الحقيقة / خاص
في البدء، أود أن أقول بأني وجدت أن من الواجب علي أن اكتب عن هذا الفنان الكبير لفضله الرائع في إثراء تجربته الفنية المتواضعة واستذكاره استذكارا وفياً لجيلنا اليوم وللأجيال القادمة لا أغالي أن قلت بأن صادق القندرجي … ذو موهبة وقدرة أدائية متميزة بفنه الذي عرف به آنذاك ، يورق فيه الفن والشعر الفكاهي والطرفةُ والنكتة حيثما يشاء كان هذا الفن الساخر يجري في دمه ، وكان له كالغذاء والشراب لا يقدر بدون نكته أو مقلب. ومع مرور الزمن صقلت موهبته وإبداعه بفنه وكون فرقة فنية له . كان الفنان القندرجي علامة كبيرة بلا شك وبصمة في عالم المسرح الساخر فرض نفسه في تلك الحقبة ، واعتلى خشبة المسرح في الأزقة والممرات والبيوت وانشد من خلالها قصائده المنلوجستية بطريقته التي عرف من خلالها في المجالس النجفية يحاول فيها ( صادق ) ان يقف موقفا متحررا من القيود الاجتماعية بمناهضة القيم السائدة البالية ، فيعطينا من مفردات قصائده شاعر الشعب عبد الحسين أبو شبع الحرية ويواجه بها معاناته الخاصة لما عاشه في الواقع آنذاك أبان الحكومات الرجعية المبادة في المناسبات والأفراح والمواليد والذكر والأعراس والتي كان يلقي فيها قصائده الكوميدية فكان له دور رائد بحركة المسرح الشعبي ( الهزلي) نهض ( القندرجي ) بفن المنلوج الشعبي وعمل على تطويره بنظم القصائد كما أدى قصائد الشعراء المعاصرين له فجاء امتداداً لروحية الشاعر حسين قسام شاعر الهزل وصاحب القصيدة القصيرة الساخرة . فكان لشخصية القسام تأثير كبير في مسيرته الحياتية والفنية وتأثر بشاعريته وقصائده الهزلية الجميلة فتشبعت روحه بحب هذا الأدب مما شجعه للمضي قدما إلى أمام في هذا المضمار بعد ذلك حقق ( صادق ) وبمجهوده الخاص هذه المكانة وقام بأداء العديد من الأدوار ذات المستويات المختلفة والمتفردة للغاية من خلال المسرح الشعبي فتألق فيه بأدواره التي أثارت الدهشة وما زال لمريديه ومحبيه إعجابهم بهذه الشخصية النادرة في البيئة النجفية لما يمتلكه من شمولية في قدراته الأدائية والحركية معا عندما ،يصدر الكلمات بالحركة والنكتة بشكل مذهل . فمن هذا صنع جمهورا ومحبين يتذكرونه حتى هذه اللحظة لأنه كان يعبر عن خلجاتهم النفسية ، وحتى يصل إلى أخر نقطة في قلوبهم متفننا بأسلوبه البديع . عالج فيه الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية منتزعة من صميم الواقع الذي يعيشه فكان طابعه الهزلي ( الفنتازي ) شغله الشاغل وهمه اليومي حتى أصبح واحدا من اكبر الطاقات في هذا المضمار. وهكذا استطاع القندرجي أن يجعل حضوره دائما في هذا الأفق . وحقق مكانة رفيعة في الأوساط الشعبية النجفية حيث يأتي اسمه في طليعة الذين عطروا الأجواء بنفحات الهزل والسخرية . فعند الاستماع له تلمس عنده روعة التعبير عن أحاسيسه لكونه يمتاز بخفة دمه وحبه للنكتة والمداعبة البريئة . فكان شخصية قل نظيرها لكونه طاقة كامنة فأعجب الجمهور النجفي بفنه غاية الإعجاب في الستينيات .








