تحقيق / رجاء حميد رشيد
من العاصمة بغداد ، أكدت رشا خالد المحامية في جمعية نساء بغداد، مديرة مشروع حملة (# أسرتنا_ نحميها ) لتشريع قانون الحماية من العنف الأسري : ارتفعت نسبة معدلات العنف خلال فترة الحجر المنزلي جراء تفشي وباء كورونا لأسباب كثيرة ومعروفة وأهمها: ضعف التمكين الاقتصادي للأسر العراقية وارتفاع معدلات الفقر بحسب التقارير المعتمدة بنسبة مايقارب 35 % منذ العام 2003 ، وحملة أسرتنا نحميها التي انطلقت منذ العام 2015 هي حملة لتعديل التشريعات القانونية المجحفة بحق المرأة في التشريعات الوطنية التي تخالف مبدأ المساواة بين الجنسين في المواثيق والإعلانات الدولية التي صادق عليها القانون، حيث اعتمدت الجمعية في هذه الحملة، على منهج قضائي أعده القاضيان هادي عزيز ورحيم العكيلي، يضمن جميع النصوص التمييزية ضد المرأة وجميع البنود الدولية التي تعزز حقوق المرأة . وأضافت خالد”تم إعداد فريق متنوع داعم للمشروع باسم # أسرتنا نحميها – وتدريبهم على آليات المدافعة مع وضع خطة عمل مستقبلية للحملة تستجيب للتحديات التي تواجهنا، والتي أبرزها عدم اصطفاف النساء في مجلس النواب مع النساء لتمرير القانون وغياب أواصر التكاتف إزاء القضية ورفضه من قبل الأحزاب الدينية واعتباره قانونا سيفكك الأسرة العراقية، برغم لقائنا المرجعية العليا في النجف الاشرف، والتي أكدت فيها دعمها للقانون، وأعطتنا الضوء الأخضر ، لافتة ” يعد أغلب أفراد المجتمع بأنه قانون يخص المرأة فقط رغم أنه يوفر الحماية لجميع أفراد الأسرة: الطفل، المسنين، العجزة، ذوي الاحتياجات الخاصة وأنه يتصدى للمعتدي أياً كان حتى لو أنثى”.
من محافظة ذي قار، أكدت التربوية الحقوقية بشرى الطائي المدير التنفيذي لمركز سبا للدراسات والتنمية البشرية “: في ظل الظروف الراهنة وخلال فترة الحجر الصحي لتفشي وباء كورونا، ارتفعت معدلات العنف ضد النساء بشكل أكثر خلال الشهرين الماضية ، لذا قامت منظمتنا وبالتعاون مع منظمة( undp ) بالتواصل مع النساء والفتيات في فترة الحظر لكسر حاجز العزلة ، وشملت اتصالاتنا ( 500) امراة في المحافظة واقضيتها ونواحيها، وجدنا الكثير من القصص المؤلمة، وأنواعا للتعنيف في المجتمع الذيقاري لكن هناك تحفظا كبيرا وترددا في اللجوء للقضاء وسط هيمنة الأعراف العشائرية وسلطة العائلة واسم وسمعة المرأة وحذرها من الدخول لمراكز الشرطة لتسجيل شكوى ضد الرجل المعنف سواء كان الأب أو الأخ أو الزوج. وأحيانا أخرى زوجة الأخ او الأم نفسها، لذا ندعو إلى الضغط على البرلمان باتجاه سن قانون مناهضة العنف الأسري، لإيجاد ضمانة تشريعه ومساحة قانونية لحماية النساء في ظل تزايد حالات العنف ضد المرأة “
من جانبها لفتت رئيس منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى الهلالي ”الى أن المسكوت عنه من العنف الأسري في محافظة ذي قار أفظع مما حصل لملاك الزبيدي التي فقدت حياتها حرقاً ، وقضية ملاك برزت للسطح بعد أن تحولت إلى قضية رأي عام وان ما حصل لها سيتكرر في كل يوم وسيطال الجميع ما دام لا وجود للقوانين التي تحميهم من العنف الأسري ، ويجب على الأسرة والعشيرة اتخاذ عدة تدابير تساهم في الحد من العنف الاسري ومنها عدم تزويج القاصرات والرافضات للزواج رغما عنهن، وتوعية المجتمع بان الطلاق ليس جريمة ، كما يجب تشجيع النساء على تقديم الشكوى للجهات المختصة وعلى الجهات الأمنية استقبال الضحية وتقديم المساعدة لها واحترم خصوصيتها وعدم نشر التحقيق وبثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي يزيد الطين بلة. قد تتعرض النساء للقتل والعار ومالهذا الموضوع من تداعيات على العائلة والأولاد . نحتاج إلى حلول جذرية وعلى البرلمان التعجيل بإقرار قانون حماية الأسرة من العنف الأسري” .
ومن محافظة البصرة ، قالت الهام ناصر الزبيدي رئيسة رابطة لوتس الثقافية النسوية ” مع بداية الحظر المنزلي جراء تفشي فيروس كورونا ، بدأت تتصاعد حالات العنف الأسري نتيجة الضغوط النفسية والاقتصادية التي تعرضت لها الأسرة، لذا ازدادت حالات العنف ضد النساء والأطفال على حد سواء ، وهذا المشهد لم يقتصر على العوائل الفقيرة التي تفكر بمصادر عيشها، بل شمل حتى الميسورة منها ، مع ملاحظة تعدد حالات وأشكال العنف، الذي لا يخص النساء المتزوجات فقط، اذ هناك عنف ضد الأم والأبناء و الزوج أيضا ، وعنف الأخ لالأخوات ، والأكثر إيلاما هو العنف ضد النساء اللواتي اصبن بكورونا الذي اصبح وصمة عار ، حيث وقعت بعض الحالات الغريبة، وهي ان يمنع الرجال من أن تذهب البنت أو المرأة المصابة إلى الحجر الصحي ، والأكثر وجعا أيضا، هو التكتم والإحساس بالعار عند أصابة احد أفراد العائلة بفيروس كورونا. وللحفاظ على الأسرة العراقية والحد من تزايد ظاهرة العنف الأسري لابد من الضغط على مجلس النواب لإقرار وتشريع قانون يحمي الأسرة العراقية وبأسرع وقت ممكن ” .
من محافظة النجف الاشرف ، حيث قالت الناشطة المدنية عضو رابطة المرأة العراقية انتصار الميالي ” قانون الحماية من العنف الأسري في العراق بات ضرورة ملحة في ظل ارتفاع معدلاته يوما بعد يوم ، والأزمة التي نعيشها اليوم بسبب فيروس كورونا رفعت النقاب عن الكثير من المشاكل المتراكمة التي تعيشها البيوت العراقية سواء كانت غنية أو فقيرة، فالعنف اليوم يهدد النساء والفتيات والأطفال ، ومهما كان حجم اللامبالاة أو وسائل التعتيم فلا بد للجهات المعنية أن تهتم بهذا الجانب الخطر الذي يزعزع استقرار الأسر العراقية ، وبالرغم من كل المؤشرات والدلائل إلا ان الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراء، فيما يجب عليها أن تلتزم بتعهداتها الدولية خصوصا أمام لجنة سيداو، فالمحافظات العراقية تشهد الكثير من جرائم العنف الأسري والتي تسجل في غالبيتها على أنها حوادث قضاء وقدر، خصوصا في المناطق الوسطى والجنوبية والمدن التي لها طابع محافظ مثل النجف وكربلاء ” .
من محافظة ميسان ، تقول براڤدا علي عودة سكرتيرة رابطة المرأة العراقية / ميسان
“تضاعفت حالات العنف الأسري وباتت خطراً يهدد الأسرة العراقية خاصة خلال فترة الحجر الصحي لمواجهة فيروس كورونا ، ومن أهم الأسباب التي أدت لتفشي ظاهرة العنف، هي عدم معرفة المرأة بحقوقها وتقبلها الظلم الواقع عليها من باب الحفاظ والاحترام الأسري ، لذلك نحتاج الى نشر الوعي للمرأة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام حول الآثار السلبية المترتبة باستمرار العنف ، علما أننا سبق وان عملنا كرابطة وعدد من المنظمات النسوية على المطالبة بإقرار القانون لكننا نصطدم برفضه من قبل بعض الأطراف السياسية بحجج واهية وغير مقبولة ، وان زيادة مثل هذه الجرائم يثير القلق. يجب على البرلمان العراقي الإسراع بتشريع قانون مناهضة العنف الأسري حفاظاً على المجتمع العراقي “.
ومن محافظة الديوانية ، قالت كريمة الطائي مدير منظمة الواحة الخضراء التي تهتم بقضايا المرأة الريفية ” العنف الأسري أصبح ظاهرة في المجتمع العراقي، تتزايد يوما بعد اخر. وبحسب نتائج إحصائيات المنظمات، وجد أن معدل ما تتعرض له المرأة للعنف بنسبة ( امرأة واحدة لكل خمس نساء) سواء عن طريق الزوج أو الأب أو الأخ أو مدير العمل وغيرهم .وبحسب تجربتي وعملي واحترامي للمرأة الريفية التي يقع عليها عبء أعمال البيت والحقل خاصة في زراعة وجني الثمار وبيعها في بعض الأحيان أو تسليمها للرجل لبيعها ، لم تحصل المرأة حتى على أجرها بسبب الواقع الذكوري في المناطق الريفية ، اما التحرش والاغتصاب في المناطق الريفية فيحدث أكثر من المدن، لان أغلب النساء الريفيات يخرجن لأمور الزراعة والرعي لمسافات بعيدة عن البيت ولوقت طويل واغلبهن يجهلن حقوقهن القانونية . اليوم المجتمع بأمس الحاجة لإقرار قانون العنف الأسري الذي يحد كثيرا من العنف داخل المنازل أو العمل ، وعلى مجلس النواب الإسراع بتشريعه” .
الاستفادة من التجارب المماثلة ( اربيل كردستان) نموذجاً
من اربيل كردستان العراق، أوضحت الأستاذة في كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة صلاح الدين / اربيل الدكتورة منى يوخنا ياقو ” بالرغم من وجود قانون العنف الأسري في الإقليم، نجد هناك نسبة كبيرة من الرجال لايؤيدون القانون حتى أن هناك بعض القضاة المتزمتين دينياً لايعترفون بهذا القانون، إذن فما فائدة وجوده في ظل هيمنة السلطة الذكورية!. نحن بحاجة لقانون يغير المعادلة المجتمعية ويحسن من وضع المرأة العراقية . مؤكدة : لدينا حلول للمشاكل التي تواجهها المرأة من الناحية القانونية من خلال قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 هذا قانون الرائع والدقيق جدا احتوى على العديد من الفقرات التي تجرم القضايا التي ترتكب بحق المرأة، ونص على عقوبات فيها ، ولكن المشكلة بانه لم يتم تطبيق هذه المواد وبذلك تستمر المرأة بالتعرض للعنف “.
وأود الإشارة إلى ” أن في الإقليم يتم التحايل على القانون ، ففي قانون العقوبات سابقاً كانت العقوبة والأعذار مخففة، فأحيانا يقتل الأخ أخته بعذر مخفف غسلاً للعار لمجرد أن يجد صورة لشاب في كتبها المدرسية!! ، ولكن في الإقليم توقف العمل بهذه المادة، وتم تحويل معظم القضايا المتعلقة بغسل العار إلى قضايا الانتحار، فاغلب الوفيات من الفتيات اللاتي يقتلن عمداً تسجل على أنها انتحرت وأحرقت نفسها أو قضاء وقدر (بسبب عطل في السخان أو الغاز) وتختفي آثار الجريمة وعدم معرفة السبب الحقيقي لارتكابها ، ولكن ومن خلال تكرار الحالة وبشكل غير طبيعي وأثناء التحقيق، تبين أن أهل الفتاة الضحية ، يقتلونها ويخفون آثار الجريمة ويتم غلق القضية على أنها قضاء وقدر “.
اذن، فالمشكلة الأهم في مجتمعنا، هو عدم احترام القانون وان معظم القضايا الاجتماعية وخاصة التي تتعلق بالمرأة وقضايا الشرف لا تصل إلى المحاكم ، فالمرأة تتعرض للضرب والقتل والاغتصاب حتى من قبل زوجها اذا ما اجبرها على ممارسة الجنس غصباً، وهو ما يعد احد أشكال العنف ، ولكننا كمجتمع شرقي، فمن الصعب جدا ان تشتكي المرأة على زوجها في حالة تعنيفها أو أي شخص آخر من أفراد أسرتها او حتى عند تعرضها للاغتصاب من شخص آخر وذلك بحكم التربية ( والعيب والطاعة) والتي تعتبر خطا احمر في الأسرة العراقية ، واحيانا حتى ضابط الشرطة الذي تشتكي عنده، فقد يؤنبها ويعدها مذنبة والعيب فيها. نحن بحاجة إلى ثورة مجتمعية وليس فقط ثورة في الجانب القانوني، بحاجة إلى تفعيل سيادة القانون “.
هذا العمل هو جزء من مشروع (أصواتنا) الذي تنفذه منظمة السلام و الحرية بالتعاون مع منظمة إینترنیوز.