حوارات وتحقيقات

ذكريات من منزل الأموات عشوائية سجن الفتيان في الشماعية تستغيث

تحقيق :أحمد الغانم / سالم الحميد

 

لا نعرف  لم خطرت على  بالنا رائعة  الأديب  الروسي  العبقري  دستوفسكي  روايته ) ذكريات من منزل الأموات  ( ونحن نتجول بين أزقة  ما تسمى مجازا  بالبيوت) مجمع  عشوائية سجن الفتيان ( والتي تقع خلف منطقة الشماعية وهي مكان  كان لسجن الفتيان واليافعين أبان  حكم  البعث حولت قاعاته  وبناياته والمسرح وملعبه الرياضي  إلى مأوى  لهؤلاء الفارين من جحيم  الحياة والفقر،  ترى  ماذا  كان سيكتب دستوفسكي ، لو رأى(بيوت الموتى هذه   …( والتي تفتقر إلى أدنى شروط السلامة  ، ماذا ستقول الحكومة  لو نظرت إلى تلك الصور بشعور  إنساني  لتحمل مسؤوليتها الأخلاقية  والواجب المناط إليها   وهو خدمة المواطن  وتحقيق أمانيه في عيش كريم  لائق لا أن  ترهقه بأعباء المعيشة وقسوة  الفاقة ،  من باب  ( كلكم راع وكل راع مسؤول  عن رعيته  ) ،  أليس هناك  مراجعة  للضمير  ليعترفوا  بصدق  أنهم ما قدموا  لهدا البلد  غير الألم والمعاناة والفقر ،التقطنا العديد من الصور  ولو كان بالإمكان  نشر كل الصور التي  التقطناها  في هذا الحي البائس ، لكان ذلك إغناء  عن الكثير  من الكلام مهما كان  بليغا   ومسهبا  .. أنها صور تنطق بحجم البؤس  والمعاناة   .. وليعرف  قاطني  الخضراء كيف يعيش   أبناء شعبهم  ،  وتحت أي مسمى   يمكن أن  ندرجهم  ، تحت خط الفقر  .. أم أنه  الأعماق السحيقة لهذا الخط  .. نفايات  ومستنقعات  آسنة بالمياه وغرف  تنمو داخلها الطحالب  وسقوف من) الجينكو ) وجدران آيلة للسقوط   ،لكثرة الرطوبة، مبنية من أردأ  المواد  وأبخسها  قيمة ،  أرضها تنز  منها المياه  الجوفية  وبقايا مياه المجاري   إضافة إلى مياه الأمطار التي لم تجف بعد ،  ربما أن  الموجع  في الأمر أننا حين نلتقي  بالمواطنين  يأتون إلينا متلهفين لطرح معاناتهم ظنا  منهم أننا  مسؤولين ، وأننا جئنا  للوقوف على مطالبهم وحين يعلمون أننا من الصحافة تعلو ا وجوههم سحابة  من الأسى ليقولوا بتهكم  ( ومن يسمع صوتنا   ، تكلمنا وتحدثنا كثيرا  ولكن لا أحد  يسمع  صوتنا) ويضيف  آخرون بسخرية مرة( وهل يقرأ المسؤولون حتى تنشرون ما نقول) . 

*رافقنا في جولتنا  السيد عزيز عبد الجبار وهو أحد  وجهاء المنطقة و يعمل  بأجور يومية في دائرة  البريد و الاتصالات ، وقال عن منطقتهم : أنها بعيدة عن  اهتمام  كل المؤسسات الحكومية الخدمية والصحية  ،  حيث  لا كهرباء و لا ما ء ، وأكد أن أي منظمة مدنية  من منظمات المجتمع المدني لم تزرهم  ، ولم يزرهم أي مسؤول للإطلاع على حالهم المأسوي  والذي انعكس على  حالتهم  النفسية والصحية   وهم  سكنوها اضطرارا   لعدم مقدرتهم  على  استئجار دور تؤويهم  ، خصوصا أن العوائل  تتكاثر  والبيوت  تختنق بأعداد كبيرة من الأطفال  .. المجمع   مساحته حوالي خمسة دوانم يحتوي على أكثر   من170عائلة اكثر من 1500 نسمة    يسكنون  في  دور مساحاتها  مختلفة بعضها يصل لخمسين متر مربع  حتى   إنها تفتقر  إلى أدنى شروط  السكن  الإنساني  ، الناس هنا موزعون   بشكل عشوائي  على مجمعين  وهناك خمسة أزقة  تتفرع منها   ، كلها  غارقة بالمياه الآسنة    .. حيث  أن  قطع  البلوك أو الطابوق  مرصوفة وسط تلك المياه لتصير لهم  معبرا للتنقل ، 

*يقول المواطن رمضان شعبان.. مخاطبا   إيانا بألم  وحسرة  كي نوصل صوته  عبر جريدتنا إلى المسؤولين: تعالوا إلى   بيوتنا أنظروا  ،  أيمكن أن يعيش إنسان هنا   ، هذا القصب  ، وهذه بحيرة المياه   المتعفنة  ذات اللون الأخضر  التي تحيط ببيتي  ، مرتعا للأفاعي  وأنواع الحشرات  ومصدرا لأمراض عدة فالروائح  الكريهة تزكم أنوفنا حتى اعتدناها   ،  لا أعتقد  أن إنسانا سويا   باستطاعته أن يتحمل عبء  الإيجار ويسكن  هنا  ،  ليجرب المسئولون العيش هنا  ليعرفوا  حجم ما نعاني    ، وأضاف قائلا  : نحن بشر  لم  لا تفكر الدولة  بنا  ، لم لا  تفكر بالساكنين في مثل هذه العشوائيات. 

*يضيف السيد  عزيز : ان الكهرباء  بالنسبة  لنا من المشاكل المعقدة   التي تضاف لجملة المشاكل التي نعاني منها ، حيث أننا غير مشمولين بخدماتها  ، لذا نضطر إلى أن نسحب  كهرباء  لبيوتنا من خطوط نقل الكهرباء بصورة مباشر ة .

 * أما المواطن  غالي سلمان يقول  أن لديه ولدان وهو يعمل  في البلدية  و يسكن  دارا خربه،  يكاد سقفها أن  يهوي عليهم في أي لحظة ، لذا اضطر إلى استقراض مبلغ من المال لترميم البيت. 

*أما المواطن كاظم جواد / عامل بناء يقول : سكنت هنا بعد السقوط و كان حينها مكسبا لنا  ، وحلما  أن تكون لنا قطعة  أرض   نملكها  بعد أن كانت حصتنا  من العراق  هي هوية  الأحوال المدنية  وحصة المواد  التموينية  وهي لاتسمن ولا تغني عن جوع  ويستطرد”مع مر الأيام بدأت  المتطلبات المعيشية تزداد  والعائلة  تكبر ،  لذا   أصبح من غير الممكن   أن انتقل إلى موقع  أفضل رغم ما ترونه من هذا التجمع للمياه الآسنة في باحة الدار   والذي لا يجف حتى أيام الصيف   وأننا نضطر في الأيام الممطرة إلى  وضع  القدور  والأواني  حتى  لا تفيض الغرف لكن رغم كل استعدادنا  نجد أنفسنا مضطرين إلى تجفيف  المياه  المتجمعة   عند  الصباح  ..   هذا شتاء أما الصيف   فهو  ليس بأحسن   حالا ،  فالحرارة لا تطاق  داخل الغرف  ذات المساحات الضيقة والتي هي عادة   بلا نوافذ تهوية مناسبة  ..ولا أجد تشبيها لحالنا   خير  المثل القائل  (كالمستجير بالنار من الرمضاء).

* المواطنون اجمعوا على ضرورة رعاية صحية ميدانية حيث اللقاحات  ومعالجة  المرضى ، وان تأتي سيارات رش المواد الكيمياوية للقضاء على مواطن البعوض  في الصيف  ، التي تكثر بشكل غريب  .. وضرورة تأسيس  خطوط كهرباء لتوزيع الكهرباء بشكل  تتوفر فيه شروط السلامة والأمان  ..  حيث أن  معظم الأكياس مرفوعة  على أعمدة من الخشب تكون  موصلة للكهرباء في حالة حدوث الأمطار  , يحتاجون إلى عجلات  رفع القمامة لأنها باتت  تزداد  يوما بعد آخر  ، شمول الفقراء منهم  برواتب الرعاية الاجتماعية   تبليط  الأزقة أو رمي  الزفت  فيها على الأقل , ولعل أهم مطلب من مطالبهم هو  أن تمللك تلك الدور لهم  أسوة ببقية العشوائيات   .. علما  أن هناك  جردا كاملا  بأسماء  القاطنين فيها لدى المجلس البلدي   لمنطقتي  العبيدي  والشماعية   ..

قد يهمك أيضاً