علاء الماجد
فهي مرحلة الأساس في بناء شخصية الطفل المستقبلية ولها الدور الحاسم في تنمية مواهبه وتوسيع مداركه. ومؤسسات رياض الأطفال هي تلك المؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية التي تقوم بقبول الأطفال دون سن الدخول للمدرسة الابتدائية، وتقوم بتقديم البرامج التربوية لهم بهدف إعدادهم وإكسابهم بعض القدرات والمهارات المعرفية والاجتماعية استعداداً لدخولهم المرحلة الابتدائية. ويشمل اهتمامها نواحي نموهم المختلفة من لغوية وبدنية واجتماعية ونفسية وإدراكية وانفعالية وغيرها، مما يحقق توفير بيئة تعليمية وترويحية أفضل تمكن من النمو السليم المتوازن في هذه النواحي. وتنبثق أهمية رياض الأطفال من أهمية التعامل مع الأطفال في السنوات المبكرة، حيث تؤكد الكثير من الدراسات النفسية والتربوية في مجال الطفولة على أن كل ما يحققه الفرد من تعلم يبدأ غرس جذوره في الطفولة المبكرة، وأن السمات المستقبلية للفرد تتحدد في السنوات الست الأولى من عمره . وتعد “الروضة” مرتبة أولى مهمة في مسيرة الطفل العلمية والتربوية والنفسية، لما لها من مؤثرات ضرورية وفاعلة غايتها التمهيد لانطلاقة النشء الجديد وتغذيتها وتربيتها وطنيا وأخلاقيا. ومن الواضح أن الطفل يتفاعل سريعا مع الروضة كعالم ترفيهي وتعليمي خارج البيت، لما يجد فيه من تخصصات تهتم بنشأته وتفتح له آفاقاًً مكملة لما بدأ به البيت، وتمنحه فضاءات جديدة أخرى خلال ارتقائه بمراحل التعليم القادمة. الأطفال، هذه الشريحة المهمة في المجتمع هم اللبنات الأساسية التي يستند عليها تطور المجتمعات اجتماعياً وثقافياً وعلميا، باعتبارهم أجيال الغد المشرق الباسم. فمن خلالهم نستطيع بناء جيل نافع وهادف يمكن الاعتماد عليه. لأن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر. وان نبذ العادات السيئة واكتساب العادات الجديدة من خلال تعليم الصغار وتربيتهم تجعلهم دائماً منفتحين ونشطين وقادرين على التوجه نحو الطرق السليمة والناجحة والهادفة إلى سبر أغوار المعضلات الرئيسية في المجتمع والوقوف أمام الواقع في سبيل الوصول الى آفاق متطورة مستقبلا. ويقع هذا كله على عاتق الكادر التربوي والمعاملة الطيبة التي تزرع العلم والمودة والسلام في صدور أبنائنا، جيل المستقبل القادم. ” الحقيقة ” زارت روضة النرجس الحكومية للوقوف على أهم نشاطات ومهام وطبيعة رياض الأطفال في بعض مناطق العاصمة بغداد.
تنمية المواهب
* تقول الست ساجدة الشويلي مديرة روضة النرجس الحكومية : تأسست هذه الروضة سنة 1980 وكانت الروضة الوحيدة في منطقة المشتل , والمديرة المؤسسة لهذه الروضة السيدة الفاضلة اميرة عبد العزيزعبد الله الجواري … وروضة النرجس سعت جاهدة بكادرها منذ تأسيسها على خدمة الطفل والطفولة في بلدنا الحبيب وكانت هذه المؤسسة امتدادا للبيت من حيث توفير الحنان والحب واتاحة الفرصة للطفل لممارسة عملية التعلم بحرية لكي تنمو قدراته ومواهبه في ظل توجيه تربوي . وتنقسم رياض الاطفال وبحسب ما تمليه وزارة التربية الى روضة وحضانة وتمهيدي .
* مامستوى الدعم الحكومي لها ؟
– روضة النرجس ومنذ تأسيسها عام 1980 هي عبارة عن دار مستأجرة وكانت معدة لاستيعاب اعداد محدودة من الاطفال لايتجاوز الـ 100 طفل,ولكن وبسبب تزايد نمو السكان بنحو ثلاثة اضعاف مما كان عليه اصبحت البناية لاتستوعب هذه الاعداد .وقد قمت بتقديم مذكرة ادارية الى المدير العام لتربية بغداد / الرصافة الثانية بتاريخ 22/5/2013 وقد تم الايعاز من قبله الى قسم الابنية لإيجاد حل لهذه المشكلة ، وبالفعل قامت لجنة من مهندسي قاطع المشتل لإجراء كشف على المدارس المجاورة لإيجاد مساحة كافية تبنى عليها الروضة وتم تحديد فضلة ساحة مدرسة الكروان الابتدائية ، واعمال البناء توقفت بعد ان تم انجاز 85 % من نسبة البناء ، وذلك بسبب سياسة التقشف التي تتبعها الحكومة . والروضة الان مهددة بالاغلاق والتذويب بسبب عدم دفع التربية بدلات الايجار لصاحبة العقار الذي نشغله الان .
* الكتب والقرطاسية ومايتعلق بالوسائل التعليمية ,هل هي متوفرة ام الروضة تعتمد على امكانياتها ؟
– هناك مناهج نستلمها سنويا من قسم الشؤون الفنية “كتاب الخبرات وكتاب الانشطة “ويتم توزيعها على الاطفال وللمرحلتين التمهيدي والروضة ، اما بالنسبة للوسائل التعليمية فأغلبها من صنع المعلمات .
* ماعدد الاطفال وما مستوياتهم ومواهبهم ومدى الاهتمام بهم ؟وهل هناك تعاون وتفاهم مع اسر الاطفال ؟
– اعداد الاطفال سنويا تتراوح من 400 الى 500 طفل ، ثلاث قاعات لمرحلة التمهيدي ، وقاعتان لمرحلة الروضة . مرحلة الروضة تستقبل الاطفال بعمر اربع سنوات ، ومرحلة التمهيدي تستقبل الاطفال بعمر خمس سنوات ، وخلال العام الدراسي يظهر عدد كبير من الاطفال الذين يمتلكون مواهب في الرسم _الالقاء _التمثيل _ الغناء .عملنا على تنمية هذه المواهب لدى الاطفال والمشاركة في كافة المهرجانات والاحتفالات الدينية والوطنية والاعياد والمناسبات كعيد المعلم وعيد الطالب وعيد الجيش الخ من المناسبات.الا ان بعض المواهب وعند تخرجها من مرحلة رياض الاطفال والانتقال الى مرحلة الابتدائية قد تقابل بالاهمال او قد تتطور بشكل افضل .اما الشطر الثاني من السؤال ، نعم هناك تعاون وتفاهم مع اسر الاطفال وهناك يوم مفتوح لاستقبال اولياء امور الاطفال ومشاهدتهم للدروس التي تعطى لأطفالهم .
* هل هناك دورات او بعثات للتدريسيين في دور الحضانة او رياض الاطفال ؟
– تخصص دورات للتدريسيين داخل العراق فقط لكنها قليلة جدا .اما بالنسبة للبعثات فلا توجد اي بعثات للتدريسين خارج العراق . ولكني مختصة برياض وحضانة الاطفال ومعي كادر من المعلمات الخريجات اللواتي يعرفن ما يراد منهن .ونحن هنا في روضة النرجس نقوم بتعليم الأطفال ابجديات اللغة الانكليزية ايضا ، ونحاول ان نجعلهم من المتفوقين دراسيا!!
* هل تتوفر تجهيزات رياضية للاطفال ؟
– تتوفر ولكن بنسبة قليلة وليست بالمستوى المطلوب .
* هل تتوفر اجهزة موسيقية في الروضة ؟
– لاتوجد اي اجهزة موسيقية ماعدا الطبل فقط لمراسيم رفع العلم وتعليمهم المسير.
تبادل الخبرات
* والتقينا المشرفة التربوية الست جميلة ابو الحسن العلاق لنسألها عن دور المشرفة التربوية في الروضة ؟
– المشرفة التربوية اولا هي أم ومربية لجميع الكادر التعليمي لرياض الاطفال وتطمح دائما بتقدم رياض الاطفال اسوة بالدول المتقدمة خدمة للطفل وتحبيبا له للعملية التعليمية بجميع اشكالها ، حيث تتم ممارسة ذلك العمل من خلال المتابعات الميدانية وزيارة الرياض الحكومية والاهلية , واقامة الانشطة اللا صفية الفنية والتشكيلية للاطفال واقامة الورش التدريبية وتبادل الخبرات مع جميع رياض الاطفال الاخرى ضمن الرقعة الجغرافية ، واقامة الندوات والدورات التنشيطية للكوادر التعليمية والإدارية . وحاليا التوسيع المستمر للرياض نتيجة الكثافة السكانية وخاصة في المناطق الشعبية كالامين والعبيدي والزعفرانية ، وايضا الاهتمام بالاطفال النازحين والموهوبين والايتام .
استراتيجية متطورة
* اسراء حميد عبد الشهيد (باحثة متخصصة في تربية الطفل) قالت : ان التقارير العلمية تقول إن هناك قصوراً من ناحية التخصص في مجال رياض الاطفال في العراق بسبب قلة الاهتمام . داعية ” لان يكون التعليم في رياض الاطفال الزامياً لما له من اهمية في مجال تطوير قابلية الطفل قبل دخوله المدرسة وتهيئته من الناحية النفسية، وكانت منظمتا اليونسكو واليونسيف اعلنتا قبل عامين أنهما تعملان وفق استراتيجية متطورة على تطوير وتحسين رعاية وتعليم الطفولة المبكرة من أجل تحقيق التعليم للجميع في العراق، لافتة الى أن نسبة الأطفال بين السن الرابعة والخامسة الذين يتلقون تعليما في مرحلة الروضة في العراق لا تزيد عن 7%، وهي نسبة أقل بثلاثة أضعاف عن المعدل الإقليمي الذي يبلغ 18 في المائة، وبخمس مرّات عن المعدل العالمي المقدّر بـ41% “.
آثار الحروب والطفولة
* وتشير دراسة مهمة للباحثة العراقية نهايت محمد خورشيد الى “أن الظروف الخطيرة التي خلفتها الحروب المختلفة والحصار الشامل والواقع الأمني أثرت في الكثير من جوانب الحياة في العراق وفي مقدمتها قطاع التربية والتعليم، فقد تسببت في عرقلة كثير من الخطط المرسومة لتطوير الرياض من النواحي الكمية والنوعية وأحدثت الكثير من الانتكاسات في مسيرة التطويرهذه، معبرة عن “الامل في أن تولى مؤسسات الطفولة وفي مقدمتها قطاع التربية والتعليم الأولوية والأهمية لأن الاهتمام بالطفولة استثمار ما بعده استثمار، إذا ما نظر إليه على أساس الربح والخسارة “. مؤكدة على ” أن مرحلة رياض الأطفال مرحلة تربوية هامة لا تقل أهميتها عن المرحلة التعليمية الأخرى وهي حقا مرحلة الأساس القوي لجميع المراحل التربوية القادمة لذا يسمى السلم التعليمي، والسلم التعليمي في أي بلد لا يكون كاملا وقويا ما لم يبدأ بمرحلة تعليمية هادفة قائمة بذاتها ،فلسفتها التربوية ،وأهدافها التعليمية، وبرامجها ونشاطاتها التربوية ،وسيكولوجيتها التعليمية الخاصة ،وطبيعة أطفالها وحاجاتها الأساسية ومعلماتها ذي الاختصاص ،وبناياتها ذات التصاميم المناسبة لأعمار الأطفال، وأدوات ألعابها المتنوعة، وأساليب تقويم أطفالها ضمن إطار تربوي متكامل ، وأن لهذه المرحلة دورا بارزا ،وتعد مرحلة تكوينية وتؤثرعلى تطوير حياته وترسم معالم شخصيته في المستقبل، وكلما زاد الاهتمام بمرحلة الطفولة كلما تفتح وتطور القابليات والقدرات البشرية التي تؤدي إلى تحديد الاتجاهات والميول والإبداع والابتكار” .
مقترحات
الاهتمام بهوايات الطفل كالفن والرسم والموسيقى وانواع الرياضة. نأمل ايجاد هيئة تدريسية خاصة بكيان الاطفال ورعايته من الناحية الصحية والتربوية والتي تبدأ من اهتمامه بالنظافة مرورا بنبذ روح العدوانية والمشاكسة وحالة التسيب او التغيب من الدراسة، والحث على المطالعة، وكذلك تعليمهم وارشادهم وترغيبهم بتعلم الاناشيد والقصص، اضافة الى تنمية خيال وفكر الطفل بعيداً عن المشاكل العائلية، لان تربية الطفل تربية صالحة سينعكس تأثيرها على المجتمع.
معوقات
إحدى المعلمات في الروضة قالت : هنالك بعض المعوقات التي تعيق التعليم داخل روضتنا ، ومن اهم المعوقات هي عدم وجود بنايات خاصة يتم ايجارها لتكون رياض أطفال بالمستوى المطلوب. ووضع منهاج موحد من قبل وزارة التربية للرياض الحكومية والأهلية، كذلك عدم وجود وسائل ترفيهية والألعاب المسلية للأطفال، وان توفرت فتكون بسيطة ولا تستطيع إدارات رياض الاطفال شراءها.
قراءة تربوية
اهتمام
* مشرف تربوي متقاعد يقول : من الضروري أن يهتم الإعلام برياض الأطفال وتسليط الأضواء على مشاكلهم ومعاناتهم ، فعلينا أن نوجه الأطفال توجيهاً صحيحاً، وتوعيتهم في سبيل تشجيع الجميع على الاعمال الخيرة، وتربيتهم التربية السليمة وتعويدهم على الصواب. من هذا المنطلق نبدأ مع الطفل ونداعبه ونجعله برعماً من براعم الشجرة العراقية المثمرة التي تتفتح عنها اوراق عطرة وورود يانعة فنشد على يديه ونشجعه على الاختلاط مع اقرانه للتوفيق في دمجهم وتوسيع مداركهم وتنبيههم على الخطأ والصواب ونبذ العادات السيئة وتجنب أصدقاء السوء، ومصاحبة الاصدقاء الاوفياء الذين يختارهم من خلال السلوك الحسن السوي في المجتمع.