الجــزء الثاني
فارس حامد عبد الكريم
الا ان روح حمد تنادي من بعيد على ( ابو محابس شذر) ويترجى الريل الا يحث الخطى مسرعاً بالفراق والهجر، كما كان الحب الذي في خاطره يوماً ما ، وان يسير بدلال ( ابغنج ) ، فالهوى في القلب باق ( بعد ما مات ) فنراه يقول :
( يا بو محابس شذر ، يلشاد خزامات
يا ريل بللّه .. ابغنج
من تجزي بام شامات
ولا تمشي .. مشية هجر …
كلبي..
بعد ما مات
وهودر هواهم
ولك
حدر السنابل كطه )
الا ان الريل يبقى سائراً ولا يقف كما يتمنى قلب حمد .او ما حاولت روحه ان تدركه.. لان اهل الهوى (امجيمين ) يعيق صدأ العشق القديم المتجدد دوماً حركتهم ولان القطار يسير على سكة .. والسكة من حديد … .فلم يكن هناك من امل للاستجابة والتوافق.. رغم اوامر (مظفر التواب) الحدية احياناً وتوسلاته احياناَ اخرى:
( جيزي المحطة..
بحزن ..
وونين .. يفراكين
ما ونسونه ،ابعشكهم…
موعيب تتونسين ؟
يا ريل
جيّم حزن…
اهل الهوى امجيمين
وهودر هواهم
ولك
حدر السنابل كطه )
الا ان طول البعاد والفراق زرع الشك في قلب المعشوقة ، فتراها تظن الظنون وتعبـر عن خيبـة الأمـل ( ياريل طلعوا دغش) ، فالسنابل وهمية ما هي الا (دغش) والعشق مجرد ( كذبة ) وجرح الانتظار الذي طال العمر كله لم يضمده الحبيب بالحرارة والشوق وعندها تغني بحزن على طريقة مظفر النواب:
( يا ريل
طلعوا دغش…
والعشق جذابي
دك بيّه كل العمر…
ما يطفه عطابي
تتوالف ويه الدرب
وترابك .. ترابي
وهودر هواهم
ولك.. حدر السنابل كطه )
ولكن المعشوقة تدرك بقلبها ما لا يدركه الريل والناس اجمعين .فلا يناسبها في هذه الحياة غير حمد ( ما لوكن لغيره ) وتحكي للريل متذكرة ايام الطفولة حينما كانوا يلعبون سوياً لعبة القفز التي يمارسها الاطفال عادة في مدن وقرى العراق ( يا ريل باول زغرنه… لعبنه طفيره.) ، وان ( الدغش ) وان وجد بين السنابل فانه يتواجد طائر ( الكطة ) ايضاً كصفة جمال لكل جميل ، فتراها تعود نادمة وقد هزها الشوق لتقول:
( آنه ارد الوك الحمد .. ما لوكن لغيره
يجفّلني برد الصبح ..
وتلجلج الليره
يا ريل باول زغرنه…
لعبنه طفيره
وهودر هواهم
ولك .. حدر السنابل كطه )
وفي قمة اشواقها ، ترسم صورة ملونة لحمد، بريشة مظفر النواب السريالية، صورة تجمع بين الفضة والعرس والنركيلة والشذر ، وترجو من الريل ان يخفف من سيره ( ثكل يبويه )، فالبرد وحده من احتضن الجسد وغاب دفء الحب والحبيب (كضبة دفو ، يا نهد ، لملمك … برد الصبح ) ( ويرجنك فراكين الهوه … يا سرح) فتذهب بخيالها الى القول كأن حمد .. :
( جن حمد….
فضة عرس
جن حمد نركيله
مدكك بي الشذر
ومشلّه اشليله
يا ريل….
ثكل يبويه..
وخل أناغي بحزن منغه…
ويحن الكطه
كضبة دفو ، يا نهد
لملمك … برد الصبح
ويرجنك فراكين الهوه … يا سرح )
الا ان الريل يستمر في صراخه ، فتهيج الجروح ويفز الكطه من احلامه وقد يهرب ، فترجوه باسلوب النهي الا يفعل :
( يا ريل….
لا.. لا تفزّزهن
تهيج الجرح
خليهن يهودرن..
حدر الحراير كطه
جن كذلتك…
والشمس…
والهوة…
هلهوله
شلايل برسيم…
والبرسيم إله سوله
واذري ذهب يا مشط
يلخلك…اشطوله !
بطول الشعر … )








