حسين القاصد
لأني اعرفك عن قرب ، ولأنك استقبلتني في مكتبك ذات يوم مثمنا قيمة الشاعر، وكنت مبديا اهتماما واضحا بالمبدعين ، ولأنك يا ابا بلال أهل لكل مبادرة ، ولأن ضمن قانون الوزارة وقبول الدكتوراه ، هناك استثناء للمبدعين وحقل خاص بقبولهم .. اتقدم الى معاليكم وكلي يقين ان الرجل الذي خرج من كرسيه ليجلس مع ضيفه الشاعر الذي كنت أنا من دون فوارق، وانت تدري اني سأكون موظفا تحت امرتك ، مع ذلك احترمت الشاعر وحدثتني عن قراءتك لمقالاتي ومتابعتك لي ، وبعد انتهاء اللقاء خرجت من مكتبك ومن الوزارة كلها التي كان الطف من عاملني فيها هو وزيرها !! .. لذا اقصد معاليك واعرف انك اهل لكل مكرمة ، ان تلبي طلب زميلنا المبدع كاظم مرشد السلوم ، فهو مبدع حقيقي وتستقطبه بلدان العرب للتحكيم ، ولأن هناك حقلا خاصا بالمبدعين نطمح من معاليكم ان تستثنوه من فقرة العمر ولعل في مقاله مايحكي معاناته .. واليكم نص مقاله .. مع وافر الاحترام والتقدير”
(بعد ان حصلت على شهادة الماجستير في السينما وبتقدير جيد جدا عال، كان طموحي يتركز في الحصول على شهادة الدكتوراه ، خصوصا وأن كل المعارف والاصدقاء كانوا يحثونني على ذلك ، وكذلك لأن شهادة الماجستير هي مرحلة وسطية بين البكالوريوس ورحلة الحصول على شهادة الدكتوراه ، لكن شرط العمر وقف حائلا بيني وبين طموحي في الحصول على هذه الشهادة ، فمثلي لم يكن ليقبل في تلك السنوات العجاف للنظام السابق ، مع تلك الإستمارة المليئة بالأسئلة الامنية ، التي تبتدأ ، بهل ، وهل ، وهل ، لكن بارقة أمل جاءت من وزارة التعليم العالي بأستثناء المتقدمين للدراسات العليا على النفقة الخاصة من شرط العمر والمعدل ، ولم تكن لي مشكلة مع المعدل كوني كنت الأول على فرع السينما في البكالوريوس , وتقديري جيد جدا عالي في الماجستير ، اجور الدراسة على النفقة الخاصة هي خمسة ملايين دينار ، حسبتها مع نفسي ووجدتني قادرا على دفعها ،ولكن المفاجأة كانت بأن الخمسة ملايين هي اجور الدراسة لكل سنة من السنوات الثلاث لدراسة الدكتوراه ، اي خمسة عشر مليون دينار ، وهذا مالم أكن أعرفه ،وعدت لحساباتي ثانية ، فوجدتني لا أستطيع دفع هذا المبلغ خصوصا مع كثرة المصاريف العائلية الملزم بتوفيرها ، وكذلك ما أحتاجه أنا في فترة الدراسة ، أذن فالحسبة ليست في صالحي ، وبالتالي فأن حلم الدراسة قد تبخر ، اخبرت اساتذتي الذين كانوا يودون ان اكمل دراستي بذلك ، أبدوا أسفهم ،وقال البعض منهم حاول ان تحصل على إستثناء من الوزارة ،خصوصا وأن البعض قد حصل عليه فعلا ، إستفسرت وحاولت ، لكني عرفت إن الحصول على هذا الإستثناء ليس بالأمر الهين ، وبحاجة الى العديد من الاتصالات التي لا اعرف الطريق اليها و أجيد الخوض في مسالكها فهي وعرة جدا لأمثالي ، احد الاساتذة قال حاول ان تقلص نفقاتك ، فأجبته ، لا استطيع ان اثلم رغيف خبز ابنائي من اجل ان احصل على لقب علمي . وهم الذين رأيت الحزن في عيونهم بعد أن عرفوا أنهم السبب في عدم مقدرتي على دفع تكاليف الدراسة للحصول على الشهادة التي كانوا يتمنون أن أحصل عليها .
اخيرا اقتنعت ان لاجدوى من اية محاولة، فانا واحد من العامة! وان كنت ناقدا سينمائيا، وأعلاميا، وصحفيا، وعضوا في اتحاد الادباء، ونقابة الفنانين، ونقابة الصحفيين، ورئيس لملتقى ثقافي مهم.
أخيرا بقيت عيوني، واحدة على الدكتوراه والأخرى على الرغيف، وهو الأهم.






