ثقافة شعبية

فـــي ذكــــرى شاعـــــر الغـــــزل كاظــم الرويعـــي

الحقيقة/ خاص

 

كان حديث أهل الغزل يتناسب مع أحاديثهم عن شاعر الغزل الذي تصطف له الصور الشعرية فتتسابق لترسم عند مشاعره قبل أوراقه مناظر ومشاهد قصيدة رائعة جميلة وشاخصة في شعر الراحل (كاظم الرويعي) أو كاظم ناصر الرويعي الذي ولد العام 1939 في عائلة دينية ملتزمة فوالده عالم دين ومن سدنة الإمام الحمزة (ع) في محافظة بابل/ منطقة المدحتية. عمل شاعرنا موظفاً في وزارة الصحة فسكن أحد أحياء بغداد في منطقة الحيدر خانة وكانت غرفته محطة للشعر والشعراء… لقب بأبي تمام ولم يكن له ولد وهذا أحد أسباب معاناته الكبيرة. غادر العراق إلى الأردن العام 2000 للعلاج وهو في وضع صحي لا يسر كما يصفه الشاعر عداي السلطاني… كان أبو تمام يأمل في العودة إلى الوطن مشافى فيقول: سيسافر جسدي إلى عمان وروحي موجودة في العراق. لكنه رحل وبقي جسده في عمان وبقيت روحه الطاهرة عالقة بين جثمانه ومحبيه ووطنه. والتأبين لذكراه واجب فكانت هذه الكلمات البسيطة متأخرة بحق صاحب القصيدة الحديثة ومبدع الأغنية الجميلة كما يقول أعز أصدقائه ومنهم الشاعر جبار فرحان. وكان تقويم الأغنية العراقية بالنسبة للراحل الرويعي أنها في أحلى صورها عندما كانت تغازل شجون المحبين بكلمات لطيفة وهادفة، رسخت جذورها وبقيت عالقة في أذهان الناس حتى يومنا هذا . واليوم نسمع أغاني أنا غير راض عنها… وقد يكون المسؤول عنها العوز المادي الذي يقف حاجزاً أساسياً أمام الشاعر والملحن والمطرب والبقية تأتي تباعاً حتى تصل إلى الجمهور والدوائر المعنية بذلك. ويبقى الراحل أبو تمام من رواد القصيدة الحديثة والأغنية العراقية الأصيلة فكتب للمطرب فاضل عواد (ضوه خدك مدري ضوه الكمره) ليصف جمال الحبيب بأروع الصور الخيالية وأخرى للمطرب حميد منصور والتي أصبحت هويته الرائعة والموسومة باسمه (يم داركم) وغيرهما مثل (ليلة ويوم) للمطرب سعدي الحلي. وقد صفق شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري وقال: رائع الرويعي، في (والتمت بروحي المحنه واشتهيت أخباركم). وهناك قصائد وأغاني كتبت مخصوصة لأحداث دارت وتدور لأناس عزيزين عليه لا يمكن أن يذكرها. وفي كلام للشاعر عداي السلطاني نقلاً عن الراحل كاظم الرويعي أنه غير نادم على أي قصيدة أو أغنية كتبها بقوله “أنا لا أندم على الوليد الذي أرزق به” .والقصيدة والأغنية بالنسبة للراحل الرويعي هي كالابن الوليد الذي يرزق به وبمخاض عسير ولكن أحياناً يندم على الظرف الذي تولد فيه القصيدة والأغنية وهي قليلة جداً قد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة. وحول مسألة عدم وجود ولد للراحل الرويعي وهل زادته هذه المعاناة أجواء شعرية مكنته من الإبداع أكثر حتى أصبح على هو عليه؟ يقول السلطاني:ـ-أذكر أن أغلب ما سمعته من شاعرنا الراحل خلال فترة قربي منه كان منصباً على أنه أمر من الله عز وجل وأن كل قصيدة وأغنية كانت بمثابة مولود له، يفتخر ويباهي الدنيا بها وأن كتابة القصيدة تأخذ من جرف المبدع وتأكله وتكون الأحداث أيضاً مثلها. وقبل سفره بثلاثة أيام قال: أنا سأسافر وروحي ومشاعري ستبقى مع أهلي وناسي أمثال الشعراء: عريان السيد خلف وكاظم إسماعيل الكاطع وعداي السلطاني والأستاذ الكبير مفيد الجزائري والأستاذ محمد الأسدي والشاعر مهدي حمزة الشمري -رحمه الله- والمصور طالب الجنابي والممثل علي عبيس وصاحب البديهية الجميلة جواد الرويعي والخطاط كاظم بهية وغيرهم. – كان يصر على عدم مفارقة داره البسيطة في منطقة (المدحتية) التي هي مسقط رأسه وهو في وضع صحي لا يسر،كان يتمنى أن يعود إلى الوطن ولكن القدر أكبر من ذلك فكتب بعض الأبيات قبل رحيله إلى عمان والعالم الآخر.. 

” الصار ما هو عجب ،جم صار مثله وصار ، جم أخو يكره أخو ، وجم جار يكره جار، بنادم أطباع الغدر ، من ياكل الجمار ينسى إحسان النخل يرمي السعف للنار”

 يقول الشاعر السلطاني كنت في حضرة الراحل عند قراءته لهذه الأبيات فسألته عما إذا جاءت هذه الأبيات نتيجة إيحاءات خيالية فأجابني بكلام مختصر إن لهذه الأبيات الشعرية مواقف لم يفصح عنها سوى بأنها خاصة… والحر تكفيه الإشارة!

– ونعود لنسأل جبار فرحان عن انطباعات الراحل الرويعي عن الشعراء الشباب، فقال: لفت نظر الرويعي وشغل فكره بعدد من الشعراء وهم أقلية مثل : عادل محسن وناظم الحاشي وماجد عودة مع اعتزازي بالآخرين وعدي السلطاني وكذلك علي فرهود وحمزة الحلفي وآخرين لم تحضرني أسماؤهم في ذاكرتي ووصفهم بأنهم رائعون ويجب احتضانهم من قبل الجهات المعنية بهذا الأدب الرائع، الذي يعيش كل إرهاصات وتطلعات المجتمع الراقي، وفسح المجال لهم بإعداد المهرجانات الشعرية وهم مبدعون وطاقاتهم كبيرة وعدم تغييب دور الرواد وخلق حالة من التمازج بين الأجيال الشعرية ليكون هناك تواصل.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان