كاظم السيد علي
وجدت من الواجب ان اكتب هذه الدراسة البسيطة عن شاعر شعبي ستيني ..الا وهو عبد الستار شعابث الحلي . برز هذا الشاعر في مدينة الحلة المزدحمة بكبار الشعراء رواد المدرسة الكلاسيكية .. لكن انتفض في حداثة التجديد عبر القصيدة الشعبية الحديثة ، امتدادا لأنتفاضة النواب الكبير على القصيدة الكلاسيكية في بداية الستينيات .
لقد جاء شعابث مجددا في ايحاءاته الجادة .. والذكية ..وكما في سطور قصيدته الموسومة (مركب ورق ) بدون ضبابية تحلق بك الى عالم الهدوء ، والترافة .. والشفافية .. وعشقه السرمدي يمزج فيها بين الفكر الذي عشقه ..والوطن الحبيب وبساتينه الخلابة :
عشگنه ايلون الطاووس
وماتباهه ..
ولاتغاواه الا بعيونك ..
يالعيونك ترست گليبي حچي
جبت لگلبي البچي
طشت الفرحة هلاهل
وحك ذيچ الدموع ..
البخت اگليبي هلاهل
دمعتي دمعة عراقي
املونه ابدهلة فراته
ياحبيبي الماي والدهله حبيبي
حدرت دمعي عليك
وانت بستان ابلادي
من أرضية الإنسان اذن تبدأ القصيدة التي تعكس بصدق وتفاؤل وطموح وإبداع وعذابات الناس وآمالها العريضة في الحياة .
وكما نلاحظه عند الشاعر (شعابث ) في ثنايا سطور قصيدته هذه التي تجمع بين الرقة والقوة والحوار الجميل الذي يحاكي الفارس الذي عشقه حد الثمالة .. وشغف به حد الجنون بهذا الوصف الدقيق والخيال ، جادا في كل مايقوله بعيدا كل البعد عن البعض الذي يحملون الهويات الزائفة :
مثل روح الطفل روحي كاغد ابيض
كتبت اچفوفي عليها من الزغر چلمة احبك
ومثل ماچنه ابزغرنه
الكاغد انسوي سفينه
وسيست روحي ابسواچيك حبيبي
ومن خلال المعاناة الحقيقية يعبر في هذه الإيحاءات الشعرية عن احساس عميق وحب جنوني حب (الدراويش ) للحبيب الذي اعتنق مبدأه ، الذي خلف له المزيد من هموم وعذابات و(سوادين ) :
امعش ابراسي وصيحن ياحبيبي
امشي بكل درب تايه
امشي ابكل درب درويش ..
كاولي عاف الربابه
ولك تدري سوادين الكلب بالراس
مدري بالكلب نزلت بلاوي الراس
وصاحولي الخلك مجنون
واسمعت چلمة خطية ويكسر الخاطر
والوادم تچي الامي : ابنچ ابراسه هوه
ان (عبد الستار ) يعبر هنا بتلقائية وعفوية على الرغم من انها تبتعد عن المباشرة كما في الاسلوب الكلاسيكي .. يتجلى اتجاه ميوله على تجسيد ملامح الواقع وابرز مكنوناته باسلوبه الخاص الحديث :
اوف ..اوف
اوف .. يمه اشلاعب ابراسي الهوه
كالولچ خذيه ايطيبه (العباس )
وانه اللي چنت انه اتفرك عگل للناس
كالولچ خذيه (العون )
(الناس العون تگصد بالشخص لوجن ..
المن يودون گلي لوتسودن عون ) ؟
ياحبيبي مالي غيرك عون
شاعرنا الحلي عبد الستار شعابث يغور في عمق واقعه ليدلل على اهمية معايشته الحقيقية ،لا أن يقعد في صومعته ،فنلاحظه يبحث ويرسم بريشته عن مواضيعه الجميلة وبالطريقة التي يرتأيها ، وبما تشاهده رؤياه فيصورها بالصورة الصحيحة الواضحة وبدقة متناهية وبالكلمات الحياتية اليومية الترفة للإنسان الذي يعشق هذا اللون الذي يستنشق من خلاله هواءه العذب .








