الحقيقة- قسم التحقيقات
الحاج جوحي اردف مضيفأ “ان ظاهرة هؤلاء الاطفال بدأت بالازدياد خلال الاشهر القليلة الماضية ولا اعرف ما الذي يدفعهم لممارسة هذه المهنة التي لاتدر كثيرا فإصرارهم على مزاولتها منذ ساعات الصباح الاولى وبدء حركة السوق الى ساعات المساء أمر عجيب.
(في السوق)
*وقالت نوريه صاحبة محل بقالة: لقد منعت أولادي من بيع الأكياس بعد ا ن اصروا على ترك دراستهم بسب إغواء رفاقهم بالمنطقة . البائعة نورية تحسرت وهي تشاهد ثلاثة من هؤلاء الباعة الصغار يتسابقون وهم يتشاجرون من اجل الاسراع لبيع الاكياس لمتسوقات دخلن السوق للتو .
*صاحب محل للكماليات استغرب ازدياد هؤلاء الباعة ما اضطره لطردهم من امام محله بسب مزاحهم المستمر الامر الذي تسبب بعزوف الزبائن عن دخول المحل.
(ارزاق)
*لؤي جاسم 12 عاما امتهن بيع الاكياس مع شقيقه منذ ايام قال : ان المبلغ الذي يحصل عليه في المساء يصل الى ستة الاف دينار لا يكفي كمورد يومي ما دفعه لاصطحاب شقيقه معه بسبب عوق والده الذي تركه أحد الانفجارات الارهابية جليس الدار.
* ام حمودي والدة احد الباعة قالت بانها لم تحرم ابنها من المدرسة لكن الحال الذي وصلنا له بسب غياب مورد زوجي هو الذي اضطرني لجعله يترك المدرسة ويذهب الى السوق يوميا ليأتي بمصروف ليسد رمق عائلتنا .
*وأضاف والد احد الباعة بانهم دائما يتواجدون في السوق القريبة من منازلهم وانا لااسمح لولدي ببيع الاكياس الا في يوم الجمعة والسبت اما بقية الايام فهو طالب في المدرسة القريبة من دارنا ، رغم لوم والدته على ان ما يجلبه من النقود لايكفي لشراء مستلزمات دراسته مقارنة بما يكتسبوه من عادات سيئة وما يتعرض له من اهانة ونحن نعلم نظرة الناس لهم .
(ممارسات سلبية)
*ابو حسين صاحب معمل صناعة اكياس النايلون قال مستغربأ تاتي كل صباح مجموعات من الاولاد يحاولون ان يحصلوا على كميات كبيرة من اكياس النايلون (العلاكه) وكانوا يتزاحمون للحصول عليها بسرعة في الصباح وفي المساء لان سعرها اقل بكثير من سعرها في السوق وكنت دائما اتساءل كيف يمكن لهؤلاء الاولاد ترك بيوتهم او مدارسهم في هذه الاوقات ؟ وكيف لذويهم ان يتركوهم في هذه الظروف المخيفة ؟ بالنسبة لأعمارهم والوضع في بلادنا لايمكن ان يرحم هذه الفئة الصغيرة من الانحراف والجريمة والارهاب واسوأ العادات التي يمكن ان تمارس بحقهم وهم بعمر الزهور وقد نصحت الكثير منهم للعودة الى مقاعد الدراسة وترك هذه المهنة التي لاتدر لهم ولعوائلهم كثيرا .
(جهات مسؤولة)
*مدير احدى المدارس الابتدائية والتي تقع شرق بغداد استغرب تسرب عدد من الطلبة في مراحل مختلفة منذ بداية العام الدراسي الحالي وعند سؤال اقرانهم في المدرسة قالوا انهم شاهدوهم وهم يحملون أكياس البلاستك في السوق القريب من المدرسة وتابع مدير المدرسة مضيفا ” أن المسؤولية لاتقع على جهة واحدة وإنما هنا المسؤولية تتحملها وزارة التربية وإدارات المدارس التي تكون مسؤولة عن غياب الطلاب عن المدرسة وعوائلهم التي يقع عليها العبء الكبير لانها تمثل أساس الطفل والانطلاقة الاولى لهؤلاء الصبية الذين تركوا مقاعد الدراسة من اجل دنانير قليلة ، ماذا لو عرضت عليهم اموال كثيرة مقابل قيامهم باعمال بشعة او اعمال غير أخلاقية ؟ هذا ما يعاني منه الاحداث في السجون. هذه الصورة السيئة التي تعبرعن مدى تخلف هذه العوائل وتخلف المجتمع ونحن ننادي بالديمقراطية والحرية والتعليم . لماذا تضيع على هذا الجيل الفرصة في التعلم والثقافة والسير في الطريق الصحيح لبلادنا .
(سلبيات أجتماعية)
*الباحثة الاجتماعية نورس علي قالت عن هذه الظاهرة : لم اصدق في بداية الامر سرعة ازدياد انتشار هؤلاء في الكثير من الاسواق الشعبية فنحن دائما نشاهد الاطفال في الشوراع وفي الاسواق وعلى ارصفة الطريق بين سير المركبات الم يلاحظ المسؤولون هذه الحالة . لماذا يتركون جيل المستقبل بلا مستقبل ؟ لكن عند سؤالي للبعض منهم هرب من الاجابة متذرعأ بأنه يساعد عائلته بسبب ظروفهم الصعبة وهي حال الظروف التي يعاني منها اغلب العراقيين بينما قال البعض الاخر انه وصل الى مزاولته هذه المهنة ترغيبا من الاصدقاء ” .
وتضيف الباحثة نورس ” فقد شاهدتهم في المرة الاخيرة مثل فراشات صغيرة تزهو بالألوان تبحث عن رزق هنا وهناك في بلد لايصح ان تكون فيه مثل هذه الظاهرة فبلدنا مليء بالخيرات وهذه ظاهرة سلبية جديدة تضاف الى ظواهر كثيرة مثل ظاهرة التسول التي يحفل بها الشارع العراقي بصورة غير مسبوقة في تاريخ العراق وتمتهنها هذه الفئات العمرية الصغيرة التي لم تكتف من اللعب والدراسة لترسم ملامح مستقبلها المجهول وسط هذه المأساة.