدوان على الشريعة ومقاصدها، وانتهاك لحقوق المرأة والرجل، وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين، وحفاظاً على هذا المبدأ العظيم حرم الإسلام الخلوة بالأجنبية، والاختلاط المستهتر، والخضوع بالقول، والسفر للمرأة بدون محرم ونحو ذلك، والمرأة قد تحتاج إلى العمل، أو يحتاج إليها المجتمع فتخرج، إلا أن هناك صعوبات تكتنف عمل المرأة؛ بسبب مخالفة العمل في بعض الأحيان لخصوصية المرأة، كالاختلاط، أو الخلوة، أو العمل خارج المدن مما يجعلها لا تأمن على نفسها؛ كما يشهد بذلك الواقع السيء لكثير من المستشفيات، أو توظيفها مندوبة مبيعات، أو سكرتيرة في الشركات أو المؤسسات.
كما أن العمل يجعل المرأة تفكر في الاستغناء عن الرجل، ومن ثم تتمرد على حقه في القوامة والولاية، مما يؤدي إلى فساد العلاقة بين الرجل والمرأة، وتمزق شمل الأسرة، ولذلك زادت نسب الطلاق، والعنوسة .
كما أن الأنثى ليست كالذكر في القدرة والتحمل لجميع مجالات العمل خارج المنزل؛ نظراً لطبيعتها، والواقع يشهد أن المرأة غالباً ترغب الجلوس في المنزل، ولكنها قد تخرج لسد حاجتها وحاجة أولادها، وبينت إحدى الدراسات أن حوالي 77% من النساء يفضلن البقاء في المنزل وعدم العمل إذا توفرت لهن الإمكانات المالية.لأجل ما سبق ذكره من الأصول والثوابت، فإن هناك ضوابط عامة لمشاركة المرأة في التنمية، وضوابط خاصة لخروج المرأة للعمل….
الزوج الشرقي : محبِطٌ للمرأة العاملة…و محبَط مادياً !!
وتعلق د .أميرة بدران– خبيرة التنمية البشرية– على هذه القضية قائلة: يتوقف الأمر على طريقة تفكير الزوج وموقفه من المرأة ونظرته لها، وليس على تعاونه أو عدم تعاونه معها، فالزوج المتعاون يجعل الحياة أسهل والتعامل معه يكون بسيطًا سلسا، فلا يكون عائقا أمام أداء دور زوجته المهني أو الاجتماعي، وتلفت النظر إلى أن الرجل الشرقي له طبيعة خاصة لابد أن تحترمها، فإذا كانت الزوجة طموحة ينبغي أن يكون طموحها متدرجا وواقعيا لا يتعارض مع طبيعة الزوج، ولا تصل هذه الطموحات إلى درجة الأنانية وتفضيل المصلحة الشخصية على مصلحة الأسرة…
أما الزوج غير المتعاون فموقفه مرتبط بطبيعته، وهل هو شخص غيور أم شكاك أم مستغل ماديا لزوجته؟ فإذا عرفت المرأة شخصية زوجها كان عليها أن تعامله في إطار هذا الفهم….
فإذا كان غيورا عليها أن تكون دبلوماسية في عدم نقل أو إشاعة أخبار نجاحها إليه أو على الأقل تنقلها إليه بشكل متدرج وطبيعي، بحيث تشعره أنه هو سبب نجاحها وتميزها، وأن الفضل في ذلك – بعد الله – يرجع إليه وإلى دعمه ومساندته لها ومساعدتها في البيت، وأن رضاه يأتي في المقام الأول عندها، أما إذا كان مستغلاً، فعليها أن تضحي بجزء من دخلها لتقليل مشاكلها الأسرية معه، ولابد أن تبذل جهدا كبيرا للحفاظ على التوازن بين البيت والعمل، ويكون لديها استعداد نفسي وتقبل داخلي لبذل هذا الجهد….
وتنصح د .أميرة في الاخير كل زوجة عاملة بأن تقوم بتربية أبنائها بشكل يجعلهم أكثر تحملاً للمسؤولية، واعتمادا على أنفسهم، مما يخفف الضغط الواقع عليها، ويكون لديها دائرة للدعم النفسي ونقل الخبرات وتبادل الأفكار والمقترحات، سواء من الصديقات أو الأقارب، أو حتى الجارات المؤتمنات، وأن تستعين بالأجهزة والأدوات وأية وسائل تسهل لها أمور الحياة، وقمة ذلك كله: الدعاء الدائم إلى الله تعالى بأن يعينها ويساندها حتى تؤدي جميع أدوارها بنجاح وكفاءة ورضا….




_1617644865.jpg)



